q
{ }

عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية، تحت عنوان (الكيانات السياسية الشيعية بين الائتلاف والاختلاف)، وذلك على قاعة جمعية المودة والازدهار في مدينة كربلاء المقدسة، بمشاركة عدد من رجال الدين وباحثين في الفكر والسياسة وشخصيات إعلامية وثقافية.

وفي افتتاحية الجلسة، اعتبر مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية الباحث عدنان الصالحي، أن الديمقراطية هدف ومبتغى للشعوب التي عانت من الدكتاتورية ومن تسلط الحزب الواحد، وهو هدف قد ترقى من أجله الدماء وتهدر ثروات لا تقدر بقيمة المال، بل بقيمة حياة أبنائها وشبابها، وأن حصول العراق على نعمة الديمقراطية، ومنذ (2003) ولحد الآن وبغض النظر عن الأسلوب الذي جاءت به الديمقراطية، ولابد من أن يقابل بإيجاد سبل لبقائها وديمومتها، خاصة وأن جزء من تحقق هذا الهدف، الذي كان يتمناه الشعب لعقود طويلة، هو وجود أحزاب مترجمة للحياة الديمقراطية والتعددية، فالتداول السلمي للسلطة، والتناوب في إدارة المسؤوليات، والتسديد وتقديم التقييم ورؤى التقويم في إدارة البلد من قبل بعضهم بعضاً الآخر، فيما يكون أحدهما مسؤولاً والآخر معارضا او مراقباً له في الأداء".

وأضاف الصالحي "غاية العمل أن تكون الأهداف والمصلحة العليا هي أمام أعين الجميع هذا ما تمناه الشعب من الكيانات السياسية برمتها، غير أن الواقع يحكي لنا مأساة أخرى ترشحت عنها بعض الأشياء التي تتعلق بدماء أبنائنا التي ما انفكت ترافق الشارع العراقي، الأدهى والأعظم أن هذه الكتل السياسية التي كانت تتنافس بإسم المذهبية والقومية في يوم ما، تفرعت المسألة لتكون في داخل الكينونات، وفي داخل الأقليات والمذهب، فلا نريد أن نذهب بعيداً عن الوضع الشيعي لأنه يخصنا أكثر كون أن الغالبية العظمى من القيادات السياسية هي من الاحزاب الشيعية، اخوة لهم جهاد عريق وتأريخ ملئ بالتضحيات إلا أنهم اليوم يتصدرون قمة السلطة في إدارة البلد، هذه الأحزاب بمختلف انتمائاتها الدينية أو الليبرالية أو غيرها لم تستطع ان ترسم استراتيجية لإدارة البلد".

ويكمل الصالحي "بل ان اغلب تصوراتها تأتي من ردة الفعل وكان همها الاغلب ولشديد الاسف هو الاستيلاء على السلطة وابعاد المنافس وحتى بالطرق غير المشروعة، كما ان اكثر ما يخيفنا في المستقبل ان تجيش الجيوش من الشارع لمواجهة بعضها البعض، وان تستخدم مرة اخرى دماء الشباب من اجل ايجاد معادلة لإيجاد سلطة تكون قلقة في اي لحظة، فما حدث في الايام الاخيرة من تظاهرات وما رافقها من عنف اصاب اغلب شرائح المجتمع سواء من القوات الامنية او من المتظاهرين، وهو ما يؤشر الى وجود حالة خطيرة تتمثل باستخدام الكتل السياسية أساليب متعددة ليمارس بعضها الضغط على بعض وفي هذا الخصوص، قد يتفق الجميع على أن الحل يكمن في ايجاد مؤسسات مستقلة ونزيهة، فالكل يؤشر الى وجود حالات فساد ولعل خطب الجمعة للمرجعية الدينية تؤكد على ان الفساد اوصل البلاد الى حالة لا يمكن القبول بها غير أن الكثير يختلف في تحديد الآليات والاساليب".

