فريدريك نيتشة (1844-1900م)، هو أحد ثلاثة فلاسفة تأثروا بفلسفة كانط الآخران هما كيركجارد وماركس لم يناد نيتشة بفلسفة جديدة لنقد العقل المحض، كما فعل كانط، لكنه طالب بنوع جديد من البشر، الإنسان الأعلى (Superman).

والده قس بروتستانتي، كان مربيا للعديد من أبناء الأسر الملكية عاش الإبن فريدريك حياة مدرسية عادية عاصر في شبابه الوحدة الألمانية وزعيمها بسمارك توفى والده وهو في سن الخامسة عشر تأثر بالفيلسوف الألماني شوبنهور درس نيتشة اللغات القديمة والفلسفة الإغريقية القديمة وتأثر بفلسفة أبيقور خدم في الجيش الألماني، وسقط أثناء الخدمة عن صهوة جواده، مما تسبب في إعفائه من باقي مدة الخدمة بالجيش.

كان طالبا نابغة عين مدرسا للأدب اليوناني القديم في جامعة بازيل في ألمانيا، وهو في سن الرابعة والعشرين ورث منذ طفولته مرضا مزمنا جعله يتعاطى الكورال كمخدر لتخفيف آلامه أصيب بالجنون قبل وفاته طاف كل أوربا وحيدا فريدا بدأ بكتاب مولد المأساة الذي يتحدث فيه عن الأساطير الإغريقية وارتباط الحضارة بالموسيقى كان يرى تعاليم المسيحية المسالمة انحطاطا، وأن الأخلاق الحقيقية، تنحصر في النمط الإغريقي الذي يمجد القوة والفن كان يستخف بالرقة والنعومة وطيبة القلب التي رآها من صفات المسيحية.

كان نيتشة شاعرا وعالم لغويات متميزا وناقدا وكاتب نصوص بارعة العذوبة كتب عن الأخلاق وعن موضوعات فلسفية معاصرة مثل: النفعية والمادية والمثالية والرومانسية الألمانية والحداثة وغيرها يعتبر أحد رواد الفلسفة الوجودية وما بعد الحداثة معظم أعماله عن الإنسان الحديث، في عالم غاب فيه الإله اختلف في تفسير أعماله النقاد.

كان يرفض الأفلاطونية والمسيحية الميتافيزيقية ابتعد عن أفكار كلا من كانط وهيجل والفكر الديني كان يعتبر القيم السائدة والأخلاق المتوارثة، ما هي إلا قيم وأخلاق خطرة قدم تصورا عن تشكيل الوعي والضمير عند الإنسان، بالإضافة إلى إشكالية الموت كان يرفض التمييز العنصري، لكنه رفض أيضا المساواة بشكلها الإشتراكي الليبرالي.

كان نيتشة مفكرا إنطوائيا، يفضل السير في دروب جبال الألب وحيدا على أن يكون في مدرجات الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، التي هجرها وهو في منتصف الثلاثينات من العمر أمضى معظم وقته، يحاول التخلص من تأثير أحداث الطفولة التي مر بها مثل تعاليم مارتن لوثر الدينية، القومية الألمانية، وكذلك تأثير أمه وجدوده وخالاته وأخته عليه.

نجح نيتشه في بعض هذه الجهود، وأخفق في الباقي كانت النتيجة، هذا السيل الوافر من المؤلفات الفلسفية الغريبة، التي لم نشاهد مثلها من قبل تحت عناوين مثل: تاريخ المأساة، وراء الخير والشر، إنتساب الأخلاق، هكذا تكلم زرادشت، سيرة ذاتية تحت عنوان "هو ذا الرجل"، إلخ.

عندما أصيب نيتشة بمرض شديد وشارف على الموت، طلب من أخته أن لا تدعوا قسيسا ليقول التراهات على قبره وقال لها: "أريد أن أموت وثنيا شريفا" لكنه شفي وذهب إلى جبال الإلب لكي يتعافى هناك كتب أشهر كتبه: "هكذا تكلم زرادشت" حيث مزج فيه الفلسفة بالشعر، ونقد فيه مبادئ الأخلاق التقليدية، مناديا بفلسفة أخلاقية جديدة.

