رغم الصخب الذي يحدثه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، الا انه يواجه مقاومة عنيفة من قبل المحقق الشهير روبرت مولر الذي لا يزال يلاحق الرئيس المهووس بالظهور الإعلامي وتحقيق الانتصارات بشكل يومي، ولهذا لا ينفك الرئيس عن الهجوم على مولر او حتى محاولة اقالته لكن تلك المحاولات اعتبرت جزءا من هزائم ترامب...

رغم الصخب الذي يحدثه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، الا انه يواجه مقاومة عنيفة من قبل المحقق الشهير روبرت مولر الذي لا يزال يلاحق الرئيس المهووس بالظهور الإعلامي وتحقيق الانتصارات بشكل يومي، ولهذا لا ينفك الرئيس عن الهجوم على مولر او حتى محاولة اقالته لكن تلك المحاولات اعتبرت جزءا من هزائم ترامب.

اخر اخبار المواجهة بين مولر الرئيس الامريكي هجوم من محامي الأخير رودي جولياني بشأن التعاون المحتمل بين فريق حملة الرئيس الانتخابية وروسيا، ووصف التحقيق بأنه "غير شرعي"، في حين أقر بوجود جهود منسقة لتأليب الرأي العام ضد ترامب.

وتزامنت تصريحات جولياني مع تنديد ترامب مجددا بما وصفه بأنها حملة "مطاردة شعواء بشأن التعاون الزائف مع روسيا". وأكد جولياني أن عميلا سريا من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) التقى بعض مستشاري فريق ترامب في 2016، وقد كان "جاسوسا" وهدفه تقويض حملة الرئيس الحالي.

وقال محامي الرئيس ترامب في تصريحات لشبكة سي أن أن "لا أقول إن المحقق الخاص روبرت مولر غير شرعي، إنما الأساس الذي تم بموجبه تعيينه لم يكن شرعيا". وأكد أن ترامب مصرّ على الجلوس مع مولر للإجابة عن أسئلته لكن ذلك "يعتمد على مدى ارتياحنا للانفتاح الذي يبدونه".

وأوضح جولياني أن لا نية لدى ترامب لطرد أي أشخاص بهدف انهاء تحقيق مولر ما من شانه أن يؤدي إلى مقارنة قراره بما فعله الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في فضيحة ووترغيت.

وأظهرت استطلاعات للرأي جرت مؤخرا أن جهود ترامب المنسقة لإزالة الشرعية عن تحقيق مولر، على حد تعبير الحزب الديمقراطي، قد تثمر فعلا. وبحسب استطلاع أجرته جامعة "مونماوث" ونشر مطلع الشهر الجاري، انخفض عدد الأميركيين الذين يفضلون استمرار تحقيق مولر من 60% في مارس/آذار إلى 54%، وأظهرت استطلاعات أخرى أن العديد من الأميركيين لا علم لهم بأن فريق مولر قد وجه اتهامات رسمية لعدد من الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في القضية.

ازمة تجسس

واتهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) بالتجسس على حملته الانتخابية في 2016 واطلق على هذه العملية "غير المسبوقة" و"غير المشروعة "اسم "سباي غايت" مؤكدا انها مدبرة من الديموقراطيين.

وغرد ترامب الجمعة الماضية "تم دفع مبالغ ضخمة للجاسوس تتخطى المستوى العادي. بدأ الامر يشبه احدى اهم الفضائح السياسية في تاريخ الولايات المتحدة" في حين امر وزارة العدل بالتحقيق في الامر.

لا دليل في المرحلة الراهنة يثبت هذه الاتهامات. لكن التاريخ الطويل لمكتب التحقيقات الفدرالي المعروف بتدخله في الحياة السياسية قد يثير الشكوك.

