ولد ليفي لعائلة سفاردية يهودية ثرية في الجزائر في 5 نوفمبر 1948 في مدينة بني صاف الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، وقد انتقلت عائلته لباريس بعد أشهر من ميلاده وقد درس الفلسفة في جامعة فرنسية راقية وعلمها فيما بعد، واشتهر كأحد "الفلاسفة الجدد"، وهم جماعة انتقدت الاشتراكية بلا هوادة واعتبرتها "فاسدة أخلاقياً"، وهو ما عبر عنه في كتابه الذي ترجم لعدة لغات تحت عنوان: "البربرية بوجه إنساني" وهو متزوج من الممثلة الفرنسية " أرييل دومباسل " وانجبت له ابنتين ثم طلقها وتزوج "Sylvie Bouscasse".
اشتهر ليفي أكثر ما اشتهر كصحفي، وكناشط سياسي وقد ذاع صيته في البداية كمراسل حربي من بنغلادش خلال حرب انفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971 وكانت هذه التجربة مصدرة لكتابه الأول ("Bangla-Desh, Nationalism in the Revolution") في عام 1981 نشر ليفي كتاب عن الإيديولوجيا والفرنسية واعتبر هذا الكتاب من الكتب الاشد تاثيرا في الفرنسيين لأنه قدم صورة قاتمة عن التاريخ الفرنسي وانتقد بشدة من قبل الاكاديميين الفرنسيين من ضمنهم الاكاديمي البارز "ريمون آرون" للنهج غير المتوازن في صياغة التاريخ الفرنسي.
وكان ليفي من أوائل المفكريين الفرنسيين الذين دعوا إلى التدخل في حرب البوسنة عام 1990
وقد توفي والد ليفي عام 1995 تاركا وراءة شركة Becob والتي بيعت عام 1997 لرجل الأعمال الفرنسي فرانسوا بينو بمبلغ 750 مليون فرانك ولمع نجمه في التسعينات كداعية لتدخل حلف الناتو في يوغوسلافيا السابقة وفي نهاية التسعينات أسس مع يهوديين آخرين معهد "لفيناس" الفلسفي في القدس.
في /9/2008، نشر برنار هنري ليفي كتابه "يسار في أزمنة مظلمة موقف ضد البربرية الجديدة" الذي يزعم فيه أن اليسار بعد سقوط الشيوعية قد فقد قيمه واستبدلها بكراهية مرضية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل واليهود، وأن النزعة الإسلامية لم تنتج من سلوكيات الغرب مع المسلمين، بل من مشكلة متأصلة، وأن النزعة الإسلامية تهدد الغرب تماماً كما هددتها الفاشية يوماً ما وأكد أن التدخل في العالم الثالث بدواعي إنسانية ليس "مؤامرة إمبريالية" بل أمر مشروع تماماً.
وفي آب/أغسطس 2008، كان ليفي في أوستيا الجنوبية، وقابل رئيس جورجيا ميخائيل سكاشفيلي، خلال الحرب التي جرت مع روسيا وقتها وفي 24/6/2009، نشر برنار هنري ليفي فيديو على الإنترنت لدعم الاحتجاجات ضد الانتخابات "المشكوك بأمرها" في إيران وخلال العقد المنصرم كله كان ليفي من أكبر الداعين للتدخل الدولي في دارفور غرب السودان.
في كانون الثاني/يناير 2010، دافع ليفي عن البابا بنيدكت السادس عشر في وجه الانتقادات السياسية الموجهة إليه من اليهود، معتبراً إياه صديقاً لليهود وخلال افتتاح مؤتمر "الديموقراطية وتحدياتها" في تل أبيب/تل الربيع في أيار/مايو 2010، قدر برنار هنري ليفي وأطرى على جيش الدفاع الإسرائيلي معتبراً إياه أكثر جيش ديموقراطي في العالم وقال: "لم أر في حياتي جيشاً ديموقراطياً كهذا يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية فثمة شيء حيوي بشكل غير اعتيادي في الديموقراطية الإسرائيلية" وقد كان مرشح لرئاسة إسرائيل وقد وجد في السودان قبل التقسيم وفي البوسن وهرسك وفي مصر ثم انتقل إلى ليبيا ومنها إلى سوريا، وظهر مؤخرا في أوكرانيا.