ما حقيقة نظريته سوبرمان

كان نيتشه حاداً في نقد الدين، وكان منكراً لوجود الله تعالى، بل هو من نادى بموت الإله، ومن مؤلفاته: هكذا تكلم زرادشت، هذا هو الإنسان، ما وراء الخير والشر، أفول الأصنام، العلم المرح، عدو المسيح، أصل الأخلاق، الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي وغيرها.

ونظرية السوبرمان، أو الإنسان الأعلى، أو موت الإله، نظرية شغلت الناس، وأحدثت انقلاباً في المفاهيم، ونال صاحبها شهرة عالمية طبقت الآفاق، ورغم أن نيتشه استمد أصول نظريته من نظرية دارون (أصل الأنواع) وهي نظرية التطور إلا انه تطرف ولم يكتف بما قال به دارون إن البقاء للأصلح من المخلوقات، وأن الصراع قائم بينها، وأن الأقوى يقضي على الأضعف، فيتحقق من خلال الانتخاب الطبيعي البقاء للأصلح الذي يستحق الحياة.

نيتشه ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال بموت الإله، وأن الإنسان في غير حاجة إلى إله ليدير شؤون حياته، وهو هنا يصادم حقائق العلم الثابتة التي تقطع بأن لابد لهذا الوجود من خالق عليم حكيم قادر بيده مقاليد الأمور كلها، وتأسيساً على فلسفته في الإله قال قولته المشهورة: "إن الإنسان جسر تخطو عليه الطبيعة من الحيوان للسوبرمان" (مقدمة السوبرمان/ سلامة موسى).

ولأن العلم صادق لا يجامل ولا ينافق، ولا يحابي أحداً على حساب الحقائق العلمية الثابتة، فإن هذه النظرية وما قامت عليه من نظريات ظلت في نظر العلم مجرد نظريات لم تبلغ سن الرشد العلمي، وأنها قابلة للأخذ والرد، ولم ترتق لتصبح حقائق علمية انتهى الجدل حولها.

فالماركسية نظرية، والنسبية نظرية، والسوبرمان نظرية، والتطور نظرية، والفردية نظرية وهكذا

بذلك تظل نظرية السوبرمان موضوعاً للأخذ والرد، والتعديل بالإضافة والحذف ولأن هذه القضايا لم يحسم أمرها، ولم يقل العلم الكلمة الأخيرة فيها، فقد ظلت ومنذ أن ظهرت نظريات لم تغادر ميادين البحث العلمي، ولم ينفض العلماء أيديهم من الحديث أو البحث العلمي حولها، والعمل على تأكيدها لتصبح حقائق علمية ثابتة، أو نفيها أو تغييرها.

ولم يسلم بعض العلماء من الغرور والاستكبار كما لم يسلم غيرهم من الناس العاديين، بل ربما كان العلماء أكثر غروراً واستكباراً لأن لديهم موجات الغرور والاستكبار، وكان نيتشه واحداً من هؤلاء العلماء، فقد تطاول على مقام الإله وزعم بموته، ويشاء الله تعالى أن يدخل هذا العالم مصحة عقلية، ونحن لا نقول هذا الكلام تشفياً منه لأن كل إنسان معرض لما تعرض له نيتشه، ولكن نريد أن نقول: أن الإنسان الذي لا يملك الإرادة للاحتفاظ بعقله سليماً فضلاً عن أن يحتفظ به قوياً وذا نبوغ وتميز لا يحق له أن يتطاول على واجب الوجوب وهو الله تعالى، فيقول بموته، وأن الإنسان ليس في حاجة اليه ليترقى ويبلغ المنزلة التي يطمح فيها.

كان من المتوقع أن يكون صاحب نظرية السوبرمان هو سوبرمان في ذاته، أما أن ينحدر إلى مستوى أدنى من الحيوان ذاته، فيفقد عقله، ويكون حبيساً في مصح عقلي، ولولا عطف أمه عليه، وخشيتها عليه من أن يدركه الموت وهو في المصحة وإخراجها له من المصحة ليعيش باقي حياته معها حتى أدركه الموت، هذا الذي حدث لنتشه في أواخر أيام حياته لم يخطر على بال أحد أبداً.

