بدأ الاستخدام الحديث للأسلحة الكيميائية مع الحرب العالمية الأولى، فقد استخدم طرفا الصراع الغاز السام لإحداث معاناة موجعة، وإسقاط عدد كبير من الضحايا في ساحة القتال وكانت هذه الأسلحة تتمثل أساسا في مواد كيميائية تجارية معروفة جيدا توضع في ذخائر عادية، كالقنابل اليدوية وقذائف المدفعية وكان من المواد الكيميائية المستخدمة غاز الكلور، والفوسجين (عامل يسبب الاختناق)، وغاز الخردل (الذي يسبب حروقا مؤلمة في الجلد).
وكانت النتائج جزافية ومدمرة في الغالب ونتج عن ذلك قرابة 000 100 حالة وفاة وقد تسببت الأسلحة الكيميائية منذ الحرب العالمية الأولى في إصابة أكثر من مليون شخص على نطاق العالم وأدى الشعور العام بالغضب الشديد إلى توقيع بروتوكول جنيف، الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب، في عام 1925 وكان هذا البروتوكول خطوة محل ترحيب، وإن كان يشوبه عدد من أوجه القصور البالغ، ومنها أنه لا يحظر استحداث أو إنتاج أو تكديس الأسلحة الكيميائية.
وكان من المشاكل أيضا أن الدول العديدة التي صدقت على البروتوكول احتفظت بحقها في استخدام الأسلحة المحظورة ضد الدول التي ليست طرفا في البروتوكول، أو في الانتقام النوعي إذا استُخدمت الأسلحة الكيميائية ضدها وقد استُخدمت الغازات السامة أثناء الحرب العالمية الثانية في معسكرات الاعتقال النازية وفي آسيا، وإن لم تكن الأسلحة الكيميائية قد استخدمت في ميادين القتال الأوروبية.
وشهدت فترة الحرب الباردة عمليات واسعة من استحداث وصنع وتخزين الأسلحة الكيميائية وفي السبعينيات والثمانينيات، قُدّر أن 25 دولة كانت تطور قدرات الأسلحة الكيميائية لديها ولكن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، قيل إن الأسلحة الكيميائية لم تستخدم إلا في حالات قليلة، كان أبرزها استخدام العراق لها في الثمانينيات ضد جمهورية إيران الإسلامية.
الآثار القاتلة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية على الإنسان
الأسلحة الكيميائية تقتل أو تصيب الإنسان عن طريق تأثيرها السام والمباشر على الجسم البشري بأجهزته الحيوية المختلفة، والأسلحة الكيميائية تبقى في أماكن استخدامها لساعات أو أسابيع وبعد ذلك يخف مفعولها إلى أن تصبح عديمة التأثير أما الأسلحة البيولوجية فهي أنواع من البكتيريا أو الفيروسات أو الخمائر.
مصممة للفتك بالإنسان أو الحيوان أو النبات، الأسلحة البيولوجية تصل إلى الإنسان عن طريق الهواء أو الطعام أو الماء أو الحقن، وبعد التعرض لها تكون هناك فترة حضانة تتكاثر خلالها الفيروسات أو البكتيريا داخل الجسد دون أن يشعر الإنسان بعوارضها وبعد ذلك يبدأ المرض القاتل، وعندئذ يمكن أن تنتشر العدوى.
ومن المنظار العسكري تفضل الجيوش استخدام الأسلحة الكيميائية، لأن مفعولها أسرع من مفعول الأسلحة الجرثومية، وللدلالة على ذلك خلصت الولايات المتحدة عام 69 إلى أن الفائدة في الميدان العسكري من الأسلحة البيولوجية قليل جداً فاتخذ الرئيس (ريتشارد نيكسون) قراراً بتفكيك برنامج الحرب الجرثومية الأميركي.
وسلبيات الأسلحة الكيميائية والجرثومية من وجهة نظر مستخدميها، هي أنها قد تخرج عن نطاق السيطرة فترتد على الحليف أو الصديق أو الجهة المستخدمة لها وفقاً لتقلبات الأحوال الجوية
في الحرب العالمية الأولى استعمل غاز الخردل بشكل واسع النطاق ضد آلاف الجنود المحصنين في الخنادق التي كانت من السمات الأساسية لهذه الحرب، وكان غاز الخردل السلاح الكيميائي المفضل، فأدى إلى إزهاق أرواح آلاف الجنود، ومن لم يمت من جرائه، أصيب بالعمى أو بحروق حمل الكثير منهم ندباتها إلى آخر يوم من حياته وتشير الإحصائيات إلى أن مليوناً من أصل عشرين مليون وفاة أو إصابة في الحرب العالمية الأولى تعزى إلى غاز الخردل.
فاق العالم على مخاطر هذه الأسلحة في أعقاب الحرب فتم توقيع أول اتفاقية تحظر استخدام المواد السامة عام 25، وعُرفت هذه الاتفاقية ببروتوكول جنيف، وعندما احتلت اليابان الصين في الفترة التي سبقت وتخللت الحرب العالمية الثانية، ضربت عرض الحائط بهذه الاتفاقية، فاستخدمت الحرب الجرثومية في محاولة للنيل من بلدٍ يتفوق عليها في تعداد السكان، وتفيد سجلات الجيش الياباني والسلطات الصينية أن أربعمائة من أصل ستمائة من سكان إحدى القرى الصينية قتلوا عام 42 من جراء استخدام الجيش الياباني لأسلحة جرثومية، وتتهم الصين اليابان باستخدام الغازات السامة 2900 مرة خلال فترة الاحتلال الياباني للصين مما أدى إلى مصرع ثمانين ألف مواطن صيني.