التوجه الفكري
يوصف ليفي الذي يعتبر "نجم تيار الفلاسفة الجدد" الذي برز في فرنسا خلال سبعينيات القرن العشرين بأنه "يساري" من الناحية الفكرية والفلسفية ولكنه "يميني صهيوني" على صعيد المواقف والممارسة السياسية وقد عُرف بتعصبه القوي لإسرائيل عندما يتعلق الأمر بمصالحها وأمنها، فقد رفض وصف حروبها على غزة بالإبادة، وصرح عام 2010 إثر العدوان الإسرائيلي المدمر على غزة بأن "الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية"، وهو القائل إن الجولان "أرض مقدسة" كما أنه يوظف ثقافته الفلسفية والأدبية لصالح "المحرقة اليهودية" بل إنه كان مرشحا لرئاسة إسرائيل.
الوظائف والمسؤوليات
مارس ليفي التدريس في الجامعات والمعاهد الفرنسية، فقد درّس نظرية المعرفة في جامعة ستراسبورغ والفلسفة بمدرسة المعلمين العليا وأسس مجلة "قاعدة اللعبة"، كما أنشأ مع يهود آخرين في نهاية التسعينيات "معهد لفيناس" الفلسفي بمدينة القدس المحتلة ومن أبرز أدواره السياسية تقديمه الاستشارة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي يعده من أخلص أصدقائه، وقد ساهم في إقناعه بضرورة التدخل العسكري في ليبيا 2011، رغم قوله إنه "لا يشاطره التوجه الأيديولوجي" واتخذته سيغولين رويال مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي في انتخابات الرئاسة عام 2007 مستشارا سياسيا لها.
التجربة العملية
رغم أن برنار ليفي يعد مفكرا وفيلسوفا وأكاديميا ومؤلفا وسينمائيا فإن شهرته ترسخت أكثر باعتباره صحفيا وناشطا سياسيا حتى صار "نجم كل وسائل الإعلام دون استثناء"، وقد ذاع صيته في البداية حين كان مراسلا حربيا من بنغلاديش خلال حرب انفصالها عن باكستان عام 1971 ثم لمع نجمه في التسعينيات حين دعا إلى تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في يوغسلافيا السابقة.
وفي عام 2006 وقّع بيانا مع 11 مثقفا (بينهم سلمان رشدي) بعنوان "معا لمواجهة الشمولية الجديدة"، ردا على المظاهرات الشعبية التي اجتاحت العالم الإسلامي احتجاجا على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول محمد صلى الله عليم وسلم والتي نشرتها آنذاك صحيفة دانماركية.
وقد احتل ليفي صدارة الأحداث في فرنسا والعالم خاصة خلال ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس مطلع عام 2011، حيث ظهر في عدد من بلدان الربيع العربي ولاسيما ليبيا التي زار عددا من مدنها خلال الثورة على نظام معمر القذافي، واتخذت شهرته خصوصية جديدة وغير مسبوقة أثناء أحداثها.
وعندما اندلعت الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كتب ليفي مقالا وقعه معه ثلاثة من مشاهير السياسة الفرنسية بينهم وزير الخارجية الأسبق برنار كوشنير نشرته صحيفة لوموند يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2012، ودعوا فيه الدول الغربية للتدخل لقتال "استبداد آل الأسد" و"التطرف الإسلامي" وذلك بهدف "وقف أنهار الدم" في سوريا خدمة "للمستقبل الديمقراطي"
ذكر ليفي في مقدمة فيلمه "قسَم طبرق" الذي عُرض في مهرجان كان الفرنسي خلال مايو/أيار 2012 أنه كان موجودا في ميدان التحرير أثناء الثورة المصرية على نظام حسني مبارك، ويترك انطباعا لمشاهدي فلمه بأن الثورات العربية ما كان لها أن تقوم لولا أنه شخصيا كان خلفها مشجعا ومخططا وقائدا، رغم دفاعه عن جنرالات الجزائر لمحاربتهم "إرهاب الفاشيين الإسلاميين".