ويختم الصالحي "وهنا نؤشر على ان الكتل السياسية وتفاعلها في المرحلة القادمة مرحلة الوجود وعدم الوجود ومن يقبل ان يزاح من السلطة ومن يقبل ان يكون خارج السلطة، فهل سنستخدم الشارع للتدافع فيما بيننا على سلطة قد كبلت العراق بمليارات الدولارات لديوننا الخارجية واسهمت في اغراق البلد بفساد لم يشهد لها التاريخ من مثيل؟، وفي نفس الوقت هناك حاجة في جميع القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية، فالمهم ليس السلطة بل المهم ان نجد استراتيجية لإدارة البلد تدار بأشخاص يكون هدفهم هو الخروج بالبلد من هذا المأزق، ولعل اهم ما يسجل على الجانب الشيعي وخاصة على الجانب السياسي على انهم هم سبب المشكلة، فعدم وجود رؤية سياسية في داخل البيت الشيعي او كما يعبر عنه بالصراع الشيعي - الشيعي، هو من قاد البلد الى هذه المرحلة اذن ما الذي ينتظر الكيانات السياسية الشيعية في قابل الايام، هل انها ستصل الى مرحلة الائتلاف لتنجو من هاوية قد تطيح بالبلد او تطيح بوجودها في السلطة، ام ان الاختلاف سيبقى سمة الوقت لتنتهي المرحلة الى قائد عسكري قد يأتي به البعض من خارج الحدود".

الكيانات الشيعية والحكم الصالح

للإحاطة بموضوع الجلسة النقاشية، والإجابة عن تلك التساؤلات، استضاف مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية الباحث الدكتور غسان السعد الاستاذ والتدريسي في جامعة بغداد كلية العلوم السياسية والباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية "الذي اشار الى ان عنوان الورقة هو (الكيانات السياسية الشيعية بين الائتلاف والاختلاف)، ومن اجل لملمة هذا الموضوع كان لابد ان ننطلق نحو تعريف الكيانات السياسية (فكل فرد او حزب او ائتلاف يسعى للوصول الى السلطة او التأثير في قرارات السلطة يتبع مذهب اهل البيت سواء من ناحية دينية او من ناحية كمرجعية ثقافية كما يعتبرها البعض)، فالهدف دائما من الكيانات السياسية هو ليس تشكيل كيان سياسي وان الافراد والاحزاب والكيانات هي ليست مطلوبة لذاتها، بل المطلوب هو الوصول لمفهوم الحكم الصالح الذي يتحقق عبر الكيانات السياسية، وبالتالي ان الكيان السياسي هو وسيلة للوصول الى غاية وهو الحكم الصالح، وفي هذا الخصوص نحن غالبا ما تأخذنا الشعارات ومن هنا لابد ان نسأل عن ماهية الحكم الصالح لاسيما وان الامم المتحدة تعرف الحكم الصالح بثمانية خصائص:

اولا: المشاركة السياسية (ببساطة هي تأثير المواطن على القرار السياسي حيث تفضيلاته اولا وثانيا تأثيره في القرار السياسي، مرة يكون المواطن حزبي ومرة يكون مستقل واخرى يكون تكنوقراط ومرة يكون شيخ عشيرة او رجل دين لكن كل هذا يدخل في بوتقة المشاركة السياسية، فكلما كانت المشاركة السياسية اوسع كلما مثل هذا النظام رضى شعبي اوسع، البعض يعتقد ان المشاركة السياسية تجسدها الانتخابات، لا الانتخابات هي واحدة من اليات المشاركة السياسية، كاتب المقال هو مشارك سياسي، المتظاهر هو مشارك سياسي، الذي يحضر اجتماعا هو ايضا مشارك سياسي، عدا المنتمين للكيانات السياسية هؤلاء هم من فاعلي المشاركة السياسية).

ثانيا: حكم القانون (هو الحماية المتكافئة للأشخاص والممتلكات والعقوبة المتساوية).

ثالثا: حسن الاستجابة (ان المخرجات وهي عبارة عن السياسات والقرارات تكون متلائمة مع المطالب، اي ان النظام لديه القدرة على لملمة المطالب ووضعها بسياسة معينة كان تكون استجابة لمطلب شعبي).

رابعا: التوافق (هو التوسط بالحكم الصالح للمصالح المختلفة داخل المجتمع).

خامسا: المساواة والعدالة (وهي المساواة التي تكون بين الناس المتساوين، اما العدالة فهي تميز المتميزين داخل النظام).

