عمل الانسان على تحقيق غاياته واهدافه امر طبيعي شريطة ان يكون السعي الى ذلك التحقيق قائم على اسس منطقية وانسانية، ومخالفة الانسان لقواعد التنافس الشرف يُعد انتهاكاً صريحاً للآدمية قبل كل شيء وهو ما يؤشر تدني وانحطاط القيم التي تسير حياة الناس...
الانسان يفترض انه من أكثر المخلوقات التي تحرص على الانصهار في بوتقة المجتمع ككل فلا يعمل لأجل مصلحته فقط، وحين يحرص على خدمة نفسه ليس في الامر عيب او منقصة لكن ليس على حساب حقوق الجماعة التي ينتمي اليها لان ذلك يضعه في خانة الانانيين، فمنهم الانانيين؟، وماهي أبرز معالم سلوكياتهم؟، وكيف نتعامل معهم؟
كيف يعرف علم النفس الانانية؟
يصف علم النفس الانانية بأنها: "حالة نفسية ترتكز على التقدير المفرط عند الشخص لنفسه، وهو ما يدفعه الى الاهتمام بمصلحته الخاصة من دون القلق بأي شيء قد يخص الآخرين، وغالباً ما يتم تعزيز هذه الظاهرة المرضية النفسية من خلال حب الأنا، وما يقدم دائماً نظرة ذاتية ومشوهة وجزئية للواقع".
ما دفعني للكتابة مرة أخرى في موضوعة الانانية والانانيون هو اضراب التربويون في العراق مطالبة منهم لأنصافهم عبر منحهم امتيازات تسهل لهم العيش براحة نسبية بعد ان أصبحت المعلمون والمدرسون وكل العاملون في قطاع التربية يعانون من شضف العيش لضعف مرتباتهم الشهرية وهو ما اجبر الكثير منهم على ممارسة اعمال ثانوية لا تليق بهم ولا بشهاداتهم مثل العمل كسائقي تكسي او بقالين او حتى عمال في بعض الأماكن التي يرتادها طلابهم مما يعرضهم للحرج.
وهذا ما جعلهم ينتفضون مطالبين بلقمة عيش كريم كسائر اقرانهم، لكننا نفاجئ بأن الكثير من زملائنا سيما من حملة الشهادات العليا يرفضون التضامن مع هذه المطالب بل وذهبوا الى شيطنة الحراك ووصفه وبمن يشترك فيه بأوصاف غير لائقة مما يخلق تصوراً بان مثل هؤلاء يفكرون بمصالحهم الشخصية دون المصلحة العامة التي يجب ان تفضل ويتم العمل عليها.
ما هي صفات الانانيين؟
يتصف الانانيين بعدة صفات غير طيبة تبعدهم عن انسانيتهم وتقربهم من التوحش والحيوانية، ومن أبرز هذه الصفات هي:
مصلحتهم هي العليا وان كلفهم ذلك خسارة من حولهم ومهما كانت صلة القربة منهم، يشعرون ان من يختلف معهم يعارض تحقيق اهدافهم وغاياتهم، يسعون دائماً الى لفت الانتباه ونيل الإعجاب، يبالغون في رغبتهم في الوصول الى اهدافهم وانجازاتهم، لديهم احساس بالتميز وبالتفوق على كل من حولهم، يبحثون عن معاملة خاصة وفريدة لكونهم يشعرون انهم مختلفين عمن سواهم.
يستغلون اي فرصة لإقامة علاقات يعتقدون انها تنفعهم مستقبلاً، يفكرون باستمرار بمنطق القوة والسعي الى النجاح المزعوم مهما كلف الامر، تنعدم لديهم القدرة على التعاطف مع مشاعر الآخرين واحتياجاتهم وأفكارهم لا يتقبلون النقد أو الخسارة بشكل مطلقاً، يريدون من الناس ان يوافقوهم على وجهات نظرهم من دون نقاش او اعتراض، ان بدت هذه الصفات على سلوكية الانسان فلا تتردد في الحكم على انه انسان اناني.
كيف نتعامل مع الانسان الاناني؟
ما يجب ان نقوم به من اجل معالجة من يغرق في مستنقع الانانية هو: اول ما يمكن ان يغير من أفكار الاناني هو استخدام تقنية عكس المشاعر التي تقضي بوضع الاناني بمكان المتضرر ليشعر بما يشعر به وحينها يمكن للأناني ان يكف عن اذية الاخرين لتحقيق ما يريده فقط ويفكر في ان يكون حرصاً على خدمة المصلحة العامة.
ومن الأهمية بمكان ان نواجه الاناني ولا يجب الاستسلام له ومنحه فرصة لفرض انانيته على الآخرين وبالتالي يمكن ان يجب عن هذه السلوكية إذا شعر بكون ما يقوم به غير منطقي ومرفوض مجتمعياً.
وعلى الاهل تربية أبنائهم منذ الصغر على احترام حاجات الانسان وان يشعر انه جزء من المجتمع وليس سيداً لهم يشترك معهم في نفس الحاجات ويعمل على تحقيقها معهم.
في الخلاصة نقول: عمل الانسان على تحقيق غاياته واهدافه امر طبيعي شريطة ان يكون السعي الى ذلك التحقيق قائم على اسس منطقية وانسانية، ومخالفة الانسان لقواعد التنافس الشرف يُعد انتهاكاً صريحاً للآدمية قبل كل شيء وهو ما يؤشر تدني وانحطاط القيم التي تسير حياة الناس.
اضف تعليق