وقد أرخ في كتابه "الحرب دون أن نحبها: يوميات كاتب في قلب الربيع العربي" (الصادر أواخر عام 2011) لحيثيات وكواليس ومجريات الثورة الليبية التي كان "شاهد عيان عايش فصولها" ما بين 23 فبراير/شباط و15 سبتمبر/أيلول 2011، مجددا عدم ندمه على تأييد ثورة ضد "مجرم وإرهابي أنتج الإسلام السياسي" لكن ليفي الذي يحارب إيرانَ نجاد وسودانَ البشير ويندد بـ"جرائم الحرب" ضد سكان دارفور مطالبا بالتدخل العسكري الدولي هناك، هو نفسه الذي يكفر بحقوق المضطهدين حينما يتعلق الأمر بإسرائيل التي يعد محاميها الرسمي، رغم مناشدته الأنظمة الغربية التدخل عسكريا في ليبيا تحت غطاء "التدخل الإنساني" لمساعدة الثوار في سعيهم للإطاحة بنظام القذافي.
وبعد سقوط نظام معمر القذافي، نشرت مجلة لوبوان الفرنسية يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 مقالا كتبه ليفي وانتقد فيه بشدة إعلان رئيس المجلس الانتقالي الليبي آنذاك مصطفى عبد الجليل اعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع في ليبيا، متسائلا عما إن كان الغرب "دعم ثوار بنغازي للوصول إلى بناء دولة تمنع الطلاق وتعيد تعدد الزوجات؟".
وبُعيد هجمات باريس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، قال ليفي في مقابلة مع قناة "سي أن أن" الأميركية إن على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يتحرك بسرعة لأخذ القيادة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "قبل أن تغرق نيويورك وباريس بالدماء" وبينما يرى ليفي في نفسه مناصرا لحقوق الإنسان وداعية ضد الدكتاتوريات والتسلط، يصفه خصومه بأنه "أوليغارشي يخدم الأقوياء على غرار الشخصيات التي تحتكر كل أنواع النفوذ السياسي والاقتصادي والثقافي"، وممثلٌ لبورجوازية مخملية تتبادل المصالح والصداقات والخدمات وتمارس الضغط أطلق عليه فلاسفة فرنسيون كبار من أمثال جيل دولوز وأستاذه جاك دريدا والمؤرخ بيار فيدال ناكيه وصف "الخديعة الثقافية"، كما أسماه الفيلسوف كورنليوس كاستورياديس "أمير الفراغ".
المؤلفات
يُعتبر برنار هنري ليفي من أهم الكُتَّاب والمفكرين في أوروبا وله أكثر من 38 مؤلفا في الفلسفة وروايات الخيال والتراجم، بعضها مقالات سبق أن نشرها في الصحافة وهو منتج وممول أفلام قيل إنها مُنِيت بفشل ذريع ومن كتبه: "بنغلاديش والقومية في الثورة" (صدر عام 1973)، و"البربرية بوجه إنساني" الذي ترجم إلى عدة لغات، و"الأيديولوجية الفرنسية" (1981)، و "من قتل دانييل بيرل؟" (2003) تحدث فيه عن جهوده لتعقب قتلة الصحفي الأميركي دانييل بيرل الذي قتله تنظيم القاعدة، و"يسار في أزمنة مظلمة: موقف ضد البربرية الجديدة" (2008) تكلم فيه عن "سقوط قـِيم اليسار".
نشر أواخر عام 2011 كتابا تناول فيه علاقته بالثورة الليبية بعنوان "الحرب دون أن نحبها: يوميات كاتب في قلب الربيع العربي"، واستلهم فيه روح وسيرة أندريه مالرو (وزير الثقافة في عهد الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول) الذي قاوم مع الجمهوريين الإسبان ضد الجنرال فرانسيسكو فرانكو.
رصدت تحركات برنار ليفي المستمرة والدائمية
منذ اندلاع انتفاضات ما يسمى بـ(الربيع العربي) في تونس ومصر وليبيا ولازم المظاهرات وبنى علاقات واسعة مع بعض قادة الثوار ونشرت له صور عن هذه النشاطات حتى اتهم في وسائل الأعلام العربية ان له علاقة وطيدة بإثارة الشارع العربي من خلال علاقاته وانه ينفذ مخطط اسرائليا لأضعاف العرب واثارة الأضطرابات في الدول العربية كما تردد في الكثير من المقالات والتعليقات التي نشرتها وسائل الأعلام تلك.