وبينما فشل الجيش الياباني في إلحاق أي أذى يذكر بالقوات الصينية والسوفيتية لجأ إلى نشر الكوليرا والطاعون في أوساط المدنيين، كما حقن أسرى صينيين بجراثيم وبكتيريا تؤدي إلى الإصابة بالتيفوئيد والجُدري والتهاب السحايا والتسمم الجسدي العام ومع دخول العالم عصر القنبلة الذرية عقب الهجوم الأميركي على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين، وضحت الحاجة إلى وسائل هجومية فتاكة، ولكنها في الوقت نفسه تكون أقل تكلفة ولا تؤدي إلى دمار بنياني هائل يتطلب إنفاق مبالغ طائلة لإعادة تأهيل البنى الأساسية.
فانصرف علماء الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إلى تطوير الأسلحة الكيميائية، والجرثومية، وقد كان العلماء يدركون خطورة هذه المواد فكانوا يختبرون فاعلية الملابس والأقنعة الواقية على رجال آليين قبل أن يرتدوها في تجاربهم بلغت هذه التجارب ذروتها إبان الحرب الباردة بين قطبي العالم السياسي آنذاك، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فكانت النتيجة أن خزنت واشنطن ما لا يقل عن ثلاثين ألف طن من الأسلحة الكيميائية.
مقابل ما لا يقل عن أربعين ألف طن في الجانب السوفيتي، وهو أكبر مخزون في العالم على الإطلاق، أما بريطانيا التي دخلت هذا السباق أيضاً فقد أعلنت عام 60 أنها ستتخلص من أسلحتها ويذهب البعض إلى القول إلى أن الولايات المتحدة شنت حرباً كيميائية في فيتنام باستخدامها المادة المعروفة بـ (إيجل أورنج) لإزالة أوراق الأشجار التي كانت توفر غطاء لمقاتلي الفيتكُم.
ولأن الصغير أو الضعيف يحاول دوماً تقليد الكبير أو القوي، فقد فُتِحَ الباب على مصراعيه، واتجهت العديد من دول العالم الثالث إلى هذا المجال، وأبرز ما تمخضت عنه الحرب العراقية الإيرانية، ومن بعدها حرب تحرير الكويت النموذج العراقي، فسلطت أضواء العالم على بغداد التي اتُهمت بأنها خارجة على القانون الدولي وتسعى لامتلاك أضخم ترسانة من الأسلحة الكيميائية والجرثومية بين الدول النامية، إلا أن أحداً من منتقدي بغداد في أعقاب حرب الخليج الثانية لم يكن قد واجهها بجدية حقيقية.
عندما استخدمت القوات العراقية إبان حربها مع إيران في الثمانينيات غاز الخردل ضد الموجات البشرية المتتالية من الجنود الإيرانيين، فقد كانت إيران في ذلك الحين تمثل الخطر الإقليمي الداهم في نظر الغرب ودول الخليج المجاورة على حدٍ سواء، واكتفى العالم بالانتقاد اللفظي والمحدود جداً أحياناً لاستخدام العراق للغازات السامة التي أزهقت أرواح المئات من الأكراد في بلدة (حلابشة) في نطاق الحرب العراقية الإيرانية، وقد نفى العراق أن يكون استهدف (حلابشة) ولكن واقع الأمر هو ما تلخصه هذه الحروب ومن ناحية أخرى كانت هناك اتهامات لم توثق لإيران بأنها هي أيضاً استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد العراق.
حتى يومنا هذا عرف عن حيازة ثلاث دول فقط لأسلحة كيميائية أو جرثومية، وهي الولايات المتحدة وروسيا والعراق، إلا أن هناك شكوكاً قوية حول امتلاك أو سعي نحو عشرين دولة لامتلاك أسلحة كيميائية أو بيولوجية، ومنها كوريا الشمالية والصين وتايوان وكوبا والهند وباكستان وليبيا وإيران ومصر وسوريا وإسرائيل.
حقائق مخفية حول السلاح الكيماوي في دول العالم والاتفاقية الدولية
وجهت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا أصابع المسؤولية باستخدام السلاح الكيماوي في المجزرة التي جرت فصولها المنصرم إلى الحكومة السورية في حين ألقت كل من روسيا وإيران المسؤولية عن تلك المجزرة إلى المجموعات المسلحة وعلى الرغم من ذلك وفي حمأة هذا الجدل نسوا واقع أن هذا السلاح قد تم استخدامه على نطاق واسع خلال حرب العراق ضد إيران (1980 – 88) وأن هذا السلاح موجود ضمن ترسانة سلاح الولايات المتحدة وروسيا.
هذا على الرغم من تعهدهم بتدميرها قبل عام 2007 الأهم من ذلك أن حظر استخدام الكيماوي المنصوص عنه في الاتفاقية الدولية لا يشمل سوى الاستخدام المباشر ضد البشر الأمر الذي لم ينطبق على حالة (العامل الأصفر) المستخدم خلال حرب فيتنام وهي الحرب الكيماوية الأضخم في العالم.
يتم استنشاق الغاز السام عن طريق الجلد أو الرئة ووحدهم الأشخاص الذين يرتدون ملابس جافة وأقنعة واقية يمكنهم النجاة وفي حال تلوث الشخص بالكيماوي ينبغي في غضون دقائق إعطائه المضادات (وهي مصنوعة بشكل خاص من خليط من الاتروبين وأفيزافون) بالإضافة إلى غسيل الجسم.
خلق التركيز السياسي الإعلامي على السلاح الكيماوي في سورية والذي وفق (الأدلة) السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية قد جرى استخدامه من قبل الحكومة السورية الانطباع على نطاق واسع أن سورية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك تلك الأسلحة والتي تهدد فيها بقية دول العالم وأن هذا التركيز قادر على توجيه انتباه الرأي العام على نقطة معينة من خلال إخفاء بقية الرواية
وتعتبر ألمانيا أول دولة استخدمت السلاح الكيماوي في عام 1915 – 17.
