من علامات الإصابة بالهوس بالذات هو ان الفرد المصاب يعتقد انه لا يحتاج الى الآخرين وبمقدوره القيام بكل ما يحتاجه بمفرده مما يجعله منهمكاً في اعمال ليست من اختصاصه وهو ما يزيد من متاعبه الجسمانية علاوة على متاعبه النفسية، واعتماداً على هذه الاعتقادات الذاتية يتم الكشف عن المصاب...
من الجميل ان يحب الانسان نفسها ويعظمها ويصد عنها كل ما يعرضها للإهانة والازدراء والتخفيف، لكون احترام الانسان لذاته هو ما يدفع الآخرين لاحترامه فمقامك حيث اقمت نفسك كما يقول الرافعي. لكن تعدي الحدود المنطقية في هذا الإطار يدخل الانسان في ازمة نفسية ذات ابعاد إنسانية واجتماعية كبيرة تحت يافطة الهوس بالذات او داء العظمة، فلماذا اتسعت رقعة هذا الداء في وقتنا أكثر من ذي قبل؟، وكيف نواجهه مواجهة علمية بقصد الحد منه ومنع تمدده؟
يمكننا تعريف الهوس بالذات على انه نظرة الانسان المشوهة الى نفسه بوساطة نوافذ لا تعطي صورة واقعية عن الذات، مما يدفع بالمصاب صوب النرجسية والكبر والاستخفاف بالآخرين مهما بلغت منازلهم ومستوياتهم الاجتماعية والعلمية والدينية.
ويشير الهوس بالذات إلى شعور غير واقعي بالتفوق، ونظرة مستدامة للنفس على أنها أفضل من الآخرين، بما يسبب نظر الشخص النرجسي إلى الآخرين باحتقار كونهم أقل منهم شأنًا، كما أنه يشير إلى الشعور بالتفرد، والاعتقاد بأنه لا يوجد إلا أقل القليل ممن يتشابهون مع الشخص، والأشخاص المميزين للغاية فقط يمكنهم فهمه.
للأسف وبحرقة أقول تحولت مجتمعاتنا سيما العربية الى مجتمعات منفوخة بدون مبررات ذلك، فبعد ان كان العربي يتصف بالبساطة والابتعاد عن التكلف أصبح اليوم كمنطاد ارتفع قليلاً عن الأرض لم يدرك ان وخزة صغيرة ستعيده الى حجمه الطبيعي، فالغالبية من البشر أصبحوا متكبرين والأقلية لم توقفهم عند حدودهم مما يجعل التواضع الإنساني في مهب الريح.
في السابق كان جزء من الناس مهوسون بذواتهم مثل الأطباء الضباط أساتذة الجماعات وغيرهم ممن يرون أنفسهم اعلى كعباً من باقي طبقات الناس، اما اليوم فالغالبية تطبل لذواتها وكأنها هي من خلقها الله لوحدها، فالعامل لا يمكن التحدث اليه دون ان يجرحك، والشرطي يرى انه قائد عمليات وله الحق بإهانتك عند نقطة التفتيش، والنجار يرى انه الأوحد الذي تغرق من دونه القافلة بما تحمل، وكذا الحال بالنسبة لباقي الناس على اختلاف مهنهم وشهادتهم.
ما هي أبرز ملامح المهوس بذاته؟
هذه السلوكيات التي يصدرها الانسان تدل على انه مهوس بذاته وهي باختصار: يبالغ الفرد المهوس بذاته كثيراً في وصف مهاراته وقدراته وانجازاته الحياتية وكأنه الوحيد الذي يمتلك هذه الامتيازات، كما لديه إيماناً كبيراً بعصمته وحصانته، أو أنه الشخص الذي يمتلك افضلية في الكثير من الأمور وهو ما يمنحه الحق في التميز على الاقران وسواهم من الناس.
ومن علامات الإصابة بالهوس بالذات هو ان الفرد المصاب يعتقد انه لا يحتاج الى الآخرين وبمقدوره القيام بكل ما يحتاجه بمفرده مما يجعله منهمكاً في اعمال ليست من اختصاصه وهو ما يزيد من متاعبه الجسمانية علاوة على متاعبه النفسية، واعتماداً على هذه الاعتقادات الذاتية يتم الكشف عن المصاب.
كيف نتعامل مع المهوس بذاته؟
في أطار التعامل مع الفرد المصاب بهذه اللعنة يوصي (هاينز كوهوت) وهو محلل نفسي نمساوي بالتعامل مع المريض المصاب بالهوس بالذات أن يعكس هذا الشعور عليه بمعنى ان تتم معاملته بذات الطريقة التي يعامل بها المجتمع ليستشعر حجم الأذى الذي يصيبهم به وكيف انه غير مرحب به في المجتمع وقد يميل جراء ذلك عن هذا الامر ويعدل من سلوكياته الغير سليمة.
كما تنفع استراتيجية العلاج السلوكي المعرفي في تغير أفكار الفرد المصاب، اذ ان أساس غالبية السلوك الإنسانية عي أفكار تتحول الى سلوكيات، فحين يغير تفكيره حول ذاته ستتغير نظرته اليها وبالتالي يكف عن السلوكيات التي تنتجها لعنة الهوس بالذات، وبهاتين السلوكيتين يمكن الحد منها وإيقاف اتساعها في المجتمع.
اضف تعليق