q
إسلاميات - المرجع الشيرازي

زيارة الأربعين: كيف نؤمِّن حاجات الزائر الحسيني؟

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

على مدى الأربعين يوما التي مضت، عاشت كربلاء المقدسة شعيرة الأربعين، وأحيى الملايين من زوار أبي عبد الله الحسين هذه الشعيرة المقدسة، بقلوب ملئها الإيمان والتضرّع إلى الله تعالى بأن يديم نعمة الزيارة على كل المسلمين، وكلما كانت الخطوة أبعد وتجشم عناء السفر أكبر، يكون الأجر أكبر وأجزى إن شاء الله...

(يجب أن تُبنى الفنادق المجهّزة والضخمة والمناسبة للزائرين الحسينيين وتكون مجانية لهم)

سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

على مدى الأربعين يوما التي مضت، عاشت كربلاء المقدسة شعيرة الأربعين، وأحيى الملايين من زوار أبي عبد الله الحسين هذه الشعيرة المقدسة، بقلوب ملئها الإيمان والتضرّع إلى الله تعالى بأن يديم نعمة الزيارة على كل المسلمين، وكلما كانت الخطوة أبعد وتجشم عناء السفر أكبر، يكون الأجر أكبر وأجزى إن شاء الله.

لقد عاشت مدينة كربلاء المقدسة بمركزها وأقضيتها ونواحيها وأطرافها وبأحيائها السكنية، أياما لا تُنسى في شهري محرم وصفر، ابتداء من الأول من محرم بلوغا إلى يوم الأربعين الحسيني، حيث تحولت كربلاء إلى قبلة للمسلمين ولسكان العالم أجمع، وأصبحت كخلية النحل تستقطب الملايين يخدمهم مئات الآلاف من أصحاب المواكب الحسينية والحسينيات والبيوت بتوفير الطعام والمنام والاستحمام والتطبيب وبكل ما يحتاجه الزائر الكريم.

مع التذكير بالنشاطات التي رافقت هذه الزيارة المليونية الضخمة، وهي نشاطات تنوعت بين الدينية والثقافية والفكرية والأدبية وحتى الفنية، فقد أقامت جمعية الشعراء الشعبيين الأحرار مهرجانا شعريا حسينيا شارك فيه عشرات الشعراء ومنهم معروفين ولهم أسماءهم الكبيرة، حيث صدحت حناجر الشعراء بحب الحسين (عليه السلام) وبصوت الحق ونصرته ضد الظلم والجور والاستبداد، ولا يُخفى أن هذه المناسبة تشكل فرصة ذهبية لمواجهة الفساد السياسي والمالي والإداري والاجتماعي وكل أنواع الفساد.

ومع اقترابنا من نهاية شعيرة الأربعين الحسيني هناك حاجات ومتطلبات ومستلزمات يحتاجها الزوار الكرام، لابد من تذكير صناع القرار ومن يهمهم الأمر بها، فمع كل زيارة جديدة تزداد أعداد الزائرين وتزداد الحاجة لتوفير مستلزمات مشاركتهم في إحياء مراسيم هذه الشعيرة المقدسة، مما يستوجب التهيئة ورصد المبالغ والتخصيصات والاستعدادات التخطيطية والتنفيذية لإنجاز هذه الحاجات والمتطلبات بما يتناسب مع الزيارة السنوية لأعداد الزوار.

لقد أسهم الشعب العراقي من الأهالي في جميع المدن العراقية، وفي تلك التي تقع في طريق الزوار السائرين نحو كربلاء المقدسة، وأهالي كربلاء أنفسهم، أسهموا بكل ما يحتاجه الزائرين الكرام، ولكن مع تزايد الأعداد المليونية وتكرار الزيارة سنويا يتوجب الاستعداد لهذه الزيارة وللمناسبات الدينية الأخرى باستمرار.