وكان عبارة عن كلور سائل وغاز الفوسجين وفيما بعد غاز الفيزيكاتوار (وهو غاز يهيج الجلد والعيون والأغشية المخاطية) وغاز الخردل ورداً على ذلك أنتجت بريطانيا وفرنسا الغاز القاتل وهذا الغاز الذي تم اكتشافه عام 1936 من قبل باحثين لدى الشركة الألمانية أي جي فاربن (وهي التي انتجت غاز الزيلكون ب المستخدم في غرف الغاز) هو غاز الأعصاب التوبان الذي يسبب الموت اختناقاً.
وقد استخدمت ايطاليا في عام 1936 أسلحة كيماوية في اثيوبيا وكانت في وقت سابق قد استخدمتها في ليبيا أي في العام 1930 وتم في ألمانيا انتاج مواد كيماوية أشد فتكاً هو غاز السارين والسومان وهذه الأسلحة لم يستخدمها هتلر والسبب على الأرجح أن انتاجها تم في بداية الحرب حيث كان يخشى رداً من الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان كانت تمتلكان ترسانة كيماوية ولم يستخدمها في المرحلة الأخيرة من الحرب لأنه لم يتبق لديه طائرات مهاجمة.
وخلال الحرب الباردة شجع السباق إلى امتلاك السلاح الكيماوي اكتشاف غاز الأعصاب الأكثر سمية وهو غاز VX والذي بدأ انتاجه عام 1961 في الولايات المتحدة وهكذا جرى انتاج باكورة السلاح الكيماوي الثنائي القاذف والقنابل ورؤوس الصواريخ التي تحتوي عنصرين كيماويين منفصلين وهي نسبياً غير هجومية والتي تتحول إلى مادة سامة خلال مزجها لدى عملية اطلاقها علماً أن الولايات المتحدة وروسيا تمتلكان الترسانة الكيماوية الأكبر والأكثر فتكاً بيد أن (نادي الكيماوي) توسع نحو دول أخرى.
وعندما انتهت الحرب الباردة دخلت الاتفاقية حول السلاح الكيماوي حيز التنفيذ في عام 1997 والاتفاقية تحظر الاستخدام وتطالب بتدمير الترسانات الموجودة ولكن وعلى الرغم من مرور ستة عشر عاماً لم تدمر لا الولايات المتحدة ولا روسيا ترسانتهم الكيماوية بشكل كامل لأنهم لم يجدوا الفرص المناسبة ووفق الأرقام المعلنة رسمياً تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 5500 طن من السلاح الكيماوي.
في حين تمتلك روسيا المزيد منه والبالغ 21500 وهو إرث الترسانة السوفيتية ولكن مجرد التقييم الكمي يعتبر مضلل فالولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى المتطورة تكنولوجياً تحتفظ بالقدرة على صنع أسلحة كيماوية ثنائية متطورة والقدرة على توحيد مناوراتهما في الحرب النووية مع مناوراتهما في الحرب الكيماوية وحتى في حال اخذنا بالاعتبارات الكمية فإن الولايات المتحدة التي تقود الحملة ضد السلاح الكيماوي في سورية تمتلك ست أضعاف مما تمتلكه سورية.
ووفق احصائيات استخباراتية فرنسية مضخمة على الأرجح تمتلك سورية حوالي 1000 طن من العناصر المنتجة للكيماوي (مادة يمكنها انتاج أسلحة كيماوية) والسؤال لماذا لم توقع سورية على المعاهدة الخاصة بالسلاح الكيماوي؟ والجواب بشكل أساسي هو لأن السلاح النووي الإسرائيلي موجه ضدها وليس إلا هذا.
امتلكت إسرائيل منذ عام 1960 ترسانة متطورة من السلاح الكيماوي ولكن وعلى غرار ترسانتها النووية بقيت الترسانة الكيماوية سرية لأن إسرائيل وقعت ولكن لم تصادق على معاهدة السلاح الكيماوي ووفق مقال نشرته مجلة فورين بوليسي استناداً إلى وثيقة صادرة عن وكالة الاستخبارات الأميركية فقد جرت أبحاث عن السلاح الكيماوي في المركز الإسرائيلي للأبحاث البيولوجية وأن هذه الأسلحة قد تم انتاجها وتخزينها في صحراء النقب في ديمونة حيث يجري هناك أيضاً انتاج السلاح النووي حتى إن صحيفة جيروزاليم بوست أشارت إلى ذلك وحتى ولو أن إسرائيل لم تحتفظ بتلك الترسانة.
وفق ما كتبته المجلة المختصة جينس ديفانسي ويكلي فإنها تمتلك المقدرة على (تطوير برنامج سلاح كيماوي هجومي في غضون بضعة أشهر) وبالتالي ندرك لماذا لم توقع مصر على المعاهدة الخاصة بالأسلحة الكيماوية وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لم تنتهكا رسمياً حظر استخدام السلاح الكيماوي ذلك لأن العنصر الكيماوي البرتقالي بالديوكسين الذي استخدمته الولايات المتحدة على نطاق واسع في فيتنام وكذلك استخدام القنابل الكيماوية بالفوسفور الأبيض في العراق ويوغسلافية وأفغانستان وليبيا كما استخدمته إسرائيل في غزة غير منصوص عنهم في معاهدة السلاح الكيماوي.
الأسلحة الكيماوية وطرق الوقاية منها
تستخدم الأسلحة الكيميائية لتدمير أو تحجيم أو الحد من نشاط مجموعة بشرية معينة لتحقيق أهداف مختلفة، حيث أن ما تتميز به الأسلحة الكيميائية هو التأثير غالبا على الكائنات الحية فقط تضم الأسلحة الكيماوية غاز الأعصاب، السموم الكيماوية، غاز الخردل السام، وتضم غازات الأعصاب السارين الذي لا رائحة له وvx الكافورية الرائحة وهي تتلف الأعصاب وتمنع وصول الإشارات العصبية للمخ، وغاز الفوسجين الذي يوقف التنفس.
