تظهرُ أَعراض مرض القلب عندَ الإِنسان الفرد عندما تتجمَّع أَسباب مُعيَّنة منها؛ الفَشل والعجز عن تحقيقِ الأَهداف والآمال التي يرسمها لنفسهِ، والتَّمييز الذي يتعرَّض لهُ في المدرسةِ مثلاً أَو في محلِّ العملِ، وكذلكَ الفَقر الذي يُساهم في تحويلِ المرءِ إِلى كُتلةٍ من العُقد النفسيَّة والتي لا يجدُ...
{فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ}.
والمُصابُ على نَوعَينِ؛ فتارةً يكُونُ الإِنسانُ الفرد وتارةً يكُونُ الإِنسانُ المُجتمع.
ولكُلِّ مرضٍ أَربعُ مراحلَ هي حسب التَّسلسُل الزَّمني؛ الأَسباب والأَعراض والتَّشخيص والعِلاج.
ولا ينفعُ أَبداً تجاهُلَ أَيٍّ من هذهِ المراحِل أَو القفزِ عليها.
ومن خلالِ التدبُّر بآيات القُرآن الكريم يبدو لنا بأَنَّ مرَض القلب هوَ أَشدُّ وأَخطر الأَمراض التي تُصيبُ الإِنسان الفرد والإِنسان المُجتمع.
طبعاً؛ ليس المقصُودُ بهِ الأَمراض الماديَّة التي تُصيبهُ وإِنَّما الأَمراض النفسيَّة والروحيَّة والمعنويَّة وهي أَخطر بكثيرٍ من النَّوع الأَوَّل، فإِذا كان النَّوع الأَوَّل يقتلُ الإِنسانَ المُصاب بها، فإِنَّ النَّوع الثَّاني يقتُلُ {أَنَاسِىَّ كَثِيرًا}.
فإِذا كانَ العِلمُ الحديث قد توصَّلَ إِلى علاجاتٍ للكثيرِ من أَمراضِ القلب الماديَّة [الجسديَّة] فإِنَّ عِلاجات الأَمراض المعنويَّة التي تُصيبهُ مُعقَّدة جدّاً عجزَ العِلمُ وغَير العِلم عن إِيجادِ العِلاجاتِ لها.
وتظهرُ أَعراض مرض القلب عندَ الإِنسان الفرد عندما تتجمَّع أَسباب مُعيَّنة منها؛ الفَشل والعجز عن تحقيقِ الأَهداف والآمال التي يرسمها لنفسهِ، والتَّمييز الذي يتعرَّض لهُ في المدرسةِ مثلاً أَو في محلِّ العملِ، وكذلكَ الفَقر الذي يُساهم في تحويلِ المرءِ إِلى كُتلةٍ من العُقد النفسيَّة والتي لا يجدُ إِلَّا [الآخر] لاستفراغِها والتَّنفيسِ عنها.
كما أَنَّ للشَّكِّ وتنامي الشُّبُهات والفَساد وأَكلَ المالِ الحرام وخاصَّةً أَموالَ اليتامى، دورٌ في تنامي حالاتِ مرضِ القلبِ عندَ الإِنسان.
هذهِ الأَسباب وغيرَها هي التي تُنتج أَمراض القَلب التي مِن أَعراضِها الحسَد والغيرة والكراهيَّة والتَّجاوُز على الآخر عندَ الإِختلاف والتمرُّد على القانُون سواءً كانَ سماويّاً أَو وضعيّاً، وغيرِها الكثير، ممَّا نعيشهُ في مجتمعاتِنا اليَوم.
البعضُ يتصوَّر بأَنَّ مُعالجة مرَض القلب تبدأ بمعالجةِ الأَعراض، وهذا خطأٌ، فعلاجُ الظَّاهِرة قد ينتجُ عنهُ ظواهِرَ أُخرى جديدةً، وهكذا دواليك.
أَمَّا العلاجُ الحقيقي فيبدأ بالأَسباب والمُسبِّبات التي يلزم مُكافحتها وهي صغيرةٌ وبسيطةٌ قبلَ أَن تكبرَ وتستفحِلَ وتُنتِجَ الأَعراضَ والظَّواهِرَ.
خُذ مثلاً على ذلكَ في الأُسرةِ، فإِنَّ التَّمييز بينَ الأَولاد لأَيِّ سببٍ كانَ يُنتجُ ظاهرةَ الحسَد والغيرةَ وأَحياناً الحِقد بينهُم، والذي قد يتطوَّر إِلى حالاتٍ من القَتل أَو الإِنتحار أَو الضَّياع عن الأُسرةِ.
كما أَنَّ الإِهانةَ المُستمرَّة التي يتعرَّض لها الطِّفل والتَّقليلِ من شأنهِ أَو من شأنِ أَفعالهِ الإِيجابيَّة في الأُسرةِ، مُقابل تعظيمِ شأنِ أَخيهِ الآخر، كُلُّ ذلكَ تُشكِّلُ الأَرضيَّةَ لنموِّ مرَض القلب عندهُ.
والأَبُ الحريصُ على بناءِ أُسرتهِ وحمايتِها من الإِنهيار، يلزمهُ أَن لا ينشغلَ بعلاجِ ظاهرةِ الغيرةِ والحسدِ عندَ هذا الإِبنِ أَو تلكَ البنت، وإِنَّما يصبُّ كُلَّ اهتمامهِ على وينتبهَ إِلى أَن لا يُميِّزَ بين أَولادهِ في كلِّ شيءٍ، وإِذا اضطرَّ رُبما للتَّمييزِ لأَسبابٍ معقُولةٍ ومنطقيَّةٍ فيلزمهُ أَن يشرحَ الأَسبابَ لبقيَّةِ أَولادهِ وأَن يُعوِّضهُم باهتمامٍ مِن نوعٍ آخرَ ليُوازن في الرِّعاية ويُساوي في الإِهتمامِ بينَ جميعِ أَبناءِ أُسرتهِ.
وهكذا هوَ الحالُ بالنِّسبةِ إِلى بقيَّة أَنواع الأَسباب التي تُنتج الظَّواهر المرضيَّة القلبيَّة الخطِيرة.
هذا على صعيدُ الإِنسان الفَرد.
أَمَّا على صعيدِ الإِنسان المُجتمع، فالأَمرُ لا يختلِفُ، فعندما تزرعُ الظُّروف أَسباب التَّمييز الطَّائفي والطبقيَّة الإِقتصاديَّة والتَّمييز في فُرص الخَير كفُرص التَّعليم والعَمل وغيرِها، فعندَ ذلكَ لا ينفعُ أَن تنشغِلَ الدَّولة ومُؤَسَّساتِها في مُكافحةِ الظَّواهر الخطيرة التي تُنتجُها مثلَ هذهِ الأَسباب كانتشارِ المثليَّة والمُخدَّرات والفَشل والتسيُّب المدرسي وظاهرة إِنتشار العِصابات والجريمة المُنظَّمة وغَير ذلكَ، فماذا تنتظرُ الدَّولة أَن يكونَ عليهِ حال المُجتمع إِذا كانَ الفسادُ المالي والإِداري يضربُ بأَطنابهِ؟! وإِذا كانت نِسَب الجهل والأُميَّة والبَطالة تفوقُ الحدِّ المُتعارَف عليهِ عالميّاً أَضعافاً مُضاعفةً؟!.
اضف تعليق