معدل انتشار اضطرابات القلق مدى الحياة تعادل 26% للرجال و40% للنساء. حوالي واحد من كل 4 رجال، وأربعة من كل 10 نساء سيصابون باضطراب القلق في مرحلة ما خلال حياتهم. ومن الضروري التمييز بين مشاعر القلق، والتشخيص الطبي لاضطراب القلق. والقلق يعد رد فعل طبيعي للتوتر...
أوضح فريق العمل المعني بالخدمات الوقائية الأمريكية، والذي أصدر مسودّة إرشادات جديدة الشهر الماضي، ضرورة فحص جميع البالغين، الذين تقل أعمارهم عن 65 عامًا، بحثًا عن اضطرابات القلق.
ورغم أن الإرشادات، التي تساعد في توجيه قرارات الأطباء، ليست نهائية بعد حتى وقت لاحق من هذا الشهر، إلا أنّ هذه هي المرة الأولى التي توصي فيها مجموعة الخبراء الوطنية بفحص اضطرابات القلق لمثل هذا القطاع الواسع.
وبحسب منظمة الصحة العالمية في عام 2019، كان هناك 301 مليون شخص مصابين باضطراب القلق، منهم 58 مليون طفل ومراهق. وتتميز اضطرابات القلق بمشاعر الخوف المفرط والقلق والاضطرابات السلوكية ذات الصلة، وتكون أعراضها وخيمة بما يكفي لتسبب كرباً شديداً أو قصور جسيم في الأداء. وهناك عدة أنواع مختلفة من اضطرابات القلق، من بينها: اضطراب القلق العام (المميز بالقلق المفرط)، واضطراب الهلع (المميز بنوبات الهلع)، واضطراب القلق المجتمعي (المميز بالخوف المفرط والقلق في المواقف الاجتماعية)، واضطراب القلق الانفصالي (المميز بالخوف أو القلق المفرط بشأن الانفصال عن الأفراد الذين تربطهم بالشخص رابطة عاطفية عميقة)، وغيرها من الأنواع. ويوجد علاج نفسي فعال، وقد يُنظر أيضاً في إعطاء الأدوية رهناً بعمر الفرد ووخامة حالته.
فما مدى شيوع اضطرابات القلق وهل يعد بعض السكان أكثر عرضة للخطر من غيرهم؟ ما هي بعض الأعراض التي قد يعاني منها الناس؟ كم مرة يجب إجراء فحوصات القلق؟ وماذا يترتب عليها؟ ما هي العلاجات المتوفرة؟ وماذا تعني هذه التوصيات؟
تُجيب الدكتورة لينا وين، المحلّلة الطبية في CNN، وطبيبة الطوارئ، وأستاذة للسياسة الصحية والإدارة بكلية معهد "ميلكن" للصحة العامة في جامعة "جورج واشنطن"، عن أبرز الأسئلة المتعلقة بهذا الأمر.
وبحسب مسودة توصيات فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية بالولايات المتحدة، أوضحت وين أنّ معدل انتشار اضطرابات القلق مدى الحياة تعادل 26% للرجال و40% للنساء.
وهذا يعني أنّ حوالي واحد من كل 4 رجال، وأربعة من كل 10 نساء سيصابون باضطراب القلق في مرحلة ما خلال حياتهم.
وبذلك، أشارت وين إلى ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية بقدر اهتمامنا بالصحة الجسدية.
ومن الضروري التمييز بين مشاعر القلق، والتشخيص الطبي لاضطراب القلق.
والقلق يعد رد فعل طبيعي للتوتر، حيث يشعر الأشخاص بمستوى معين من التوتر تجاه بعض المواقف في حياتهم.
وتتميز اضطرابات القلق بالخوف المستمر والمفرط، أو القلق الذي يؤثر على قدرة الشخص على العمل. وتشمل مجموعة من التشخيصات، بما في ذلك اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، وأنواع معينة من الرهاب.