وبعضها سريعة المفعول كسيانيد الهيدروجين السام وبعض هذه الغازات السامة لها روائح مميزة، فالخردل رائحته كالثوم والخردل النيتروجيني كرائحة السمك، واللوزيت رائحته حلوة وأوكسيم الأكسجين له رائحة نفاذة محدثاً تهيجاً في الأنف والعين، وبعضها مفعولها سريع كاللوزيت، بعض هذه الغازات كالخردل النيتروجيني يسبب الثآليل الجلدية التي تؤثر على التنفس والأنسجة.
يمكن تقسيم الأسلحة المستخدمة في الحرب الكيماوية إلى "عوامل كيماوية سامة" و"غازات قتال" تتراوح فاعليتها وتأثيرها، ويُمكن استخدام عدة وسائط لإيصال هذه الأسلحة إلى أهدافها، كالمدفعية، الهاونات، قنابل الطائرات، الصواريخ الرش من الجو، الألغام، القنابل اليدوية وقاذفات اللهب.
للوقاية من الأسلحة الكيماوية
1-المحافظة على الهدوء والتصرف بحكمة والاتجاه فوراً إلى مكان آمن في المنزل أنت ومن معك من أفراد أسرتك.
2-ربط منشفة (فوطة) مبللة بالماء على الأنف والفم لفترة 15 دقيقة، ثم تبديلها بأخرى مع عدم التنفس لحظة الاستبدال.
3-في حالة عدم توفر ملابس الوقاية، يتم ارتداء ملابس سميكة وفوقها ملابس غير منفذة، مثل الملابس الجلدية أو ملابس المطر.
4-إرتداء الأحذية المطاطية أو الطويلة العنق (البوط أو الجزمة) مع لبس القفازات الجلدية.
5-تجنب ملامسة الأشخاص الآخرين.
6-إغلاق أجهزة التكييف، وفتحات التهوية.
7-اغسل جسدك بالماء والصابون بالكامل وبعناية كبيرة، واستخدم الماء البارد لتقليل تبخر المواد الكيميائية قدر المستطاع ويفضل الاستحمام بخليط من 10 أجزاء ماء مع جزء مبيض غسيل مما يقلل كثيراً من إمكانية امتصاص المادة عن طريق الجلد.
8-في حال عدم وجود الماء قم برش المناطق المتضررة ببودرة التالك، أو حتى بالطحين العادي ونظفها بعد نصف دقيقة ثم أعد الكرة مرة ثانية.
9-عدم الخروج من المخبأ إلا بعد التأكد من عدم وجود غازات سامة والتأكد من سلامة الموجودين بالمنزل وفي حال تدهور الحالة الصحية للمصابين بهذه المواد فيجب التوجه إلى المشافي الميدانية.
10-عدم الاقتراب من أي بقع زيتية أو طيور أو حيوانات نافقة، أو غيرها من الشراك الخداعية (ألعاب-أقلام-أجسام وأشكال غريبة).
11-اللجوء للأماكن المرتفعة وليس للأقبية لأن الغازات السامة أثقل من الهواء.
12-تجنب حك جسمك أو إزالة الفقاعات عند ظهورها.
أخطر 5 أسلحة كيميائية مُميتة في العالم
تُشكل هذه الأسلحة الثلاثة ما يُعرف باسم أسلحة الدمار الشامل، ولعلّ أكثرها استخداماً هي الأسلحة الكيميائية لهذا السبب سنتحدث عنها الأسلحة الكيميائية تُعد من أكثر الأسلحة فتكاً بالكائنات الحيّة، ويعود استخدام هذا النوع من الأسلحة إلى ما قبل الميلاد حينما كانت الجيوش تقوم بتسميم الرماح والأسهم الأسلحة الكيميائية مصنّفة في مجموعتين رئيسيتين الأولى هي الأسلحة القاتلة والثانية هي الأسلحة التعجيزية في المجموعة الثانية نجد الغازات والمركبات الكيميائية التي تعمل على شلّ حركة الجسم أو تعجيزه مثل الغاز المُنوم أو الغازات الحارقة أو الغازات المسيّلة للدموع وأنواع أخرى.
أمّا المجموعة الأولى فنجد فيها الأسلحة التي تسبب الوفاة وهي مقسمّة لمجموعات أيضاً حسب منطقة تأثيرها ونوعها فمنها التي تؤثر على الدم "سيانيد الهيدروجين" ومنها ما يؤثر على الجلد "الكبريت والنتروجين" ومنها ما يصيب الأعصاب "غاز السارين" ومنها ما يستهدف الرئة "غاز الكلورين" كل الأنواع السابقة برغم اختلافها إلا أنها تتفق على هدف واحد وهو قتل البشر.
سأتحدث عن 5 أنواع فقط من أصل 40 نوعاً، ويمكن أن يكون هناك أكثر من 40 أيضاً، وتتميّز الخمسُ أنواع هذه بأنها من المجموعة الأولى أي أنها مُميتة وأنها سبق وتم استخدامها من قبل:
غاز السارين
غاز السارين Sarin عبارة عن غاز صنعه البشر ليس له رائحة أو طعم أو لون، يتم تصنيعه في صورة سائلة إلا أنه بمجرد إطلاقة في الهواء يتحوّل للحالة الغازية ويُعرف باسم GB أيضاً، تم تطويره في ألمانيا عام 1938 كمبيد حشري يُصنف غاز السارين كغاز أعصاب وهو قاتل مهما كانت نسبة تركيزه قليلة ويسبب الوفاة خلال دقيقة إلى عشر دقائق بعد استنشاقه بسبب الإختناق.
