إن الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها الشباب هي الأخلاق الحسينية العظيمة التي لا يمكن أن تسيء التعامل لأحد، حتى أولئك القلّة الذين قد تبدر منهم إساءة، لا يجب على الشباب أن يقابلوهم بالإساءة نفسها، فهؤلاء أيضا ضيوف الحسين عليه السلام، فضلا على أنهم سينقلوا المواقف الأخلاقية الكريم التي تحيط بهم...
(هنيئاً لمن يخدم في مجالس سيد الشهداء سلام الله عليه أكثر ويتحمل الصعاب في هذا الطريق) سماحة المرجع الشيرازي دام ظله
كم هو محظوظ ذلك الإنسان الذي يرزقه الله تعالى خدمة زوار الحسين عليه السلام، وهذا ينطبق على أهالي كربلاء، وعلى شبابها، فهؤلاء الذين حظوا بالسكن في هذه المدينة المقدسة، فازوا دون غيرهم بفرصة تقديم الخدمات المهمة التي يحتاجها ضيوف سيد الشهداء عليه السلام.
ونقول فرصة، لأن السكن في مدينة الحسين فرصة ليست متاحة للجميع، فهناك من يتمنى أن تتوضّأ عيناه في كل صباح بمنائر المرقدين المقدسين للإمام الحسين عليه السلام وأخيه العباس عليهما السلام، وهناك من يحلم أن يستنشق تراب زوار الحسين، وهناك من يتمنى أن يقضي عمره كله خادما لهؤلاء الزوار الكرام، لماذا؟، لسبب واضح وظاهر وبسيط، وهو أن كل ما يتعلق بالإمام الحسين عليه السلام متفوق على سواه، في جميع مجالات الحياة.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في إحدى كلماته التوجيهية القيّمة:
إن (كلّ ما يتعلّق بسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام هو استثناء ومتفوّق على غيره)
لذا فإن مخاطبة خُدّام زوار الحسين عليه السلام مهمة، ولابد أن يعرف الجميع ذلك الثواب الذي يحصلون عليه، لأن سيد الشهداء يعلم بكل ما يقدمه (الخادمون) من تسهيلات وتوفير احتياجات، من مأكل وإطعام وشراب ومنام واستحمام، وكل ما يحتاجه الزائر الكريم، لأنه قبل كل شيء ضيف الحسين عليه السلام.
فتصوَّر ما هي الخدمة التي يستحقها ضيوف سيد الشهداء، وهم الذين يقطعون مئات بل آلاف الكيلومترات من مشارق الأرض ومغاربها، قاصدين كربلاء المقدسة، كي يحيوا مراسم زيارة الأربعين، ويعيشوا تلك اللحظات والوقائع التي عاشها الإمام عليه السلام وعاشها أهله وأصحابه ومعيته الأطهار.
لذا فإن جميع الخدمات التي يقدمها الناس للزوار الكرام سوف يتم تسجيلها في صحف أعمال القائمين بها، وسوف يجزون عليها ذلك الجزاء الإلهي الذي يستحقونه بشفاعة سيد الشهداء عليه السلام.
بادروا بتقديم أفضل الخدمات للزوار
لذا حريّ بمحبي سيد الشهداء، وبالمؤمنين به، والمؤيدين له، والعاملين بمبادئه، والناصرين لثورته وأفكاره في الحرية ورفض الظلم، ومقارعة الفاسدين، ومواجهة الحاكم الفاسد حتى لو كان الثمن أغلى ما يملك الإنسان وهي نفسه ودماءه، حري بهؤلاء جميعا أن يخدموا ضيوف الحسين عليه السلام بكل ما يحتاجونه.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(اعلموا أن كل ما تقومون به من خدمة في سبيل الإمام الحسين سلام الله عليه فهو يعلمه ويثبته لكم ليجزيكم الله تعالى به. وكل ما تقدّمونه من خدمة للإمام الحسين سلام الله عليه سيسجّل في صحيفة أعمالكم، وأن الإمام سلام الله عليه يعلم بها أيضاً مهما كانت، فبادروا إلى تقديم الأفضل والأكثر لتنالوا أعظم الدرجات إن شاء الله تعالى).
نعم إنها لفرصةٌ لا تقدَّر بثمن أن يفوز الإنسان بالعيش بالقرب من ضريح سيد الشهداء، وتكحل عينيْه فجر كل يوم قباب الذهب والمنائر الشاخصة في إلى عنان السماء، معلنة الوجود الأزلي الأغنى لأعظم الثوار، لهذا فإن أهالي كربلاء فازوا بهذه النعمة العظيم، العيش بالقرب من الحسين عليه السلام.
ومن ثم الفوز بتقديم الخدمات المختلفة لضيوف سيد الشهداء، ولعلنا نلاحظ رؤية العين كيف تتدفق عوائل الزوار نحو بيوت أهالي كربلاء، ومنازلهم، ونحو أماكن السكن المختلفة، بحيث يجد ضيوف الحسين كل ما يحتاجونه في هذه البيوت التي تصبح بيوت الزوار وليس بيوت الناس الذين يملكونها.
إن أهالي كربلاء يفرحون ويشعرون بالسعادة الكبيرة وهم يحتضنون في بيوتهم ضيوف الحسين عليه السلام، وهكذا يجد الزائر ضالته، ويتم تخفيف المصاعب التي يواجهها وهو في الطريق لإحياء زيارة الأربعين الحسيني، فيشعر أنه في بيته مع ذلك الاهتمام الذي يبديه أهالي كربلاء بزوار الحسين عليه السلام.
