نظم ملتقى النبأ للحوار في كربلاء حلقة نقاشية تحت عنوان (التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الحكومة العراقية) إستضاف فيها كل من، النائب عن كربلاء الدكتور رياض المسعودي، وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين الأستاذ الدكتور عامر حسن فياض، وأستاذ العلوم السياسية الدكتور حازم الشمري...
نظم ملتقى النبأ للحوار في محافظة كربلاء المقدسة، حلقة نقاشية تناول من خلالها موضوعا تحت عنوان (التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الحكومة العراقية)، والتي إستضاف فيها كل من، النائب عن محافظة كربلاء الدكتور رياض المسعودي، وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين الأستاذ الدكتور عامر حسن فياض، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد والمحلل السياسي الدكتور حازم الشمري، وبمشاركة عدد من مدراء مراكز البحوث والدراسات وقانونيين وناشطين في منظمات المجتمع المدني وصحفيين.
ترأس الجلسة النقاشية رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية والمحلل السياسي الدكتور واثق الهاشمي، حيث اورد فيها، "إن العراق هو بلد الازمات، وبالتالي نحن امام حكومة التقصير وامام حكومة القطارة وهل تكتمل تلك الحكومة أو لا تكتمل، فالتحديات التي امامها خطيرة وخطيرة جدا على المستوى الداخلي وعلى المستوى الخارجي، ايضا العقوبات الامريكية على ايران والانسحاب الامريكي من سوريا، لذا ومع وجود تلك النخة الطيبة من الاساتذة والمختصين وما سيدلون به من اراء قيمه، بالتأكيد سينتج عنها رؤية لحال المستقبل في العراق".
وقال رئيس الملتقى، الكاتب الصحافي علي الطالقاني، أنّ "الندوة النقاشية التي دعا إليها الملتقى اليوم تأتي في الوقت الذي تُواجه فيه الحكومة العراقية العديد من التحدّيات الكبيرة سواء كانت داخلية أم خارجية، ومن هذه التحدّيات ملف المياه وملف التدخّلات الخارجية التي تضغط في صياغة القرار السياسي، إضافةً الى ملف الأمن والإقتصاد وغيرها".
وتابع الطالقاني "لذلك ومن خلال هذا البرنامج تمّ إستضافة مجموعة من الشخصيات التي تُعتبر في قلب القرار السياسي من أعضاء مجلس النواب إضافةً الى محللين سياسيين ونُخب إعلامية".
بناء الدولة والحكم الصالح في العراق والمنطقة العربية
في الورقة الاولى أكد ا.د.عامر حسن فياض عميد كلية العلوم السياسية – جامعة النهرين، على ان عملية بناء الدولة على مر العصور تحكمت به ثلاث جدليات هي:
- جدلية الداخل والخارج فأي كيان سياسي يراد الانتقال به الى دولة فإن الارادتين الداخلية والخارجية تتحكم في عملية الانتقال.
- جدلية التجزئة والتوحيد فأي كيان سياسي يراد انتقاله الى دولة فإن الحصيلة المتمثلة بالدولة اما ان تكون حصيلة تجزئة اقليم او توحيد أكثر من اقليم.
- جدلية تنازع الهويات الكبرى مع الهويات الفرعية فأي كيان سياسي يراد انتقاله الى دولة فإن هوية الدولة تصبح محل تنازع بين الهوية السياسية الوطنية الجامعة والهويات غير السياسية الفرعية الضيقة (قومية حضارية دينية مذهبية – اجتماعية قبلية او عشائرية او عائلية). كذلك فإن عملية بناء الدولة المدنية تحتاج الى مستلزمات موضوعية واخرى وضعية لخلق العناصر الاساسية للدولة المدنية المتمثلة:
- الافراد المواطنون لا الرعاية والا الاتباع ولا الزبائن.
- الجماعات العصرية (مؤسسات مجتمع مدني) لا الجماعات التقليدية (العوائل-العشائر- القبائل- المذاهب- القوميات) في مجتمعاتنا المتعددة التنوعات.
- السلطة الشرعية القائمة على ركني المقبولية بالانتخابات واستمرار المقبولية لابد ان تكون الديمقراطية حاضرة.
ففي عالمنا المعاصر اضحت الديمقراطية (فكرة ونظام) منظومة ذات مستويات قابلة للقياس. فهناك اكثر من تصنيف لمعايير قياس مستوى الديمقراطية في اي بلد، ومن ابرزها على سبيل المثال لا الحصر – تصنيف (بوليتي4) وتصنيف الوكالة الامريكية لتطوير الديمقراطية، وتصنيف مؤسسة بيت الحرية الامريكية.
وهذه التصنيفات احتضنت مجموعة من المعايير لقياس الديمقراطية جميعها يتصل ب(الحريات السياسية – حرية التعبير والتجمع وحق التظاهر- وجود معارضة من عدمها-دور العسكر في الحياة السياسية- الدستور المدني- تطبيق قانون – احترام حقوق الانسان- التداول السلمي للسلطة- المشاركة السياسية- الانتخابات..الخ).
وفي مجتمعات بلدان الشرق الاوسط العربية بشكل خاص وعلى اثر حركات التحول والتغيير التي لا نخشى منها كحقائق بل نخشى على مستقبل هذه الحقائق، تحولت تلك المجتمعات الى برك من الدم فضاعت المعايير القياسية للديمقراطية لتصبح محكومة بالأرقام القياسية السلبية وليس بالمعايير القياسية الايجابية وهي العلامات الفارقة للتغيرات والتحولات فيها.
وتميز من بين العلامات الفارقة القياسية لمرحلة ما بعد التغيرات والتحولات في تلك المجتمعات وجود حكام للحى بدلا عن حكام الشوارب! وحكام التكفير والتفجير بدلا عن حكام التهجير والتدمير! بينما الديمقراطية في معاييرها القياسية تتطلب حكام التفكير والتعمير!
كما نتلمس في مجتمعاتنا برك الدم العربية هذه انتقالا من الحقوق والحريات المعدومة او شبه المعدومة او المقيدة ما قبل التحول الى الحقوق والحريات المتوحشة ما بعد التحول. وفي الحالتين فإن جوهر الديمقراطية المتمثل بالحقوق والحريات المضمونة بدستور كان وسيكون غائبا.
ونشهد في مجتمعات بقع الدم العربية الداكنة هذه ازدواجية النظرة الى الارهاب واعادة تصنيفه الى ارهاب مقبول وارهاب غير مقبول، بينما الديمقراطية لا تعرف سوى مناهضة الارهاب جملة وتفصيلا وهو ارهاب واحد لا قبل القسمة على اثنين ولا يصنف الى صنفين!!
وفي هذه المجتمعات المتحولة، التي تحمل الاوصاف آنفة الذكر، تم توظيف الآليات الانتخابية لصعود اعداء الديمقراطية الى سدة الحكم والسلطة، لتصبح هذه الآليات آلية حق يراد بها باطل!!!
ومن العلامات الفارقة القياسية لمرحل ما بعد التحول ان كل واحدة من بلدان عشق الدم هذه تريد اقامة "ديمقراطية " مصحوبة بمغادرة الدولة الوطنية او الابقاء على كيانها السياسي او الخروج به الى كيانات سياسية، اي يريد المتحولون اقامة "ديمقراطية" بلا ديمقراطيين بينما لا يمكن ان تؤكد لنا التجربة الانسانية تاريخيا قيام ديمقراطية وطنية. فالدولة قد تنشأ بلا ديمقراطية، بيد ان الديمقراطية لا يمكن ان تقوم بلا دولة... دولة لها هيبة وقوة متأتية من كونها دولة يحكمها القانون المنبثق من سلطة تشريعية منتخبة ويدير مؤسساتها الدستورية رجال دولة لا رجال سياسية فقط!!!