سادسا: الفاعلية والكفاءة (هي الاستفادة من الموارد والاستجابة للتحديات).

سابعا: المسائلة (هي قدرة النظام عن طريق مؤسساته او عن طريق افراده وهنا المسؤولية مشتركة).

ثامنا: الرؤية الاستراتيجية (كل مجتمع من دون رؤية هو مجتمع في حالة ضياع انية ام مستقبلية، يجب ان يمتلك المجتمع افراد وقيادات ومؤسسات ورؤية استراتيجية، يفهم من خلاله التحديات التي تواجهه في المستقبل، ويدرس ويفهم بذكاء امكانيات الاستجابة لهذه التحديات سواء كانت انية ام مستقبلية).

وهذه الإطلالة للحكم الصالح انتقال لتقييم كياناتنا الشيعية في ضوء معايير متفق عليها دوليا، وبالتالي سوف نتخلص من القسوة المبالغ فيها او الافراط بالتفاؤل وكلاهما غير مرغوب، فيجب ان نشخص الحالة كما هي حتى لا يقتلنا اليأس ولا يضيعنا التفاؤل، الى جانب ذلك ان هناك معوقات امام الكيانات السياسية الشيعية، هذه المعوقات تمنع وصول هذه الكيانات الى الحكم الصالح فهناك قيود وهناك حواجز، وان من اخطر هذه القيود هي:

اولا: صراع الزعامات وهو يأخذ من المجتمع الشيعي ومن قدراته الشيء الكثير، لاسيما اذا ما كانت هذه الزعامات لا يمكن بأي حال من الاحوال اطلاق زعامة تأريخية على هذه الزعامات، فهي اما تكون زعامة تقليدية او زعامة دون التقليدية، فالزعامة التقليدية هي عادة لديها ارث تاريخي اما الزعامة دون التقليدية فتكون متوسطة الاداء وتصعد نتيجة ظرف سياسي معين لتبوء سدة الحكم او التأثير في القرار السياسي، صراع الزعامة الاشكالية الاكبر فيه..

اولا: ضعف هذه الزعامات

ثانيا: الانانية المفرطة التي تتعامل معها تلك الزعامات

ثالثا: عدم وجود مشتركات للتفاهم

رابعا: انتقال الصراع من صراع نخب الى صراع جماهير

فحاليا لم نصل الى مرحلة صراع الجماهير وانما بعض التيارات انتقلت الى تيارات مغلقة داخل الجسد الشيعي، فخطورة هذا الموضوع تتمثل في حالة فتح النار من جهة معينة على جهة اخرى سيكون هناك اقتتال شيعي شيعي، وفي الحقيقة ان كل من يقول لك ان الدم الشيعي هو خطر احمر، هذا اما ان يكون كائن لا يدرك حقيقة الصراع الموجود او يريد ان يهون من المشكلة، فهناك من الانياب من تتعطش للدم الشيعي وان كانت تحت شعارات الشيعية".

ايضا هناك اشكالية اخرى تتعلق بصراع الزعامات وهي بداية لغلق قمة الهرم في القيادة، وبالتالي فشل النظام السياسي على استجلاب نخب سياسية قيادية جديدة، حاليا لدينا ثلاثة عوامل للقيادة..

العامل الاول: العامل التأريخي الاسري فلدينا زعامات اسرية داخل الجسد السياسي الشيعي.

العامل الثاني: وجود زعامات تملك المال وبالتالي من يملك المال يملك التأثير على الاعلام.

العامل الثالث: عامل السلاح.

ايضا من الاشكاليات الاخرى التي تصب في مصلحة صراع الزعامات هي غياب الرؤية والاخطر من ذلك هو عدم وجود برامج حقيقية، ولا نمتلك رؤية استراتيجية وحتى مطالبنا في الاصلاح هي ذات ملامح مشوشة ومشوهة فالكل يطالب بالتغيير، الا اننا لا نمتلك بوصلة في توظيف ذلك التغيير في المستقبل وحتى المطالب الاخيرة بإستبدال المفوضية هي مطالب لا تملك من النضج لتقديم البديل، بعض يلوم المفوضية والبعض الاخر يلوم نظام الانتخابات وهم بطبيعة الحال ليسوا المسؤولين الوحيدين عن هذه النتائج، بل ان معظم هذه النتائج هي انعكاس لحالة صراع سياسي اجتماعي داخل المجتمع الشيعي، فالمشروع الشيعي الشيعي يفتقد لرؤية حقيقة للعلاقة بين الدين والدولة، فتارة نحن نذهب الى ان تكون الدولة دينية ونهرع نحو المرجعية حين الحاجة، وتارة اخرى تكون العلاقة غير واضحة مع وجود تلك الولاءات التي تتصارع داخل الجسد السياسي الشيعي".