وأوضحت وين أنّ وجود حالة صحية نفسية أخرى يزيد من احتمالية إصابة الشخص باضطرابات القلق.
ووجدت إحدى الدراسات الكبيرة أن 67٪ من المصابين بالاكتئاب يعانون أيضًا من اضطراب القلق. وهناك أيضًا ارتباط بين اضطرابات القلق، والتدخين، وتعاطي الكحول. وقد تؤدي أحداث الحياة المجهدة، مثل فقدان الوظيفة، إلى زيادة احتمالية الإصابة باضطرابات القلق.
ويمكن أن يعاني الأشخاص المصابون باضطرابات القلق من مجموعة واسعة من الأعراض، تشمل الشعور بالذعر، وصعوبة التركيز أو النوم، والمعاناة من نوبات الهلع.
وتتميز نوبات الهلع بخفقان القلب، وضيق النفس، أو برودة اليدين.
وأشارت وين إلى أنّ بعض الأشخاص قد يعانون أيضًا من أعراض جسدية، مثل الصداع، وآلام المعدة، والغثيان، والتعب.
ومثل الاكتئاب، وبعض تشخيصات الصحة النفسية الأخرى، يمكن علاج اضطرابات القلق من خلال العلاج الدوائي، أو العلاج النفسي، أو كليهما.
وفي كثير من الأحيان، يوصي الأطباء بتغييرات في نمط الحياة أيضًا، بما في ذلك التأمل، وممارسة الرياضة، وتقليل شرب الكحول، واجتناب التدخين.
وأوضحت وين أنّ الكثير من الأشخاص يتلقون علاجهم لبعض من الوقت، ثم يخضعون للمراقبة لمعرفة ما إذا كانوا بحاجة إليه مرة أخرى.
وتُذكّر وين بضرورة إخبار الطبيب بجميع الأعراض التي تشعر بها.
وقد تشير بعض هذه الأعراض، التي قد لا تبدو مرتبطة بشكل مباشر، إلى اضطراب القلق.
توصيات بفحص القلق
للمرة الأولى، توصي فرقة الخدمات الوقائية الأمريكية بفحص البالغين الذين تقلّ أعمارهم عن 65 عامًا، للتأكد من إصابتهم بالقلق أم عدمه.
وتضم فرقة الخدمات الوقائية الأمريكية (USPSTF) مجموعة من خبراء الوقاية من الأمراض المستقلين والخبراء الطبيين الذين توجه توصياتهم قرارات الأطباء. ومسودة التوصية هذه ليست نهائية، لكنها دخلت راهنًا مرحلة التعليق العام.
وقالت لوري ببيرت، إحدى أعضاء فرقة الخدمات الوقائية الأمريكية لـCNN، إنّ اللجنة وجدت أنّ "فحص القلق لدى البالغين الذين تقل أعمارهم عن 65 عامًا، الذي يشمل النساء الحوامل والنساء في مرحلة ما بعد الولادة.. قد يساعد بتحديد القلق مبكرًا"، مضيفةً: "لذا فهذا الأمر مثير حقًا للاهتمام".
وتُعرّف فرقة الخدمات اضطرابات القلق على أنها "تتميّز بمدة طويلة أو شدّة أكبر للاستجابة للإجهاد جراء الأحداث اليومية". وتشمل الأنواع المعترف بها اضطراب القلق العام، واضطراب القلق الاجتماعي، ورهاب الأماكن العامة. وتوصي مسودات فرقة الخدمات أيضًا بإجراء فحص لاضطراب الاكتئاب الشديد لدى البالغين، وفقًا لتوصيات فحص الاكتئاب المنشورة عام 2016.
وقالت ببيرت، عالمة نفس سريرية وأستاذة بكلية الطب في جامعة ماساتشوستس، إن توصية فحص القلق كانت ذات أولوية "نظرًا لأهميتها على الصحة العامة، لا سيّما مع التركيز المتزايد على الصحة العقلية في هذا البلد".
