المرء الكَثير الإِستهزاء والإِستخفاف بالآخرين لا يتعلَّم شيئاً وهوَ لا يُفكِّر بما يسمَع من الآخرين أَو يقرأ عنهُم ولهُم، كما أَنَّهُ لا يأَمَّل في الأُمور إِنَّما كُلَّ همِّهِ الإِستهزاء فقط بالآخرين وهذا مرضٌ خطيرٌ يُصابُ بهِ الإِنسان الفَرد والإِنسان المُجتمع، فترى شعباً كاملاً يسخَر من شعبٍ آخر طِوال الوَقت...
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}.
- والفاشِلُ مسكونٌ بمرضِ الإِستهزاء وهوَ المرضُ الذي يُشغِلُهُ عن التعلُّم واكتسابِ العلمِ والمعرفةِ والخِبرةِ، فضلاً عن أَنَّهُ سببٌ من أَسبابِ مضيَعةِ الوقتِ من دونِ نتيجةٍ، وسببٌ لتدميرِ نفسيَّة الإِنسان ومعنويَّاتهِ، ولذلكَ حذَّرنا القرآن الكريم من حضُورِ مجالسِ الإِستهزاء بقولهِ تعالى {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
يقضي وقتهُ يستهزئ بهذا المُنجز وبتلكَ الفِكرة وبذاكَ النَّجاح، وهوَ؟! فاشِلٌ بامتياز، لم يُقدِّم شيئاً ولم يُؤخِّر إِلَّا نفسهُ وهوَ مُستَدرج ولكنَّهُ في غفلةٍ {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
كذلكَ؛ فكما هو معرُوفٌ فإِنَّ المرء الكَثير الإِستهزاء والإِستخفاف بالآخرين لا يتعلَّم شيئاً وهوَ لا يُفكِّر بما يسمَع من الآخرين أَو يقرأ عنهُم ولهُم، كما أَنَّهُ لا يأَمَّل في الأُمور إِنَّما كُلَّ همِّهِ الإِستهزاء فقط بالآخرين وهذا مرضٌ خطيرٌ يُصابُ بهِ الإِنسان الفَرد والإِنسان المُجتمع، فترى شعباً كاملاً يسخَر من شعبٍ آخر طِوال الوَقت، وبالتَّالي يفشَل بسببِ انشغالهِ بالإِستهزاءِ فيما ينجَح الآخر لأَنَّهُ لا يُعير المُستهزِئ قيمةً وأَهميَّةً {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
لقد حذَّر القرآن الكريم من هذا المَرض خاصَّةً إِذا تحوَّل إِلى ظاهرةٍ، فستكُون المُصيبة أَكبر وأَعظم على الإِنسان.
قالَ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
إِنَّ استهزاءكَ بالآخرين لا يُقلِّل من شأنهِم شيئاً ولا يضرَّهُم شيئاً، لكنَّهُ يضرُّكَ أَنت لأَنَّك ستنشغِل بتافهٍ يُلهيكَ عن الأُمور الأَساسيَّة ويُشغِلك خارج دائرةِ الإِهتمامات الحقيقيَّة.
نوعٌ آخر من الإِستهزاء يتمثَّل باللَّغو [ما لا يُعتدُّ بهِ من كلامٍ وغيرهِ، ولا يُحصَل منهُ على فائدةٍ ولا نفعٍ] يقولُ تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فاللَّغو يشغَل الإِنسان عن النَّجاح والإِنجاز الحسَن كذلكَ.
فضلاً عن استهزائهِم بالرُّسل والأَنبياء والأَئمَّة والمُصلحين {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} والذي سببهُ التكبُّر والجبرُوت والطُّغيان {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ* أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}.
فالإِستهزاءُ يُشغِلُ المرءَ عن الإِنتباهِ إِلى سوءِ عملهِ الذي يتصوَّرهُ الأَفضل والأَحسن {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.
بدلاً من أَن تستهزئ، طَوِّر الفِكرة وقدِّم الأَفضل!.
آخرُون يستهزئُونَ بالشَّعائر {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} فبدلاً من أَن يتوقَّفُوا عندَها ويتأَمَّلُوا بها، أَو على الأَقل يحترمُونَها احتراماً لِمن يؤَدِّيها تراهُم يستهزئُونَ بها كأُسلوبٍ لإِضعافِ إِيمانِ أَصحابِها بها ليتركونَها!.
كذا الأَمرُ فيما يتعلَّق باستهزائهِم بالشَّعائر الحُسينيَّة بذريعةِ [حرصهِم وخُوفهِم] عليها ومن أَجلِ تشذيبِها وتهذيبِها!.
- والفاشِلُ مشغُولٌ بالإِنتقام ممَّن يظلمَهُ، ولذلكَ فإِنَّ كُلَّ ما يُخطِّط لهُ ويؤَدِّيه هو ردُود أَفعال ليسَ في نشاطهِ وجُهدهِ أَيَّ فعلٍ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} وكأَنَّ سحقهُ لهُم سيُغيِّر من واقعهِ شيئاً!.
إِنَّ الإِنتصار من الظَّالم شيءٌ حسَنٌ جدّاً كما يقُول تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} ولكن السُّؤَال؛ كيفَ؟! كيفَ تنتقِم لنفسِكَ إِذا تعرضَّت للظُّلم؟! كأَن خرَّب عليكَ أَحدٌ مشرُوعكَ؟! فهَل ستبذِل جُهدكَ لتخريبِ مشرُوعهِ مثلا؟! وإِذا لم يُساعدكَ أَحدٌ لإِكمالِ نجاحاتِكَ فهل ستقتُلهُ مثلاً أَو تقطع عنهُ الماءَ والكلأ؟! أَبداً فتلكَ ليست المنهجيَّة الصَّحيحة والسَّليمة ولذلكَ لا ينتهجُها النَّاجِحونَ والعُقلاء، إِنَّما الطَّريقة النَّافعة والفعَّالة للإِنتقامِ والإِنتصارِ لمظلُوميَّتكَ هيَ أَن تُضاعِفَ جُهدكَ وتُزيدَ من نشاطِكَ وإِنتاجكَ وتبدأ بالبحثِ عن طُرُقٍ أُخرى للنَّجاحِ إِذا رأَيت أَنَّ الطَّريق الذي تسلكهُ مسدُوداً بسببِ الظُّلم الذي تعرَّضتَ لهُ.
وهكذا يتحوَّل الظُّلم الذي تتعرَّض لهُ إِلى سببٍ للتَّفكيرِ بطريقةٍ جديدةٍ لتحقيقِ النَّجاحِ، أَمَّا الفاشِل فالظُّلم الذي يتعرَّض لهُ يدفعهُ للإِنتقامِ فيحوِّلهُ إِلى شرِّيرٍ في المُجتمعِ فيُحطِّم نفسيَّتهُ!.
النَّاجح هوَ الذي يُضاعف ويُركِّز جُهدهُ ويُنوِّع إِهتماماتهِ إِذا فكَّرَ أَن ينتصرَ على مَن بغى عليهِ، أَمَّا الفاشِل فهوَ الذي ينشغِل بالتَّخطيط للإِنتقامِ بالطَّريقةِ السلبيَّةِ وبالتَّالي لا هوَ الذي سيَستفيد ورُبما يفلِت الظَّالم مِن خُططهِ الإِنتقاميَّة!.
النَّاجح هو الذي يسعى لأَن يكونَ الأَفضل، بدَلاً مِن أَن يُشغِلَ نفسَهُ بالإِنتقام {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
اضف تعليق