هذا هو وزن نظرية السوبرمان عند صاحبها وعند الناس، فهي فشلت حتى مع مؤسسها، ولم تنعكس آثارها على حياته إيجاباً والآن ما هو وزن النظرية في ميزان الإسلام، ونحن نعلم أن الإسلام لا يحابي، وأن أحكامه صادقة وصريحة، لا تتبدل ولا تتغير الإسلام لا يعترف بالنظريات حتى تصبح حقائق علمية ثابتة انتهى الجدل حولها، وقال فيها البحث العلمي النزيه كلمته الأخيرة، ونحن نعلم أن النظريات تواجه صراعاً محتدما حتى ترقى إلى مستوى الحقائق العلمية الثابتة.

نقد فلسفة نيشته

ان مفهوم نيتشه لإرادة القوة يختلف عن مفهوم شوبنهاور، عند نيتشه ارادة القوة هي ليست عمياء كما هي لدى شوبنهاور وانما لها هدف وغاية بل هي الوسيلة او الطريقة الوحيدة لتحقيق السعادة في هذا العالم يعلل نيتشه سبب تقديسه لمفهوم القوة لأنها موجودة في ارجاء الكون وفي كل ثناياه وكل شيء في هذا العالم يسير حسب قانون ارادة القوة ولا شيء غيره.

اما فائدة الانسانية من الانتاج الفكري لفيلسوف الالماني على الرغم من الحادة تكمن في عدة نقاط رئيسية هي:

اولاً: اجبر المفكرين والعلماء ورجال الدين يرجعون الى الوراء وينظرون الى القيم الاخلاقية التي تسير عليها المجتمعات في هذا العصر والتي هي مبنية على تعاليم الدينية بصورة رئيسة او مبادئ لفلسفات انسانية، ان يعيدوا غربلتها وفحصها بحسب النقد السلبي والوصف اللاذع (مقاييس نيتشه) هذه القيم الاخلاقية التي بالفعل اصحبت مريضة في هذا العصر بسبب عدم جدواها في ايقاف الشر في هذا العالم الذي يمكن لأي شخص شرير ان يجلب تأثيرا كبيرا بكل سهولة لعدد كبير من الناس.

ثانيا: ان ما يحدث في العالم في هذه الايام وما يقوم به الارهابيين بعمليات تفخيخ ذواته من اجل قتل أكبر عدد ممكن من الناس الذين يخالفونهم في الراي او يتفوقون عليهم في القوة في كل انواعها هو تطبيق عملي لما نادى او تنبا به نيشته فالإنسانية بحاجة الى قوانين رادعة أكثر دقيقة وصرامة.

ثالثا: ان وعي الانسان الذي مر في عصور مختلفة والذي استمال خلال خمسة الالاف السنة الاخيرة الى مبدأ الحكمة والعقل، مبتعدا عن مبدا القوة الذي كان سائداً كقانون الغابة، اليوم يعود من دون وعيه او من دون شعوره الى تقديس تلك الايام التي كان مبدأ القوة سائدا، وها هم الارهابيون بعد النازيون بإشكالهم الكثيرة يتكلون على القوة في تحقيق اهدافه التي يظنونها مشروعة لأنه لم يعد هناك الايمان بقوة تحكم بالحق بين الناس او تحققه.

رابعاً: ان الانسان العصري واقف حائر مع نفسه، هل يستمر في السير وراء الحكمة التي تمثل الفكر بكل انواعه (الدين والفلسفي والعلمي) والتي بدأت تفقد بريقها بسبب عدم قدرة المبادئ والقيم الاخلاقية القديمة في حل مشاكل هذا العالم؟ ام يفضل القوة التي ظهرت بصيغ جديدة وغريبة لشدة تأثيرها على حياة الانسان، لا سيما في عالم الاقتصاد الدولي والوسائل التكنلوجية الحديثة، والتي جسدها الارهابيون في أقبح وجه لها وهي قتل أنفسهم من اجل قتل الاخرين الابرياء.

