شهر رمضان المبارك فرصة سانحة لنزع الأحقاد من القلوب والتسامح مع الآخرين، والتواصل معهم، والانفتاح عليهم، والصفح عن زلاتهم وهفواتهم وأخطائهم؛ فكما قد يخطئ بحقك بعض الناس إما عن جهل أو غضب أو سوء خلق أو سوء فهم، فقد تخطئ أنت أيضاً بحقهم. ولابد من...
التسامح عن أخطاء الآخرين وزلاتهم والعفو عن هفواتهم أمر مطلوب في كل وقت وحين، ولكنه في شهر رمضان أكثر تأكيداً وأقوى تأثيراً.
إن على الصائم في شهر مضان المبارك أن يكون متسامحاً مع أرحامه وأقاربه وأصدقائه ومعارفه وعموم الناس فيعفو ويصفح ويغفر، وحتى لو سبّك شخص أو جهل عليك أو أساء إليك فلا ترد عليه بالمثل، بل ردّ عليه بقولك: اللهم إنّي صائِمٌ، كما يستفاد ذلك من جملة من الروايات الشريفة.
إن من صور التسامح أيضاً: أن ينزع الصائم ما في قلبه من ضغائن وأحقاد وأغلال بحق إخوانه المؤمنين لأي سبب كان، لما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: «ولا في قَلبِكَ حِقداً عَلى مُؤمِنٍ إلّا نَزَعتَهُ».
فشهر رمضان المبارك فرصة سانحة لنزع الأحقاد من القلوب والتسامح مع الآخرين، والتواصل معهم، والانفتاح عليهم، والصفح عن زلاتهم وهفواتهم وأخطائهم؛ فكما قد يخطئ بحقك بعض الناس إما عن جهل أو غضب أو سوء خلق أو سوء فهم، فقد تخطئ أنت أيضاً بحقهم.
ولابد من أخذ زمام المبادرة في التسامح مع الآخرين، فالمتسامح محسن وكريم، كما يعبر المتسامح عن طيب نفسه، وصفاء روحه، وطهارة قلبه؛ بخلاف غير المتسامح.
ان الصوم في شهر رمضان المبارك من أفضل الوسائل في تهذيب النفس، وتزكية الروح، وتنقية القلب؛ لما له من أثر فاعل ومؤثر في تغذية الصائم بالطاقة الروحانية والمعنوية والإيجابية.
فالحكمة والغاية من الصوم، وهي صناعة التقوى في شخصية الإنسان الصائم كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
إن التقوى أصلها من «وقى» وهو حفظ النفس عما يؤذيها ويضرها. وتتحقق التقوى بحفظ النفس عما يؤثم المرء على فعله، وذلك بترك ارتكاب المعاصي والذنوب والموبقات والآثام.
وبيّن أن معظم المعاصي والآثام مصدرها من قوتي: الغضب والشهوة، والصوم يكبح حدة هاتين الغريزتين، فيحفظ الصائم نفسه عن كل ما يؤثم عليه ويعاقب بفعله مما يزيد من حالة التقوى عنده.
وحتى تتحقق آثار وبركات وأهداف الصوم على الصائم أن تصوم جوارحه وحواسه كلها عما حرّمه الله كما يصوم عن الأكل والشرب، لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «مَن صامَ يَوماً مِن رَمَضانَ فَسَلِمَ مِن ثَلاثَةٍ، ضَمِنتُ لَهُ الجَنَّةَ عَلى ما فيهِ سِوَى الثَّلاثِ: لِسانِهِ وبَطنِهِ وفَرجِهِ».
لذلك لابد ان ينعكس الصوم على سلوكيات الصائم وتصرفاته الخارجية، فلا يكفي أن يمتنع المرء عن الأكل ولكنه يأكل لحوم الناس، ويمتنع عن الشرب ولكنه يغرق في النيل من أعراض الناس، لما روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «ما صامَ مَن ظَلَّ يَأكُلُ لُحومَ النّاسِ».
فإذا لم ينعكس الصوم على أخلاقيات الإنسان الصائم وأفعاله فلا تتحقق مقاصد الصوم والحكمة منه.
والمطلوب من الصائم ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب والجماع وبقية المفطرات العشرة؛ وإنما أيضاً اجتناب كافة المعاصي والمحرمات حتى ينال الصائم ثواب وأجر وبركات الصوم.
اضف تعليق