ثانيا: اشكالية صياغة العلاقة مع شركاء الوطن، وبالتالي هذه الاشكالية لا نفقهها بالضبط كجسد شيعي، فقياداتنا الشيعية تستجيب للتعاون مع كيان متهم بسفك دماء الشيعة، وايضا يبتز الكيانات الشيعية الاخرى بالتقارب مع الكرد، وهكذا ممارسات تستغل لخدمة القائد والرمز او تستغل لخدمة الحزب وتعظيم موارده.

ثالثا: التدخل الإقليمي، فايران لديها اليد الطولى بالجسد السياسي الشيعي، وبالتالي نحن لم نحسم علاقتنا مع هذه الجارة القوية، خاصة واننا امام مستويين من الصراع فهناك تنافس مرجعي وهو في حقيقة الامر لم يصل الى مستوى الصراع وكذلك السياسات كدولتين جارتين، وهذا أمر طبيعي وغير الطبيعي ان نعتقد باننا ملائكة وان نتجاهل حقيقة ان المصالح هي التي تحكم العلاقات الدولية وجزء من المصالح هي تعزيز المبادئ، فالمبادئ هي الديانات، العقائد، الطوائف هي ايضا توظف احيانا بالسياسة واحيانا الى مستوى معين قد تكون هي موجهة للسياسة واحيانا السياسة موجهة لها.

رابعا: إضعاف الدولة، وهي من اخطر التحديات التي تواجه الشيعة انهم لم يخرجوا من عقلية المعارضة، فبعد (13) عام من ممارستنا للحكم، فغريب ان نضعف الجيش ونقوي الحشد، وغريب ايضا ان نضعف التعليم العالي في سبيل ان نمتلك شهادات كثيرة، ومن الغريب ايضا ان الاستاذ يوصي الطلبة بالغش بدواعي مناصرة الطائفة، وبالتالي نحن لم نصل الى فكرة ان الحفاظ على الدولة هو حفاظ على وجودها، وعندها نحن لم نشتغل على جعل القائد السياسي يعتقد ان الدولة منافس له، فتقوية الدولة هي اعادة كشف للكيانات السياسية واقرب مثال على ذلك دخلت الكيانات السياسية للعمل السياسي وهي حاليا اثرى ماليا واكثر قوة واكثر تأثير واكثر جماهيريا.

فمعظم الكيانات السياسية الشيعية كانت تعمل لتقوية ذواتها على حساب الدولة، والدولة في العراق هي الممول لكل الثروة العراقية.

خامسا: اشكالية داخل المجتمع الشيعي نفسه، وهو ما زال ورغم كل التضحيات التي قدمها، لكنه تقليدي مع ضعف الثقافات وغياب دور النخب ضعف اقتصادي، لاسيما وان وزارة التخطيط في العام (2014) اصدرت تقرير التنمية العراقي وهي تؤكد على ان افقر المحافظات هي محافظة السماوة بعدها ميسان والغريب ان الانبار تكون هي ثاني محافظة بالثراء بعد اربيل بالمستوى المعيشي، خاصة وان التقارير الحكومية تؤكد ان الانبار تساهم (1%) فقط بالموازنة العامة مقابل (16%) من ميسان وان نسبة الفقر في ميسان (55%)!، اما معدل الفقر الوطني من (22 الى 24%)، فلذلك كيف لمحافظة تساهم (1%) لا تعاني من الفقر مقابل محافظة تساهم (16%) وهي تعاني من فقر، فأين صانع القرار السياسي من توزيع الثروات؟.