نظرة نيتشه التشاؤمية للإنسان ونظرته التشاؤمية للمرأة

هاجم نيتشه الإنسان الحالي بوصفه الدودة الحقيرة والقرد والحيوان، وكان يحلم بالإنسان السوبرمان أو الإنسان الأعلى الذي يحطم كل المقاييس البشرية، فعن الإنسان الحالي يقول "أن الذي يثير اشمئزازنا هو هذه الدودة الحقيرة، الإنسان الذي ما برح يتناسل يمكننا التساؤل عما إذا كان هؤلاء المسافرون الجوابون قد شهدوا في طوافهم شيئًا يبعث على الكراهية والتقزز أكثر من وجه الإنسان إذا كان الله خلق الإنسان فإنما خلقه قردًا يلهو به في أبديته الطويلة الإنسان أقسى الحيوانات وأشجعها، وعندما يفكر فهو الحيوان الذي يصدر أحكامًا فهو مرادف للمرض والاعتلال.

وأنه لا يدرك نفسه إلاَّ من خارج" أما عن الإنسان السوبرمان فقال نيتشه " لقد ماتت الآلهة جميعًا، ونريد الآن أن يعيش السوبرمان أو الإنسان الأعلى أنني أبشركم بالإنسان الأعلى يجب أن يأتي من الإنسان من يفوق الإنسان" ويقول الدكتور " لويس عوض " أيضًا: "فقد تأثر نيتشه بنظرية داروين في التطوُّر، وبنى عليها نظرية أخرى خلاصتها أن في الإنسان غزوًا طبيعيًا يجعله يعتقد أنه آخر مرحلة من مراحل الحياة العضوية، ولكن تاريخ تطوُّر الأحياء يدلنا على أن عملية التطوُّر لن تقف عند حد الإنسان، بل ستستمر في المستقبل ومنها سينشأ نموذج من البشر أرقى من الإنسان الحالي وأقرب إلى الكمال، يمكن أن نسميه السوبرمان.

فإن لم تكن عوامل التطوُّر الموجودة تؤدي بالضرورة إلى ظهور السوبرمان فيمكن أن نعمل على توجيهها بحيث تنتهي بظهوره والسوبرمان أو الإنسان الفاضل لا يختلف عن الإنسان العادي في أنه أدنى إلى السعادة، بل يتميز عنه بالقوة، وتتمثل هذه القوة في الإرادة الجبارة وفي مباشرة السلطان ولكي توطئ لظهور هذه الفصيلة الراقية من البشر لابد أن يتعلم الناس القوة والصلابة والقسوة، وأن يبغضوا الضعف والدعة والراحة والقناعة والتسامح والرحمة والتواضع والإخاء والمساواة".

أما نظرة تيتشه للمرأة فهي نظرة احتقار شديد، فقد أظهر نيتشه كراهيته الشديدة للمرأة بالرغم من أن أمه كانت سيدة متدينة، وأخته أليصابات كانت من أقرب الناس إليه، وقد وصف النساء في كتابه "هكذا تكلم زرادشت" بأنهن قطط وطيور وأبقار، وأن دورهن في الحياة مجرد الترفيه عن الرجال المقاتلين، ودائمًا ينشغلن بالرقص وأدوات الزينة والكلام الفارغ والعواطف الهوجاء، ومن أقواله "إذا ذهبت إلى امرأة فلا تنسى أن تأخذ معك سوطك" ويرى أن المرأة التي تريد أن تستقل بذاتها ولا تخضع لإرادة الرجل فأنها فظيعة، وأن الشرقيين محقين لأنهم ينظرون للمرأة كقطعة تُباع.

مجَّد نيتشه الحرب، وشجَّع على الانتحار

كان "نيتشه" متيمًا بالحروب وصراع القوة، ففي سن الثالثة والعشرين التحق نيتشه بالجيش، بالرغم من أنه كان يعاني من قصر نظر شديد، وحساسية مرهفة بالعينين حتى أنه لم يكن يستطع أن يعاين نور الشمس أكثر من ساعة ونصف في اليوم، وأعجب نيتشه بالضبط والربط، والطاعة، وتحمل المهام الشاقة، ولكن بعد خمسة أشهر سقط من على جواده فأصيب في صدره وجنبه الأيسر، وتم تسريحه والاستغناء عنه، وأمضى الفترة من 1869-1879م أستاذًا مساعدًا. للفيلولوجيا بجامعة باذل، وفي سنة 1870م عندما نشبت الحرب بين بلاده الألمانية وفرنسا، عاد وتقدم للجيش ثانية، ولكن بسبب اعتلال صحته وضعف بصره لم يقوَ على المشاركة في القتال، فعمل في صف التمريض في فرانكفورت من أغسطس إلى أكتوبر سنة 1780م، وعندما رأى كوكبة من الفرسان اهتز وجدانه، ولمعت في ذهنه فكرة "السوبرمان" فصارت أبرز فكرة في فلسفته التي تسعى للقوة، حتى أنه قال " ما هو الخير؟ كل ما يعلو في الإنسان، بشعور القوة وإرادة القوة والقوة نفسها.

