q
إسلاميات - عقائد

الملاك في تقييم النظام

اسئلة حول برهان النظم (4)

النظام الواقع في طريق حياة الانسان المحقق لمصالحه هو بنفسه اوضح دلیل على دخالة الشعور والقصد، فهو بما جعل عليه بحيث يعود على الانسان وحياته بالفائدة والنفع يدل على ان هناك صانعاً عاقلاً قادراً قد رتب الشرائط وهيأها بحيث تحقق مصالح نوع من انواع الموجودات...
بقلم: الشيخ جعفر الهادي

الاشكال: هل مصلحة الانسان هو الملاك في تقييم النظام؟

ان ما يسميه الالهي نظاماً في العالم ليس الا شرائط اعدادية لتحقق مصالح الانسان، ولأجل ذلك يسمي هذه الشرائط المرتبطة بحياته نظاماً مع ان هذه الشرائط ليست لها أية صلة بحياة سائر الموجودات.

وعلى ذلك فالشيء المسمى بالنظام السائد في الكون ليس الا نظاماً نسبياً (لكونه يرتبط بحياة الانسان ومصالحه خاصة) لا نظاماً مطلقاً، ولهذا فلا يمكن الاستدلال به على دخالة الشعور والقصد في تكون العالم.

الجواب :

ان ما ادعاه القائل بان «ما يسميه الالهي نظاماً ليس سوى شرائط اعدادية تحقق حياة الانسان وتضمن مصالحه» دعوی بلا دلیل فان هناك انظمة كثيرة يعترف بها الانسان في فحوصه واختباراته في الكون دون أن يكون لها في بادئ النظر ولا في ثانیة اي صلة بحياة الانسان، بل وحتى لو كان لها صلة ـ في الواقع ـ بها فانها ليست موضع التفاته.

وذلك نظير النظام السائد في الذرة الذي وقف عليه العلم الحديث، ونظير النظام السائد في اجسام الحيوانات التي لا ترتبط بحياة الانسان، أو لا يلتفت الانسان الى صلتها بها خلال فحصه واكتشافه، وكالنظام السائد في عالم الكواكب والنجوم من الثوابت والسيارات وما بينها من الفواصل وغير ذلك مما وقف أو يقف عليها الانسان في تحقيقاته ويخبر عنها دون أن يكون ملتفتاً الى ما لها من الارتباط بحياته، ومصالحه.

فلا يمكن أن توصف كل تلك النظم بانها نظم نسبية، لأنها لا تعد نظماً الا عندما تقاس إلى حياة الانسان وما لها من الدور في تحقيق مصالحه، وتلبية حاجاته الحياتية، لأنها قد لا تمت الى الانسان وحياته ومصالحه بصلة، أو أن مكتشفها لم يكن حال كشفه لها ملتفتاً الى نسبتها إلى حياة الانسان وصلتها بمصالحه ومتطلبات معیشته.

ثم اننا لو سلمنا بما يدعيه القائل، فان النظام الواقع في طريق حياة الانسان المحقق لمصالحه هو بنفسه اوضح دلیل على دخالة الشعور والقصد، فهو ـ بما جعل عليه بحيث يعود على الانسان وحياته بالفائدة والنفع ـ يدل على ان هناك صانعاً عاقلاً قادراً قد رتب الشرائط وهيأها بحيث تحقق مصالح نوع من انواع الموجودات وتضمن حياته وبقاءه، وان لم تكن هذه الشرائط مناسبة لغيره.

لنفترض معهداً مزوداً بأنواع الأدوات العلمية والوسائل والآلات التربوية والرياضية المناسبة ـ من حيث انظمتها ـ لتعليم الطلاب والطالبات وترقيتهم في مدارج العلم.

فان هذه الأدوات والآلات وما يسودها من الترتيب والتنظيم لها صلة بحياة الطلاب والطالبات، وليس لأحد أن ينكر ذلك وان لم تمت هذه الأدوات والآلات والوسائل بحياة واحتياجات طوائف أخرى من المجتمع كالجنود أو المرضى، بصلة.

أفهل يمكن لاحد ان ينفي دخالة الشعور في النظام الملائم للمدرسة، واحتیاجات الطلاب والطالبات بحجة أن هذا النظام لا يرتبط بحياة الاصناف الاجتماعية الأخرى، ولا يحقق متطلباتهم، ولا يناسب احتياجاتهم، فاذن هو نسبي وحیث كان نسبياً لم يكن مطلقاً، ولهذا لا يدل على دخالة الشعور أم انه يعترف بان المناسبة والملائمة وان كانت بين تلك الأدوات والوسائل وبين حياة صنف معين خير دليل على وجود شعور وراءها وان لم يكن لها ارتباط بحياة الاخرين او مناسبة مع احتياجاتهم ومصالحهم؟

* مقتبس من كتاب الله خالق الكون

اضف تعليق