سادسا: المشكلة الاقتصادية، يجب ان نصارح انفسنا باننا نعاني من اكذوبة ان العراق ثري، وإن مجتمعنا يعد من المجتمعات الادنى في المستوى المتوسط، فالكويت مثلا يتقاضى الفرد (45) الف دولار سنويا وقطر الدولة الاولى (90) الف دولار لبنان (15) الف دولار، لذا نحن نعاني من كبرياء اقتصادي غير مبرر.

النقطة الاخيرة: هي المشكلة الامنية التي يمكن تسجيلها من خلال ما يرسمه التقرير الاوروبي الذي يشير الى وجود عشرة ملايين قطعة سلاح في المجتمع العراقي، وهذا يعني ان لكل رجل قطعة سلاح ونحن كمن يقف على بركة سلاح، هذه الحقيقة موجودة عند العشائر وعند الاحزاب والفصائل والعصابات وحتى عند المدنيين الذين يعتقدون بانهم من دون سلاح سيكونون في موقف اضعف اثناء مواجهتهم مجتمع مسلح، فنحن عندما نتحدث عن عشرة ملايين قطعة سلاح وانفقنا عليها اموال كثيرة اضافة الى ذلك يعتبر هذا الامر رخاوة امنية.

 لكن هل توجد هناك فرص للائتلاف؟ الجواب نعم، الفرص موجودة الا انها تتحرك وفق المصالح، ولان اغلب القيادات السياسية يعتقدون بأنهم عندما يكونون موحدين افضل، حيث تضيع المسؤولية وممكن ان تحقق فرص ومكاسب اكبر، وكذلك هناك شعور شيعي بالمصير المشترك وهذا برز عندما انهارت بعض القطعات في الموصل وكانت ردة الفعل دينية شعبية سياسية على مستوى عالي، ولكن الاخطر بعد غياب داعش فعند غياب العدو الخارجي قد تظهر النزعة للمصالح الفئوية.

المداخلات

ولفهم الموضوع اكثر تم فتح باب المداخلات وجاءت على النحو الاتي..

اعتقد طالب الدراسات العليا شاكر محسن الدراجي "ان لكل منظمة او مؤسسة لابد ان يكون التخطيط هو بداية لأي عمل، ومن لم يخطط للعمل كمن خطط للفشل وبالتالي فعلى الجسد الشيعي الواحد الذي يتكون من مؤسسات، ان تختار فريق عمل من النخب لكل مؤسسة عسى ان يكونوا فريق واحد من النخب لدراسة الوضع عموما ومن اين يبدأون والى اين ينتهون، سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية لتطوير مجتمعنا الشيعي والمجتمع العراقي ككل".

من جانبه دعا رجل الاعمال السيد المكصوصي الى تحديد جوانب الائتلاف والاختلاف وهل هو متعلق بتقاسم السلطة او بالمبادئ او بالرؤية الاستراتيجية وهل هو بأدق التفاصيل ام بالعموميات، وعلى العموم ان اغلب الائتلافات الشيعية متباعدة في الفكر وفي الرؤية".

وتمنى مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات احمد جويد، لو قدم المحاضر وصفا تفصيليا عن مستقبل الكيانات الشيعية والتحالفات القادمة، وتساءل لو تم اسقاط المعايير الثمانية للحكم الصالح على الكيانات السياسية الشيعية كم ستكون نسبة النجاح؟، اما بخصوص الاختلافات التي تشهدها الكيانات الشيعية هو ليس وليد اللحظة، بل هو من ايام المعارضة لكن كانت تجمعهم مصلحة الوصول للسلطة، اما بالنسبة لرؤية الاهداف والتوجهات كانت مختلفة الى حد معين".

ويضيف جويد "اما موضوع السلاح وانه يشكل خطر ففي الولايات المتحدة الامريكية تتحدث آخر الاحصائيات عن ارقام مرعبة جدا وهي تباع وتشترى بشكل رسمي، فالمهم في تلك المسألة هو حضور القانون ووجود المؤسسات الحكومية الضابطة فلا خشية من وجود السلاح، وبالتالي ان التحديات الاكبر الموجودة في داخل الكيانات السياسية الشيعية هو وجود الدكتاتوريات داخل الكيانات نفسها، الى جانب ذلك هناك حيف كبير وقع على المحافظات التي قدمت الكثير للكيان الشيعي او للدولة العراقية وهي المحافظات الجنوبية".

