في أول شهر رمضان سنة 9 هـ حدثت معركة تبوك، وكانت آخر غزوة غزاها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وسميت بـ"الفاضحة"، لأنها كشفت عن منافقي المدينة ومن قصدوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في العقبة ففضحتهم.
وسمي الجند الذين شاركوا في هذه المعركة بـ (جيش العسرة"، لأنهم كانوا في جشوبة عيش وضنك، وراحوا يقطعون كل اثنين بتمرة واحدة يسدان بها رمقهما، وفي هذه الأثناء تخلّف 82 من منافقي المدينة معتذرين، حيث إنهم كانوا قد خططوا ليغيروا في غياب الرسول (صلى الله عليه وآله) على داره، ويخرجوا أسرته من المدينة. وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد استخلف الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المدينة، فآذاه المنافقون بكلمات قالوها، فواساه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بقوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت خليفتي في أمتي وأخي في الدنيا والآخرة".
وفي العودة من تبوك كان مع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أربعون من المنافقين، وقد عزموا على ملء القرَع حصى ورميها تحت أخفاف ناقة النبي (صلى الله عليه وآله) في الممر الجبلي، حتى تنفر فتلقي به (صلى الله عليه وآله) في الوادي فيقتل، ولما فعلوا لم ترفع الناقة خفاً عن خف، وخاب غدر المنافقين.
وأما المنافقون الذين بقوا في المدينة، فقد أرادوا قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فحفروا شقاً في طريق المدينة وغطوه بحصير، يتربصون به إذا هب (عليه السلام) لاستقبال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عند عودته من القتال سقط فيه، وانهالوا عليه فقتلوه، ولكن جواد أمير المؤمنين (عليه السلام) حرن عند أول الشق ولم يتقدم عليه، وخاب مسعى المنافقين ثانية. ولم تجر المعركة في تبوك، وعاد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مع جيشه الى المدينة.
والسؤال: "أنى لهم أن يحترموا عقولهم، وهم يقرؤون كل هذه الفظائع ارتكبها "صحابة" ضد نبي الإسلام، وفي الوقت نفسه، يؤمنون ويعملون بحديث ينسبونه – زوراً وبهتاناً - الى الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله): "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".
ولقد دلت الروايات الكثيرة على أن وقوع التحريف في أحكام الدين قد وقع من بعض صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد شهادته، منها: ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، والترمذي في سننه وصححه، والنسائي في سننه، وأحمد في المسند عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في حديث - قال: ألا وإنه يجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) (*).
اضف تعليق