ومنذ بداياته تدخل الاف بي آي او انجر إلى الدوامة السياسية الاميركية حتى اعلى المستويات، معرضا نفسه لاتهامات باستغلال السلطة. بين الثلاثينات والستينات كان مديره الشهير جاي ادرغار هوفر يحتل موقعا محوريا في السياسة في واشنطن فيقدم خدمات ويجمع معلومات مضرة لضمان تعاون المعنيين لدى الضرورة. بحسب فرانس برس.

تاريخ الرعب السياسي

وكان هوفر يتصرف كحليف للرؤساء ويطرح تهديدا على خصومهم. وكشفت سجلات ان الرئيس فرانكلين روزفلت كان يطلب بانتظام تحقيقات حول خصومه. ومع حلول الستينات كان يملك ملفات حول اكثر من 400 الف اميركي.

وقال ريموند باتفينيس الاختصاصي في تاريخ الاف بي آي لفرانس برس ان "هوفر كان يرعب الشخصيات السياسية". واضاف ""غالبا ما كان يطلب منه الحصول على اشاعات عن سياسيين. وقام بذلك بانتظام مع كافة الرؤساء خلال مسيرته المهنية".

وكان جون اف كينيدي يهابه لانه كان يعلم بان هوفر كان لديه الدليل بانه على علاقة بامرأة لها صلات مع المافيا. وكان مدير الاف بي آي اقرب من ليندون بي جونسون الذي طلب من الشرطة الفدرالية التحقيق حول حزبه نفسه خلال المؤتمر الديموقراطي في 1964، بحسب المؤرخ في جامعة ولاية بنسيلفانيا داغلاس تشارلز.

وعند وفاة هوفر في 1972 بعدما ترك بصمته على مكتب التحقيقات الفدرالي، اختار ريتشارد نيكسون ال باتريك غراي الذي وعد بإقامة علاقة وثيقة مع البيت الابيض. واثبتت فضيحة ووترغيت ذلك، لان غراي نقل الى مستشارين في الادارة الاميركية تفاصيل عن التحقيق الفدرالي.

في الاثناء، كان معاونه مارك فيلت يزود صحيفة "واشنطن بوست" بمعلومات سمحت بكشف فضيحة ووترغيت للرأي العام، ما أدى إلى استقالة نيكسون.

بعد هذه الفضيحة، سعى مدراء الشرطة الفدرالية بحسب تشارلز الى ابقاء الرؤساء على مسافة بعيدة وعهدوا إلى وزير العدل بدور الوسيط.

وبهذه الطريقة تبين ان الشرطة الفدرالية تشكل تهديدا اكبر على الرؤساء الاميركيين. فقد امضى الرئيس بيل كلينتون ولايتيه الرئاسيتين وسط الفضائح تحت مراقبة مدير معاد له هو لويس فريه.

وبلغ التوتر ذروته في 1998 عندما اخذ المحققون الفدراليون عينات من دم الرئيس الديموقراطي لمقارنة الحمض الريبي النووي مع السائل المنوي الذي عثر عليه على فستان المتدربة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي، ما ادى الى الشروع في اجراءات اقالة من غير أن تفضي الى نتيجة.

لكن مكتب التحقيقات الفدرالي لم يخرج سالما من هذه القضية. في 2004 اكد بيل كلينتون ان فريه استهدفه عمدا لتحويل الانتباه عن اخطاء خطيرة ارتكبها مكتب التحقيقات.

أخطر وضع سياسي

اما الانتخابات الرئاسية في 2016 فقد اغرقت الشرطة الفدرالية في اخطر وضع سياسي في تاريخها. فوسط سباق محموم الى البيت الابيض، كانت الشرطة الفدرالية تجري تحقيقات حول المرشحين، الديموقراطية هيلاري كلينتون التي استخدمت بريدها الالكتروني الخاص في مراسلات الخارجية والجمهوري دونالد ترامب بشكل غير مباشر حول اتصالات مشبوهة بين اعضاء في فريق حملته ومسؤولين روس.

وتعرض جيمس كومي مدير الاف بي آي في حينها والجمهوري المعروف، لانتقادات من كل حدب وصوب لادارته لهذه الملفات. وتضررت حملة كلينتون جراء الطريقة التي نشر بها التحقيق في حين ان حملة ترامب استفادت من السرية التي لفت التحقيقات حول فريقه.

