قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، وفد تربوي من محافظة البصرة، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة. وضمّ الوفد مدراء ومديرات عدد من المدارس، ومسؤولين في كلية التربية والتعليم ومن وزارة التربية.

بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بالوفد الزائر، ألقى كلمة قيّمة، استهّلها بالآية الشريفة: (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) سورة الروم: الآية14، وقال:

على صعيد واحد، يجمع الله تعالى الخلائق يوم القيامة، من الأنبياء والأولياء، والظالمين والمظلومين، والرجال والنساء، وغيرهم. في ذلك الصعيد يذكر القرآن الكريم امتداده وزمانه بقوله عزّ وجلّ: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) سورة المعارج: الآية4. وهذا الزمان الواسع يفرّق ويوزّع الخلائق، كل على حسب ما كانوا في الدنيا، بما فيهم المؤمنين والمؤمنات والأخيار، وذلك كل بنسبة عملهم ونشاطهم وأخلاقهم وحلمهم وتحمّلهم، وظلمهم إذا كانوا من الظالمين، ومظلوميتهم إذا كان من المظلومين، وبنسبة ما أعطاهم الله من فهم وطاقات، وبنسبة ما صرفوا من هذا الفهم والطاقات، فيتفرّقون.

وأوضح سماحته: مثل ذلك كمثل أبناء العائلة الواحدة، حيث تراهم يتفرّقون صباح كل يوم بذهاب كل واحد منهم إلى عمله أو إلى مدرسته أو كليّته، فترى الابتدائي يفترق عنهم ويذهب إلى الابتدائية، والمتوسّط يذهب إلى متوسطته، والإعدادي يذهب إلى إعداديته، والجامعي يذهب إلى كليّته. فكل واحد منه يفترق عن الآخر حسب مستواه العلمي والدراسي أو العملي. وفي يوم القيامة فإنّ نسبة الافتراق هي على مستوى أكبر وأوسع وأضخم، أي بمستوى المليارات من الناس.

وبيّن سماحته أيضاً، مخاطباً الضيوف: يقول القرآن الكريم: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) سورة الزلزلة: الآيتان 7و8. والذرّة هي أصغر شيء وترى في ضوء الشمس الذي يدخل من خلال الكوة. فإذا كانت الذرة هي أصغر شيء، فما مقدار مثقالها إذن، الذي يحاسب عليه وبه القرآن أعمال الناس!

إذن استفيدوا من فهمكم ونشاطكم أكثر وأكثر، خصوصاً وأنتم بالعراق الجريح المظلوم الصابر الصامد، عراق أهل البيت صلوات الله عليهم، عراق أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلملموا الشباب والفتيات، سواء في المدراس والجامعات، وفي العشائر وبالحوزات العلمية، وفي غيرها. فالإنسان الواحد، سواء كان رجلاً أو امرأة، هو دنيا من الطاقات. والعظماء لم يولدوا عظماء، بل استفادوا حتى من الذرّات الصغيرات من فهمهم وطاقاتهم، فصاروا عظماء. فالحياة تنتهي بالنتيجة، وحينها يندم الإنسان، وسيكون ندمه بوزن الدنيا وبأكثر وأكثر من ذلك.

وأكّد سماحته: إن صلح العراق اليوم وصلح شباب العراق، فستصلح المنطقة والعالم بسبب العراق. فالعراق الآن نقطة عطف للعالم كلّه، وليس للعراق نفسه وللمنطقة فحسب. والعراق لا صراع في داخله، ولكن العالم يتصارع على أرض العراق وذلك حتى لا ينمو شعبه. فاستفادوا من سيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ومن سيرة أهل البيت صلوات الله عليهم، في إصلاح العراق، وكل واحد منكم ـ كما بإمكان كل واحدة من النساء أيضاً ـ يمكنه أن يصلح عراق المستقبل. فحاولوا أن تكونوا عند مسؤوليتكم، بأن تستفيدوا من هذه الطاقات العظيمة والعظيمة لكل واحد منكم، ولكل واحدة منكنّ. فكل صغيرة وكبيرة من خير أو شرّ والعياذ بالله، لها تأثير يوم القيامة، ولها تأثير في نسبة ندم الإنسان على ما فرّط في الدنيا، فلا تفرّطوا، ولا تلقوا المسؤولية على الآخرين، فلا يلقي المثقّفين المسؤولية على الحوزة، ولا تلقي الحوزة المسؤولية على المثقفين، ولا يلقي الرجال المسؤولية على النساء، ولا تلقي النساء المسؤولية على الرجال، ولا يلقي التجّار المسؤولية على المثقفين أو بالعكس، ولا يلقي العشائر المسؤولية على غيرهم أو بالعكس، وهكذا بالنسبة للكل.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم جميعاً لعراق المستقبل، ولمستقبل المنطقة ومستقبل العالم عبر العراق.

 

اضف تعليق