وقد أدت جائحة "كوفيد-19" إلى تفشي موجة جديدة من القلق والاكتئاب، رغم تراجع المستويات إلى حد ما منذ ذلك الحين. وأشار تقرير جديد نشرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) إلى أنّ البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عامًا هم الشريحة الأدنى التي تلقت علاجًا للصحة العقلية عام 2019، لكنهم أصبحوا الأكثر احتمالًا للإصابة بالقلق عام 2021.
أدوات الفحص متوافرة أساسًا
وتنطبق توصية فحص القلق على البالغين بدءًا من 19 عامًا وما فوق الذين لا يعانون من اضطراب في الصحة العقلية. أما توصيات فحص الاكتئاب فتنطبق على من يبلغون 18 عامًا وما فوق ولا يعانون من اضطراب في الصحة العقلية، ولا تظهر عليهم أي علامات شائعة للاكتئاب أو خطر الانتحار.
وشددت ببيرت على أنّ الأشخاص الذين تظهر عليهم بالفعل علامات أو أعراض يجب أن يخضعوا لتقييم وأن يتم ربطهم بالرعاية الخاصة بهذه الحالات.
وتمّ تطوير أدوات فحص سريعة لكل من القلق والاكتئاب، وهي متاحة للاستخدام في مراكز الرعاية الأولية. وتشمل معظم أدوات الفرز الحالية على استبيانات ومقاييس.
ولفتت فرقة الخدمات إلى أنّ أي نتيجة فحص إيجابية يجب أن تفضي إلى عمليات تقييم إضافية تؤكدها. كما أوضحت أن هناك القليل من الأدلة المرتبطة بالتوقيت والفاصل الأمثل للفحص، وثمة حاجة إلى مزيد من الأدلة.
وأشارت فرقة الخدمات الوقائية الأمريكية إلى أنه في حال انتفاء البيانات، قد تتضمن مقاربة عملية فحصًا لجميع البالغين الذين لم يسبق أن خضعوا لذلك، واستخدام الحكم السريري الذي يأخذ بالاعتبار عوامل أخرى، مثل الظروف الصحية الأساسية، وظروف الحياة، لاتخاذ قرارات بشأن ما إذا كان ثمة حاجة لفحص إضافي للأشخاص المعرضين لخطر كبير.
والتوصيات الخاصة بفحص القلق والاكتئاب هي ما تضعها فرقة الخدمات ضمن التصنيفات "ب"، ما يعني أن على الطبيب تقديم الخدمة نظرًا لوجود "فائدة صافية معتدلة".
وأوضحت ببيرت أنّ "هناك فرص ضائعة في ممارسة الرعاية الأولية، ولهذا السبب نحتاج إلى البحث بغية فهم ماهية أفضل الطرق التي تخولنا فحص الأفراد الذين لا تظهر عليهم علامات أو أعراض معروفة لخطر الانتحار، حتى نتمكن من التعرف عليهم وربطهم بمركز رعاية.
رفع مستوى الوعي برعاية الصحة النفسية
ورأت ببيرت أن فحص اضطرابات القلق يعتبر أمرًا مهمًا نظرًا لانتشار اضطرابات القلق مدى الحياة في الولايات المتحدة، التي حددتها مسودة التوصيات بنسبة 26٪ للرجال و40٪ للنساء.
وأضافت: "هذا الأمر يشكّل مصدر قلق شائع على الصحة العقلية"، متابعة أنه "لهذا السبب من المهم جدًا بالنسبة لنا معالجة اضطرابات القلق والكشف عنها".
كما يأمل أعضاء فرقة الخدمات الوقائية أن ترفع التوصيات من مستوى الوعي حول الحاجة إلى فحص الصحة العقلية وعلاجها.
ولفتت ببيرت أيضًا إلى أن فرقة الخدمات قلقة للغاية بشأن العدالة الصحية.
