ولأن الجرأة هي القيمة التي تجعلنا نكتسب الثقة لنحول هذه الثقة الى سلوكيات جريئة منطقية فلابد لنا ان نركن الخوف جانباً ونقاوم الأغلبية غير الصائبة ونأتي بالتغيير وان كان الامر ليس هيناً لكن بمرور الوقت سيصبح سلوكية عامة بعد ان كان مقاومة التغير امر غير ممكن...
يحتاج الانسان الى المجازفة احياناً لكي يحقق طفرة في طريق غاياته او اهدافه، وفي حال لم يمتلك هذه القابلية سيبقى روتينياً او قد يتراجع الى الوراء، وقدرة الانسان الخروج عن المألوف هو الجرأة التي تعتبر الوجه الآخر للشجاعة، وقد فاز باللذات من كان جسورا.
تنبثق الجرأة من داخل الانسان وبدافع نفسي يحرك الانسان ويقوده الى ان يكون ذا ارادة، وفي طبيعة الحال فأن هذه الارادة هي الدافع الحيوي الذي يفتح الطريق أمامنا، وتمنحنا القدرة على تخطي الصعاب او الحصول على استحقاق كان قد حجب بسبب عدم المطالبة به رغم كونه حقاً طبيعياً لا هبة ولا عطية.
الانظمة النفسية التي تجعل الانسان جريئاً هي ثلاث اولها نظام الالتزام الذي يشير الالتزام إلى قدرة الناس على إيجاد معنى في الأحداث التي تحدث لهم، وثاني الانظمة هو نظام التحكم والذي يشير الى القدرة على الاستجابة للأحداث في حياتهم بدلاً من الشعور بالعجز، ومن ثم نظام التحدي والذي يحفز الناس الى التجربة والمنافسة بدلاً من القبول بحياة روتينية مكررة، ووفق هذا النظام يفضل الكثير من الاشخاص مواجهة التحديات واعتبارها فرص للنمو الشخصي.
ويمكننا ان نقول ان الجرأة هي الشرارة الملهمة التي يمكن أن تشعل شجاعتنا في أكثر اللحظات احتياجاً، وفي الكثير من الحيان نحتاج الى الجرأة ليس من اجل الحصول على مكسب مادي معين بل نحتاجها نفسياً لنثبت لذواتنا بكوننا غير مهمشين ولا يمكن اهانتنا او العبور على اكتافنا، كما فعل أحدهم وهو بداية تعينه للعمل في مكان ما وحين تأخرت حقوقه طالب بكل جرأة من رئيسيه في العمل بأن يكون جدياً في استحصال الحقوق، رغم ان الموقف ردة فعل سلبية لكنها في النهاية كلمة حق شجاعة كانت يجب ان تقال وليكن بعدها ما يكن.
ما الفرق بين الجرأة والوقاحة؟
بين الجرأة والوقاحة اختلاف كبير جداً فهما مصطلحان متناقضان تماماً الاول يعني ان تكسر الخوف والتردد وتمارس السلوكية من دون خوف، والجرأة هي تصرف سليم نابع من قوة باطنية صائبة وشجاعة وتفكير معمق يصنف تحت ستار من الأخلاق والاحترام .. ويحمل في معظم الأحيان ثقافة عالية وعلم واسع بحيث يدافع الجريء عن آرائه بشجاعة وثقة في النفس.
اما الوقاحة فهي التصرفات والسلوكيات التي تكون خارجة عن الادب والذوق واحترام الاخرين مما يتسبب بالإزعاج وتهديد الراحة النفسية للانسان عبر المساس بقيمه واعتقاداته والاعتداء عليه لفضياً، والفرق بين المعنين واضح وجلي لكن بعض الناس يحاولون تأطير سلوكياتهم الوقحة بإطار الجرأة هرباً محاكمة المجتمع له ومحاسبته على يقوم به.
ولأن الجرأة هي القيمة التي تجعلنا نكتسب الثقة لنحول هذه الثقة الى سلوكيات جريئة منطقية فلابد لنا ان نركن الخوف جانباً ونقاوم الأغلبية غير الصائبة ونأتي بالتغيير وان كان الامر ليس هيناً لكن بمرور الوقت سيصبح سلوكية عامة بعد ان كان مقاومة التغير امر غير ممكن.
وحين لا يتسلح الانسان بالجرأة اللازمة والبقاء على الخوف من التغير وقول لا سيتحكم به اي كان بلا رادع كما الوضع الحالي في العراق حيث غابت قيمة الرفض وقول (لا) نتيجة لغياب الجرأة والمحصلة تدهور في كافة المجالات وتسيد للقيم السلبية وتحكم الفئة الغير فاهمة بمصائر الناس وقوتِها ومستقبلها.
وعلى الصعيد الأكاديمي تجعل الجرأة الباحث يجرب ان يبحث او يدرس ظواهر معقدة او غير مدروسة، وبرغم صعوبة الامر والمخاطر التي يدخلون بها لكنهم يفضلون هذا النوع من الجرأة ويتحملون النتائج وفي الغالب يتمكنون من النجاح، مما يساهم في الاتيان بجديد معرفي يعود نفعه على العملية العلمية برمتها، هذه الثمار التي تأتي بها الجرأة فعليكم بها لكن بشروطها.
اضف تعليق