يجدر أن تكون احتياجات الزوّار مجانية

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في كلمته التوجيهية المباركة بمناسبة حلول شهري محرم وصفر وزيارة الأربعين الحسيني:

(اليوم وبمساعي وهمم أغلب الشعب العراقي، جزاهم الله خيراً، ويجزيهم خيراً بلا شكّ، يقوم هذا الشعب الكريم بتوفير وتأمين الطعام للزائرين بشكل مجاني في سبيل الإمام الحسين صلوات الله عليه وبالأخص في أيّام الزيارة الأربعينية الحسينية المقدّسة. وهكذا يجدر أن تكون سائر احتياجات الزوار بشكل مجاني أيضاً).

ولعل من أهم ما يحتاجه الزائرون في هذه المدينة التي تعد مساحة مركزها صغيرة قياسا لأعداد الزوار الكرماء، هو السكن في أماكن تليق بضيوف سيد الشهداء (عليه السلام)، فالزوار القادمون من خارج العراق أو من مدن بعيدة عن كربلاء المقدسة، يستحقون السكن والمنام في فنادق ممتازة يجدون فيها راحتهم بعد أن يقطعوا عشرات ومئات الكيلومترات برا أو بحرا أو جوا، ومن ثم سيرا على الأقدام.

يشير سماحة المرجع الشيرازي إلى هذا المتطلَّب المهم فيقول:

(من الأمور اللازمة والضرورية للزائرين الحسينيين، جعل الفنادق في مدينة كربلاء المقدّسة وأطرافها بشكل مجاني. ويجب لهذا الأمر، أن تبنى الفنادق المجهّزة والضخمة والمناسبة للزائرين الحسينيين وتكون مجانية لهم).

ولعلنا نتفق جميعا، أن الزائر الكريم يستحق أكبر الاهتمام، ولهذا من غير المنصف ولا الصحيح أن لا يجد المكان المناسب الذي يستريح أو ينام فيه، إننا في حالة الاهمال فسوف نتعرض إلى لعن النبي صلى الله عليه وآله، لاسيما أن التوصيات الدائمة تنصب على وجوب إكرام زوار الحسين (عليه السلام) بالمكان الجيد، والطعام المناسب، والماء النقي، وكل ما يزيح عنهم وعثاء السفر ومتاعبه الجمة كونهم ضيوف سيد الشهداء (عليه السلام).

لهذا يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(من العيب على الجميع أن يستريح الزائر الحسيني على الأرض وترابها، صيفاً وشتاء. فالذي يمكنه أن يقدّم الخدمة في هذا الصدد للإمام الحسين صلوات الله عليه ولزائريه ويقصّر، فسيكون ممن خذل، ويشمله لعن النبي الكريم صلى الله عليه وآله).

ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، من هي الجهات التي يتوجب عليها التصدي لإنجاز هذه الاحتياجات المهمة للزوار؟

إنهم بصريح العبارة معروفون للجميع، بل هم أنفسهم يعرفون بأن مهمة تذليل مشاكل الزوار وتوفير احتياجاتهم تقع عليها، ويجب أن يبادروا بصدق وإيمان وتخطيط جيد وتنفيذ سليم لإنجاز هذه الاحتياجات، لاسيما حاجة السكن في الفنادق بعد التعب والمعاناة الكبيرة التي يتعرض لها الزوار الكرام سواء في طرق الزائرين (المشّاية) أو في المطارات والمنافذ البرية والبحرية وسواها.

إنشاء فنادق ضخمة وبنى تحتية متينة

إن الحكومات الإسلامية، حكومات العراق والدول الإسلامية هي أو الجهات المسؤولة عن توفير السكن اللائق للزوار، وكذلك يقع جانب كبير ومهم من إنجاز هذه الحاجة وهذا المطلب على عاتق التجار والأثرياء لاسيما الشيعة منهم، فعليهم المبادرة الفورية والحقيقية لمعالجة هذا المطلب الكبير، لاسيما أن الزيارات مستمرة وأن أعداد الزائرين في تصاعد مستمر أيضا.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(الاهتمام بهذه القضية ومتابعتها هو من اختصاص الحكومات والتجّار الكبار الشيعة. فلذا يجب الاهتمام البالغ في هذا الأمر، حتى تكون الفنادق والبيوت مجانية للزائرين الحسينيين في أيّام الأربعين الحسيني).

