للنصر والاستقرار وبناء الدولة الاستشارية التعددية، مقومات وقدرات وركائز، جميعها متوافرة في العراق، هذا يعني أن العراق سوف ينتصر بالنتيجة، وعلى القائد أن يؤمن بهذه الإمكانية، ولابد أن تكون هنالك صفات وسمات وملَكات ينبغي توافرها في القائد، حتى يمكن تحقيق الأهداف الكبيرة، فالأمر يتعلق بالدرجة الأولى في المتصدين للعمل السياسي، وقيادة البلد، هل يمتلكون الذكاء والحنكة والنضوج المطلوب؟.
هناك مؤهلات مهمة جدا، ينبغي توافرها في شخصية القائد، حتى يكون الانتصار ممكنا، ومن أهم هذه المؤهلات أن يكون القائد محنكا وذا رؤية بعيدة النظر، أي أنه لا ينظر تحت قدميه فقط، بل ينبغي عليه أن يرى البعيد، والخفي، وأن يدرس الأوضاع بصورة علمية دقيقة وأن يفهم بدقة ما هي العواقب التي يمكن أن تحدث فيما لو أخطأ السياسي القائد في تقديراته وحنكته وذكائه وسلوكه، من خلال اتخاذ القرارات غير الصائبة، لأن القائد المحنك بعيد النظر لن يتعجل في اتخاذ قرارات غير مضمونة.
يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في احدى كلماته التوجيهية القيمة للمسلمين: (على القائد أن يكون محنّكاً وناضجاً وأن ينظر بعيداً إلى العواقب كما كان مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهذا صعب ولكنه ممكن).
هنالك قضية أخرى تتعلق بالقيادة، فثمة قائد قد تكون السمات القيادية مكتملة في شخصيته، مثل قوة الارادة والحزم وبعد النظر والصبر والتوازن ورباطة الجأش وبعد النظر والحنكة والذكاء وما الى ذلك من أمور ينبغي أن تكون موجودة في القائد، وهنالك قادة آخرون يمتلكون نسبة أقل قد تكون واحد بالمائة، في هذه الحالة ينبغي أن تجتمع الشخصيات القيادية مع بعضها كي تتكامل القيادة ويتحقق النجاح المطلوب.
كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله في كلمته المذكورة نفسها: (القيادة تكون أحياناً مجتمعة مائة بالمائة في شخص، وقد يكون واحد بالمائة منها في شخص، وواحد بالمائة في شخص آخر، وواحد بالمائة منها في شخص ثالث، وهكذا في رابع وخامس. فإذا اجتمع هؤلاء تكاملت القيادة، والله تعالى وليّ الذين آمنوا).
هزمنا بريطانيا العظمى
على الرغم من أن رحلة العراق مع الحرمان والعذاب قد طالت، والتجاوز على حقوقه وشعبه قد تعددت وتنوعت، والدول والقوى الطامعة به باتت كثيرة، منها من يعلن هذا الطمع علنا ومنها من يعمل بالخفاء كي يبقى على هذا البلد متأخرا من خلال اثارة الفتن بين مكوناته، حتى ينشغل الشعب وتخلو الساحة لهؤلاء كي يضعفوا العراق أكثر فأكثر، ولكن الطامعين سوف يهزمون، في وقت قريب.
تؤكد هذه الهزيمة طبيعة الشعب العراقي، وجذوره وتاريخه المشرف، فشعب العراق له تجارب مع الطامعين، وله جولات مع دول كبرى هزمها شر هزيمة بآلات قتال بدائية ولكن بإرادة شعبية عارمة هزمت (بريطانيا العظمى) التي كان يقف وراؤها مليار نسمة في الهند والصين كما تشير المعلومات التاريخية الى ذلك، ومع كل هذه المزايا القتالية تمكن العراقيون الأبطال من هزيمة بريطانيا وطردها خارج العراق:
حيث يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع: (العراق قد طال به السفر، ولكن لابد له بالنهوض ومن ينهض به. فالعراق بالماضي كانت نفوسه قرابة خمسة مليون، وكان شعبه أعزلاً لا يملك سوى (المكوار) فحارب به من كان يملك (الطوب) أي المدفع. فصار هذا المكوار داعماً للإيمان والتضحية وللإخلاص، فتغلب هذا المكوار على بريطانيا التي كانت تسمّى ذلك الزمان عظمى، وكانت أكبر قوّة على وجه الأرض، حيث كان وراءها ألف مليون، 600 مليوناً في الصين، و400 مليوناً بالهند، فالصين والهند كانت من مستعمرات بريطانيا).