اما المشاركة السياسية بوصفها جوهر من جواهر الديمقراطية فإنها في تلك المجتمعات الشرق اوسطية العربية تحولت من علاقة تعامل سياسي تنافسي بين شركاء الى علاقة تحدي ونصب اشراك متبادلة بينهم على منوال علاقات التحدي والتشفي والتطير بين الزوجات المتعددات (علاقة شرايج)!!!
وفي هذه المجتمعات كانت التعددية غير منسجمة لأنها منصهرة في (كل واحد) بالقوة لتصبح بعد التحول، تعددية غير منسجمة بالتوزيع والمحاصصة على اكثر من كل على طريقة (قومي رؤوس كلهم أرأيت مزرعة البصل؟)!!
وفق هذه المعايير السلبية تسير عجلة السياسات العربية فلا يستقيم وطن ولا تتبلور دولة.
وبقدر تعلق الامر بالعراق الذي يحاول الانتقال من كيان او كيانات سياسية الى دولة وطنية ديمقراطية نقول ان كل تحول ديمقراطي لا يفسر الا بوصفه مسارا وادواته تحالفات لان الديمقراطية من حيث المبدأ ليست عقيدة نناصرها مقابل من يناهضها، ولا هي مذهب نقدسه مقابل من يدنسه ولا هي ايدلوجيا نتقاتل من اجلها ضد من يتقاتل ضدها، ولاهي آلية نتوسل ادواتها الانتخابية مرة ونتخلى عنها مرة اخرى.
بمعنى ادق الديمقراطية (فكرا) هي منظومة متكاملة تضم وتؤطر التنوعات الديمقراطية (ممارسة) هي حركة تحالف ومسار يحسن ادارة التنوعات. وعلى اساس ذلك فان الحركة الديمقراطية لا يمكن ان تكون جزء من نشاط حزب سياسي ولا يمكن ان تجبير باسم حزب ولا يمكن ان تكون ملحق بحزب ولا واجهة جانبية او خلفية لحزب
صحيح جدا ان الحركة الديمقراطية في العراق تتمتع بتاريخ طويل على امتداد تاريخ العراق الحديث كما تتمتع بجغرافية واسعة الجمهور على امتداد الخارطة العراقية بيد انها حركة مبعثرة تنظيميا وتلك اول العقبات في مسار حركة التحول الديمقراطية في العراق
تسبقها اول واخطر العقبات امام انطلاق مسار التحول الديمقراطي وتعزيزه والمتمثلة في ان من يمارس الديمقراطية في العراق هم غير ديمقراطيين.. فالقوى اليسارية (كعقل جمعي يساري) متقوقعة بالمركزية ولم تصبح التعددية واللامركزية عندها بعد اولوية من اولويات انشغالاتها.. والقوى الاسلامية (كعقل جمعي اسلامي بضروبه المتنوعة) متمسكة بفهم الديمقراطية بوصفها آلية يقبلونها باضطرار وليس بقناع ويقبلونها مجبرين لا مخيرين في التعامل معها مرة او يقبلونها مرة اخرى عندما يتأكدوا بانهم الرابحين المنتفعين عند اللجوء اليها كأداة لاستيلائهم على السلطة او المشاركة بها.
اما القوى القومية (كوردية- عربية- تركمانية- الخ) فان ديدنهم واولوياتهم وهدف انشغالاتهم الشمولية والكليانية المتمثلة بالهوية القومية الضيقة المتغلبة على الوطنية العراقية.
العقبة الثالثة التي تمثل خطرا على مسار حركة التحول الديمقراطي في العراق المعاش تتمثل بثانوية وليس اولوية اهتمام القوى السياسية المتنفذة في العراق ببناء الدولة ومؤسسات الاطار الدولتي الذي ينبغي ان يسبق، على الاقل، او يتزامن مع البناء الديمقراطي. فالحراك الديمقراطي السليم يحتاج الى ساحة دولية وطنية لا ساحة مفتوحة وسائبة عابرة للوطنية ولا ساحة محلية جهوية ضيقة مطعمة بالعدمية الوطنية (الطائفية – العشائرية- القومية العنصرية).. والساحة الدولتية الوطنية مؤطرة بدولة ذات سيادة لها مؤسسات تمثيلية منتخبة وحكومة قوية مسلحة بالقانون ومحمية بالمؤسسات. وهكذا فان شقاء الدولتية في العراق يعيق مسار الحركة الديمقراطية فليس هناك ديمقراطية سليمة لا تسبقها دولة سليمة فالديمقراطية السليمة لا تأتي في مرحلة ما قبل الدولة.
البيئة الاقليمية طاردة للديمقراطية
والعقبة الرابعة في طريق الحركة الديمقراطية والتحول في العراق تتمثل بالبيئة الاقليمية والدولية المعاصرة غير المشجعة لنجاح المسار عندما تفضل الاستقرار على حساب الديمقراطية، وتفضل الفوضى على حساب الديمقراطية مرة اخرى واخيرة.
والتفاصيل في هذا الشأن تسخر بالشواهد التي تؤكد بان البيئة الاقليمية للعراق بيئة طاردة للديمقراطية في العراق وفي دواخل مجتمعاتها كما تؤكد البيئة الدولية للعراق بانها بيئة منافقة طاردة للديمقراطية في العراق دون مجتمعاتها.
اما العقبة الخامسة في مسار التحول الديمقراطي في العراق فإنها تتمثل بعلوية التوافقية بين القوى السياسية المتنفذة على علوية الدستور ففي كل عمليات تشكيل الرئاسات الثلاثة بعد كل انتخابات عامة جرت في العراق تمت وانجزت الان التوافقية خارج اطار القبة البرلمانية وخارج السياقات الدستورية حصلت اولا ليتم بعد ذلك للجوء الى الدستورية وسياقاتها بمعنى ادق ان لم تحصل التوافقية لا يتم للجوء الى الدستورية فالأخيرة لا تعلو والعلوية للتوافقية.
ازاء هذه العقبات هل هناك ارضية صالحة او رحم متعاف لولادة واستمرار وتقدم الحركة الديمقراطية في العراق؟
ان تسيطر هذه العقبات ليست دعوة لليأس وقتل الامل بمستقبل الحركة الديمقراطية العراقية بقدر ما هو مراجعة نقدية لتأكيد سوء فهم الديمقراطية (فكرا وممارسة) من قبل القوى المتنفذة في العراق لإزالة عيوب التجربة العراقية التي سجلت ارقاما قياسية سلبية بالقياس الى مزايا التجارب الديمقراطية الايجابية في العالم.
وبسبب القوى المتنفذة في العملية السياسية العراقية فان التجربة العراقية سجلت ارقاما قياسية سلبية:
-غلبة المكوناتية على المواطنية.
- علوية التوافقية على حساب العلوية الدستورية.
- الغيابات البرلمانية والاخلال بالنصاب.
- اعتماد معادلة التسقيط السياسي في الاستجوابات البرلمانية والتخادم السياسي في الامتناع عن هذه الاستجوابات.
