الخوف المبالغ فيه من قبل الاولاد من فقدان احد الوالدين او كلاهما هو مرض نفسي شائع يعرف بـ(رهاب الموت)، يجعل الانسان المصاب فاقداً للتركيز وغير مستعداً لتقبل سماع خبر وفاة مهما كانت المقدمات وهو مستعد ايضاً لدفع كل ما يملك في سبيل الظفر بتطمينات وان كانت كاذبة تؤكد بقائهم معه لفترة اطول...
قال لي احدهم لست مبالغاً ان قلت انني وفي مرات كثيرة كنت اداهم غرفة والدي للتأكد من كونهم لازالوا على قيد الحياة ام لا، وقد وصل بي الامر الى النظر الى حركة تنفسهم ونبضات قلبهم، ربما يشاركه الكثير من الناس هذا الخوف والقلق لكن ربما جميعنا لا ندري هل امر طبيعي ام انه خوف مرضي؟، وهل يتعلق بمرحلة عمرية دون اخرى؟، وكيف يمكننا تخطيه والخلاص منه؟
الخوف المبالغ فيه من قبل الاولاد من فقدان احد الوالدين او كلاهما هو مرض نفسي شائع يعرف بـ(رهاب الموت)، يجعل الانسان المصاب فاقداً للتركيز وغير مستعداً لتقبل سماع خبر وفاة مهما كانت المقدمات وهو مستعد ايضاً لدفع كل ما يملك في سبيل الظفر بتطمينات وان كانت كاذبة تؤكد بقائهم معه لفترة اطول.
لكون الوالدين هم مصدر الامان لأبنائهم وهما مصدر القوة الاولى بعد الله عز وجل، وهما الملاذ الاول وربما الوحيد حين يقسو الزمان فنجدهم حاضرين لتقديم المساعدة متى ما احتجنا بلا تذمر ولا منية ولا جميل.
فرغم تحملهم مشكلات الزمن واتعابه هم يتحملون اعباء مشكلاتنا وهمومنا كما آمالنا وتطلعاتنا ربما بجدية وتفان ربما يفوق جديتنا نحن المعنيين، كل هذا الذي يقدمونه هو من يجعل فقدانهم أمر جلل مميت للقلب والروح، وتتصحر بعده القلوب وتبقى وكأنها فاقدة لكل شيء رغم توفر كل شيء من الجهة الاخرى.
كيف نستدل على وجود هذا الخوف؟
نستدل على وجوده عبر توفر عدة اعراض شائعة تظهر حال شعور الشخص بالخوف من فقدان والديه، ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي:
الانعزال عن المجتمع والرغبة في الانواء حول النفس مما قد يصل بالإنسان الى حد الاكتئاب، الرغبة بتجنب الحديث عن موت أحد الوالدين، الشعور بالأرق واضطراب النوم ورؤية الكوابيس سيما بعد التفكير الكثير بالموضوع، السوداوية والشتائم الشديد حين يمرض أحدهم الى الحد الذي يجعل الحياة مظلمة في نظرهم.
والبدء في البكاء والحسرة عند سماع موت والد او والدة زميل او جار او قريب، محاولة الجلوس بينهم دائما والتقرب منهم وكأنها المرة الأخيرة التي يستلقيهم فيها، كل هذه العلامات تشير بالضرورة الى اصابة الانسان بهذا المرض النفسي.
ما الاسباب؟
جملة من الاسباب التي تدفع الانسان الى المبالغة في الخوف من فقدان أحد الوالدين او كلاهما ومن هذه الاسباب واهمها بأختصار هو:
اولاً_ الخوف من فقدان السند الحقيقي في الحياة سيما عند صغار السن الذي يرون أنفسهم انهم غير قادرين على مواجهة متطلبات الحياة ومصاعبها الامر الذي يجعلهم يرتعبون من فكرة موت أحد والديهم وانا شخصياً اعطيهم الحق في ذلك وهم وفق هذا السبب غير ملامين مطلقاً.
ثانياً_ الموت المفاجئ سيما وان اعداده في تصاعد مستمر يوم بعد يوم وعام بعد آخر جعل الابناء في خوف مستمر من فقدان والديهم بهذه الكيفية المتعبة والمرهقة نفسياً.
ثالثاً_ الاعتماد على الوالدين في الصغيرة والكبيرة جعل الاولاد غير متعمدين على أنفسهم وبذا يكون فقدانهم بمثابة صاعقة تقع على رؤوسهم تنهي حياتهم او تجعلها مجرد عدد لإيام قد تنتهي بعد موتهم بقليل.
رابعاً_ الشجار الدائم مع الوالدين قد يعزز الشعور بالذنب والخوف من فقدان الوالدين وهم غير راضين عنه.
خامساً_ من الاسباب الاكثر حساسية سيما لدى الاطفال هو حدوث حالة وفاة في المحيط الاسري اذ يتذوقون مرارة الفقد والمه وبالتالي يخشون تكرار الامر مع والديهم.
سادساً_ اصابة الانسان بمرض مزمن يولد لديه شعور بإمكانية الموت في أي لحظة.
سابعاً_ مشاهدة مشهد درامي يحكي قصة طفل مات أحد والديه او كلاهما وهو صغير ولم يجد من يعتني به يشعر الانسان بالخوف الشديد من موت الوالدين.
كيف نخفف من هذا الخوف؟
اول العلاجات واهمها هو الايمان بالله وبما يقدر من عمر للانسان لا يستطيع اي أحد ان يطيله او يقصره، اذ ان هذا الايمان سيجعل الفرد هادئ ومطمئن نفسياً وبالتالي ان حدث الموت يعدونه نتيجة طبيعية فلكل بداية نهاية.
الامر العلاجي الآخر هو تفضيل البحث عن وسائل يخدم بها الانسان والديه بدل الانشغال والهلع من فكرة موت أحدهم، وبالتالي حين يموتون نكون قد خدمناهم ولم نقصر في حقهم.
ومن العلاجات ايضاً ان يعمل الانسان على الاعتماد على نفسه شيئاً فشيئاً وبالتالي يمكن تقل المخاوف من فقدان الوالدين على اعتباره انه يتمكن من ادارة اموره، كما يفضل ان يندمج الانسان في محيطه البشري برفقة والديه قدر المستطاع والحرص على عدم ترك النفس فريسة للعزلة والوحدة التي تعمل على تعزيز تلك المخاوف داخل الإنسان، كل هذه الامور من شأنها ان تحد من مخاوف الانسان حيال موت أحد ابويه.
اضف تعليق