جملة من الامور التي تتسبب في احساس الانسان بالفراغ العاطفي والذي قد يؤدي الى اثار نفسية جسيمة مالم يعالج ويحد من دائرته، من اهم هذه الامور: فقدان الاتصال بمصدر روحي، اذا تنشأ هذه العلة النفسية من افتقار الانسان الى من يمده بالمقومات الروحية للاستمرار العالية النابعة من حب الانسان لنفسه ولمن حوله...
كبرنا ام صغرنا ومهما وصلنا الى مستويات علمية ووظيفية ومهما امتلكنا من خبرات حياتية تجعل منا اقوياء في التعامل مع الحياة بصلابة الا ان اننا نبقى بحاجة دائمة الى من يملي علينا وحدتنا ويشعرنا بوجودنا، ويشبعنا حباً وحناناً وعاطفة والعكس يعني اننا نعيش حالة من القلق والتوتر والتوهان وهذا هو الفراغ العاطفي.
ويعرف الفراغ العاطفي بأنه الشعور بفقدان أشياء معينة بفعل ظروف ومواقف، على إثرها يتحول الإنسان فجأة من شخص يعرف نفسه جيداً إلى شخص مشوه لا يشعر بشيء، خاصة إذا فقد أحد أفراد أسرته.
ينتج من الفراغ العاطفي مشاعر كثير أبرزها الملل، الاغتراب النفسي، الاكتئاب، الشعور بالوحدة، انعدام الرغبة في الحياة، اليأس، وغيرها من الاثار النفسية المرهقة، اضافة الى الاضطرابات العديدة ومنها اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة واضطراب شخصية حدية، اضطراب الشخصية الانعزالية.
قد يبدو غريباً ان بعض الذين يعانون من الفراغ العاطفي يقولون ان الفراغ يمكن الاحساس به جسدياً وليس نفسياً فحسب، اذ انهم يستشعرونه في صدورهم مثلاً او انهم يشعرون بالتعب والرغبة في البقاء ساكنين والبعض الآخر يصفونه بشعور داخلي مثل الشعور بالملل طوال الوقت وعدم الاهتمام بشيء، كل هذا الاحساسات تنهك قوى الانسان النفسية وتجعل منه ناحلاً ضعيفاً من الممكن ينحى من اية ريح تعصف به.
وقد يحدث الفراغ العاطفي حتى مع وجود الناس حولك الا ان الانسان يبقى يشعر بالوحدة ونقصان المشاعر لكون من حولك وان كثروا فهم قاصرين عن اشباع حاجاتك النفسية والعاطفية، فتشعر وكأنك بعيداً كل البعد عنهم ربما بسبب الفراق في جوانب النضج الانساني واختلاف الاهتمامات الناتجة من طبيعة الانسان والبيئة الحاضنة له، وهنا وان وجد الشخص في المجموعة جسداً الا انه بعيداً روحياً.
طبيعياً جداً ان يقود الشعور بالاكتئاب والوحدة الى فقدان الشهية بالحياة وهذا ما يدفع الانسان الفاقد للجانب العاطفي الى ان ينحى منحيين فأما الذهاب صوب تعاطي المخدرات والكحول والسهر وغيرها من الطرق الحيوانية لمحاولة ملئ هذا الفراغ، او البقاء هامشياً على حافة الحياة لا يحسب له حساب ولا يرى له دور فيها، وهذين الامرين لهما آثارهما السلبية على الجسم والعقل، بل قد يصل الامر في بعض الأحيان تفكير الفرد بالانتحار.
ما الاسباب؟
جملة من الامور التي تتسبب في احساس الانسان بالفراغ العاطفي والذي قد يؤدي الى اثار نفسية جسيمة مالم يعالج ويحد من دائرته، من اهم هذه الامور: فقدان الاتصال بمصدر روحي، اذا تنشأ هذه العلة النفسية من افتقار الانسان الى من يمده بالمقومات الروحية للاستمرار العالية النابعة من حب الانسان لنفسه ولمن حوله، و هذا المصدر يتيح فرصة للآخرين ليجعلهم مسؤولين عن مشاعرهم وأحاسيسهم، مما يؤدي لفقدانك الثقة بنفسه وإحساسه بالنقص.
والسبب الآخر لشعور الانسان بالفراغ العاطفي هو التغيرات التي تفرضها عليه الحياة رغماً عنه، كفقدان عزيز او فقدان وظيفة وحتى الاحالة على التقاعد واكتشافه مدى أهمية العمل بالنسبة له، فينمو بداخله شعور الوحدة الذي يؤدي إلى حدوث الفراغ العاطفي.
ومن جملة الاسباب هو اختلاف في مستوى الثقافة بين الانسان وبين محيطه الانساني وما قد يؤدي الى شعور الانسان بكونه غير منسجم مع من حوله وبالتالي يكون مفتقراً الى العاطفة.
كيف يمكننا الحد من الفراغ العاطفي؟
اما كيفية الحد من معاناة ذوي الفراغ العاطفي فيمكن ان يكون عبر عدة امور اهمها: الاعتراف بالشيء وكأنه امر طبيعي وليس مشكلة نفسية وبالتالي تقبله مع عدم الاستسلام له او التعايش معه على انه واقع حال لا يمكن تغيره بل يجب التغيير ولو بمراحل وبصبر وتحمل وحنكة، كما يفضل ان لا يربط الانسان نفسه بأشخاص يشعر بالضياع حين يفقدهم او انهم يغادرون دائرته لسبب او لآخر والافضل ربط نفسه بأهداف يسعى الى تحقيقها.
ومن ثم من الجيد ان يؤمن الانسان بأن مايواجهه من فقدان او اي مصير ثان فهو من عند الله وهذا ما يجعلنا نعيش حالة من الشعور بالرضا وبالتالي تكون الحياة مرضية وذات معنى اكثر مما هي من حياة قلقة متوترة.
اضف تعليق