- ثقافة التشفي عند الفشل ما بين القوى السياسية المتنفذة.
- تقزيم الشرعية بالانتخابات فقط دون المقبولية الانجازية في حين ان الشرعية في عالم اليوم تقوم على ركنين هما المقبولية بالانتخابات اولا يرافقها ركن المنجزات لاستمرار الشرعية.
- سيادة ثقافة الاستطالة في المناصب العليا على حساب ثقافة الاستقالة.
- تقدم العراق في مراتب الفساد ليكون الفساد ظاهرة وليس حالة وليكون الفساد ممنهج وليس عفوي وليكون الفساد محميا وليس منزوع الحماية.
- اعتماد السياسة التصفيرية بدل السياسة التكميلية في الاداء الخدمي الحكومة عند تعاقب تولي المناصب العليا.
غلبة اطروحة ان بلد مكونات افرادها اتباع ورعايا وزبائن على حساب اطروحة ان العراق بلد لشعب افراد مواطنين.
-غلبة اطروحة النظر الى العراق من ثقب المكونات الدينية الطائفية والقومية العنصرية والمناطقية والجغرافية وبوصلاتهم الجهوية الضيقة على حساب اطروحة النظر الى التنوعات المجتمعية (طوائف،قوميات، عشائر...الخ) في العراق من بوابة العراق الواحد الواسعة وبوصلته الوطنية الموحدة.
- غلبة اطروحة ان الارادة الشعبية لا يمكن قياسها وتلمسها والتعبير عنها الا من خلال قناة واحدة، اما قناة الانتخابات ومخرجاتها او قناة التظاهر ودوافعها المطلبية والاجتماعات على حساب اطروحة ان الارادة الشعبية تقاس ويمكن تلمسها والتعبير عنها من خلال القناتين معا لانهما قناتان متكاملتان لا متعارضتين فلا يجوز انكار احدهما والقبول بأحدهما الاخر بينما لدينا من يتبنى قناة الانتخابات ومخرجاتها وينكر قناة التظاهر ويقابله من يتبنى قناة التظاهرات ودوافعها المطلبية والاحتجاجية وينكر القناة الاخرى ومخرجاتها وهنا فان المتبني لقناة واحدة فقط على خطأ والمتبني للقناة الاخرى فقط على خطأ أيضا.
معالجات ومضادات
ان المعالجة لأمراض العراق تحتاج الى مضادات حيوية سياسية اولا واقتصادية خدمية وامنية بالتوازي مع اولا وليس قبلها او بعدها.
ونحرص على المعالجة بالمضاد الحيوي السياسي هنا لان الازمة حتى لو كان العامل السياسي ومستلزماته الناقصة سبب في الازمة فان التأخير في تناول المضاد الحيوي السياسي كان العامل المهم في تصاعد الازمة التي تحولت الى غضب يصعب التعامل معه الامر الذي يدفعنا الى تأكيد اولوية المعالجة بالمضاد الحيوي السياسي فكيف نشخص الازمة الحالية بأسبابها واطرافها والجهة المسؤولة عنها والمبادرات الوطنية وليس الترقيعية لمعالجتها.
اولا:- تشخيص الازمة
ماهية الازمة:- تتحدد ماهية الازمة بوصفها ازمة نزف سياسي لوطن مصاب بـ عنقودية الابعاد والاثار (سياسية – امنية – ثقافية _ اقتصادية – اجتماعية) تخص تباطؤ وتراخي وتقصير واخفاق في تشكيل رئاسات مؤسسات المناصب السياسية السيادية الثلاث (رئاسة مجلس النواب -رئاسة الجمهورية – رئاسة مجلس الوزراء).
اسباب الازمة:- في اطار اسباب هذه الازمة بالذات وليس في اسباب مرض وطن اسمه العراق ليس من الصواب بل ليس من المجدي ان ننشغل في تسطير مسببات او ارجاع كل شيء وفي كل وقت الى مسببات اخرى (وهي مسببات مهمة) ابرزها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
الحضور الاجنبي في الشأن العراقي (قوات اجنبية –تدخلات اقليمية....الخ).
العوز التشريعي وعدم اجراء التعديلات الدستورية المقررة وفق المادة (142) من الدستور.
عدم انجاز متطلبات تنفيذ المادة (140) من الدستور الخاصة بمعالجة قضايا المناطق المتنازع عليها وضمنها قضية كركوك.
عدم إتمام تنظيم حرية الاجتماع والتظاهر السلمي بقانون حسب ما جاء في المادة (38) من الدستور.
عدم اتمام تكوين وتنظيم الذراع الثانية للسلطة التشريعية (مجلس الاتحاد) حسب ما جاء في المادة (65) من الدستور.
عدم وجود نظام داخلي لتنظيم سير العمل في مجلس الوزراء حسب المادة (85) من الدستور.
• عدم تنظيم وتكوين المحكمة الاتحادية العليا حسب المادة (92) من الدستور.
• عدم تنظيم وتكوين مجلس الخدمة العامة الاتحادية حسب المادة (107) من الدستور.
نعود لنؤكد هنا اهمية مراعاة وانجاز ما تقدم بيد ان هذه المراعاة وذلك الانجاز لما تقدم لا يتحقق الا بعد ايقاف نزف التباطؤ والاسترخاء والتقصير والاخفاق في حل ازمة تشكيل رئاسات المؤسسات السياسية السيادية الثلاث.
واول خطوات تجاوز هذا الاخفاق وحل الازمة هي خطوة تشخيص اسبابها الحقيقية المباشرة المتمثلة بـ:-
أ- طبيعة العلاقة بين قادة وفرقاء العملية السياسية بوصفها علاقة تصارعية وليست علاقة تنافسية رغم ان هؤلاء جميعا دون استثناء أو اقصاء هم قادة الكتل وقوائم ذات مشاريع وطنية كما هوة معلن ومصرح به من قبلهم جميعا.
ب- سوء في الفهم والاستعمال لألية التفاوض بين قادة وفرقاء العملية السياسية.
فالتفاوض لديهم يعني الفرض المتبادل (وليس العرض المتبادل) للمطاليب والشروط فيما بينهم، الأمر الذي يجعل من المفاوضات غير مجدية ان لم تكن فاشلة في تقديم معالجات متوازنة وحلول تسوية لتنتهي بالنتيجة الى خلافات لا اختلافات وتصفيات لا تسويات لا تنازلات واختلالات لا توازنات.
ج- سوء فهم وغياب ادراك القادة للاختلاف والتمايز ما بين المشاركة في العملية السياسية والمشاركة في الحكومة. حيث ان العزوف عن المشاركة في الحكومة يسحب معه بالخطأ-عزوف عن المشاركة في العملية السياسية أو التهديد بالانسحاب من العملية السياسية، في حين ان العزوف أو الانسحاب من المشاركة بالحكومة لا يعني بأنه انسحاب من العملية السياسية.
وبهذا فالملاحظ ان الجميع (وهم الشركاء في العملية السياسية) يتطير من العمل في المعارضة السياسية السلمية (داخل البرلمان وخارجه) ويعتقد - بالخطأ- ان وجوده خارج الحكومة يعني وجوده خارج العملية السياسية. ان سوء الفهم والغياب في الادراك لهذا الشأن يدل على انعدام ثقافة المعارضة السلمية وتجنب بل الهروب من ممارسة هذه المعارضة.