حيث يعمل الغاز على شلّ عضلات الرئتين وعمل فشل في الجهاز التنفسيّ ما لم يحقن المصاب بمُضاد السُم خلال الدقائق الأولى، في حالة التعرض لجرعة قليلة جداً وعدم أخذ المضاد قد يسبب ضرراً دائماً للجهاز العصبي تم تصنيف هذا الغاز كأحد أسلحة الدمار الشامل من قبل الأُمم المتحدة كما تمّ حظره من قبل منظمة CWC (منظمة حظر الأسلحة الكيميائية) في عام 1993 الدول التي استخدمته: ألمانيا، حلف الناتو، الولايات المتحدة الأمريكية، اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، العراق وأخيراً سوريا.
الرايسين
يٌستخرج الرايسين Ricin من نبات زيت الخروّع، زيت الخروّع في حد ذاته يستخدم في صنع الدواء والغذاء وبعض الصناعات الأخرى ولكن مركب الرايسين القاتل يُستخرج من نفس النبتة أيضاً بِضع حُبيبات بحجم حبيبات الرمل من هذا المركب يمكنها ان تقتل إنسان عن طريق منع تكوين البروتين في الخلايا ما يعني أنه قد يستغرق من ثلاث إلى خمس أيام حتّى يسبب الوفاة بعض الدول التي استخدمت أو حاولت استخدام هذا المركب هي الولايات المتحدة وكندا والاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الأولى والثانية تم حظر هذا المركب دولياً عام 1972 وعام 1997 ولكن مازال إنتاجه مستمراً حتّى الأن.
غاز الكبريت
غاز الكبريت أو الخردل من الغازات التي تتميّز برائحة مثل الثوم أو الخردل وهذا سبب التسمية وله لون أصفر خفيف، وهو أيضاً من الغازات السامّة عند استنشاقه أو ابتلاعه أو ملامسته للجلد أو العينين تم تطوير هذا الغاز عام 1916 لصالح الجيش الألماني ويسبب حروق بالغة للجلد والعينين والرئتين ويتميّز أنه يبقى فترة طويلة في مكان إطلاقة كما أنه يلتصق بالملابس والمعدات لعدة أيام ويصيب كل من يلامسها الدول التي استخدمت هذا الغاز هي: ألمانيا، بريطانيا، أسبانيا، فرنسا، إيطاليا، الاتحاد السوفيتي، اليابان، مصر، العراق والسودان.
غاز الكلور
غاز الكلور من الغازات التي يعود استخدامها إلى 100 عام حيث استخدمته ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وهناك ادعاءات أنه تم استخدامه في الحرب في العراق وسوريا، وهو من الغازات التي قلّ استخدامها لكثرة الغازات الأخرى وتوفرها ولكنه أيضاً من أسهل الأنواع من حيث إمكانية الحصول عليه خاصة أن له استخدامات أخرى كثيرة مثل تحلية المياه يسبب الغاز عند استنشاقه الاختناق ثم الموت.
غاز الأعصاب
يطلق عليه اسم في إكس، وهو سائل زيتي أخضر اللون ليس له رائحة وله مفعول دائم، ويعتبر من بين أكثر المواد سمية التي تم إنتاجها حتى الآن وبإمكانه قتل الأحياء في غضون دقائق عبر تنقله في الجو، ولكن امتصاصه الرئيسي يكون عبر الجلد وهو يؤثر على الجهاز العصبي، وتشمل عوارض الإصابة غشاوة البصر، وصعوبة التنفس، واختلاج العضلات، والتعرق، والتقيؤ، والإسهال، والغيبوبة، والتشّنجات، وتوقف التنفس الذي يؤدي إلى الموت أنتج هو الآخر بكميات كبيرة من قبل قوات الجيش العراقي السابق في الفترة بين 1988 و1990.
العميل 15–Agent 15
العميل 15 هو اسم شائع لمركب 3-quinuclidinyl benzilate ومن الأسماء الشائعة الأخرى BZ أو Buzz وهو من غازات الأعصاب القوّية جداً التي ليس لها أثر، كِمية صغيرة من هذا الغاز ستسبب عجزاً كاملاً عند استنشاقه أو ملامسته للجلد أو ابتلاعه حيث تبدأ الأعراض بعد ساعة من دخوله الجسم بارتباك ثم رجفة ثم ذهول ثم هلوسة يليها غيبوبة.
غاز الخردل
هو مركب كيميائي ينتمي لصنف من المركبات العضوية التي تدعى الثيولات، وهو سائل يصدر بخارًا خطرًا، ويسبب حروقًا وتقرحًا في الجلد المعرض يؤذي غاز الخردل الجهاز التنفسي عند تنشقه، ويسبب التقيؤ والإسهال عند ابتلاعه، ويلحق أضرارًا بالأعين والأغشية المخاطية، والرئتين والجلد والأعضاء التي يتولد فيها الدم أخطر التأثيرات الطويلة الأجل تحصل بسبب كون غاز الخردل مسببًا للسرطان والتغييرات الوراثية، ولا يوجد حاليًا أي علاج له.
الفوسفور الأبيض
هو عبارة عن مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للاصفرار، وله رائحة تشبه رائحة الثوم ويصنع من الفوسفات، وهو يتفاعل مع الأكسجين بسرعة كبيرة منتجًا نارًا ودخانًا أبيض كثيفًا، وفي حال تعرضت منطقة ما للتلوث بالفسفور الأبيض يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك، وعند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى إلا العظم.
قنابل الفسفور الأبيض تعمل عبر امتزاج الفسفور مع الأكسجين، تسبب حروقًا في جسد الإنسان لدرجة أنها قد تصل إلى العظام، كما أن استنشاق هذا الغاز يؤدي إلى ذوبان القصبة الهوائية والرئتين، ودخان هذه القذيفة الفسفورية يصيب الأشخاص المتواجدين في المنطقة بحروق لاذعة في الوجه والعينين والشفتين، والوقاية تكون بالتنفس من خلال قطعة قماش مبلولة بالماء.
