q
الجميع يعلم أن للفساد جذور عميقة وعواقب وخيمة على الاقتصاد، حيث يقوض قدرة البلدان على تحقيق نمو اقتصادي احتوائي ومستدام، وأن ارتفاع مستوى الفساد يرتبط بانخفاض ملحوظ في النمو والاستثمارات والاستثمار الأجنبي المباشر والإيرادات الضريبية، كما أن الفساد والحوكمة الضعيفة يرتبطان بارتفاع عدم المساواة وانخفاض النمو الاحتوائي، فنحن نعلم أن الفساد يضعف قدرة الحكومة على تحصيل الضرائب، ويشوه الإنفاق بإبعاده عن الاستثمارات...

الجميع يعلم أن للفساد جذور عميقة وعواقب وخيمة على الاقتصاد، حيث يقوض قدرة البلدان على تحقيق نمو اقتصادي احتوائي ومستدام، وأن ارتفاع مستوى الفساد يرتبط بانخفاض ملحوظ في النمو والاستثمارات والاستثمار الأجنبي المباشر والإيرادات الضريبية، كما أن الفساد والحوكمة الضعيفة يرتبطان بارتفاع عدم المساواة وانخفاض النمو الاحتوائي، فنحن نعلم أن الفساد يضعف قدرة الحكومة على تحصيل الضرائب، ويشوه الإنفاق بإبعاده عن الاستثمارات ذات القيمة في مجالات مثل الصحة والتعليم والطاقة المتجددة وتوجيهه نحو المشروعات المهدرة للموارد التي تحقق مكاسب قصيرة الأجل. ونعلم أن الفساد بمثابة ضريبة على الاستثمار – أو أسوأ من ذلك، نظرا لعدم اليقين بشأن ما يُطلب من رشاوى في المستقبل. ونعلم أيضاً أن الفساد يؤدي بالشباب إلى عدم الاستثمار في مهاراتهم وتعليمهم – لأن التقدم يعتمد على من يعرفون وليس ما يعرفون. ونعلم أن الفساد يضر بالفقراء، ويعوق الفرصة الاقتصادية والتحركية الاجتماعية، ويقوض الثقة في المؤسسات، ويتسبب في تفكيك النسيج الاجتماعي. والفساد عقبة كؤود أمام تحقيق "أهداف التنمية المستدامة".

فأوجه الضعف في الحوكمة مضرة في حد ذاتها، لكنها تفتح الباب أيضاً لاستشراء الفساد. وحتى تصبح استراتيجيات مكافحة الفساد فعالة بالفعل، يتعين أن تتجاوز مجرد إلقاء الفاسدين في السجون، إذ أنها تتطلب إصلاحات تنظيمية ومؤسسية أوسع نطاقاً. فالمؤسسات القوية والشفافة والمسؤولة هي، في نهاية المطاف، "العلاج" الأكثر استمرارية للفساد، ومن المزايا الأخرى لهذا المنهج الأوسع نطاقاً أن بإمكاننا استخدام أوجه الضعف في الحوكمة للمساعدة في تعزيز تقييمات الفساد، لأن الفساد غالباً ما يرتبط بسقطات في الحوكمة بوجه عام وكثيراً ما يصعب تقييمه.

ومن أبسط البديهيات أن الفساد في كل زمان ومكان ظاهرة تخلقها "يدان" – وهي عبارة مأخوذة بتصرف من كلمات قالها ميلتون فريدمان. فأمام كل رشوة تؤخذ هناك رشوة تُعطى. وكثيراً ما تكون الأموال التي يتم الحصول عليها عن طريق الفساد أموالاً مخبأة خارج البلاد – غالباً في القطاعات المالية للعواصم الكبرى. ومن الممكن جداً أن يكون لدى البلدان "أيدٍ نظيفة" في الداخل و"أيدٍ ملوثة" في الخارج.

وبالتالي لكي نكافح الفساد بحق، علينا التصدي لتيسير ممارسات الفساد في القطاع الخاص. ولتحقيق ذلك، يجب على البلدان التطوع بطلب تقييم أطرها القانونية والمؤسسية لمعرفة ما إذا كانت تجرم الرشوة الأجنبية وتلاحقها قضائياً وما إذا كانت لديها الآليات اللازمة لوقف ممارسات غسل الأموال الملوثة وإخفائها.

1- إجراء تقييم على أساس منتظم لطبيعة مواطن الضعف المتعلقة بالحوكمة ومدى حدتها – بما في ذلك الفساد. ويتحقق هذا بإجراء تقييم لوظائف الدولة الأوثق صلة بالنشاط الاقتصادي، وهي الحوكمة المالية العامة، الرقابة على القطاع المالي، حوكمة البنوك المركزية وعملياتها، تنظيم السوق، سيادة القانون، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

2- تقييم الأثر الاقتصادي لما يتم تحديده من مواطن ضعف متعلقة بالحوكمة، مع مراعاة خاصة لمعايير الرقابة المعمول بها بمقتضى قرار الرقابة الموحدة.

3- تشخيص مواطن الضعف، وتتوخى الصراحة، وتتم مناقشتها مع السلطات التي يتعين ادراجها بدقة في التقارير، وفي المجالات الخارجة. واذا خلص تقييم الفساد إلى أنه بلغ درجة حادة، سيرتكز المنهج المتبع على است ا رتيجية متعددة الأبعاد لا تقتصر على تشجيع اجراءات محددة لمكافحة الفساد، بل تمتد إلى تشجيع إصلاحات تنظيمية ومؤسسية أوسع نطاقا، مع مراعاة الظروف الخاصة بكل بلد.

4- تقييم للاجراءات الحكومية التي تستهدف منع القطاعات الخاصة من عرض الرشاوى أو تقديم الخدمات التي تتيح إخفاء العائدات المتحققة من أعمال الفساد، وخاصة في السياق عبر الوطني. وبمزيد من التحديد، بغض النظر عما إذا كان البلد يعاني من فساد حاد أم لا، من خلال أن تبادر الدولة بطلب تقييم أطره القانونية والمؤسسية في سياق الرقابة الثنائية لتحديد ما إذا كان يجرم ويلاحق قضائيا رشوة المسؤولين الرسميين الأجانب، ما إذا كان لديه نظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتم ويل الإرهاب مصمم لمنع المسؤولين الرسميين الأجانب من إخفاءعائدات الفساد – وكلا الأمرين يعالج تسهيل الفساد على المستوى عبر الوطني.

اضف تعليق