حيثما مـرّ تفجرت حروب أهلية وتقسيم، وطائفية، ومجازر مرعبة، وخراب كبير، وجد اليهودي الصهيوني هنري برنار ليفي من اقصى العالم الاسلامي الى اقصاه ومن المحيط الى الخليج وهدفة وجهده المبذول من اجل الترشح للرئاسة في اسرائيل ولكن بعد أن ينهي المهمة التي يقوم عليها ليمهد لإسرائيل جديدة، وعرب جدد، وشرق اوسط جديد بمباركة امريكا وبريطانيا وفرنسا، معمر وحسني وبشار وعلي صالح وغيرهم من القادة العرب وجدت أمريكا ان هؤلاء غير صالحين للعهد الجديد والشرق الاوسط الجديد الذي تحدثت عنها السمراء كونداليزا رايس.
وفي محاولة لفهم ما يحدث في عالمنا العربي من ثوراتٍ متتاليةٍ أو ما يسميه البعض بـ(ربيع البلاد العربية), نضع بين يديكم حقيقة الثورات العربية، ولكن لابد من معرفة السبب الحقيقي والدافع لها إن الحديث عن (برنار هنري ليفي) يقف بنا بعيدا للتأمل، الى أين وصل بنا حالنا، ثورات دينوية قامت بهدف الحرية المزعومة، لا من أجل كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، كان عرابها ذلك الرجل الصهيوني، إن من يتابع أخباره وتصريحاته وكتاباته يكتشف أنه ليس مفكرا وصحفيا عاديا يعيش بكسل وراء مكتبه المكيف إنه رجل ميدان عرفته جبال أفغانستان، وسهول السودان، ومراعي دارفور، وجبال كردستان العراق، والمستوطنات الصهيونية بتل أبيب، وأخيرا مدن شرق ليبيا حيث أنزل العلم الأخضر الذي اعتمدته القيادة الليبية، كردّة فعل على اتفاقيات كامب ديفيد سنة 1977م ورفع علم الملكية السنوسية البائدة.
برنار ليفي والربيع العربي
وكأنه يبحث دائماً عن الضجة برنارد هنري ليفي ومن لم يسمع به صوره في أوكرانيا خلال التظاهرات التي أطاحت بالرئيس السابق يونوكفيتش اليوم ليفي نفسه يدعو لخطة مارشال في أوكرانيا، تـشبه تلك التي وضعت لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية مثيرٌ للجدل، الفرنسي اليهودي من أصلٍ جزائري، كان ابن أندريه ليفي منذ صغره محترفاً في البحث عن المتاعب، لم يخف يوماً تماهيه مع إسرائيل ودعمه لها حتى في أكثر لحظاتها قتلاً وقصفاً واحتلالاً، حتى خلال التظاهرات الأخيرة في باريس المنددة بالعدوان على غزة، خرج الرجل الذي شارك بتأسيس الحركة الفلسفية الجديدة، خرج بمواقف متحاملةٍ على الفلسطينيين ومؤيدةٍ لإسرائيل، فلم يشذ عن قاعدةٍ أرساها لنفسه منذ كان وكانت إسرائيل.
منتقدوه وصفوه بغراب الثورات، فهم يقولون إنه حيثما حل حل معه الخراب، كذا الأمر كان في ليبيا؛ لعب ليفي دوراً هاماً في الترويج لأهمية التدخل الدولي، ويقول إنه صاحب الفضل في إقناع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتنفيذ ضرباتٍ هناك وهو أيضا دعا لشيء مشابهٍ في سوريا، ويقال إنه حتى اللحظة يدافع عن هذا الموقف بشراسة، لذا فهو يوصف بصاحب نظرية الحرب من أجل التغيير.