ولدى وصوله الى البيت الابيض حاول ترامب اعادة نوع العلاقات التي كان يقيمها الرؤساء مع الشرطة الفدرالية في عهد هوفر. وطلب ترامب من كومي اثبات ولائه له واغلاق الملف الروسي. وامام رفض الاخير اقاله الرئيس الاميركي من منصبه.

إعادة فتح الحساب

وكشفت الصحف الاسبوع الماضي ان مخبرا في سي آي ايه يعمل في بريطانيا التقى اعضاء من فريق المرشح ترامب. وعمل هذا المخبر في اطار التحقيق الذي فتحه مكتب التحقيقات الفدرالي صيف 2016.

وطلب ترامب الاحد ان تفتح وزارة العدل تحقيقا في هذه القضية منددا بمراقبة تمت "لاسباب سياسية"، وقال مساعد وزير العدل رود روزنشتين مساء الاحد في بيان "اذا تسلل احد او راقب مشاركين في الحملة الانتخابية لاهداف سيئة، يجب ان نعرف ذلك وان نرد بطريقة جيدة".

وهذا التحقيق المضاد الذي سيتولاه المفتش العام للوزارة يجب خصوصا "ان يحدد ما اذا كانت هناك اخلالات او دوافع سياسية للتحقيق (الذي قامت به اجهزة) مكتب التحقيقات الفدرالي حول الاشخاص المشتبه بتورطهم مع عملاء روس تدخلوا في الانتخابات"، بحسب ما اوضحت سارا اسغور فلورس المتحدثة باسم الوزارة، ويبدو ترامب الذي يندد باستمرار بالتحقيق في صلات مع روسيا، مصمم على اثبات ان عناصر داخل السلطة القضائية يريدون تفخيخ رئاسته.

اضعاف التحقيق

وبعد عام من فتح التحقيق في 17 ايار/مايو 2017، بدأ تحقيق المدعي الخاص يصل الى الصف الاول من بطانة ترامب. وتم استجواب كثير من المقربين منه والمتعاونين معه في شبهة جرائم مالية او غيرها. لكن حتى الان لم ينشر اي دليل ملموس على تعاون بين فريق ترامب الانتخابي وروسيا.

ويسعى معسكر ترامب الى اضعاف التحقيق بالتنديد بدوافع سياسية من جانب الديموقراطيين بغرض اطلاق عملية اقالة ضد الرئيس الجمهوري. ويريد الجمهوريون استخدام هذه الحجة لجمع الاصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر، في وقت تقول غالبية من الناخبين انها تعارض هذه العملية، وبحسب نيويورك تايمز فان محامي ترامب رودي جولياني قارن بين التحقيق في صلات روسية لفريق ترامب، وتحقيق في البريد الالكتروني لهيلاري كلينتون التي كان مكتب التحقيقات الفدرالي اعاد فتحها قبل الاقتراع ما ادى الى خسارتها الانتخابات، كما قالت كلينتون.

وقال المحامي الاحد ان المدعي مولر يرغب في ان ينتهي التحقيق بحلول الاول من ايلول/سبتمبر حتى لا يؤثر في اقتراع منتصف الولاية. لكن هذه المهلة تبقى رهن تمكن المدعي من استجواب ترامب منتصف تموز/يوليو 2018. بحسب فرانس برس.

وقال ترامب انه على استعداد للرد على اسئلة المدعي. غير ان مقربين منه يحاولون ثنيه عن ذلك خشية ان يخونه طبعه المتقلب، وفي جانب اخر من القضية، قالت صحيفة نيويورك تايمز الاحد ان النجل الاكبر لترامب، التقى في 2016 مستشارا اسرائيليا ومبعوثا من قادة في الخليج عرضوا عليه المساعدة في الحملة الانتخابية. ونفى ترامب معلومات الصحيفة.

