نشعر احياناً بالضيق لانشغالنا شبه المستمر بحياتنا، فما بين وقت الوظيفة وما بين التسوق المنزلي وتوفير متطلبات العائلة وحضور المناسبات الاجتماعية الواجب حضورها ينقضي اليوم دونما نشعر بذلك، ويستمر الحال كما لأيام طويلة فتتاركم الاتعاب ويدب الملل الى النفوس ونبدأ بالبحث عن فرص للراحة، لكن...
نشعر احياناً بالضيق لانشغالنا شبه المستمر بحياتنا، فما بين وقت الوظيفة ومابين التسوق المنزلي وتوفير متطلبات العائلة وحضور المناسبات الاجتماعية الواجب حضورها ينقضي اليوم دونما نشعر بذلك، ويستمر الحال كما لأيام طويلة فتتاركم الاتعاب ويدب الملل الى النفوس ونبدأ بالبحث عن فرص للراحة، لكن حين نشاهد اقراننا ممن يحلمون ان يحصلوا على انصاف الفرص التي بأيدينا نخفف من وطئة تذمرنا ونعود لاستشعار النعم التي نحن فيها.
لو جرب أحدنا التفرغ لمدة متوسطة دون ان يضع لنفسه برنامج ترويحي مع عائلته او مع أصدقائه وقرر البقاء في المنزل لوجد نفسه امام وقت طويل من الصعب ان يمر، وحينها تبدأ المشكلات بالظهور لدواع في اغلبها غير مقنع وبعد قليل بعد المشكلة يتبين انه كان مشحوناً نفسياً نتيجة للبقاء في المنزل، فحتى ولن نصرح بذلك لكن النتيجة واضحة ومقروءة، وهو ما يدعوا للقلق من الفراغ والاختلاء بالنفس طويلاً.
قيل قديماً ان الفراغ هو عدو الانسان الأول والأكثر بطشاً به، القارئ لهذه العبارة قراءة سطحية يجدها عبارة انشائية عادية، لكنها في الحقيقة عبارة تستحق الوقوف والتأمل فلو تفحصت أحوال الذين يعانون من مشكلات نفسية كبيرة ومعقدة وصلت ببعضهم الى التفكير ببعض السلوكيات الخطرة مثل الانتحار او تنفيذه فعلياً هم أولئك الذين يعيشون تحت طائلة ضغط الفراغ عليهم.
فوائد الانشغال
لدوامة الانشغال الذي نعيشها الكثير من الفوائد التي تستحق كل الشكر لله انه وفرها لنا، ومن اهم هذه الفوائد هي مايلي:
يزيد الانشغال من زيادة وتيرة الإنتاج في العمل وفي الحياة بصورة عامة، فحين تفكر في عدة مهام يجب ان تنفذها في هذا اليوم ستضع خطة للإنجاز وهو ما يتيح لك انجاز كل المهام في ذلك اليوم المليء بالانشغال، على عكس ذلك في الأيام التي يرى فيها الانسان ان لديه متسعاً من الوقت فأنه يسوف ويسوف وفي نهاية النهار يجد نفسه لم ينجز الى القليل.
والاساس في ذلك هو التخطيط للعمل، اذ ان الذين يفكرون ويخططون ليومهم وأسبوعهم في العمل مسبقاً والخطوات التي يحتاجونها لإنجاز أهدافهم المهنية، يميلون لأن يكونوا أكثر قدرة على مواجهة الضغوط الناجمة عن الرحلة اليومية إلى العمل، مقارنة بمن تهيم عقولهم بلا هدى بين الأفكار والخواطر.
ومن إيجابيات الانشغال هو خلق روح من الالفة والمحبة والاشتياق داخل العائلة لاسيما بين الأزواج، فالزوجين الذين يبقون لفترات طويلة معاً يمكن ان يؤدي بهم الحال الى الملل والتشبع ببعضهما وهو ما يتطلب البحث عن فرص لكسر الملل والرتابة وقد يؤدي الانشغال جزءاً من هذه الوظيفة المهمة التي تبقي العلاقة الزوجية خالية من المشكلات والتناحر.
ومن إيجابيات الانشغال ان وقته الانسان معبئ وبالتالي ليس لديه مجال للتفكير في بعض الأمور الشيطانية التي تفضي الى سلوكيات غير سوية وغير محسوبة العواقب مثل ارتياد المقاهي وملاعب كرة القدم بإفراط وهو ما يجعل الانسان يكتسب بعض السلوكيات غير المريحة منها الاركيلة وغيرها كما هو الحال بالنسبة للكثير من الشباب، فالعكس يعني الابتعاد عن كل هذا.
واخيراً يقول الباحثون أن النظرة إلى أنفسنا على أننا مشغولون يعزز بالفعل فينا تقدير الذات، ويقربنا من الخيارات الأفضل في الحياة، بهذا يعزز الانسان من صحته النفسية ويزيد من نسبها وهذا ما يجب ان يبحث عنه الانسان في كل تفصيلاته حياته وتحت أي ظرف كان لان فقدان الصحة النفسية يعني فقدان الراحة في الحياة.
اضف تعليق