من المفارقات أن القلق يمكن أن يكون علامة على زيادة استقلال الطفل، إذ لدى الطفل رأيه الخاص في الموقف، وهو أن والديه لا ينبغي أن يغادرا وقد يريد ممارسة السيطرة، بمعنى انه قد لايكون يخشى غيابهم بقدر مايريدهم معه ليمنحوه ثقة اكثر...
المنزل هو الحاضنة الاولى للطفل ولا اعني المنزل تلك الجدران الخالية من الروح بل اعني من في المنزل وجود الاهل فيستمد منهم خطوات حياته عبر محاكاته لهم وتقمص الادوار الحياتية التي يؤديها فيما بعد، ومن هذا الترابط الفطري بين الاثنين تنتج عدة مشكلاته نفسية للطفل وهي خوف الطفل من ترك الوالدين له وهو ما يعرف بـ (قلق الانفصال)، فما هو قلق الانفصال؟، وما هي دواعيه؟، وكيف نتعامل معه؟
يعرف قلق الانفصال بأنه الخوف المفرط من الانفصال عن المنزل أو الأشخاص المتعلق بهم، ويعتبر القلق من الانفصال مرحلة طبيعية في نمو الرضيع، حيث يساعد الأطفال على فهم العلاقات والاندماج مع البيئة المحيطة بهم، لكنه يحتاج الى المراعاة النفسية لئلا يتحول الى عقدة ملازمة للانسان.
بحسب الدليل الاحصائي والتشخيصي للاضطرابات النفسية فأن اعراض القلق تظهر لدى 4% من الأطفال فقط، ولدى 1.6% من المراهقين، مما يجعله اضطراب القلق الأكثر انتشارا بين الأطفال تحت سن 12 عاماً، وان وجد من يعاني من نفس الاعراض بعد سن 12عاماً فهذا يعني انه مصاب برهاب من نوع آخر.
من الطبيعي ان يعتمد الطفل على والديه اعتماداً كاملاً في مرحلة الطفولة المبكرة، وعند انتقال الرضيع إلى مرحلة المشي ليصبح أكثر وعيا بما يحيط به ليبدأ في أول خطوات الاستقلال ولكنه ما زال غير مستعد للانفصال التام لذا حين يبتعد الطفل عن والدته لبعض الوقت يشعر بحاجة قوية للعودة لها حيث يجد الأمان والثقة التي افقتقدها بغايب مصدرها( الام_الاب).
غير الطبيعي ان الطفل يتفقد والديه بصورة قلقة وان كانوا معهم في المنزل، فما ان يدخل الاب الى الحمام او تختفي الام خلف باب المطبخ حتى يبدأ بالبحث عنها وقد يبدأ بالصراخ والبكاء ان لم يجدهم، الامر بهذه الطريقة يشير بالضرورة الى مشكلة في طريقها لان تكون عقدة يعاني منها هذا الطفل وهو ما يتطلب حلولاً نفسية وآخرى تربوية ناجعة.
في هذا السياق المختصة في علم نفس الطفل الدكتورة (ميراندا ويلسون) لموقع لموقع بارنتس" من المفارقات أن القلق يمكن أن يكون علامة على زيادة استقلال الطفل، إذ لدى الطفل رأيه الخاص في الموقف، وهو أن والديه لا ينبغي أن يغادرا وقد يريد ممارسة السيطرة"، بمعنى انه قد لايكون يخشى غيابهم بقدر مايريدهم معه ليمنحوه ثقة اكثر.
ما الاسباب؟
جملة من الاحتماليات التي قد تكون اسباب حقيقية لان ينزرع في الطفل قلق الانفصال ومن اهمها:
احتمالية تعرض الطفل في السابق الى محنة ترك احد الوالدين لفترات يعتبرها طويلة عليه مما يزرع في نفسه الخوف من تركه او امكانية تكرار الموقف في مرات لاحقة وعند كل مرة يغيب عنه والديه سيتولد لديه نفس الشعور، الاحتمالية الثانية هي انفصال والديه عن بعضهما وبذا هو يتعلق بمن هو تحت رعايته ولايريد الانفصال عنه بأي شكل من الاشكال ليبقى يشعر بالامان والثقة بالنفس.
كيف نخفف من هذا القلق؟
يمكننا ان نخفف قلق الانفصال لدى الطفل عبر الخطوات التالية:
منح الطفل جرعات كافية الحب والرعاية والاهتمام وهو ما يؤكد لديه مشاعر الامن النفسي، وبالتالي يمكن التواصل مع الصغار بشكل أسهل عندما يتلقون الاهتمام والعاطفة اللازمين مما يخفف الخوف لديهم.
ومن الاهمية بمكان الانتباه للطفل في التجمعات الكبيرة، وتجنب دفعه للتفاعل بعيدا عنك وعند ذهابه للعب مع الأطفال يفضل أن يوجد في مكان داخل دائرتك حتى يتمكن من العثور عليك عندما يريد، أو يشعر بالاطمئنان لوجودك حوله حتى وإن ابتعدت عنه لمسافة قريبة.
واخيراً يجب تدريب الطفل على الانفصال الجزئي عن والديه وتحميل مسؤولية الاهتمام بذاته تدريجياً وحينها كل ماكبر عام كبرت معه مسؤلياته وصولاً الى الانفصال التام والاعتماد على نفسه لمواجهة متطلبات الحياة ومخاطرها وتحدياتها، وبهذه الامور يمكن ان يتخطى الطفل ازمة قلق الانفصال.
اضف تعليق