د- الفشل في التعامل مع المواد الدستورية (76-70-55) التي تحدد خارطة طريق دستورية لمعالجة الازمة. الامر الذي يؤشر خطورة خرق الدستور ويبرر السخط الشعبي والاعتصامات الجماهيرية مع العشرات من مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية الديمقراطية للدفاع ولصيانة ولحماية الدستور من الخروقات التي مورست عليه.
الجهة المسؤولة عن الازمة:- بعد المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة من المفيد الاشارة الى وجود ثغرة تشريعية في الدستور وكذلك في قانون الانتخابات تتمثل بجعل الفترة الزمنية مفتوحة مابين اعلان النتائج والمصادقة على النتائج وهذه الفترة، بسبب غياب تنظيمها وتحديدها قانونا.
والمسؤولية في الازمة تبدا ما بعد التصديق على نتائج الانتخابات من قبل الهيئات القضائية التميزية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهي مسؤولية تقع على عاتق اشخاص قلائل بعدد اصابع اليد هم رؤساء القوائم الانتخابية الفائزة.
وهذه مسؤولية ظلت لصيقة بهم فقط لحين انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب. بعد هذا الانعقاد والجلسة فان المسؤولية تقع على مؤسسة البرلمان بكامل نوابها وضمنهم معظم قادة القوائم والكتل الفائزة لان جلستهم ينبغي ان تبدأ لتصبح جلسة عمل فعلية.
ثانيا:- المعالجة (المبادرة الوطنية لحل الازمة)
في خضم مارثون طويل من المفاوضات والمشاورات والزيارات المتبادلة بين قادة الكتل والقوائم وتدخلات محلية والاقليمية والدولية. تشنفت مسامعنا بمجموعة مبادرات لحل الازمة ابرزها تشكيل حكومة اغلبية – تشكيل حكومة جامعه – تشكيل حكومة ابوية – تشكيل حكومة فضاء وطني...الخ
ولكن بغض النظر عن الجهات التي تقف وراء هذه المبادرات ان المبادرة كي تستكمل شروط نجاحها ينبغي ان تحمل المواصفات الاتية:-
1- ان تكون عراقية الصياغة والمضمون على اساس ان أي مبادرة يشم منها حضور اقليمي او دولي سواء كان هذا الحضور على شكل تدخل او نفوذ او تأثير او اعلان تفضيل او نصيحة فان من الصعوبة تسويقها عراقيا. وعلى عكس ذلك عندما تكون المبادرة عراقية من حيث المبدأ والصياغة والمضمون ومكان الاعلان فانها ستكون مقبولة وناجحة عراقيا وسهلة التسويق والقبول اقليما ودوليا. انطلاقا من معادلة تفيد ان الضاغط الاقليمي (ايراني – تركي- سعودي – قطري) وكذلك الضاغط الدولي (الامريكي) يستطيع ان يرفض حكومة ورئيسها دون ان يستطيع فرض حكومة ورئيسها.
2- ان تكون مبادرة غير متعارضة مع ارادة الناخبين العراقيين بمعنى ادق ان تكون موضع رضا وقبول الناخبين العراقيين من مختلف القوائم المشاركة في الانتخابات الفائزة والغير فائزة.
3- ان تكون مبادرة دستورية بمعنى ان لا تتعارض مع السياقات الدستورية التي تنضم اختيار رئاسات المؤسسات السيادية الثلاث (المواد 55-70-76).
4- ان تكون مبادرة مؤسساتية بمعنى انها حتى لو طبخت بوصفها (صفقة واتفاق) خارج اطار القبة البرلمانية فأنها بالنتيجة لابد وان تكون مبادرة معلومة وشفافة مقنعة بالنسبة للمواطن. وهذه الشفافية وتلك القناعة لا يلتمسها المواطن الا اذا كانت المبادرة خارجة من الرحم الطبيعي لها من رحم مجلس النواب كجزء من واجباته السياسية الاساسية التي ينبغي ان تسبق واجباته التشريعية والرقابية.
الدولة المدنية المنشودة
اخيرا نريدها دول مدنية لا كيانات سياسية والدولة المدنية المنشودة في المنطقة العربية لا تستقيم دون ان يكون حاملها السياسي عقد اجتماعي موصوف يعتمد:
- مبدأ التمثيل بالانتخابات
- مبدأ التعددية بشقيها تعددية الرئي والتعددية الحزبية.
- مبدأ استقلال القضاء.
- احترام حقوق الإنسان.
- مبدأ التداول السلمي للسلطة.
ولا تستقيم تلك الدولة المنشودة في المنطقة العربية دون ان يكون حاملها الاجتماعي فئات وسطى مستنيرة وميسورة ولا تستقيم تلك الدول المدنية المنشودة في المنطقة العربية دون ان يكون حاملها الاقتصادي اقتصاد مستقر ومتوازن:
الاستقرار يعني اقتصاد يلبي الاحتياجات الاساسية التي تحافظ على كرامة الانسان والتوازن يعني اقتصاد يغادر العقم الانتاجي والخصوبة الاستهلاكية التي تتصف بتا اقتصادات معظم دول المنطقة.
كذلك لا تستقيم تلك الدول المدنية المنشودة في المنطقة العربية دون ان يكون حاملها الثقافي قائم على:-
- سيادة النزعة الفردية (المواطنية) على النزعة الجماعية التقليدية (المكوناتية) في الفكر والفعل.
- سيادة النزعة العقلانية على النزعات اللاعقلانية فكرا او سلوكا.
- سيادة النزعة العلمانية على النزعات اللاعلمانية فكرا او سلوكا.
يصاحب كل ذلك الحذر كل الحذر من اطروحات شيطنة الدول الوطنية لتبرير تدميرها والعودة ببلدان المنطقة الى مرحلة ما قبل الدولتية.
مع الانتباه ان شعوب المنطقة لا تستحق ماضيها ولا حاضرها بل تستحق مستقبل افضل منهما.
تحديد الهوية التي اريد حملها
"في الورقة الثانية وصف الاستاذ الدكتور حازم الشمري مسألة التحديات بانها ليست حكرا على العراق، بل هي حال كل شعوب ومجتمعات العالم، وهي فلسفة الله سبحانه وتعالى في الخلق وفي التغيير وفي الانماء، وفي المشاكل والصعاب، فالتحديات شيء طبيعي والمثال الاقرب على ذلك هي فرنسا، تلك الدولة العريقة في الديمقراطية وفي الاستقرار وفي حقوق الانسان وفي المدنية، فنلاحظ باريس ومدن اخرى فرنسية احترقت، وهناك خلاف كبير حتى على مستوى تغيير الجمهورية الخامسة إلى جمهورية سادسة، لكن الاشكالية الابرز هي في كيفية معالجة تلك التحديات".
"من هنا لابد أن نستغل تلك الفرصة كي ننطلق نحو المستقبل، خاصة واننا نمتلك الماضي ولدينا الحاضر، هذا مما يجعل المستقبل واضح، بالتالي ما يفرق عالم الجنوب عن عالم الشمال، ان الاول اي عالم الجنوب الذي نحن جزء منه نحن لا ننظر ابعد من اقدامنا، بينما عالم الشمال لديه خطط استراتيجية خمسينية ومئوية، فبالتالي هو مرتاح جدا فالمواطن في الولايات المتحدة الامريكية وفي اوروبا، قبل ستة اشهر من موعد سفره يحجز تذاكر السفر ومواعيد السفر وشركات الطيران، هنا نستنتج بان الوعي العربي لا يؤمن بالمستقبلات اي اننا اتكاليين، لذلك لابد أن ننشأ دراسات مستقبلية حتى على مستوى الاسرة، وذلك كي نعطي للإنسان فرصة ايجاد البدائل".