لا يتفاعل دخان القنبلة مع الملابس أو الأثاث، بل يتفاعل مع الجلد والمطاط، ويحترق الفسفور الأبيض بمجرد ملامسته للأكسجين منتجًا ضياءً ساطعًا وكميات كبيرة من الدخان، وقد صمم في البداية ليقاوم الكمامات الغازية المعدة للحروب الكيمياوية استخدمه الجيش الأمريكي لأول مرة في حرب فيتنام، ثم في مواجهاته مع المقاومة العراقية في مدينة الفلوجة سنة 2004، قبل أن يستخدمه الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان 2006، والعدوان على قطاع غزة سنة 2008.
أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
1-ليبيـا
كانت ليبيا نقطة متقدمة بإطار تركز المخاوف من انتشار الأسلحة، وهناك تشديد خاص على قدراتها في مجالي الأسلحة الكيماوية والصواريخ فليبيا لها محاولات قديمة للحصول على السلاح النووي أو تطويره، ولكنها على ما يبدو لم تحرز تقدماً يذكر إلا أن اهتمام النظام بشراء سلاح جاهز، ناهيك عن سعيه الحثيث لتطوير قدرة التصنيع ذاتياً، يعني أن التساؤل المتعلق بتحديد نقطة الشروع الليبية يبقى قائماً، وتبقى إمكانية الحيازة السرية " المفاجئة " لسلاح نووي ماثلة. كذلك فأن تعليق الحظر، الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة، في أعقاب محاكمات لوكربي قد يسهل أمام ليبيا ولوج منافذ الحصول على تقنيات مزدوجة الاستخدام في الحقول التي قد تسعى من خلالها إلى إدامة محاولات التطوير الذاتي، بما في ذلك المشاريع البيولوجية والكيماوية وفي الوقت الحاضر يعتقد أن لليبيا مشروع بحوث متواضع في مجال الأسلحة البيولوجية، ومشروعاً آخر أوسع منه لإنتاج الأسلحة الكيماوية قام فعلاً بإنتاج كميات من عوامل الأعصاب والعوامل الملهبة للأنسجة الحية.
ولكن يعتقد أن مصنعي الربطة والترهونة اللذان كانا موضع مراقبة مكثفة من قبل الأميركيين ومدعاة لإطلاق التهديدات والتدخل في أواسط التسعينيات متوقفان عن ممارسة أي نشاط في الوقـت الحاضر أما مشروع الصورايخ الليبي فإنه، من الناحية الجدلية، يعد في مقدمة مصادر القلق من انتشار الأسلحة في شمال أفريقيا بالنسبة للحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية، وهو الأبرز كذلك في إطار عموم المنطقة.
حيث تقوم ليبيا بنشر صواريخ قديمة جهزتها بها روسيا من نوع فروغ - 7 وسكود - بي كما أن ليبيا استطلعت في بداية عام 1990 إمكانية شراء سكود - سي وأنظمة متوسطة المدى قادرة على بلوغ 1000 كم أو أكثر من كوريا الشمالية وبالإضافة إلى هذا، توحي زيادة مديات الصواريخ التي اختبرتها كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة ، ومن بينها صواريخ نودونغ البالغ مداها 1300 كم، وتايبودونغ -1 البالغ مداها 2000 كم ، بأن مكونات هذه الأنظمة والمعونة الفنية المتصلة بها باتت مطروحة في السوق الآن، وسوف تكون ليبيا مشترياً محتملاً لها.
وقد سبق لليبيا أن أطلقت صواريخ سكود على قاعدة لوران الأميركية على جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في عام 1986، وكررت تهديداتها بضرب أهداف في جنوب أوروبا.
ونشر ليبيا لصواريخ ذات مديات عابرة للبحر المتوسط قد يرفع بشكل حاد من الإحساس بالتهديد بين أعضاء حلف شمال الأطلسي، ومن الممكن أن يكون لذلك دور ولو جزئي في ظهور أساليب أوروبية جديدة في الدفاع ضد الصواريخ وتواصل ليبيـا التأكيد بأساليب خطابية حماسية قوية على أنها متمسكة بالتزامها بالحصول على أسلحة الدمار الشامل، كـ " قوة رادعة "، وأيضاً كثقل إقليمي مضاف، وفقاً للتصورات المفترضة.
وقد أفادت تقارير حديثة بأن ليبيا ساعدت العراق على الالتفاف حول قرارات الأمم المتحدة والعقوبات الدولية المتعلقة بمشاريعه الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، من خلال السماح له بتمرير بعض المواد والتقنيات المتعلقة بالصورايخ إلى طرابلس وقد تواجه ليبيا في المستقبل رقابة مشددة جديدة ومن المحتمل أن يحال بينها وبين طموحها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل كواحدة من نتائج الحرب على العراق في عام 2003.
2-مصـر
كانت مصر في طليعة المنتقدين لوضع إسرائيل النووي غير المعلن، وقد جعلت من هذا الموضوع نقطة مركزية لدبلوماسيتها المتعددة الأطراف في الشرق الأوسط، وفي إطار مراجعة معاهدة خطر انتشار الأسلحة، في الأمم المتحدة والمحافل الأخرى وفي ذات الوقت، فإن لمصر قدرات تسلح قديمة بأسلحة الدمار الشامل، وغالباً ما كانت مصر توصف بأنها اختارت السعي وراء القدرات الكيماوية -قنبلة الرجل الفقير -كبديل عن المشاريع النووية الأعلى كلفة وأشد صعوبة.
وقد كانت مصر تمتلك قدرات لتصنيع الأسلحة الكيماوية منذ عقود، بل واستخدمتها بالفعل في اليمن في أعوام الستينيات كما أن مصر تواطأت سراً مع العراق، حسب ما تقول التقارير، في تطوير أسلحته الكيماوية قبل حرب الخليج وينبع اهتمام مصر بالأسلحة الكيماوية جزئياً من أثر العقيدة السوفيتية في التخطيط المصري وكل ما تم تدبيره عبر سني الستينيات حتى حرب عام 1973.