وقال مستشار مقرب من ترامب هو روجيه ستون الاحد لقناة ان بي سي نيوز انه يتوقع ان يوجه اليه الاتهام في اطار التحقيق في صلات مع روسيا. وقال "يبدو ان هناك عملا لاسكات ومعاقبة داعمي الرئيس"، منددا بمحققين "يسعون الى اختلاق جريمة تتعلق باعمالي".

هل تجاوز مولر صلاحياته

وانتقد قاض اتحادي أمريكي في ولاية فرجينيا بشدة قضية جنائية رفعها المحقق الخاص روبرت مولر في فرجينيا ضد بول مانافورت المدير السابق لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتساءل صراحة عما إذا كان مولر تجاوز صلاحياته، وقال القاضي تي.إس. إليس في محكمة بولاية فرجينيا "لا أفهم العلاقة بين هذا الاتهام وأي شيء من سلطة المحقق الخاص التحقيق فيه".

وفي جلسة شابها التوتر بمحكمة في مدينة الاسكندرية بفرجينيا قال القاضي إن مولر يجب ألا يتمتع "بسلطة مطلقة" في تحقيقه بشأن روسيا وإن الاتهامات الموجهة إلى مانافورت لا تتصل بالتحقيق في تدخل موسكو المزعوم في الانتخابات الأمريكية عام 2016. بحسب وكالة رويترز.

ويواجه مانفورت اتهامات في قضيتين الأولى في فرجينيا حيث يواجه تهمة التهرب من الضرائب والاحتيال المصرفي والثانية يواجه فيها اتهامات بالتواطؤ في غسل أموال.

اسئلة مولر

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المستشار الخاص روبرت مولر لديه ما لا يقل عن 40 سؤالا يريد توجيهها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التحقيق الذي يجريه بشأن تواطؤ محتمل بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا.

وقالت نيويورك تايمز إن القائمة تشمل أسئلة بشأن عزل ترامب مدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق جيمس كومي ومستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين ومعاملته لوزير العدل جيف سيشنز واجتماع أجري في برج ترامب بين مسؤولي حملته وروسي قدم ما يسيء لهيلاري كلينتون منافسة ترامب في انتخابات الرئاسة.

وذكرت الصحيفة أن مولر يخطط لأن يسأل "ما هي الجهود التي بذلت للتواصل مع السيد فلين بشأن طلب حصانة أو عفو محتمل؟" ووجه مولر اتهامات إلى 22 شخصا وكيانا حتى الآن تشمل رئيس حملة ترامب الانتخابية السابق بول مانافورت ومساعده ريك جيتس.

وقالت الصحيفة إن أسئلة مولر تتصل أيضا بعفو محتمل عن مساعدين سابقين. وأقر فلين بالذنب في ديسمبر كانون الأول للكذب على مكتب التحقيقات الاتحادي بشأن تواصله مع روسيا ووافق على التعاون مع ممثلي الادعاء في تقصي أفعال دائرة المقربين من ترامب قبل توليه الرئاسة.

وذكرت الصحيفة أن الأسئلة تتعلق أيضا بأعمال ترامب ونقاشات قد يكون أجراها مع محاميه الشخصي مايكل كوهين بشأن صفقة عقارات في موسكو. وأشارت إلى أن فريق محققي مولر قرأ الأسئلة على محاميي ترامب وأنها حصلت على القائمة من شخص خارج فريق ترامب القانوني.

وقدم جيمس كومي بعض النصح لمولر إذ قال إنه يتعين عليه الضغط على ترامب لقبول إجراء مقابلة "مفتوحة" بشأن التحقيق.

وقال كومي إن المعايير المثالية تشمل إجراء مقابلة "مفتوحة فيما يتعلق بالوقت وكذلك المضمون"والتأكد من أن الشخص المعني لديه "فهم واضح بأنه ملزم بقول الحقيقة وأن عدم فعل ذلك يعرضه لمخاطرة".

اضف تعليق