ليفي البالغ من العمر 66 عاماً، وصاحب ما يزيد عن 30 كتاباً، وضعته صحيفة "جيروزاليم بوست" على لائحة الأكثر 50 يهودياً مؤثراً في العالم، ليأتي في المركز الـ 45 هو إذ يزور تونس اليوم بزيارةٍ حازت ردود فعلٍ منددة من قبل بعض التونسيين الذين رفعوا صوتهم عالياً ليعلموه بأنه في بلدهم ليس ضيفاً مرحباً به.
ماذا يفعل برنارد هنري ليفي في تونس؟
مجدداً برنارد هنري ليفي يتصدر المشهد في المنطقة الفيلسوف الفرنسي الذي ارتبط اسمه بالأحداث في ليبيا وما يسمى "الربيع العربي"، ها هو يحط في المغرب العربي مجدداً ولكن هذه المرة في تونس، في لحظة مفصلية تعيشها البلاد بين استحقاقي الانتخابات التشريعية التي شهدتها قبل أيام وفاز فيها حزب نداء تونس فيما تراجع حزب النهضة ليحلّ ثانياً، والانتخابات الرئاسية التي ستكون تونس على موعد معها أواخر الشهر الجاري.
الزيارة التي أريد لها أن تكون سرية لم تعد كذلك مع شيوع خبر وصول ليفي إلى مطار قرطاج مساء أمس الجمعة حيث كان في انتظاره عدد من المحتجين رفعوا لافتات كتب عليها "برنارد هنري ليفي إرحل" وفق ما نقل موقع "تونيزي سوكري" TUNISIE SECRET الناطق بالفرنسية عن مصادر في المطار.
وبحسب المصادر فإن ليفي وصل عند الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة والثلاثين من مساء الجمعة على متن الرحلة TU 732 قادماً من مطار أورلي في فرنسا في زيارة غير معلنة مسبقاً
وتساءل الموقع ما إذا كانت زيارة ليفي مرتبطة بتونس أم بالأحداث في الجارة الليبية بالتزامن مع ما وصفه بـ"التطور الخطير" في درنة حيث ينتظر أن يعلن عدد من الجماعات المسلحة في المدينة وفي مقدمها "أنصار الشريعة" مبايعتها لأبي بكر البغدادي.
وفيما ذكرت أنباء غير مؤكدة أن ليفي وصل إلى تونس بدعوة من الرئيس المنصف المرزوقي أعلنت مجموعة من المحامين التونسيين أنها قررت طلب فتح تحقيق من النيابة العمومية بخصوص الحزب أو الأطراف التي تقف وراء زيارة ليفي إلى تونس واعتبر المحامي عبد العزيز الصيد "أن زيارة ليفي تشكّل تهديداً للأمن القومي" واصفاً إياه بـ"المتصهين".
إلى ذلك، نفى وزير الخارجية التونسية منجي الحامدي علم حكومة بلاده بزيارة الفرنسي برنار هنري ليفي، وقال إن تحقيقاً سيفتح حول الأطراف التي تقف وراء زيارته كما تجمع عددٌ من الرافضين لزيارة ليفي في مطار تونس قرطاج، ورددوا هتافاتٍ ضد ليفي واصفين إياه بالإرهابي، وقد اضطرت قوات الأمن إلى اخراج ليفي من الباب الخلفي للمطار.
الناشط الحقوقي زهير مخلوف قال للميادين "إن ليفي وصل إلى تونس في الأمس في الرحلة رقم 83 والتقى بمجموعة من الليبيين، من أجل النقاش حول الأزمة الليبية"، وأضاف مخلوف "شوهد ليفي السبت بعد الظهر في الضاحية الشمالية في العاصمة تونس مع رجل أعمال بارز وأحد الصحافيين".
برنار هنري من ميدان التحرير إلى كردستان
عاد الفيلسوف والصحافي الفرنسي برنار ليفي إلى الأضواء مرة أخرى حينما ظهر في كردستان العراق يوم الاستفتاء على انفصال الإقليم، ليعيد إلى الأذهان ظهوراته المتكررة في مصر وليبيا، في مرحلة الربيع العربي في حوار مع شبكة CNN الأمريكية يقول ليفي: "كردستان ستكون ثاني ديمقراطية بالمنطقة"، ويضيف: "وضع الأكراد اليوم يذكرني بطريقة ما بإسرائيل عام 1948، سبعة ملايين شخص يحاصرهم 160 مليوناً من الأعداء، من إمبراطوريات كبرى، من دول مارقة إيران، على حد علمي، ما زالت دولة غير ديمقراطية، وتركيا أردوغان تصبح أقل وأقل ديمقراطية".