وتعتبر قدرات مصر في الأسلحة الكيماوية بين الأكثر تقدماً في المنطقة عند أخذها بمقياس الاعتماد على قدرة التصنيع الذاتي، ربما حتى من دون الاستعانة بمواد كيماوية أولية مستوردة ومع أن قدرة مصر الكيماوية لا تعد مكافئة لقدرة إسرائيل النووية، لا كرادع ولا كسلاح معركة، فإن كلتا الترسانتين كانتا في حالة مجابهة مع بعضهما في محادثات السيطرة على التسلح متعددة الأطراف.
ولا يشار إلى مصر عادة كدولة تمتلك مشروعاً جدياً للأسلحة البيولوجية، ولو أن من الواضح أنها تمتلك قدرة التحرك في هذا الاتجاه بسرعة لو شاءت (وتذكر بعض المصادر وجود محاولات مصرية متواضعة في مجال الحرب البيولوجية) ومصر لها أيضاً قدرات في مجال الصواريخ البعيدة المدى تتمثل في صواريخ سكود -بي (وربما سكود -سي أو أنواع أخرى)، التي حصلت عليها من كوريا الشمالية.
وحلقة الوصل الكورية الشمالية قد تسهّل في المستقبل شراء منظومات أكثر قدرة كذلك كانت مصر شريكاً في مشروع (كوندو) الأرجنتيني، الذي أوقف العمل به، لإنتاج صواريخ متوسطة المدى ولو تصاعدت التوترات في المنطقة مع إسرائيل فقد يستحث هذا اهتمام مصر في تعميق ترسانتها الكيماوية والصاروخية، الأمر الذي سيعقّد المساعي الأميركية للإبطاء من هذا التوجه.
3-إسرائيـل
وباستثناء باكستان (التي تعد جدلياً جزءاً من معادلة أسلحة الدمار الشامل الشرق أوسطية، ولو أنها لن تطرح للنقاش هنا) فإن إسرائيل تبقى القدرة النووية الوحيدة في المنطقة وتتفاوت التقديرات بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية حتى تبلغ حدود 300 رأس حربي قد يكون من بينها أسلحة نووية حرارية وهذه ترسانة "مفترضة "مرعبة، حتى إذا أخذت بعين الاعتبار تفاوتات الحساب الواردة في الوثائق والمصادر المعلنة، ولها آثار عميقة على الحسابات الاستراتيجية.
ولإسرائيل بالإضافة إلى ذلك قدرات كبيرة في التسلح الكيماوي ومشروع بحوث في التسلح البيولوجي ينصب تركيزهما أساساً على الدفاع في وجه الحرب الكيماوية والبيولوجية وقد جرى تطوير هذه القدرات بعد أن حازت إسرائيل على السلاح النووي، ومن المحتمل أنها تعكس قلقاً تجاه مصداقية الردع المستند بشكل كامل وساحق إلى القوة النووية، وعلى الاهتمام الذي أثبتته التجربة بالأسلحة البيولوجية، والكيماوية بشكل خاص، من قبل بعض جيران إسرائيل.
ومن المحتمل أنها تعكس أيضاً إحساساً بأن أسلحة إسرائيل النووية قد تعرض للمبادلة في نهاية المطاف بتسوية "لإنهاء الصراع" مع جيرانها العرب وإيران، وهو سيناريو بعيد الاحتمال ولكنه ليس بالمستحيل ولإسرائيل ترسانة صواريخ من بين الأبعد مدى في المنطقة، ولعلها الأشد فعلاً وتأثيراً.
وتضم منظومات أريحا1 المطورة محلياً والمختبرة بصورة وافية (ويبلغ مداها 500 كيلومتراً)، وأريحا 2 المتوسطة المدى (يبلغ مداها 1500 كيلومتراً) كذلك فأن القدرة المتقدمة التي يمتلكها البلد على إطلاق صواريخ إلى الفضاء توحي بأن إسرائيل قادرة على النزول إلى الساحة بصواريخ متعددة المراحل أبعد مدى بكثير ولها القدرة على بلوغ باكستان وروسيا ومثلما هي الحال في مصر، فإن انعدام الثقة في "إنهاء الصراع" في العلاقات مع العالم العربي تعمق من الرهان الإسرائيلي على الاحتفاظ بقدرات فعالة في مجالي أسلحة الدمار الشامل والصواريخ .
4-سـوريا
بشكل عام لا تسعى سوريا، وفقا للتقديرات، وراء حيازة القدرات النووية، على الرغم من امتلاكها لمفاعل تجريبي بنته لها الصين ولا يمتلك هذا البلد سوى مشروع بيولوجي بسيط حسبما تفيد التقارير ولكن التآكل المستمر في قدرات سوريا العسكرية التقليدية على مدى العقد الماضي وفق الصيغ النسبية على الأقل، جعل اهتمام سوريا، رغم هذا، يتعزز بأسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى أهدافها كترتيب تكتيكي بالدرجة الأساس.
وتعد سوريا مثالاً جيداً لنظام اختار أسلحة الدمار الشامل، كطريق تدخلت في تحديده التكاليف، للحفاظ على ثقله في وجه الفجوة المتنامية بينه وبين إسرائيل في الجانب التقليدي أي استراتيجية غير متناظرة ضمن المنطقة وأياً يكن الحال، فإن لسوريا برنامجاً واسعاً للأسلحة الكيماوية يبقى معتمداً في جوهره على استيراد المواد الأولية.