ويكمل جويد "خصوصا وانها المحافظات الاكثر انتاجا وهي اعطت اكثر دماء ونزفت الكثير من الشباب، لكن على العكس من ذلك نجد بعض زعامات الكيانات السياسية الشيعية تتاجر بهذه الدماء بهذه الطاقات في سبيل الحصول على ارضاء الطرف الاخر".

واراد البرلماني السابق جواد العطار، ان يبرر الاختلاف القائم الان واسبابه وحيثياته والامر ربما يعود الى بداية تشكل هذه الكيانات، وهو لم يكن على اساس استلام سلطة او بناء دولة بل كان يدعو الى اصلاح مجتمع، او بمعنى آخر وأدق هي لم تكن كيانات سياسية بل ان مرامي واهداف تشكيل الكيانات، كان قائم على شعارات اصلاح المجتمع (شخص رسالي، امة مؤمنة، حضارة إسلامية)، وذلك من خلال العمل المؤسساتي لإصلاح الفرد والمجتمع، الا ان التطور الذي حصل في الواقع احدى اسبابه هو النظام الذي يدفع باتجاه الغاء الاسلاميين ايام صدام، وثانيا النفس الطائفي الموجود وهذا مما يعطي دافع للاهتمام بالسلطة وبالعمل السياسي".

ويضيف العطار "بمعنى ان العمل السياسي جاء كردود ولم يأتي عن طريق خطة مرسومة، وبالتالي تطور الامر نحو وجود كيانات سياسية في ايران ونجاح التجربة الاسلامية في ايران، اعطى مصداقية وثقة اكثر انه من الممكن ان تكرر التجربة الايرانية في العراق هذا اولا".

يكمل العطار "ثانيا اختلاف المرجعيات فالشيعة بشكل عام هم عبارة عن حركة دينية ثقافية، وبما انها دينية فكل مجموعة ترجع الى مرجعية معينة فهذا ينعكس على الكيانات الموجودة، النقطة الاخرى لم يتوصلوا الى بناء مشروع استراتيجي تديره عقليات مفكرة ناضجة لديها حرص بعيدة عن الصراعات وهذا ما لم يتوفر الا في فترات قليلة جدا، واليوم بيد اشخاص لا يفكرون الا في اليوم والساعة وان المصالح الذاتية والفئوية عندما تحضر تغيب الاستراتيجية".

ويضيف ايضا "بالإضافة الى ذلك ان سقوط النظام بيد الدول الامبريالية لديه استحقاقات ومن غير الممكن ان لا تضع تلك الدولة استراتيجيتها، على العموم ورغم سوداوية الوضع الحالي الا انهم -اي الشعب الشيعي- هو اكثر وعيا لمصالحهم ولحقوقهم، وبالتالي هذا سوف ينعكس على القوى السياسية من اجل ان تنسجم مع مطالب الجماهير او تنزوي وتتفكك، خصوصا وان هناك حرص غير اعتيادي على ان العراق يعود الى سابق عهده بعد التخلص من داعش".

ويعزو الباحث غسان حسين، سبب فشل الكيانات السياسية الشيعية الى ضعف القانون والى هدر المال العام وعدم حل المليشيات وامتلاك السلاح بيد مجاميع معينة، هذ مما أثر على سياسة الاحزاب الشيعية.

وتوجه الدكتور قحطان حسين الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، صوب نقاط الائتلاف والاختلاف بالنسبة لمكونات التحالف الشيعي ان صح هذا الوصف والتي جاءت بها الورقة، لوجدنا ان نقاط الاختلاف مقابل نقاط الائتلاف محدودة وقليلة جدا، لكن يمكن القول ان مستوى العلاقة بين مكونات التحالف اصبحت في دائرة الصراع وان السبب الرئيسي لها هو الزعامات، خصوصا وان هناك زعامات دينية تقليدية وزعامات سياسية طارئة فاذا ما استطعنا ان نوفر مساحة مشتركة لتلك الزعامات عندها نستطيع ان ننهي هذا الصراع".