وهناك مطلب ثان، أو حاجة ثانية لا تقل أهمية عن مطلب السكن وتشييد الفنادق الكبيرة للزوار، وهذا المطلب يتعلق بقضية النقل وتوفير وسائله كافة، وبالأعداد اللازمة التي تكفي الزوار إيابا وذهاب، فلابد من توفير الطائرات بأعداد كافية وبلا أجور، أي يكون النقل مجاني لأن معظم الزوار قد لا تتوفر عندهم المبالغ المطلوبة، وربما هناك من حُرِم من الزيارة بسبب نقص الأموال، لهذا فإن توفير وسائط النقل يساعد أحباب أبي عبد الله بالوصول إلى ضريحه الشريف والمساهمة في إحياء الأربعين الحسيني والمناسبات الأخرى.

وهناك مهمة تقع على الشباب المسلم المقيمين في دول أخرى، فهؤلاء الشباب عليهم أن يقودوا حملة مطالبات بتسهيل سفر الناس إلى زيارة الأربعين في العراق، وتخفيض التكاليف أو رفعها كليا، والضغط على الحكومات في هذه الدول غالبا ما يأتي بالنتائج المرجوة، لذا على الشباب أن يقوموا بهذا الدور في تلك الدول لأنها في الغالب تستجيب بسبب استمرار المطالبات.

حيث يؤكد سماحة المرجع الشيرازي هذه الحاجة وهذا المطلب في قوله:

(الحاجة الثانية للزيارة الأربعينية الحسينية المقدّسة هي وسائط النقل كالطائرات والقطارات والسيارات والبواخر وغيرها. وعلى الشباب الأعزاء الذين يعيشون في الدول غير الإسلامية، عليهم أن يبذلوا المساعي الجديرة والدائمة والمستمرّة لأجل المطالبة بتسهيلات خاصّة للزيارة الأربعينية الحسينية من حكومات الدول التي يعيشون فيها. فالدول غير الإسلامية، عادة، تراها تستجيب بالنهاية إذا كثرت عليها المطالب واستمرت ودامت).

إن هذه الأهداف واضحة وكبيرة وتحتاج إلى مساع كبيرة ومتواصلة وإلى ضغوط مستمرة على أصحاب القرار وغيرهم، لأن الأهداف الكبيرة تحتاج إلى نضال وكفاح وعمل مستمر حتى تتحقق، فعلى كل شيعي في أي بلد كان أن يبذل قصارى جهوده في هذا المجال، وهذه المساعي تدخل في باب مقدمات الوجود.

كما أشار إلى ذلك سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) فقال:

(على كل شيعي، في أي بلد، أن يستفيد من الحريّة الموجودة في البلد الذي يعيش فيه، وأن يسعى في هذا السبيل بقلمه وبلسانه وبالعمل الدائم والدؤوب. فلا شكّ هكذا مساعي ستعطي النتيجة بالنهاية. وحسب الاصطلاح العلمي، وحسب تعبير العلماء، هكذا فعاليات هي مقدّمات الوجود).

وها أننا في هذا اليوم نصل إلى انتهاء مراسيم زيارة أربعينية التي أسهم فيها الملايين من زوار الحسين عليه السلام، وقد لاحظ الجميع ضخامة هذه الشعيرة المقدسة، وما رافقها من جهود مباركو وعظيمة قدمها أصحاب المواكب الحسينية المباركة والجهات المختلفة التي أدت دورا كبيرا يغطي احتياجات الزوار الكرام، ولكننا نؤكد أن متطلبا السكن والنقل وإنشاء البنى التحتية الدائمية أهداف يجب أن تبقى نصب المعنيين بها، فكربلاء الحسين وعراق الحسين يستحقان بنى تحتية أفضل وزوار الحسين يستحقون خدمات أكبر وأفضل دائما.

اضف تعليق