وعلى خلاف مصر وإيران والعراق، فإن سوريا ليست لها سوابق في استخدام الأسلحة الكيماوية، ولو أنها جمعت مخزونات كبيرة من عامل الأعصاب المسمى (سارين) الذي يمكن إطلاقه بواسطة الطائرات أو الصواريخ ومن المتوقع أن تكرس سوريا في المستقبل موارد لا يستهان بها من أجل تحسين قدراتها، الكبيرة أصلاً، في مجال الأسلحة الكيماوية ولسوريا أيضاً ترسانة تتألف من عدة مئات من الصواريخ المتحركة من نوع سكود -بي وسكود-سي وإس إس 21 (الروسية الصنع).
وكوريا الشمالية والصين وإيران وروسيا كلها بلدان تمد سوريا بالصواريخ بعيدة المدى وبتقنيات هذه الصواريخ كما أن البلد نفسه يملك القدرة على إنتاجها محلياً وتفيد التقارير أن سوريا تتطلع إلى تطوير صواريخ أحدث قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب، كما أنها أجرت اختباراً على صاروخ سكود -دي البعيد المدى وهذه المنظومة في مقدورها أن تصل إلى إسرائيل ومعظم أنحاء العراق والأردن وتركيا.
وقد سلطت الحرب مع العراق الأضواء على السلوك السوري من عدة جهات، ليس أقلها برنامج أسلحة الدمار الشامل وسوريا، مثلها مثل ليبيا، قد تجد الآن صعوبة أشد في متابعة اهتماماتها بأسلحة الدمار الشامل بوجود رقابة مشددة عليها من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
5-إيـران
تحظى إيران باهتمام خاص فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، فهذه الدولة تمتلك قدرات يحسب لها حساب في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وترسانة ضخمة من الصواريخ، بالإضافة إلى برنامج لتطوير الأسلحة وبرنامج آخر نشط للغاية للأسلحة النووية وقد استخدم هذا البلد أسلحة كيماوية تكتيكية خلال الحرب الإيرانية -العراقية كما أن له مخزونات كبيرة من المواد الكيماوية المعدة للاستخدام كأسلحة وإيران تمتلك بنية تحتية وطنية تكفي لتطوير أسلحه بيولوجية، ومن المحتمل أن تكون في حوزتها الآن كميات بسيطة من العوامل القابلة للاستعمال والمعروف عن إيران أنها تسعى للحصول على مواد قابلة للانشطار، وعلى التكنولوجيا النووية. وهي منهمكة مع روسيا في تعاون نووي واسع يشمل بناء مفاعل للطاقة في بوشهر وقد بذل هذا البلد مساع كبيرة جداً في السنوات الأخيرة -أمكن إفشال معظمها-للحصول على مواد نووية ومعدات هندسية عالية الدقة لها أهميتها في صناعة الأسلحة النووية.
وهنالك شكوك لا يستهان بها حول المواد والتقنيات التي قد تكون إيران أفلحت في الحصول عليها سراً، ويعزز من دواعي القلق هذه ما كشفت عنه الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً من أمور تتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية التي لم يكن قد كشف النقاب عنها من قبل، مما جعل الاتحاد الأوروبي وصانعي السياسة في الولايات المتحدة يصعّدان من تركيزهما على محاولة الكشف عن مطامح إيران النووية ومحاولة كبحها.
وبوجه عام فأن إيران يمكن النظر إليها كدولة على أعتاب القدرة النووية أو قريبة من ذلك أما قوة إيران الصاروخية فأنها تضم صواريخ سكود -بي وسي، وكذلك صواريخ سي أس أس 8 القصيرة المدى ومن الملفت للاهتمام أن إيران تقوم بصناعة صواريخ سكود بنفسها وقد أجري اختبار في عام 1998 على صاروخ شهاب 3 المتوسط المدى (1300 كيلومتر) ثم أعيد الاختبار في عام 2000.
وهذه المنظومة تعتمد صاروخ نودونغ الكوري الشمالي كأساس وتواصل العمل عليه بمساعدة موسعة من روسيا والصين وتشير التقارير إلى أن إيران تسعى لتطوير صواريخ أبعد مدى (شهاب 4 و شهاب 5) التي قد تشمل صواريخ باستيليه عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى أميركا الشمالية وحتى على الأمد القريب، فأن نشر صواريخ على غرار تايبودونغ 1 (البالغ مداه 2000 كيلومتر) أو 2 (مداه 5000 - 6000 كيلومتر) سوف يتيح لإيران إصابة أهداف في أوروبا وأوراسيا.
وقد استخدمت صواريخ سكود الإيرانية بشكل واسع في الحرب مع العراق وأن السعي وراء الصواريخ بعيدة المدى الأكثر فعالية، عند أخذها مترافقة مع مشروع إيران النووي المتقدم، يعطي قدرات نشر الأسلحة الإيرانية مساساً خاصا بالحسابات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل والغرب، بما في ذلك تركيا.
6-السعودية
لا تصنف السعودية عادة كدولة تثير القلق من ناحية نشر أسلحة الدمار ويعتقد أن قدرات هذا البلد وتطلعاته في هذا المجال محدودة بشكل عام، باستثناء حقل الصواريخ الباستيلية، وهو استثناء له أهميته فالسعودية، في واقع الحال، تنشر منظومة صواريخ هي الأبعد مدى في منطقة الشرق الأوسط، والمقصود بها منظومة سي أس أس -2 التي اشترتها السعودية من الصين في عام 1987 وتذكر التقارير أن السعودية تمتلك عدة عشرات من هذه الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكّنها مداها البالغ 2000 كيلومتراً من أن تطال معظم أنحاء أوروبا واسيا وشبه القارة الهندية ويشير تقرير واحد على الأقل من التقارير الحديثة إلى وجود إمكانيات فنية مستقبلية لدى السعودية قد تجعلها تسعى، بالإضافة الى ما لديها من دوافع محتملة، إلى تأسيس مشروع نووي في المستقبل.
اضف تعليق