ويضيف حسين "لاسيما وان الصراع محصور فقط بالقيادات ولا وجود له على القاعدة الشيعية، اضف الى ذلك ضعف او غياب الرؤية الاستراتيجية لدى الشيعة جعلهم في موقف ضعيف امام خصومهم السياسيين من السنة والاكراد، اما ما يتعلق بنسب الفقر الموجودة في مناطق جنوب ووسط العراق هي بسبب الصراع الموجود بين الزعامات الشيعية، جعلتهم يغضون النظر عن السرقات الهائلة التي يمارسها السنة والاكراد، وبالتالي ازدادت ثرواتهم من وارادات الشيعة".

ويكمل حسين "الخوف غير المبرر من التاريخ للشيعة وقادتهم جعلتهم غير قادرين على اتخاذ قرارات مصيرية مرتبطة بمصير الشيعة وبمستقبلهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني، فلو تمعنا بالإقليم الشيعي ومحاسنه ومميزاته مقارنة بسلبياته لاكتشافنا ان فيه خلاص للشيعة على الجانب الاقتصادي، واخيرا يسأل الباحث عن اعتباره قريب من عمل المفوضية المستقلة للانتخابات هل هناك ثمة تلاعب او تزوير بنتائج الانتخابات غيرت مجرى الانتخابات، خصوصا واننا اليوم امام غضب جماهيري عارم يدعو الى تغيير مجلس المفوضين؟".

ويعتقد الشيخ محمد تقي الذاكري، مؤامرات دول الجوار والدول العظمى، بالنتيجة الدول التي لها مصلحة في تحطيم العراق هي من غذت واشبعت او مهدت لسرقات كثيرة، فربما الشخص الذي أصبح سارقا اليوم هو لا يعلم بانه سيصل الى هذه المرحلة، فعلى والمؤامرات لها الأثر الكبير في الانحراف الذي حصل في المجتمع الشيعي بشكل عام، وبالتالي المجتمع السني عندما لاحظ ان المسؤول الشيعي يسرق هو اتخذ نفس الاسلوب متأثرا به".

ويضيف الذاكري "هذا مما ادى الى بروز نقطتين اساسيتين النقطة الاولى عدم استقلالية السياسي الشيعي في اتخاذ القرار وفي ايجاد الطرح، النقطة الثانية هو انعدام التنمية الاقتصادية هذا ما شجع دول الجوار على تحطيم اقتصاد البلد، وبالنتيجة أصبح الشاب العراقي ليس لديه طمع في الاقتصاد العراقي، فالذي لا يشتغل يصبح عميل ويقتل ويجلب سلاح وهذا امر طبيعي فعندما لا تتوفر للشاب سبل العيش الكريم يكون مضطرا لارتكاب افعال غير سوية من اجل الحصول على المال".

ويكمل الذاكري "بالتالي تلك الأموال مورس بها الكثير من الانتهاكات وعندما وصل الامر الى عدم وجود رؤية مستقبلية لاقتصاد البلد، لذلك نرى السرقات متفشية والعمالة ايضا تكثر".

واوضح الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس ادارة مؤسسة النبأ للإعلام والثقافة، "اان مفهوم المصالح هو مفهوم نسبي ويحتاج الى قراءة وحتى مفهوم الحكم الصالح هو يحتاج ايضا الى قراءة، المشكلة الاساسية بالنسبة للكتل الشيعية ما كانت تحس بحاجة لبناء دولة، والسبب لان تفكيرها ليس تفكيرا شيعيا في المقام الاول بل تفكيرها سلطوي وفئوي".

ويضيف معاش "لذا تحتاج الكتل الشيعية الى مراجعة فكرية فالديمقراطية الغربية على سبيل المثال لديها قدرة ومرونة كبيرة على مراجعة نفسها وهي دائما ما تغير سياستها واسلوبها، وهذا هو المأزق الذي وقعت فيه الكتل الشيعية وهي لا تمتلك المرونة على التغيير والرجوع خطوة الى الوراء، لذا نحتاج من الكتل الشيعية ان تغير افكارها بالكثير من الاشياء خصوصا في مفهوم المصالح وفي مفهوم الدولة وفي مفهوم الانتخابات".