وأشاد "نيتشه" باحتقار الإسلام للمسيحية، لأنه يُمجّد القوة بينما المسيحية تُمجّد الضعف والخنوع في نظره، فيقول "أن الإسلام لدى احتقاره المسيحية يمتلك ألف مرة الحق بأن يفعل ذلك، إذ الإسلام يتطلب رجالًا لقد حرمتنا المسيحية من مجاني (جني ثمار) الحضارة القديمة (يقصد الإمبراطورية الرومانية التي أشاد بها في كتاباته إذ كان مغرمًا بقوتها) وفيما بعد حرمتنا من ثمار حضارة الإسلام".

ويقول "الدكتور لويس عوض": "هذه هي الشعارات التي نادى بها نيتشه "إن الحرب والشجاعة قد أثمرتا أشياء أعظم مما أثمر الإحسان فلتحيا حياة الطاعة والحرب" الألم يُطهّر النفس والخطر مدرسة الأبطال، أما الشكوى والأنين وانتظار الرحمن فمن سجايا العبيد والعبيد لا يستحقون إلاَّ السعادة أما الأقوياء فهم يستحقون السيادة وكل ما نبع من القوة فهو خير، وكل ما ينبع من الضعف فهو شر فهل غريب بعد كل هذا أن يقترن اسم نيتشه بالدعوة للحرب وأن يُعرف بأنه أكبر عدو للسلام؟ وهل غريب بعد كل هذا أن تجد النازية في فلسفته الدعامة الفكرية والروحية التي أقامت عليها دعوتها للقوة والسيادة والتفوق السوبرماني".

ويقول "القمص بولس عطية" أن "نيتشه" مجَّد تنازع البقاء وتنازع السلطان بين الأفراد، ورأى البعض أن جنون "نيتشه" لم يبدأ في نهاية أيامه، إنما لازمه طوال حياته، لأن ما كتبه ما هو إلاَّ هذيان مجنون، ومع هذا فإن أحدًا لا يستطيع أن ينكر مدى تأثر الفكر المعاصر بما كتبه نيتشه "دراسات في علم اللاهوت ص 160، 161".

ورأى " نيتشه" أن الإنسان يجب أن يحيا طالما يملك القدرة على العطاء، وليس المطلوب أن يحيا الإنسان طويلًا، إنما المطلوب أن يحيا حياة حافلة خصبة زاخرة، وأن الإنسان عندما يشعر أنه لا يستطيع أن يعلو أكثر مما هو عليه، فأنه يشعر بحاجته الشديدة للموت، ولذلك يجب أن يجعل الإنسان من موته عيدًا، حتى لو تطاول على الحياة، أي أقبل على الانتحار، فنيتشه لا يفضل الموت الطبيعي، ويقول عنه أنه "موت لا دخل لإرادة المرء فيه، وهو موت في وقت غير مناسب، وهو موت الجبناء" كما قال "أنا لا أريد الحياة، وما الذي يجبرني على تحملها، بل على النظر إليها، ولا أدري كيف أستطيع النظر إلى عاشقيها" وقال أيضًا "يجب أن نفرح بالمنية (الموت) المنقذة من الحياة والمعيدة إلى العدم" ، فإن "نيتشه" قد فقد إيمانه تمامًا بالله وبالحياة الأخروية وسقط في هوة الإلحاد المظلمة.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال annabaa010@gmail.com
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

..........................................

المصادر
-كتاب رحلة إلى قلب الإلحاد، الجزء الأول: الإلحاد، بذار ورجال - أ. حلمي القمص يعقوب.
-ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
-موقع الحوار المتمدن.
-موقع اخبار الخليج.
-موقع جسد الثقافة.
-موقع عنكاوا.
-MTA POST

اضف تعليق