رغبة الانسان بالبقاء في محيط جماعي تتناسب طردياً مع تقدم العمر فكلما تقدم الانسان في العمر كلما شعر بالضعف والعجز عن انجاز جميع مهامه بصورة فردية وهو ما يجعله متمسكاً بهذه الاعتمادية المتبادلة، بينما يمكن ان يضربها عرض الجدار في ايام قوته واعتقاده غير الصحيح بأنه قائم بذاته ولذاته...
نحن البشر خلقنا نرغب بالاتصال ببعضنا البعض ولا يمكننا العيش منفردين وان تمكنا من ذلك فإن الامر لن يدوم طويلاً بحكم حاجتنا الى الاخرين من حولنا، فنحن البشر تحكمنا قاعدة (الكل يحتاج الى الكل)، لكن هذه القاعدة لابد ان تحفظ التوازن ولا يكون هناك استغلال لاي طرف في العلاقة.
في الحياة العامة نرى يومياً ان اشخاصاً يعتمدون على شركائهم بالطريقة التي ترهق الشريك، او يعملون على فك الارتباط نهائياً والاعتماد الكلي على أنفسهم حتى في الجزئيات التي تتطلب ان يقوم بها انسان آخر، فالأمرين غير صحيحين ولابد من خلق شيئاً من التوازن.
انا شخصياً ارى الاعتماد المتبادل سمة مهمة صنعها الله في البشر ليشدهم ببعضهم البعض ويذكي امكانية التعاون بين البشر والمصداق ان البشر هو الكائن الاجتماعي الوحيد الذي يمارس نشاطه في محيطه الاجتماعي ولعل سبب نجاحه هذه الاجتماعية التي تحميه وتبرز نشاطه وبدونها ليست هناك رغبة في العمل الجاد المميز.
والاعتماد المتبادل بين الناس لا يعني قصوراً في الانسان ابداً كما يدعي فريق من الناس وهم اولئك الذين يقولون بإمكانية ان يؤدي كل انسان كل مهامه من دون الحاجة الى أحد من الناس، انها ارادة الله التي اراد ان يودعها في البشر ربما لكبح جماح غروره الذي قد يتولد حينما يشعر على انه قادر على اداء كل شيء بمفرده.
وهنا اود الاشارة الى الانسان يمكن ان ينفذ غالبية الاعمال والمهام المنوطة به لكن مستوى الانجاز لم يكن بمستوى عال من الدقة والسرعة لغياب التخصص في العمل، فالشراكة المتبادلة والعمل كفريق واحد لا يستطيع أحد الاستغناء عنه أو العمل بمفرده بمعزل عن الآخرين وهو ما يأتي بنتائج أفضل من الانجاز أو أسلوب أفضل في الحياة بحيث يشعر الناس بأن الاعتماد المتبادل يحقق الراحة والامن النفسي.
ان الاعتماد المتبادل هو عدم إستغناء الفرد عن غيره فكل منهم يعتمد على الآخر وكل منهم يكمل الآخر فلا يستطيع شخص بعينه أن يحقق كفايته بنفسه ولا بد له أن يستعين بغيره في كثير من القضايا وغيره يستعينون به في قضايا اخرى وهذا هو الأساس في العلاقات بين الأفراد فكل منهم يحتاج الآخر.
كيف احكم على نوع العلاقة؟
يمكننا الحكم على نوع العلاقة التي تربطنا مع اي طرف آخر بكونها علاقة اعتماد متبادل او علاقة اعتماد من طرف واحد (استغلال) عبر النظر الى ما يقدم، فإذا كان الانجاز الوحيد لشريكك هو أنه شريكك ولم يحقق شيئاً ينفعك احكم عليه انه يستغلك ويستغل اسمك وما لديك من مهارات او نجاحات او انه يرفض الاعتراف بنجاحك ويحاول عرقلة امورك هنا يجب ان تعيد تقيم علاقتك معه، اما اذا كان الشريك يدعمك ويقدم لك خدمات مادية او معنوية بنفس القدر الذي تقدمه له او اكثر مما تقدم انت فهنيئاً لك هذا الشريك الذي يمكنه الاعتماد في حياتك وانت مطمئن وواثق.
اشارة:
رغبة الانسان بالبقاء في محيط جماعي تتناسب طردياً مع تقدم العمر فكلما تقدم الانسان في العمر كلما شعر بالضعف والعجز عن انجاز جميع مهامه بصورة فردية وهو ما يجعله متمسكاً بهذه الاعتمادية المتبادلة، بينما يمكن ان يضربها عرض الجدار في ايام قوته واعتقاده غير الصحيح بأنه قائم بذاته ولذاته وليس بحاجة الى أحد وهو ما يجعله منعزلاً ومنشغلاً باهتماماته واعماله ودراسته بعيداً عن الكل.
في الخلاصة يمكن للانسان ان يحدث توازناً في علاقته بالمحيط، فهو بحاجة الى ان يلتزم الاعتماد المتبادل مع من حوله فهو يخدم ويُخدم في الكثير من الامور المادية وحتى المعنوية، في قبالة ذلك ينبغي للانسان ان يكون قوياً مستقلاً في بعض الامور التي يفضل فيها الاستقلال وهو ما يدلل على قوة الانسان وفطنته وليس دلالة انانية او انعزال عبثي، فالاعتماد المتبادل هو تلك المنطقة الرمادية حيث يمكن تحقيق توازن مثالي.
اضف تعليق