الوقاية من القلق
بإمكانك علاج القلق العام دون أدوية وبنفسك من خلال اتباع عدة نصائح يقدمها لك المختصون مثل:
1. الاعتراف بمشاعر القلق:
صارح نفسك بما تمر به من قلق وتوتر واعترف أنها مشاعر طبيعية وستمر حتما يوما ما، ولا داعي أن يسيطر ذلك الشعور بالقلق على أفكارك ويتمكن من حياتك وبالتالي ستتعامل معه بطريقة سليمة وتضعه في حجمه الطبيعي.
2. لا تصدق أفكار القلق بداخلك:
سوف يهيأ لك القلق أفكار ووساوس غير حقيقية، فلا تصدق تلك الأفكار الوهمية ولا تدعها تفرض نفسها عليك فهي نتيجة مشاعر القلق الحاد الذي تنتابك.
3. احصل على نوم كافي:
أول خطوة في علاج القلق هو تهدئة الجسم والحصول على الراحة والاسترخاء مما يمنح عقلك شعور بالراحة والصفاء الذهني نتيجة زيادة إفراز هرمونات السعادة والهدوء وتخفيف مشاعر التوتر والقلق.
4. تعلم كيفية الاسترخاء:
تعلم تمارين الاسترخاء والتنفس واحرص على ممارسة اليوجا والتأمل، والتي تساعد على تهدئة أفكارك وانفعالات الداخلية وتقليل الشعور بالقلق.
5. مارس الرياضة:
ممارسة الرياضة وزيادة المجهود البدني الطبيعي يقلل من مستويات القلق بشكل كبير، لذا احرص على القيام بالتمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يوميا حتى تزيد من هرمون الدوبامين المنشط الجهاز العصبي.
6. تحدث مع نفسك:
تحدث مع نفسك عن ما تشعر به وامنحها الثقة والدعم في قدرتها على تخطي تلك العقبات، “أنت قوي وقادر على تخطي أي شيء” كررها علي مسامعك دائما حتى تقتنع بقدراتك وتصدق مراكز القوة بداخلك.
7. فكر بشكل إيجابي:
القلق دائما يدفعك لتخيل المستقبل بشكل سلبي ويحيطك بتوقعات كارثية ستحدث لك، لذا أنت في حاجة إلى التفكير بشكل إيجابي والتركيز على اللحظة التي تمر بها وليس ما سيحدث في المستقبل، واجبر عقلك على الاندماج مع الواقع حتى تستطيع حل مشاكلك.
8. واجه مخاوفك:
تجنب مخاوفك والهروب منها يجعلك تشعر بأنها أقوى منك وتعترف لها بالسيطرة على حياتك، والحل الأفضل يكمن في المواجهة والوقوف وجها لوجه أمام أسباب قلقك مما يشعرك بالسيطرة عليها والتقليل من آثارها عليك، يتم ذلك تدريجيا بأن تعرض نفسك للمواقف التي تثير بداخلك القلق بشكل خفيف ثم تقوم بتدريجها لمواقف أصعب حتى تتحدى قلقك وتتغلب عليه.
9. تجنب التدخين والمنبهات:
تزيد المشروبات المنبهة للجهاز العصبي مثل الكافيين من مستويات القلق والتوتر، لذا فإن تجنب المواد المحفزة للقلق يساهم بشكل كبير في التقليل منه ومنح شعور بالراحة والاسترخاء.
10. عادات النوم الجيدة
يمكن أن تساعد بناء عادات النوم الجيدة في منع الأرق وتعزيز النوم السليم، حافظ على تناسق وقت نومك ووقت استيقاظك من يوم لآخر، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع.
حافظ على نشاطك فالنشاط المنتظم يُساعد على تعزيز النوم الجيد ليلًا.
تحقق من الأدوية الخاصة بك لمعرفة ما إذا كانت تساهم في الأرق.
تجنب أو الحد من القيلولة.
تجنب الوجبات الكبيرة والمشروبات قبل النوم.
اجعل غرفة نومك مريحة للنوم واعمل نشاطات مريحة لوقت النوم.
اضف تعليق