مثل هذه النتيجة في هزيمة الدولة الاستعمارية العظمى، ما كانت تتحقق لو لا الإيمان الذي يتحلى به العراقيون، والتضحية التي هم على استعداد دائم لتقديمها من اجل حماية وطنهم ودولتهم وتوحدهم رغم اختلاف الاعراق والاديان والأثنيات، كذلك يوجد لديهم الاخلاص في العمل وهذه ميزة تساعد بقوة على تحقيق النجاح والنصر وتكتب للانسان الفرد والجماعة نتيجة موفقة، كل هذه النتائج الطيبة تتلخص في الانتصار الذي يتحقق بلطف الله، فضلا عن رعاية الامام علي وسيد الشهداء الحسين عليهما السلام، فالنصر يلوح للعراقيين في الأفق القريب.
يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (بالإيمان والتضحية والإخلاص ينزل النصر والتوفيق. وهذا يكون بلطف الله تعالى، وبرعاية الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين صلوات الله عليهما).
منك الحركة ومن الله البركة
إن سعي الانسان هو الاساس في أي نتيجة يحصل عليها، وتبعا لهذا السعي والجهد، نوعا وكمَا، حجما وعددا، قوة وتأثيرا، تبعا لهذه الأمور سوف تترتب النتائج، إذ أن الحركة هي الأساس، ثم بعد ذلك تأتي البركة، أي أن الله تعالى لا يبارك بانسان جامد، خامل، ساكن، لا دور له في الحياة، والعراقيون معرف عنهم كثرة الحركة والنشاط، ومواصلة السعي نحو أهدافهم في بناء حاضر ومستقبل أفضل، فهذا هو ديدن العراقيين.
كما أن الله تعالى يدافع عن المؤمنين، ويساعدهم، لاسيما أن أولياء الله يمكن أن نجدهم بين عباده من الناس، وثمة ايمان كبير للشعب العراقي بالله تعالى، فأولياء الله موجودين بين افراد الشعب في المدن العراقية المتنوعة في الوسط والجنوب والاهوار، وكذلك في الحوزات والجامعات والمدارس والمؤسسات الاخرى، كل هذه الأماكن يتواجد فيها أولياء الله القادرين على قيادة العراقيين نحو تحقيق النصر الناجز.
فقد أكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) سورة الحجّ: الآية38، وهذا قول القرآن الحكيم. وفي الحديث الشريف عن الصادقين المصدّقين، الأنوار الأربعة عشر صلوات الله عليهم، ان: (الله أخفى وليّه بين عباده). أي ان أولياء الله موجودين بين أهل الجبايش وكربلاء والنجف وبغداد والقرى وبالعشائر والحوزات العلمية وبالجامعات والمدارس وغيرها، وبسببهم الله تعالى يعين).
لذلك لا يصح أن يبخل العراقيون بالحركة، لأن البركة تكمن فيها، وهي تعبر عن استعداد العراقيين لبذل الغالي والنفيس من أجل حماية الارض والعرض والمقدسات، وهو ما يحدث حاليا، فضلا عن سعي الشعب وقادته نحو أهمية وضع الأسس والركائز السليمة للنصر القادم، المتمثل بالنجاح في بناء الدولة القوية المتقدمة القادرة على حماية حقوق الناس جميعا وفق العدالة والتعايش والتعددية والسلام والأمن والسلم الأهلي.
إن الله تعالى يقف الى جانب العراقيين، وهم يسعون نحو تحقيق أهدافهم المشروعة، من خلال الرؤية السليمة والتخطيط الصحيح والتنفيذ الدقيق، وهذه الخطوات لا يمكن تحقيقها من دون الاعتماد على الله تعالى في مواصلة الحركة والجهود والسعي المنتظم، اذ هنالك جانبان ينبغي أن يتحقق وصولا الى النصر المبين:
الأول: حركة الشعب في الاتجاه الصحيح وبلورة مواقف سليمة وجمع قدرات الشعب وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف الاصلاحية المعروفة للشعب، وهذا يعني أن الجهد والحركة والسعي ينبغي أن يتواصل على الدوام من الشعب والجهات القيادية المخلصة الداعمة له.
الثاني: أن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عمّن يسعى في الاتجاه الصحيح، بل سيقف معه ويجعله قادرا على تحقيق المطالب التي يهدف إليها، بشرط أن تكون مشروعة فيبارك بها تعالى ويجعلها ممكنة التحقيق بإذنه تعالى.
لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا: (هناك قول معروف، وهو منك الحركة ومن الله البركة. فالحركة والنشاط والإقدام والتضحية من العباد، والبركة من الله تعالى. والبركة هي الثبات والدوام والاستقلال والانتصار).
اضف تعليق