حديث ليفي عن ديمقراطية ثانية بعد إسرائيل أعادت إلى الأذهان تصريحاته السابقة عن ديمقراطية الجيش الإسرائيلي، خلال زيارته تل أبيب في مايو 2010 من هناك، قال ليفي "لم أرَ يوماً جيشاً ديمقراطياً مثل جيش الدفاع الإسرائيلي الذي يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية هذا أمر حيوي بشكل غير اعتيادي في الديمقراطية الإسرائيلية".
وأضاف: "إسرائيل هي معجزة من الحرية والديمقراطية ورفض الجهل الفاشي، وأن الصهيونية هي الحركة العظيمة الوحيدة في القرن العشرين التي نجحت ولم تتحول إلى كاريكاتير بفضل الشعب اليهودي الذي بنى إسرائيل قادماً من ظلام النازية والشيوعية والشعوب العربية الشمولية" ولكن مَن هو هذا الفرنسي الذي دأبت الصحف بل بعض الحكومات العربية على وصفه بعميل المخابرات الأجنبية الذي يقود ثلة من الإرهابيين تحت مسمى الثورات خلال الربيع العربي، والذي وصفه البعض بأنه لوارنس العرب الجديد.
داعية التدخل الأجنبي في الشرق الأوسط
ورغم أن العالم يعرفه صحافياً وأكاديمياً وناشطاً سياسياً وفيلسوفاً، فإن هناك عاملاً آخر وفّر لليفي حرية الحركة وإمكانية القيام برحلات كثيرة في بعض مناطق الصراعات الدولية، ألا وهو أنه مليونير، فقد وصلت ثروته عام 2004 إلى 150 مليون يورو، ويملك ثماني شركات بالإضافة إلى استثمارات ضخمة في البورصة، ما يؤهله للعب دور المليونير المغامر في مناطق الحروب الخطرة.
لم يكن ظهور ليفي الأول في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير 2011، ولكن محطته الأولى كانت خلال الحرب الهندية الباكستانية عام 1971، حين دعم عملية فصل بنغلادش عن باكستان، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل دعماً لها، وهو ما أفضت إليه الحرب ولاحقاً، كان من أبرز مثقفي الغرب الذين طالبوا بالتدخل السياسي والعسكري ضد الصرب لوقف المجازر في البوسنة، ثم أيد تدخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) ضد صربيا لضمان استقلال إقليم كوسوفو عام 1999.
ليفي في دارفور
عام 2007، على وقع الانتخابات الرئاسية الفرنسية، عقد ليفي مع عدد من مثقفي اليسار الفرنسي ائتلافاً للضغط على مرشحي الرئاسة نيكولا ساركوزي وسيغولين رويال من أجل ضمان أن ينخرط الرئيس الفرنسي الجديد في دعم جهود القبض على الرئيس السوداني عمر البشير وتسليمه إلى محكمة العدل الدولية على ضوء أحداث إقليم دارفور السوداني.
وتركزت رؤى ليفي فيما خص السودان حول حتمية دعم "المحافظات المسيحية في الجنوب" لإتمام استفتاء حق تقرير المصير في جنوب السودان، وتزكية قائد التمرد في دارفور عبد الواحد النور، قائد جيش تحرير السودان، باعتباره يقدم إسلاماً مستنيراً مقارنة بالنظام الإسلامي في الخرطوم.
وساهم في تشكيل ائتلاف في الغرب بهدف شرح أزمة دارفور للرأي العام الغربي تحت شعار "رواندا لن تتكرر"، في إشارة إلى المذابح الإنسانية التي هزّت الضمير الإنساني في الدولة الإفريقية وطالبت هذه المجموعة الحكومات الغربية بتوفير معدات وتمويل وسلاح إضافي للقوات الأجنبية المنتشرة في دارفور لوقف ما أسماه أولى جرائم الإبادة الجماعية في القرن الحادي والعشرين والتي بدأت عام 2003 وتوجّه ليفي بنفسه إلى إقليم دارفور عام 2007 انطلاقاً من تشاد المجاورة وزار معسكرات المتمردين وأجرى عدداً من الحوارات الصحافية التي تقدم رؤيته إلى الرأي العام الغربي.