"لذلك فمنذ العام (2003) ولحد الان يتملكني شغف الاطلاع على الدراسات الدولية التي هي عبارة عن فلسفتين اما(صراع أو تعاون)، بالتالي يستجد سؤال مفاده ما هي الهوية التي اريد حملها مع الاخر، علما أن علم السياسة هو في تطور مستمر وليس جامدا وهو من الدراسات الانسانية، فالمفاهيم الجديد في علم السياسة هو كيف تطوع الاخر، وهذا جزء من التحدي الداخلي والخارجي، ففي حال عدم تحديد الهوية التي اريد حملها في اطار البناء الخارجي، عندها سأكون لاعبا غير فاعل وغير مؤثر في البيئة الاقليمية والدولية، خاصة وأن العالم كله في صراع فالمصلحة هي التي تحدد الاصدقاء، فما دامة العلاقة مصلحية اذا هي متبادلة".
" لذلك نحن لا نعرف كيفية تحديد اولوياتنا واهدافنا، وما هي الهوية التي نريد أن نكون من ضمنها، فمنذ العام (2003) ولحد الان مرة نحسب على الشرق وأخرى على الغرب، الدولة العميقة لديها مشاريع متضادة وغير منسجمة وهناك تنوع في الاجتماع ولكن لا يوجد تنوع في السياسة، فلابد أن يكون هناك مأسسة في صنع القرار وفي اطار تنفيذ القرار، فمثلا وزارة الخارجية العراقية وهي الواجهة المؤسساتية التي تعمل على ترجمة البرامج الحكومية إلى واقع تنفيذي، فكيف يكون ذلك اذا كان المنتسبين لتلك الوزارة هم يمثلون الوان وفصائل مختلفة، فهذا الامر مقلق حينما لا توجد هوية تحدد وجود العراق في هذا المضمار وبهذه المعادلة، لذلك دائما ما تكون مواضعنا مختلفة فأحيانا نرمي انفسنا مع الشرق واحيانا نحو الغرب ولا نعرف ماذا نريد، فالسياسة الخارجية هي سياسة ملئ الفراغ وهي تؤشر إلى نظرية فيزيائية من الاعلى إلى الاسفل، فاين يكمن الضغط الجوي الواطئ الضغط العالي ينزل اليه".
"عندها تدرك تماما بان اي فراغ يوجد في الداخل سيكون العنصر الخارجي حاضرا، وهناك من الامثلة الشيء الكثير فتركيا ومنذ خمسة سنوات موجودة على الارض العراقية، وحتى في النظام السابق فكانت الكويت والسعودية وتركيا نفسها والاردن هي الاخرى اقتطعت جزء من الارض العراقية، اذا العملية لا تعدو كونها عملية تقديم الهوية للأخر حتى يحترمني ويضعني في الجانب الذي اكون فاعل فيه، وهذا تحدي مهم جدا فالسياسة الخارجية هي ليست مزاجية أو اعتباطية او كيفية، وهذا ما نتحدث به دائما في العلوم السياسية فلا يمكن أن تنجح السياسة الخارجية ما لم تكون السياسة الداخلية كاملة أو متكاملة، وذلك لان عملية الانطلاق من الداخل إلى الخارج لابد أن تكون على ارض صلبة".
"وهذه الارضية لابد أن تكون ضمن مؤسسات بناء الدولة، للأسف وعندما تقرأ كتاب الحاكم المدني في العراق بول بريمر المعنون (عام قضيته في العراق)، يتضح لك وجود تنوع سياسي غير منسجم، وكأنما هناك عجالة في ترتيب الاحداث السياسية للوصول إلى هذه النقطة، هذا الامر انعكس لحد هذه اللحظة في رسم السياسة الداخلية والخارجية للعراق، وهذه هي المشكلة الاكبر، فلحد الان وعندما نأتي على الشخوص الرئيسة التي تعمل على صناعة القرار السياسي في العراق، ونسألهم عن اهداف العراق الاقليمية والدولية، سنجد هناك حتما تناقضات وتقاطعات في عملية بيان الاهداف، هذا مما يعني بان الكل مختلف مع الكل فيما يريد من الخارج".
"ولذلك اذا كنا بهذه الصيغة فعملية الخوض في النادي الخارجي الاقليمي والدولي هو صعب جدا، لذلك وحتى لا نقف عند الصعوبات فقط، فلابد أن تكون هناك حلول خاصة وأن الحل الرئيسي هو ليس العودة إلى المربع الاول، وانما التنفس عميقا واعادة ترتيب صيغة البناء السياسي الداخلي والخارجي معا على اسس المصلحة العراقية الواسعة، فالدول العظمى والشعوب التي تحترم ذاتها ونفسها، هي التي وقفت مع نفسها وقفة جادة في عملية ماذا نريد من انفسنا اولا ومن الاخر، خاصة وان الاخر هو الاساس في التفاعل ونحن لسنا الوحيدين بهذه المعمورة، التي اصبحت عبارة عن قرية صغيرة وهي تحتاج لكل اللاعبين الدوليين، فهل تحتاجني في صراع أو في تعاون أو في حياد سلبي أو ايجابي، فكل هذه الامور يمكن أن تكون واضحة ان عرفنا ماذا نريد من انفسنا".
"فهذا سؤال مهم جدا فمعرفة النفس توحي لطرح استفسارات اخرى حيال ماذا اريد من عائلتي وماذا تريد عائلتي مني، وهكذا إلى مستوى بناء الدولة وبناء مؤسساتها، وبالتالي يمكن للإنسان وللمواطن العراقي في مؤسسة معينة في داخل العراق وخارجه أن يعرف ماذا يريد، لذلك هناك من يريد أن ينمي هذا المشروع اي مشروع من نحن وماذا نريد أن نفعل، ولكن للأسف الشديد هناك مشاريع اخرى تريد أن تغطي عليه، بالتالي هناك ايمان حقيقي بان هذا المشروع هو المشروع الصحيح، لكنه يحتاج لقدرات بشرية وداخلية وأن نتحدث بصدق حتى لو غضب الاخر، فالأمر مرهون بمرضاة الله سبحانه وتعالى والنفس، لذا لابد أن تكون لدينا عملية مراجعة مستمرة للأهداف وللإنجازات التي تخدم شعبنا ومنطقتنا والعالم".
المداخلات
إشكاليات اجتماعية عميقة
- الدكتور رياض المسعودي، عضو في مجلس النواب العراقي، يعتقد "العملية السياسية في العراق هي عملية مستوردة قلبا وقالبا، خاصة وأن التغيير جاء نتيجة تدخل عسكري لرسم خارطة جديدة للشرق الاوسط، فهذا الامر تشكل في نهاية العقد السبعيني من القرن الماضي، وكانت بداياته تشير إلى ضرب القاعدة السنية في افغانستان وضرب القاعدة الشيعية في العراق، علما هناك لاعبين اخرين وهم اللاعب الايراني الشيعي واللاعب السعودي السني، اما بالنسبة لمسألة التحديات فهذا الامر مفروغ منه وهي حاضرة، لكن هناك مفهوم اكبر من التحديات وهو اشكالية تشكيل الحكومة او ادائها الوظيفي، يضاف اليها اشكاليات المجتمع لا يمكن حلها في الوقت الحاضر، وهذه تقع في خانة الحقائق المرة التي لا يمكن الاعتراف بها على المستوى العراقي".
