q
هل تختلف أوضاع العراق بعد الهدنة السياسية الإيرانية السعودية التي جرت أعمالها الختامية في بكين، والتأسيس الذي جرى في بغداد ومسقط، وإذا كانت الهدنة بين بلدين، لماذا نتحدث عن تأثيرها على بلد ثالث مثل العراق بشكل إيجابي أو سلبي؟ أصل الهدنة الإيرانية السعودية يدور حول التدخلات من قبل الطرفين في شؤون الدول الأخرى...

هل تختلف أوضاع العراق بعد الهدنة السياسية الإيرانية السعودية التي جرت أعمالها الختامية في بكين، والتأسيس الذي جرى في بغداد ومسقط، وإذا كانت الهدنة بين بلدين، لماذا نتحدث عن تأثيرها على بلد ثالث مثل العراق بشكل إيجابي أو سلبي؟

أصل الهدنة الإيرانية السعودية يدور حول التدخلات من قبل الطرفين في شؤون الدول الأخرى، وحرب وجود صفرية يريد كل طرف إنهاء الآخر وإلغائه تماماً، اتهامات متبادلة بتأجيج الصراعات والحروب في دول الشرق الأوسط وبما يؤدي إلى تعكير أجواء السلام في المنطقة.

والعراق واحد من الدول التي كانت ساحة من ساحات الصراع الكبيرة بين السعودية وإيران وتعرض لأزمات لا قبل له بها، وعراق ما قبل صلح بكين قائم على الصراع الشرس بين طهران والرياض، إذ كانت إيران تملك الأرض عبر جماعات مسلحة تتكاثر كل سنة حتى صارت غير قابلة للعد، وبأسماء مكتسبة من العقيدة الشيعية.

لدى طهران عدة اهداف استراتيجية تتعارض تماماً مع الأهداف السعودية ويتمثل أبرزها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وقد تبنته الجماعات الشيعية العراقية عبر هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة إيرانية الصنع تستهدف المصالح الأمريكية وعلى رأسها القواعد العسكرية والسفارة في بغداد.

وعلى العكس للسعودية أهداف استراتيجية تتعارض تماماً مع الاستراتيجية الإيرانية الثورية، فخروج القوات الأمريكية من العراق يعني ضعف أو نهاية الوجود السعودي سواء على أرض العراق أو باقي مناطق الشرق الأوسط، لأن الرياض تستفيد كثيراً من المظلمة الأمريكية، كما أن الوجود الامريكي في العراق على وجه الخصوص ودول المنطقة عموماً يمثل أحد محاور العلاقات الاسترايتجية بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وأي استهداف له يعني رفع قبة الحماية الأمنية الاجنبية في المنطقة وتحول دولها إلى فريسة سهلة للنظام الإيراني الذي يهدف إلى تصدير الثورة وتدمير أنظمة الحكم القائمة عبر حرس الثورة وفيلق القدس.

والأدوات السعودية في الصراع مختلفة تلك التي تملكها طهران، يمكن القول أنها أكثر نعومه، متمثلة بالنشاط الدبلوماسي الدولي، معززاً بالنشاط الإعلامي المرتكز على شيطنة إيران وحلفائها، واستهداف البنية النفسية للشعوب الواقعة تحت السيطرة الإيرانية.

تصور أن كل الصراعات سوف تتجمد، وسوف تتوقف طهران عن دعم المجموعات المسلحة في العراق، وتصور أن تخفف السعودية من خطابها الإعلامي ضد الجماعات الشيعية المسلحة، كيف سوف تكون الأجواء في البلاد؟

بالتأكيد سوف تتغير الحالة العراقية من التوتر إلى الانفتاح، وإذا سارت الهدنة ستكون نقطة تحول تاريخية في العلاقات متعددة الأطراف في المنطقة، فالسياسة يمكنها إشعال حروب عالمية كبرى، ونفس السياسة قد تعيد المياه إلى مجاريها وتبني جسور التعاون والوفاق بين الدول المتصارعة.

المعادلة بسيطة بقدر التعقيد الذي تحمله، وفق الاتفاق إذا طبق فعلياً سوف تتوقف إيران عن التدخل في الشأن العراقي، وسيكون القرار السياسي مستقلاً ولو بنسبة تفضيلية عن الوضع السابق، وهذا بحد ذاته مدعاة لاعتبار الهدنة الإيرانية السعودية إيجابية بالنسبة للعراق.

يبقى الأمر متروك للقوى السياسية والحكومة العراقية بتوظف هذه الهدنة في صالح البلاد عبر تعزيز العلاقات بين البلدين الكبيرين والجارين، لأن هذه الفرصة قد لا تتكرر مستقبلاً، يمكن أن تكون بوابة كبيرة لصنع السلام، ونقطة تحول تأريخية لا سيما وأن كل الأجواء مهيئة لذلك.

فالحكومة العراقية لديها علاقات قوية مع طهران تمكنها من خلق تفاهمات حول القضايا المختلف عليها، بالإضافة إلى تعزيز المشتركات وبما يخدم بصالح البلدين.

وفي الجانب الآخر يتمتع العراق بعلاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية، لا سيما بعد فتح صفحة جديدة خلال فترة حكومتي السيد حيدر العبادي ومصطفى الكاظمي.

نحن بحاجة إلى استثمار صلح بكين وبما يصب في خدمة العراق، لا سيما وأننا بدأنا نشعر بوجود استراتيجية واضحة للعراق متمثلة بعدم التخندق مع أي دولة على حساب الأخرى.

اضف تعليق