ليفي في ميدان التحرير
لم يكن ظهور ليفي الأول خلال الربيع العربي في تونس، ولكن في مصر وتحديداً عقب أحداث جمعة الغضب في 28 يناير 2011، إذ ظهر في مجموعة صور وسط المعتصمين في ميدان التحرير وأبدى تخوفاً من صعود تنظيم الإخوان المسلمين، أكثر من مرة، حتى عقب وصوله إلى القاهرة.
ففي مقال بعنوان "أسئلة حول الثورة المصرية" في موقع هافغنتون بوست بتاريخ 15 فبراير 2011، أبدى إعجابه بالحراك الشعبي وتحدث عن فلول نظام مبارك ودولة/ثورة 23 يوليو 1952 المصرية باعتبارها خطراً على مسار الثورة وكتب: "الحقيقة أن كل هذا حدث لأول مرة في التاريخ العربي الحديث دون شعار مناهض لأمريكا أو مناهض للغرب ودون أن يحرق علم إسرائيل ودون أن تُرفع الشعارات البالية عن الصهيونية".
ثم شرح تخوفه من الإسلاميين، وتحديداً من الإخوان المسلمين، بالقول إن مشروعهم حيال المجتمع غير معروف، وتساءل: هل اتخذوا مسافة من حركة حماس الفلسطينية؟ هل تخلوا عن حل تطبيق الشريعة الإسلامية؟ وماذا عن علاقتهم بأفكار سيد قطب؟
ليفي والثورة الليبية
من حسن حظ ليفي أنه صديق شخصي منذ عام 1983 للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تزامن عهده مع بداية الربيع العربي، ما سهل عملية تواصل ليفي مع الإليزيه في السنوات الأولى للاضطرابات في مصر وسوريا وليبيا واعتبرت نيويورك تايمز في أبريل 2011 أن برنار هنري ليفي يُعدّ السبب الرئيسي في اعتراف باريس السريع بالثورة والمعارضة في ليبيا، بل والضغط على أمريكا للقيام بالمثل، وأشارت إلى أن ليفي كان ضابط اتصال بين الثوار من جهة والرئيس الفرنسي من جهة أخرى.
ووصفته الغارديان البريطانية في مارس 2011 بوزير الخارجية الثاني (B)، وكشفت أن اتصاله القوى بساركوزي وتحركه في ليبيا أغضبا وزير الخارجية الفرنسي آنذاك آلان جوبيه الذي اعتبر ذلك تدخلاً في صلاحيات منصبه وأشار تقرير الغارديان إلى أن تواصل ساركوزي مع المتمردين في ليبيا عبر ليفي أثمر عن قرار الأمم المتحدة حول ليبيا والغطاء الجوي الذي وفره حلف الناتو للثوار.
وحينما حل ضيفاً على مهرجان كان السينمائي عام 2012 لعرض الفيلم الوثائقي "قسم طبرق" The Oath of Tobruk، من تأليفه وإخراجه، حدثه مراسل فرنسا 24 عن القلق الذي أثاره صعود الإسلاميين إلى الواجهة في ليبيا وتأكيد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل في خطاب أكتوبر 2011 على اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في البلاد فقال ليفي: "ما أحارب من أجله بجانبهم هو الوصول إلى التصالح بين العالم الإسلامي وبين الديمقراطية. الإسلام والديمقراطية يمكن أن يجتمعا دون أن يتخلى كل منهما عن رسالته ليست الديمقراطية على الطريقة الأمريكية وإنما على الطريقة الإسلامية مع احترام حرية التحرك والتعبير والمساواة بين الرجل والمرأة وما إلى ذلك" وإلى جانب دوره المهم في ليبيا، يُعتبر ليفي من أوائل مَن طالبوا بالتدخل الأجنبي العسكري لحماية الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، وذلك في مايو 2011، كما شارك في تنظيم مؤتمرات للمعارضة السورية في باريس.