اضاف المسعودي "واقرب مثال على ذلك مقولة وحقيقة أن العراق بلد زراعي وهذا امر غير دقيق، لاسيما وأن انتاجية الامارات اكبر من انتاج العراق بأرقام كبيرة، والسبب هنا لان التربة العراقية قد استهلكت والمياه غير نظيفة، الامر الاخر هناك من يدعي أن (44%) من سكان العراق هم يعملون في الزراعة وهذا امر غير دقيق ايضا، خاصة وأن الشعب العراقي قد غادر الزراعة من سنوات ليست قليلة، والسبب يعود لإعادة ترتيب سلم الاولويات من جراء التغيير العسكري الحاصل في العراق وهو جاء نتيجة انقلاب عسكري، فهذا النظام العسكري لا يؤمن الا بعسكرة المجتمع وبالقوة، لذا هم تناسوا الزراعة والصناعة والخدمات، فعلى سبيل المثال العراق لديه (139) يوم عطلة".
يكمل المسعودي "واغلب الدوائر الحكومية الدوام لديها منقوص فهي تبدأ من الساعة التاسعة صباحا وتنتهي في الساعة الواحدة ظهرا، عندها تكون الكفاءة الانتاجية لدى الموظف العراقي قد انخفضت فاصبح الموظف العراقي غير قادر على اداء مهامه الوظيفية، لذا كان تقييم انتاجية الموظف العراقي في العام (2017) تصل إلى (17) دقيقة في اليوم من اصل (8) ساعات، بينما اليابان (5،28) ساعات من اصل (8) ساعات، يضاف إلى ما تقدم هو وجود إشكالية تواجه تشكيل الحكومة اولا وعملها المهني وهي(الصدفة)، والدليل على ذلك يأتي شخص ويقول للحكومة اذا لم يتوفر لديكم منصب وزير (الصحة) ممكن أن اشغل وزير (عدل) أو وزير(دفاع)، اي بمعني أن الشخص المتقدم لشغل منصب الوزير هو مهتم اولا في استلام منصب وزير في اي وزارة كانت".
يكمل المسعودي "والامر ليس استثناء في البرلمان العراقي فمثلا يقول عضو انا اريد لجنة (التربية)لان فيها تعينات واذا لم تتوفر تلك اللجنة ممكن أن اكون في لجنة (التعليم) أو (الهجرة والمهجرين)، لذلك نجد في لجنة (العلاقات الخارجية) على سبيل المثال وليس الحصر من هو طبيب او من هو مختص في العلوم الاسلامية، بالتالي من البديهي أن يكون هذا النائب غير منتج وهو يملئ الفراغات بما لا يناسبها، اضف إلى ذلك هناك امراض المجتمع العراقي المزمنة وهي (الجهل / الفقر / المرض)، فالإحصائيات تشير إلى أن ما ينفقه الشعب العراقي على العلاج هو قرابة (2) ترليون دينار عراقي، وهذا الرقم قادر على بناء مؤسسات كاملة، بالتالي يستجد سؤال هل يمكن علاج تلك الامراض الجواب لا، خصوصا واننا لا نستطيع معالجة (الجهل المتراكب) الذي بدأ يصعد إلى القمة".
اضاف ايضا "ففي كربلاء على سبيل المثال هناك (86) مقهى يرتادها تقريبا يوميا من الصباح حتى ساعة متأخرة من الليل، هؤلاء ما هي المحصلة التي سوف يوفرونها في صباح اليوم القادم ناهيك عن ساحات الخماسي وباقي المحافل الاخرى التي يضيع من خلالها مجالات العمل والابداع، هذا هو التحدي الحقيقي والاكبر الذي يواجه تشكيل الحكومة وهو الكلف الاجتماعية، فالحكومة العراقية اليوم امام كم هائل من الكلف الاجتماعية وهي تحتاج لمبالغ طائلة، ايضا هناك الاشكاليات الاخرى يمكن رصدها على مستوى (سياسية / ادارية / اقتصادية / اجتماعية / بيئية)، على الجانب الاخر وحتى نكون موضوعيين فهناك شيء يسمى (تزاحم المصالح)، بمعنى عندما تسال شخص هل تحب العراق ام كربلاء يقول كربلاء، وتسال ذات الشخص هل تحب كربلاء ام الحسينية يجيب الحسينية، وهكذا يستمر الحال بالشخص الواحد حتى يتبين بانه لا يحب الا نفسه، اذا اين هي المصلحة العليا واين الفضاء الوطني، بالتالي اليوم هناك (تزاحم بالمصالح) والكل لا يريد أن يضحي (قوميا / طبقيا / اقتصاديا)".
كما اوضح المسعودي "لذا من الطبيعي أن تأتي الموازنة في العراق كالقسمة حيث توزع الاموال على عدد الجهات التي تتقاضى الاموال، ولتقريب هذا المعنى فمثلا التعليم العالي حصته من الموازنة تصل إلى (1،2) اما حصة التعليم في اليابان تصل إلى (37)، ميزانية الدفاع والنفط والكهرباء اخذت من الميزانية (37%) ولكن من دون عوائد، يضاف إلى ذلك مثال اخر حيث يباع في مزاد البنك المركزي (60) مليار دولار إلى مصارف فاسدة ومشبوهة، وهذه المصارف هي عبارة عن جمعيات خيرية لدول ما، فضلا عن ذلك فالحكومة العراقية اليوم هي غير مسؤولة عن صرف المال، بل هي مسؤولة فقط عن صرف (70) مليار دولار تابعة لمكتب رئيس الوزراء من مجموع (133) ترليون دينار عراقي، فمن غير المنطقي هنا مساءلة الحكومة عن صرف الاموال بل لابد مساءلة الوزير الفلاني والوزارة الفلانية اين ذهبت الأموال المخصصة بأموال هذه الوزارة او تلك، اذا نحن لابد أن نعترف بتلك التحديات ومن واجبنا أن نوجد الحلول المناسبة لتلك التحديات".
الاستهتار بلعبة السياسة
- الشيخ مرتضى معاش، المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يطرح "ثلاثة تحديات اخرى لما تقدم فالتحدي الاول هو الصراع الداخلي الذي هو نتاج للواقع العراقي، خصوصا وأن الكتل السياسية لا تنظر ولا تفكر بالتحولات الجيو سياسية التي تحدث في المنطقة، بل هي تلعب لعبة (حافة الهاوية) وهذا الاستهتار بلعبة السياسية يصل بنا للسقوط من حافة الهاوية، والدليل على ذلك هو الانسحاب الامريكي من سوريا أدى إلى صعود تركي وكردي عراقي، وهذا مما يسمح للأكراد في العراق للمطالبة بالاستفتاء مرة اخرى".