التعليق على المداخلات

واخيرا اجاب الدكتور السعد على مجمل الاستفسارات والتساؤلات المطروحة وبدأ من كون الائتلاف هو اضعف انواع التحالفات بين الكيانات السياسية، وبالتالي قد يكون مرحلي على فترة محددة او انتخابات معينة، الشيء الآخر هو لا يميل الى السيناريوهات التي تتحدث اما عن الائتلاف او الاختلاف فإشكاليتنا ليست في الائتلاف والاختلاف، فإن حصة الشيعة من الحكم موجودة عدا الحوادث الطارئة فكيف ندير هذه الحصة وهذا هو الاهم، فنحن لسنا في محل القلق من الحصة بل من كيفية ادارة الحصة، فعلا ان عدم التخطيط هو تخطيط للفشل وهذا ما تتحدث عنه الامم المتحدة وايضا هو ذات المعنى لغياب الرؤية الاستراتيجية".

ويضيف السعد "اما بخصوص تطبيق المعايير على الكتل الشيعية فسيصلون الى نسبة (30%) من الحكم الصالح وهي نسبة جدا قليلة، خصوصا ومع وجود توزيع في الموارد وتحسين في بعض الملفات، وكذلك حجم التحديات التي تواجه الواقع العراقي من خلال التدخلات الخارجية التي ترسمها اجهزة المخابرات الاجنبية في العراق، وايضا حتى الفرد الشيعي في داخله ازمات خاصة وان الفترة قليلة التي تشكل بها نظام الحكم ما بعد التغيير".

ويكمل السعد "الى جانب ذلك الموضوع الامريكي هو يتحمل جزء كبير ولكن اثناء البحث في بعض الادبيات وعلاقتها بالدولة، هي ادبيات فضفاضة فمثلا ادبيات حزب الدعوة وهو حزب عريق وكذلك ادبيات المجلس الاعلى وخطابات رؤسائهم، هم لا يمتلكون برامج حقيقية لعلاقة الدولة حتى داخل الحزب نفسه وعندما يسأل عن علاقته مع الاخر، وهو كمن ينهزم امام المواجهة الفكرية وهي تحتاج لتأصيل وعمق وتأملات ودراسة بين القانون والاجتماع والسياسة".

ويضيف ايضا "فنحن نعتقد الكيان السياسي بانه لا يمتلك هذه الفسحة من الوقت ويعتبرها شيء من الترف وليس بحاجة لها، ايضا ان موضوع ضعف الروح الوطنية ومفهوم الوطن لا زال غامضا فنحن كمكونات لدينا اشكالية على مفهوم الوطن، بالإضافة الى ذلك كان من الضروري ان نعيد قراءة ما اورده بوتين حيث افاد (من يقول باننا لا نعود لفترة الاتحاد السوفيتي فليس له قلب ومن يقول اننا يجب ان نعود الى فترة الاتحاد السوفيتي ليس له عقل)، وللاستدلال على هذا المعنى (فمن يقول لك ان المفوضية ليس فيها تزوير او تلاعب ما اجاد ومن يقول ان تغيير المفوضية يقضي على التزوير ايضا لم يجيد).

ويختم السعد "فلذلك التغيير داخل المؤسسة لا يكون بهذه الصيغ خصوصا وان هناك اجزاء ساقطة امنيا فهذا ليس ذنب المفوضية، وهناك فرد يزور قربة الى الله تعالى والكل ربما يمارس التزوير لأغراض معينة، وان أخطر شيء اذا كانت القائمة دائرة مغلقة حيث يتم التزوير في دهوك ونحن ندفع الثمن هنا، واكثر من يمارس التزوير هم الاكراد ومن ثم السنة وفي المرتبة الثالثة الشيعة، وبالتالي ان تغيير المفوضية مهم ولكن مع ايجاد البديل المناسب خصوصا وان المفوضية هي الحلقة الاضعف في هذا الصراع وان تغيرها لم يغير طبيعة الصراع".

يشار الى إن مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية هو احد المراكز التي تعنى بالأوضاع السياسية العالمية والمحلية من خلال استشراف وتحليل المواقف والأحداث بشكل مهني علمي بعيدا عن التطرف والانحياز.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001 – 2017

اضف تعليق