وتعد خدمة الزوار من الفرص النادرة والثمينة لأهالي كربلاء، لأن هناك الكثير من يتمنى لمس ضريح الحسين الشهيد وليس السكن في أرضه وبقربه، لأنها غاية لا تُدرَك لملايين الناس، لذا يأملون بأن يعوضهم الله تعالى بزيارة المرقد المقدس، وإحياء الزيارة الأربعينية، والمشاركة في الشعائر الحسينية المقدسة.
لذا فإن سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يؤكد قائلا:
(إنكم تعيشون في أرض كربلاء المقدّسة وبالقرب من المرقد الطاهر للإمام الحسين سلام الله عليه وأخيه أبي الفضل العباس سلام الله عليه، فينبغي لكم أن تعرفوا قدر هذه النعمة، فإنّه لتوفيق عظيم من الله تعالى ومنّة منّ بها عليكم خصوصاً وعلى أهل كربلاء عموماً, فأنتم مشغولون في حرم أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه بخدمته وخدمة زوّاره، بينما كثير من الناس في العالم يتمنّون المجيء الى كربلاء ومن أجل التشرّف بزيارته).
التعامل بالأخلاق الحسينية الرفيعة
ثم يخاطب سماحته (دام ظله) شباب كربلاء الغيارى، ويناشدهم الاقتداء بصاحب (القبة السامقة)، ويطالبهم بحيازة الأخلاق الحسينية الرفيعة، والتحلي بالقيم والأخلاق التي انتصر بها الإمام الحسين على أعتى الطغاة، وهزم بها الحكام الظالمين المستبدين وزلزل الأرض تحت عروشهم، فتساقطت من عليائها المزيَّف، وسقط أولئك الحكام الفاسدون في الحضيض.
إن الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها الشباب هي الأخلاق الحسينية العظيمة التي لا يمكن أن تسيء التعامل لأحد، حتى أولئك القلّة الذين قد تبدر منهم إساءة، لا يجب على الشباب أن يقابلوهم بالإساءة نفسها، فهؤلاء أيضا ضيوف الحسين عليه السلام، فضلا على أنهم سينقلوا المواقف الأخلاقية الكريم التي تحيط بهم، فالتعامل الجيد هو عنوان الشباب الحسيني مع جميع الزوار بلا استثناء.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(أنتم الشباب الغيور من أهالي مدينة كربلاء المقدّسة، عامة والسادة خدم الإمام الحسين وسيدنا العباس سلام الله عليهما خاصّة، عليكم أن تقتدوا بصاحب القبّة السامقة التي تعيشون في ظلها، وأن تكونوا على درجة رفيعة في الأخلاق الحسنة، لأن ملايين الناس يفدون سنوياً لزيارة الإمام الحسين سلام الله عليه، ويحتمل أن يكون بينهم عدد ضئيل قد لا يحسن التصرّف، ولكن هذا لا يعفيكم من أن تعاملوهم معاملة حسنة أيضاً، لأنهم جميعاً ضيوف الإمام وزوّاره يبيتون أياماً قليلة ثم يرحلون).
إنها في الحقيقة فرصة عظيمة توفرها زيارة الأربعين للشباب الحسيني، ولكل مؤيدي ومناصري سيد الشهداء، لكي يثبتوا للجميع بأنهم أهل للانتساب إلى غريب كربلاء وثائرها الأعظم، فلابد أن تكون أخلاقكم رفيعة، ولابد أن يكون الإطار الحسيني دليلكم في التعامل مع زوار الإمام الحسين عليه السلام.
لذا لابد من أن يتنبّه الشباب من خدّام الحسين عليه السلام إلى عدم التسرع في التعامل غير الصحيح مع الزوار لأي سبب كان، فهؤلاء أصحاب فضل على أهالي كربلاء، كونهم ضيوف الحسين عليه السلام، فلا يصح أن يخطئ أحدنا بحقهم لأنهم سوف ينقلون هذا التعامل المسيء للآخرين، ويسود انطباع يجمع الكل بالخطأ. لذا مطلوب خدمة الزوار بالأخلاق الحسينية الكبيرة.
من هنا يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(حريّ بكم أن تعاملوا – الزوار- معاملة إذا عادوا إلى أوطانهم ذكروكم بخير وتحدّثوا عن أخلاقكم الرفيعة، ويجب أن تكونوا منتبهين جدّاً لهذه النقطة؛ لأنه إذا ما تصرّف فرد واحد منكم بصورة خاطئة فإن هذا قد يعطي انطباعاً سيّئاً حتى عن المجموع).
بالنتيجة فإن من يخدم زوار سيد الشهداء عليه السلام بالصورة التي تليق بالزائر الكريم، فإنه سوف يحصل على الثواب العظيم المضاعف الذي يستحقه، ومع أن الأكثرية العظمى من أهالي كربلاء الكرام، معروف عنهم المبادرات الكريمة في مراعاة ضيوف الحسين عليه السلام، لكن التذكير بعظمة هذه الخدمة ومكانتها عند الله تعالى كبيرة جدا بشفاعة الإمام الحسين عليه السلام.
اضف تعليق