اضاف معاش "هذا التحول الكبير الحاصل في المنطقة ليس في حسبان القوى السياسية العاملة في العراق وهذا اشكال خطير، فعندما ينغمس الانسان في قضاياه الداخلية ويتغافل عن ما يحدث في الجوار فهذا امر خطير جدا، خاصة وأن دخول القوات الامريكية إلى العراق يدل على أن الامريكان يأسوا من وجود عراق جديد متكافئ، فهذا التعسف الذي فرضه الاخوة السياسيين في البرلمان العراقي ومحاولة السيطرة واخذ المكاسب كلها، بالنتيجة هذا السلوك سيؤدي إلى غضب الجانب الامريكي واختلال التوازن، التحدي الاخر الذي لابد الوقوف عنده هو انخفاض أسعار النفط وفشل التخفيضات التي اجرتها اوبك قبل ايام معدودة هذه فشلت، وهذا مما يدل على فشل تلك السياسة".
يكمل معاش "بالتالي هذا التخفيض سيؤدي إلى ازمة مالية كبيرة في العراق وهذا غائب عن استراتيجيات الحكومة العراقية، بالإضافة إلى ذلك هو صعود الاقتصاديات الموازية واقتصاديات الظل التي تستنزف الثروة العراقية لصالحه في مقابل اقتصاد الدولة، اخيرا النقطة الاساسية نحن لم نستجب لاستحقاق التحول والتغيير، لذلك فإن خيارات عدم الاستجابة للتحولات سوف يؤدي الى الانقراض، لان الدنيا في حالة تحول وتطور دائم ومستمر، فالعراق اليوم يعيش الحاضر ومنغمس في الحاضر إلى ابعد ما يكون وهو لا يفكر في المستقبل، وهذا معنى واضح وجلي فثقافة المستقبل غائبة عندنا فلا نستطيع بناء الدولة وبناء الوطن وبناء اي شيء، من جراء الانغماس العبثي بالماضي والحاضر".
دولة مركزية في دولة ديمقراطية
- الحقوقي هاشم المطيري، منظمة العمل الاسلامي، يرى "وجود علاقة عكسية ما بين الخارج والداخل، وهذه العلاقة العكسية تؤشر عندما يضعف الخارج يقوي الداخل والعكس هو صحيح، علما أن التحدي بحد ذاته هو شيء جيد للإنسان، فلولا وجود تلك التحديات لما حصل هناك تطور على المستوى الانساني والمجتمعي، لكن الوضع الدولي والاقليمي ما قبل (2003) هو المسيطر على بلداننا في الشرق الاوسط، فالحكم الملكي على سبيل المثال تم استيراده من الخارج وهو ليس بإرادة عراقية، ايضا الانقلابات العسكرية كانت بموافقات رسمية ا وشبه رسمية من الدولة العظمى، ولولا ذلك ما كان لها أن تكون ابدا، وكذلك التغيير وحتى كتابة الدستور العراقي بل وحتى النقص التشريعي هو متعمد في حقيقة الامر".
اضاف المطيري "بل الانكى من ذلك أن منظومتنا القانونية هي منظومة هجينة اصلا، والدليل على ذلك هو دولة مركزية قوانينها إلى الان نافذة مع دولة ديمقراطية، كذلك هناك شلل نصفي في تكميل جسد الدستور العراقي، ولكن ورغم كل تلك التحديات يبقى الحل بسيط جدا فحينما يقوى الداخل يضعف الخارج، اليوم حتى منظومتنا التعليمية هي بإرادة دولية، صندوق النقد الدولي هو الذي ادى بنا إلى هذا الاقتصاد، فالبطالة المقنعة الموجودة في الدوائر الحكومية هي نتاج لسياسة صندوق النقد الدولي، بالتالي اليد الخارجية هي التي تسير الواقع العراقي بكل مفاصله".
يكمل المطيري "لذلك نستطيع أن نجعل من تلك الندوات والحوارات والاعلام عنوان مكثف لرصد بعض الاهداف والسعي إلى تحقيقها، اولا يجب سد النقص الحاصل في التشريع، الشيء الثاني هو ايقاف الفساد، فيجب على السيد رئيس مجلس الوزراء أن يعمل بهذا الاتجاه ويقنع الخارج بذلك، الشيء الاخر هو انشاء مؤسسات في الدولة تعمل على وضع الخطط الاستراتيجية والعمل على بناء الدولة، اخيرا لابد أن نضع اهداف محددة نستطيع تحقيقها".
بناء الدولة الجديدة
- الدكتور ايهاب علي، اكاديمي وباحث في مؤسسة النبأ، يعتقد "إن التحديات في العراق هي ليست امرا طبيعيا لان اغلب هذه المشاكل لقد تم ترحيلها من السنوات السابقة، بالتالي نحن امام مشاكل وازمات فعلية خصوصا اذا ما ادركنا مسبقا خصوصية فشل تجاوز تلك الازمات هذا من باب، من باب اخر هذه التحديات الخارجية لا تواجه الحكومة العراقية فحسب بل اصبحت تواجه الدولة العراق، وهذا يعني وجود خلل في المنظمة الاجتماعية والسياسية للبلد، إلى جانب ذلك هذه التحديات هي ليست شيء جديد بل يمكن اضافة تحديات اخرى على ما تقدم، ولكن يبقى تحدينا الاكبر هو في بناء الدولة الجديدة، بالتالي السؤال هنا ما هي الاليات والوسائل الكفيلة لبناء انموذج للدولة العراقية، لذا فالخلاف الحقيقي دائما ما يتركز حول الاليات الحقيقية والتفصيلية لبناء هذه الدولة".
- وسن حسن، ناشطة مجتمع مدني، تطرح ملاحظتين "الاولى هي غياب التخطيط على المستوى الحكومي بالتالي هذا المعنى سبب ارباك عالي في ادارة الدولة، الملاحظة الاخرى المواطن العراقي فقد الولاء للوطن، لذا نحتاج لفترات زمنية اخرى كي ننشئ جيل يحب الوطن".
دولة مؤسسات وقضاء مستقل التحدي الاكبر
- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، يستعرض "قول للأمام امير المؤمنين سلام الله عليه حينما يقول(ميدانكم الأول أنفسكم، فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر)، لذا التحدي الاكبر الذي يواجهنا كمجتمع وكحكومة ودولة هو انفسنا، لان الانسان العراقي تصرفه وسلوكه وحتى كلامه ينطوي على الازدواجية، لذلك نحن نجد هؤلاء الناس الذين وضعنا ثقتنا بهم ايام الانتخابات كانوا يتحدثون بكلام اخر، لكن ما أن وصلوا إلى زمام السلطة حتى بدأوا يشكون من غياب الحلول، فهذا الامر واقعا يحبط الهمم ويجعل من الانسان العراقي في حيره من امره خصوصا وأن صاحب القرار التشريعي والسياسي في العراق هو في حالة استسلام، بالتالي يشعر الانسان العراقي بذعر شديد حيال تلك الدولة العميقة، فضلا عن ذلك هذه الدولة لا تستطيع أن تحفظ للفرد العراقي كرامته في ظل هذا المستوى من الخدمات البائسة والهزيلة".
اضاف جويد "اما قضية الولاء والوطن فالحكومات السابقة ونتيجة الظلم الذي مارسته تلك الحكومات على الانسان العراقي وعدم انصافه، جعلت من الشعب العراقي يرسم صورة نمطية عن الحكومة والحكومة هي الدولة، وبالتالي عندما ضعفت الدولة ففي بعض الاحيان يقوم الشخص العراقي بالتعدي على ممتلكات الدولة كالمدارس والمستشفيات على اعتبارها الحكومة، وهنا لا يميز المواطن العراقي ما بين الدولة والحكومة الظالمة، لذا نحن نبحث اليوم على بناء المؤسسات والفصل بين السلطات، فاذ كانت الدولة دولة مؤسسات وقضاء مستقل ونزيه، فهذا هو التحدي الاكبر للدولة العراقية في كيفية تأسيس قضاء شجاع وادعاء عام يتحرك لأبسط قضايا الفساد والتخريب، اما بالنسبة لموضوعات التحديات التي تواجه الحكومة العراقية فهي كثيرة".