مطرود من تونس
على عكس الظهور الهادئ في ميدان التحرير، أو الترحيب الكبير بوجوده في ميادين القتال الحربي في ليبيا، خرج آلاف التونسيين في الشوارع منددين بزيارته لبلادهم في 1 نوفمبر 2014، في فترة كانت البلاد منشغلة بالانتخابات التشريعية والرئاسية، ما اضطر أمن مطار قرطاج إلى إخراجه من الباب الخلفي، ثم ترحيله من الأراضي التونسية في اليوم التالي وأصدر الرئيس التونسي وقتذاك المنصف المرزوقي بياناً جاء فيه أن "ما تم ترويجه عن دعوة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي للسيد برنار هنري ليفي لزيارة تونس لا أساس له من الصحة مطلقاً".
وقال مستشار المرزوقي للعلاقات الدولية أنور الغربي إن "مَن وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم غزة لا يمكنه أن يضع يده في يد رجل صهيوني" وأصدرت الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية بياناً ندد بالزيارة ومما جاء في البيان: "يعلم الجميع أن وجوده يعني أن مصيبة ما ستحدث بالبلد، فمن وجه له الدعوة؟ وهل يعقل أن توجه الدعوة إلى إرهابي صهيوني خطير برز بمواقفه المعادية لأمتنا ولقضايانا الوطنية.
ليفي بعد الربيع العربي
يوضح ظهور ليفي في مهرجان كان السينمائي عام 2016 لماذا ذهب أخيراً إلى كردستان العراق، إذ شارك ليفي في المهرجان بفيلم وثائقي من تأليفه وإخراجه وإنتاجه بعنوان "البشمركة" يتناول دور الأكراد ضد داعش، وطرح قضية أن الإسلام المستنير الذي بحث عنه من البوسنة وجده اليوم في أرض كردستان حيث يعيش الأكراد السنة والشيعة والكلدان والأشوريون والمتحدثون بالآرامية واليهود جنباً إلى جنب في حرية" الآن، يبلغ ليفي 68 عاماً من العمر، وعلى ما يبدو أن دور رجل الأعمال الفيلسوف سوف يلازمه حتى وفاته، ما ينبئ بظهور جديد له في بؤرة توتر جديدة حول العالم.
غراب الحروب
كشف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، أنه شاهد المفكر الأجنبي برنار هنري ليفي، لمعروف إعلاميا بـ"غراب الحورب" بأحد شوارع مدينة طنجة وقال العماري في تدوينه "كنت أسير رفقة صديق لي هذا اليوم في أحد الأحياء المعروفة في طنجة، وإذا بعيني تقع على وجه شخص أعرفه من خلال وسائل الاعلام، سألت صديقي: أليس هذا الشخص هو برنار هنري ليفي؟ أجابني: نعم هو بالذات توجه صديقي نحوه ملتمسا منه أن يسمح له بأخذ صورة تذكارية إلى جانبه، وبنرفزة اعتذر له رافضا التصوير.
وتساءل العماري في نفس التدوينة: "ترى ما الذي جاء من أجله برنار هنري ليفي إلى طنجة في هذا الوقت بالذات؟
فالمعروف عن الشخص أنه يمضي عطله في الدول المتوترة مثل ليبيا وسوريا والعراق والأراضي المحتلة المثير أن برنار هنري ليفي يوصف ب "غراب الحروب" لكون الموت والدمار والخراب يحل أينما حل وارتحل، وجمع مذكراته عن الحرب في ليبيا في كتاب سماه "الحرب دون أن نحبها" واشتهر بتمهيد الأجواء الفكرية والمخابراتية لإشعال الفتن والنزاعات المسلحة، حيث برز نجمه في الآفاق فيما سمي بثورات الربيع العربي وهو الذي سار على نهج فوكوياما ليكتب سنة 2002 عن الحرب والشر ونهاية التاريخ فماذا يفعل بيننا برنار هنري ليفي؟ أتساءل معكم لا لكي أردد أسطوانة المؤامرة الصهيونية، ولكن فقط لأنبه أبناء بلدي إلى هذا "الفيلسوف" صاحب المواقف المتعددة في الزمن والمكان الواحد"
اضف تعليق