انا كأغلب الناس اكره الانتظار سواء انتظار شخص في موعد معين او انتظار نتيجة اختبار او نتيجة مقابلة عمل او انتظار فحوصات مرضية او ما شاكل من دواعي الانتظار ومسبباته، فيمكننا وصف الانتظار على انه موت بطيء للمنتظر، فلما نكره الانتظار، وهل هو امر طبيعي ام انه حالة خاصة...
انا كأغلب الناس اكره الانتظار سواء انتظار شخص في موعد معين او انتظار نتيجة اختبار او نتيجة مقابلة عمل او انتظار فحوصات مرضية او ما شاكل من دواعي الانتظار ومسبباته، فيمكننا وصف الانتظار على انه موت بطيء للمنتظر، فلما نكره الانتظار، وهل هو امر طبيعي ام انه حالة خاصة؟، وهل يمكن ترويض انفسنا للتعود على الانتظار دونما نستفز؟
كرهي للانتظار يكاد يكون مختلف عن الباقين ففي ذات مرة كنت انتظر صديق لي للذهاب الى موعد مهم وكنا قد اتفقنا ليلاً اننا سنذهب في الساعة ال8 صباحاً وانا على الموعد المحدد ذهبت للمكان المحدد لكنه تخلف عن الموعد لمدة ساعة تقريباً كنت اتصل به عند كل 15 دقيقة ويخبرني بأنه قريب رغم ان الوقت الفعلي الذي يحتاجه للوصول هو 10 دقائق او اقل بقليل، في الاتصال الاخير قررت ان اعود الى المنزل وترك الموعد وهو ما فعلته بالفعل وقد لحقني الى المنزل لكني بسبب استفزازه لي بالتأخر عن الموعد رفضت العودة معه.
تقول الاخصائية النفسية الدكتورة (لطيفة دردس)" لكل انسان ما يعرف بالعدسة السيكولوجية التي ينظر من خلالها الى الاحداث المحيط، فأذا كانت العدسة سليمة ستدخل من خلالها الاحداث بصورة نقية وستحدث اثار ايجابية، اما اذا كانت تشوبها الافكار السلبية ستدخل من خلالها الاحداث بصورة مشوهة وبالتالي ستحدث اثار سلبية في اجسامنا"، وعبر هذه العدسة تتحدد نظرة الانسان الى الانتظار، بمعنى اننا يمكن ان نروض انفسنا للانتظار وهذا يعتمد على عدستنا السيكولوجية التي تعتمد على وعينا ونضجنا ومرجعياتنا الفكرية وخزيننا من الصحة النفسية.
نحن نخاف انتظار المواعيد ذات النتائج التي تهم حياتنا ومستقبلنا حتى وانا كنا على يقين ان النتائج ستكون مطابقة لتوقعاتنا الا اننا سنبقى نخشى هذه الانتظار ونحسب له حساب ولا اعرف هل القلق هنا طبيعي ام الا لكن الذي اعرفه ان الناس بأختلاف اعمارهم واجناسهم يمرون بهذا الخوف وبالتالي الكره للانتظار من هذا النوع.
ايها الانتظار كم انت مزعج ومخيف حتى يهابك الطالب الذي يترقب ظهور نتيجته الامتحانية حتى وإن كان من الأوائل فتراه يخشى أن تكون درجاته أقل مما كان يتوقع فيدخل في دوامه الانتظار وماتصاحبه من قلق نفسي وتفكير متعب، وقد يخشاه موظف الدولة والذي ينتظر ترقية وظيفية او مكافئة من مديره لقاء عمل اضافي قام به، كما يتعب لاعب كرة القدم الذي ينتظر عقداً احترافياً يحلم بتحقيق حلمه عبره، وغير ذلك من الحالات التي تستدعي القلق والخشية من الانتظار.
لكن هناك نوعاً من الانتظار يعرف بالانتظار الفعال الذي هو تخصيص الوقت الضروري لبلوغ الغاية وتحقيق الرغبة أو لتكوين الذات وتمكينها من شروط الكفاءة والجدارة والاستحقاق وهذا يعني الصبر صبراً يسند من خلاله الانسان ظهره إلى جدار، في هذا السياق استضافنا في مؤسسة النبأ قبل ايام قلائل اديبين عراقيين للاحتفاء بهم وتكريمهم على ما قدموه من نتاجات ادبية، علقت في ذاكرتي عبارة قالها احدهما قال لي قريب ذات مرة وانا في طريقي لطباعة ديوان شعري(لا تتعجل المجد)، وهو يشير الى ضرورة ان يطهي الانسان طعامه جيداً قبل ان يأكله ليكون هذا الطعام لذيذاً ومفيداً.
في الختام سيدي القارئ الكريم نقول، اننا نمضي ثلاثة ارباع حياتنا في الانتظار اما الربع الاخير فهو موزع بين الاستعداد للانتظار والاستسلام له والضيق به والتذمر منه لكننا في النهاية لابد لنا ان ننتظر فلا بديل له سوى الاعتراف به والتعامل معه وكأنه ضرورة حياتية مفروضة.
اضف تعليق