ان الطموح أحد الاحتياجات العصبية والسعي المؤلم لتحقيق الشخصية ولقد صادفنا جميعًا مثالًا على الطموح العصبي في المدرسة بالفعل، ونعرف الأطفال الذين يعانون من العلامات المنخفضة وأن هناك بالنسبة إليهم ضربة لتقدير الذات في مرحلة البلوغ ويتطور هذا إلى رغبة في أن يكون أفضل حبيب وكاتب ورياضي...
طموح الانسان هو رغبته في الوصول الى نقطة يرى فيها نجاحه وزهوه وتحقيق ذاته او تكريم معين ولا اقصد التكريم المادي فقط انما يشتمل التكريم المعنوي ايضاً، وهذا التكريم قد تقدمه البيئة المحيطة به او محطات معينة من الحياة فكثيراً من نسمع عبارة (انصفته الحياة) بعد عناء وجهد وصل في الاخير الى ما كان يطمح به، شريطة ان يقودنا الطموح الى التنافس بشرف لتحقيق نتائج ايجابية في حياة الناس كما حياة الفرد الطامح ذاته منفعة واقعية، فاذا كان القصد من الطموح هو التباهي في المكانة او المنصب اصبح صاحبه اجوف لا نفع فيه.
والشخص الطموح هو المتمكن من تخيل مكانه في نهاية خطته التي يسخر كل ما يملك في سبيل تحقيقها على اتم وجه وافضل صورة، فهو مستعد لفرض قواعده في كل مكان، ولعل الكثير من الطموحين اصحاب الانفس السليمة لا يهمهم وجود منافسين لهم في مجال عملهم او دراستهم او اي مجال اخر وما يهمهم هو ان يعملوا على تطوير انفسهم لتحقيق الأهداف الشخصية، ومثل هؤلاء الاشخاص لا يقفون عندما يتم تحقيقها بل يسعون مستمرين نحو المزيد من الانجاز واقصد بالإنجاز العلمي والعملي الذي يصبحون عن طريقه افضل، واود الاشارة الى ان السعي الى المزيد من الكسب في المجال المالي يخرج من خانة الطموح الى خانة الطمع الذي يهلك الانسان او يفقده انسانيته على اقل تقدير.
الساعي الى الكسب المادي يتولد لديه كبرياء يسيطر على دماغه ويجعله ينظر إلى العالم من زاوية مشوهة ويمنحه من وجهة نظره حق في فرض رأيه على الاخرين، ويصبح خاملًا في الفريق ومن الصعب عليه إيجاد لغة مشتركة مع بيئته وكل ذلك سببه المبالغة في تقدير الذات قد يقصر عن تلبية الظروف المعيشية.
تعطشنا الى النجاح او الى التميز لا يحمينا الا اذا دخلنا في صفقة مع ضمائرنا فهذه الصفقة هي من تجعلنا نتحاشى العمل وفق مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) التي يتبعها الكثير من الناس بدافع تحقيق اهداف مهما كان ثمنها ومهما كان حجم الصواب او الخطأ في الطريق الى الهدف، لكن في النهاية تبقي الفرد من هذا النوع (الذي لا يبالي بالثمن مقابل الوصول الى الهدف) وحيداً مع احاطته الصدمات العاطفية والانسداد العاطفي والانعزال.
استاذ علم النفس (كارين هورني) يقول: "ان الطموح أحد الاحتياجات العصبية والسعي المؤلم لتحقيق الشخصية ولقد صادفنا جميعًا مثالًا على الطموح العصبي في المدرسة بالفعل، ونعرف الأطفال الذين يعانون من العلامات المنخفضة وأن هناك بالنسبة إليهم ضربة لتقدير الذات في مرحلة البلوغ ويتطور هذا إلى رغبة في أن يكون أفضل حبيب وكاتب ورياضي، للحصول على أعلى أداء في الصناعة وجوائز مرموقة ولكسب أكثر من المال والشهرة".
والطموح العصبي يعد طموحاً مذموماً بسبب اجباره صاحبه على اتخاذ قرارات متسرعة وغير واقعية يسعى من خلالها الى هزيمة منافسيه الواضحين أو المتخيلين بأي شكل من الأشكال الفوز في المنافسة التي قد تكون وهمية لا اساس لها ولا جذور.
من اعراض الطموح العصبي القلق المتواصل حتى في المواقف التي لا تستوجب القلق اصلاً، ويعاني الشخص وفق هذا الموقف من الخوف الشديد من الفشل لان الفشل يعني ضياعه وانتكاسته امام المحيط لان اغلب اصحاب الطموح العصبي يعنيهم نظرة لناس اليهم وليس نظرتهم الى انفسهم والى انجازهم في اي مرفق من مرافق الحياة المتشعبة، كما ان المكافآت والجوائز لا تجلب لمثل هذا الشخص الفرح لانشغاله الدائم بمزيد من الكسب فيضيع فرحة اليوم على امل انجاز اعلى وهو بذلك فقد جمال الانجاز ولم يتذوق حلاوته، و مثل هذا العصابي ليس لديه سلام مع نفسه فهو لا يقبل لنفسه الواقعية الحالية مهما بلغت مستوى من الكمال.
الخلاصة ان الطموح هو الدافع لتعلم العيش في محطات الحياة المختلفة، والتي نكتسب فيها الخبرات التي تساعدنا على المضي قدماً، والطموح من اكثر الاشياء التي ينبغي ان تتوفر في نفس كل انسان لتشحذه بالهمة ليتقدم لا ليقف في مكانه شريطة اتباع اسلم السبل واكثرها امانا وصدقا وصفاء سريرة وبذا اكتسب الطموح المشروعية ام العكس فهو تشويه لإنسانية الانسان.
اضف تعليق