يكمل جويد "لكن اذا استطاعت الحكومة العراقية أن تفتح قضايا ملفات الفساد وتضعها بيد قضاء نزيه، فيمكن أن تكون تلك الخطوة هي الخطوة الاول والمفتاح لإنقاذ الواقع العراقي".
- ياسمين الشمري، مسؤولة العلاقات العامة في اتحاد الاعلاميين العرب امانة العراق/ فرع كربلاء، ومديرة مؤسسة عيون الفقراء الاعلامية فرع كربلاء، تستفسر "هل يوجد خلاف ما بين الكتل السياسية الشيعية؟. فاذا كان الجواب لا، فلماذا لا يتم الاتفاق على تشكيل الوزارات المتبقية وانتم تعلمون ما حل بالشعب من رزايا بسبب تأخير تشكيل تلك الحكومة؟".
- زهير الميالي، محامي في محكمة استئناف كربلاء، يركز "على حالة غياب الثقة بين المكونات السياسية العراقية، الامر الاخر عندما تكون العملية السياسية في العراق هي عملية مستوردة فلماذا تصدى المشرع العراقي للعمل بها وما هو الدور الذي قدمه ويقدمه المشرع العراقي، ثانيا العملية السياسية هي عملية مفتتة وهناك تقاطع واضح وملموس ما بين التشريعات السابقة ودوامة العمل بها في ظل نظام ديمقراطي، ايضا عضو السلطة التشريعية ليس لديه فهم حقيقي للدور الذي يقوم به".
- فاضل المعموري، كاتب صحفي، ورئيس ملتقى طويريج للثقافة والابداع، يستفسر "عن الاطاريح التي يناقشها ملتقى النبأ هل هي للشعب ام للحكومة ام للبرلمانيين، ايضا مكان طرح الاسئلة وبمن نلتقي كي نصنع بلد يتصدى للتحديات ويبنى من جديد، على شرط أن لا يكون الاصلاح هو مجرد طلاء خارجي بل يجب أن يكون من الداخل وأن نبدأ من الدستور؟".
ردود الباحثين وتعقيباتهم
تشريع البرلمان غير ملزم
"يرد الدكتور رياض المسعودي بان الخلافات تراتبية، اي يعني عندما يكون الخلاف بين مكون ومكون اخر فنحن لا نختلف حتى نكون اقوياء امام المكون الذي يقابلنا، اما اذا كان الصراع بين نفس المكون فالأمر هنا يختلف وننقسم على شكل (نظام شجري)، فكل مرحلة يتطلب لها رؤية ولكن هدف جميع الكتل السياسية يكاد يكون واحد وهو الوصول إلى السلطة، وذلك لانهم يعتبرون من يمسك بالسلطة هو قادر على التغيير، يضاف إلى ذلك البرلمان لا يشرع خصوصا وان تشريع البرلمان غير ملزم لأنه يترتب عليه اثر مالي، فبالتالي اي تشريع يترتب عليه اي اثر مالي هو من مسؤولية الحكومة فقط، وهنا يستجد سؤال مفاده هل يوجد تشريعات لا يترتب عليها اثر مالي، الجواب نعم ولكن لا تتجاوز(2%)، اخيرا البرامج والندوات الحوارية هي معلم مهم لتطوير الرؤية السياسية لدى عامة الناس".
تزاحم الهويات نتاج لتزاحم المصالح
"يرد ايضا الدكتور عامر حسن فياض ويصف تزاحم الهويات بانه نتاج لتزاحم المصالح، لكن لا يوجد شخص يصرح علانية بان تزاحم المصالح بل يطرح بدلا عنها الهوية، ايضا مفردة (العملية المستوردة) هو مفهوم قاسي جدا، فلا توجد عملية سياسية في العالم اليوم الذي يعتبر قرية صغيرة، اذا لم تكون متفاعلة مع تجارب اخرى، اما الحقائق المرة فكل المجتمعات فيها حقائق مرة ولكن يبقى السؤال مطروح كيف تعاملت معها تلك الدول، هذه هي الحقيقية الاكثر مراره، اما بالنسبة للتحديات فهي كثيرة وكثيرة ولكن المهم أن نبقى في الاساسيات التي تتفرع منها اشياء اخرى ممكن الوصول اليها".
اضاف فياض "التحديات لو كانت تفاعلية فهي عنوان جيد، ولكن اذا كان التحدي تدخلي هذا غير محبب، اما بالنسبة للأليات فهي تنقسم إلى قسمين (مستلزمات / عناصر)، فالمستلزمات لابد أن تكون (سياسية / اقتصادية / اجتماعية / ثقافية)، فعندما نقول مثلا سياسية لابد أن يكون هناك عقد اجتماعي، فكل الدول فيها دساتير ولكن احتاج إلى الدستور (الموصوف) وهو يعتمد على مبادئ (التمثيل في الانتخابات / مبدأ احترام حقوق الانسان / مبدأ الاقرار بالتعددية السياسية بشقيها الحزبي وتعددية الرأي / استقلال القضاء)، ايضا المستلزم الاقتصادي هو مستقر ومتوازن، اما المستلزم الاجتماعي فأرسطو تحدث عن هذا المعنى فقال (اذا لم يكون هناك توازن اجتماعي ستكون هناك فوضى)، التوازن الاجتماعي يحتاج لفئات تكون متعلمة وتكون ميسورة الحال، وهذه هي الطبقة الوسطى".
يكمل فياض "فهذه الفئة هي نقطة العبور للدولة، ثقافيا هناك مستلزمات كثيرة، اما بالنسبة للعناصر فلا احتاج لأفراد اتباع أو لأفراد زبائن أو لأفراد رعايا فلا تبني الدولة بوجود هؤلاء، بل احتاج لأفراد مواطنين يعرفون حقوقهم وواجباتهم، ايضا احتاج لجماعات عصرية اصطناعية ثانوية لا عائلية ولا عشائرية ولا مذهبية، ايضا مصاديق العبث بالمال العام ليس حالة بل امسى ظاهرة وممنهج وهو ليس ضعيف بل قوي ومحمي، فهذا يحتاج إلى أن يجرم بالقانون وأن يؤثم شعبيا وأن يحرم دينيا، كذلك فان فلسفة التشريع لا زالت فلسفة نظام شمولي، هذه هي مهمة المشرع العراقي".
"اخيرا يرد الدكتور حاز الشمري بان عالم الشمال اي الدور الغربية احتاجت لفترات زمنية طويلة وطويلة جدا حتى تصل إلى ما وصلت اليه اليوم، وهذا قطعا يعطينا فكرة موجزة عن التجربة العراقية التي ما زالت في السنوات الاولى من عمر التجربة الديمقراطية، لذلك مؤسسات الفكر الامريكية يجزمون أن العراق مستقر وسائر على الطريق الصحيح، لذا لابد أن نجد الحلول المناسبة لانتشال الواقع العراقي من هفواته وكبواته الحالية".
اضف تعليق