يخلق هوس الدراسة ضغطاً نفسياً غير مسبوق على الطالب المهوس مما يوصلهم الى الاستنزاف النفسي الشديد أثناء الدراسة والذي يكون غالباً مصدره الأهل لكونهم لا يدركون حجم الأذى النفسي والضغط الواقع على أبنائهم وكم التوتر المصاحب لكل إمتحان وألم الشعور بالفشل...
فكرة ان يعمل الانسان على ان يكون الافضل فكرة منطقية جداً، وهي تيسيطر على الكثيرين من البشر ولا ضير في ذلك، فلك الحق في التميز في العمل او المنزل، وحتى في الدراسة وهذا الضرب من الاهتمام العال للدراسة في الاونة الاخيرة بدى واضحاً لدى الكثير من الاباء والابناء ولا شك ان حلم كل ابوين ان يران ابناءهما ناجحين ومتميزيين دراسياً.
لكن الذي لا نحبذه هو تحول الاهتمام الطبيعي الى هوس، وهوس الدراسة ربما من اكثر انواع الهوس انتشاراً بين الناس، فما هو هوس الدراسة، وما هي سلبياته، وكيف يجب ان يكون التعامل معه؟
يمكننا ان نعرف هوس الدراسة بأنه الحالة النفسية التي تدفع بالانسان الى الظهور بالافضلية المطلقة وليس سواها، سالك بذلك كل الطرق التي تجعله يبدو كذلك وان كان بعضها غير مشروعاً او غير ممنهجا ولا مخططا له في محاولة منه لارضاء ذاته واهله.
هوس الدراسة له محركين اثنين اولها الوالدين الذين يمنون النفس برؤية ابنهم يحصل على اعلى المعدلات العلمية التي تؤهلة للدخول في الجامعات ذات السمعة الطيبة مرة لرغبتهم في ان يكون انسانا ناجحا يخدم نفسه وعائلته ومجتمعه، ومرة يدخل من باب التباهي والتفاخر بكونهم ابنهم طبيب او مهندس او طيار... الخ، وهذه احد الامراض المجتمعية تفتك بمجتمعاتنا الانسانية للاسف.
المحرك الاخر هو الانسان نفسه حيث يسعى التمييز وهذا حق مشروع شريطة ان يتم ذلك في اصوله ومححداته الطبيعية لكن الطلبة من المراحل الاولى وصولاً الى الجامعات لا يمتلكون الفهم الكاف لحقيقة لابد ان تكون طبقات مجتمعية واختلاف في الادوار التي تكمل بعضها بعضاً والتي بدون هذا التفاوت لن تسقيم الحياة على اعتبار ان الاختصاصات الاقل لن يذهب اليها احد وهو ما يخلق نقص واضح في الوظائف الدنيا.
ما هي سلبيات هوس الدراسة؟
من هوس الدراسة والسعي الى الجلوس على القمة تنتج عدة امور سلبية للانسان اهمها:
ترك الانسان لرغباته والرضوخ لرغبة الوالدين، وهذه السلبية هذه سلبية موجودة في العادةً لدى الطلبة الذين أُجبروا منذ الصغر على التفوق الدراسي دون فهم السبب، فهذا الطالب قد لا يدرس لأنه يحب الدراسة بل لأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع فعله ربما لارضاء والديه، هذه السلبية عادةً ما تظهر في مراحل متأخرة من الحياة الدراسية وقد تظهر بعدها، عندما يدرك هذا الشخص أنه لا يعرف فيما يجب أن يتخصص أو إذا كان حقاً يحب ما يعمل.
والسلبية الاخرى لهوس الدراسة هو انه يخلق ضغطاً نفسياً غير مسبوق على الطالب المهوس مما يوصلهم الى الاستنزاف النفسي الشديد أثناء الدراسة والذي يكون غالباً مصدره الأهل لكونهم لا يدركون حجم الأذى النفسي والضغط الواقع على أبنائهم وكم التوتر المصاحب لكل إمتحان وألم الشعور بالفشل.
ومن السلبيات ان الانسان يصل الى مرحلة النضوب النفسي وهي مرحلة التي تصحاب الفرد المرهق من هوس الدراسة وتجعله يقرر العزوف عن أي نوع من انواع الهوايات أو ووسائل في الحياة وذلك لتفريغ وقت كافي للدراسة، هذه الفترة يشعر فيها الطالب بالتثاقل والملل من كمية الاعباء الملقاة عليه وبالتالي فقدان الشغف وهو ما قد يجعله فاشل في جوانب الحياة الاخرى ابرزها الجانب الاجتماعي.
المعالجة:
هي معالجة على هيئة نصيحة نقدمها لكل المهوسين في الدراسة واهليهم الذين يدفعون بهذا الاتجاه ومخلصها ما يلي:
على الوالدين ان يبتعدوا عن المقارنات بين اطفالهم وبين الاخرين من اقرانهم لان هذه المقارنات ستؤدي ربما الى التنافس غير الشريف والذي قد يخلق عدوات قد تتطور الى امور عنيفة، ثم من الافضل ان لا يضع الوالدين توقعات معينةلابناءهم حتى لا يشعرون بالإحباط أو اليأس إذا لم يحقق تلك التوقعات ويبدأون بجلد ابنهم وجلد ذواتهم بل يجب الاقتناع بما يقسم الله لهم بعد بذل الجهود، وعلى الانسان ان يتذكر دائماً أن المثالية والكمال يقضيان على الإبداع عند الانسان ولا ينميان مهاراته بالعكس لذا يفضل الابتعاد عن السعي اليهما.
اضف تعليق