ان ما يمارس من عنف تجاه الأطفال أثناء النزاعات المسلحة والحروب يمكن أن يكون كفيلاً بتعديل إتجاه مجتمع كامل نحو زيادة في العنف بين أفراده فلا بد من إيجاد مراكز للإرشاد والدعم النفسي الاجتماعي للأطفال، إضافة الى توفير المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية التي تعمل على...
تندلع الحروب ويكون الاطفال اولى ضحياها، حتى لو لم يصابوا بأذى جسدي فان إصابتهم النفسية هي الاكثر اثراً. حيث تترك الحروب اثارها السيئة على نفوس الاطفال وتترافق نتائجها المؤلمة طيلة سنين حياتهم، لذلك الاطفال الآتين من أماكن الصراعات يعانون من الخوف والكوابيس وعودة الذكريات الماضية المتعلقة بالحرب مما يولد لديهم ارتجاج في وضعهم النفسي فيبقوا عالقون في الضربة المؤلمة لإنسانيتهم.
تصنف الحروب احد اهم مصادر الضغوطات النفسية والاضطرابات لدى الاطفال، فإن تعرض الطفل للعنف والرعب والخوف يولد في ذاته صدمة تفوق قدرته على إستيعابها، وأن معاناة الطفل تستمر وتزداد سوءاً خاصة في ظل غياب المؤسسات والجمعيات الصحية والاجتماعية المتكفلة لمعالجة ومتابعة الاطفال المتضررين من الحروب.
فالصحة النفسية تمثل الجزء الاكبر من الصحة بشكل عام، ومن هذا المنطلق يمكن القول ان الصحة هي حالة من التكامل ما بين السلامة العقلية والبدنية والاجتماعية لا مجرد غياب المرض او الاضطراب، الصحة النفسية عبارة عن حالة ومستوى من الرفاه النفسي والعقلي يمكن فيها للفرد تكريس قدراته من اجل التكيف مع انواع الاجهاد العادية، مما يؤدي الى زيادة قدرة الفرد على التأثير والتفاعل داخل المجتمع.
والطفولة هي تلك الفترة المبكرة من حياة الانسانية التي يعتمد فيها الفرد على والديه إعتماداً كلياً يعبر عليها الطفل حتى النضج الفسيولوجي والعقلي والنفسي والاجتماعي والروحي والتي تتشكل خلالها حياة الانسان ككائن اجتماعي.
ونتيجة لما يعانيه الطفل من فقد وقهر اثناء الحروب يولد في ذاته مجموعة من الاضطرابات النفسية بعضها او كلها من خوف وقلق وعدوانية السلوك وتنمر مما يؤثر سلباً على صحته النفسية والعقلية وعلى صحة من حوله.
لذا اصبح من الضرورة تقديم الدعم النفسي للاطفال في ظل الازمات والحروب من أجل اعادت توازنه النفسي والاجتماعي. لان الحروب تؤثر على مجرى حياة الطفل للابد والاطفال معرضين لفقدان كل ما له صلة ببيئتهم المحيطة اذ لم يتم متابعتهم من قبل مختصين نفسيين من اجل معالجة جميع الاضطرابات السلوكية وجميع تاثيرات الحروب من قلق وخوف وعدم الشعور بالأمان والتوتر المستمر والانعزال والتبول اللاإرادي فيشعر الطفل انه مهددا دوماً بالخطر.
من هنا جاءت ضرورة تامين الدعم النفسي للأطفال المتمثلة بالتالي:
* طمأنة الطفل انه بأمان بعد ابعاده عن مصدر القلق وانك بجانبه.
* تجنب ردود فعل الكبار أمام الاطفال كي لا يتسببوا بنقل القلق لديهم.
* إبعاد الطفل عن مصادر القلق مثل وسائل الاعلام.
* ملئ وقت الطفل بأنشطة الدعم النفسي الاجتماعي كي تلهي الطفل بالتفكير بالاحداث الاليمة.
* مساعدة الطفل للتعبير عن مشاعره وتفريغ الطاقة السلبية للخارج من خلال الحوار، الرسم، التلوين القصص وغيرها.
* التركيز على أهمية الإصغاء الجيد للطفل وإظهار التعاطف معه وأخذ مشاعره على محمل الجد.
* التأكيد على الإهتمام بالصحة الجسدية من خلال تامين الإحتياجات الغذائية الضرورية من الاكل والشرب واللبس وتامين ساعات النوم الكافية بعيداً عن مصادر القلق.
* تعليم الطفل التعبير عن حاجاته ومشاهره وما يشعر به.
* مساندة الاطفال من أجل الانضمام الى مجموعات والتواصل فيما بينهم وقيامهم بانشطة جماعية من أجل الترفيه عن النفس.
* وجود جهات داعمة ومتخصصة تشمل معالجين نفسيين واجتماعيين ضرورة لإعادة هيكلية وتنشئة الطفل ونفسياً ومعرفياَ.
إن الزمن لا يشفي من الصدمات، لذلك يجب دعم ومساعدة الأطفال على البوح عن معاناتهم من أجل مواجهة ذكريات السيئة. فتوفير الدعم والتوجيه اللازم يفترض أن يتم من خلال أشخاص مختصين لتقديم العلاج لهم من أجل متابعة حياتهم بشكل طبيعي.
فيمكننا القول أن ما يمارس من عنف تجاه الأطفال أثناء النزاعات المسلحة والحروب يمكن أن يكون كفيلاً بتعديل إتجاه مجتمع كامل نحو زيادة في العنف بين أفراده فلا بد من إيجاد مراكز للإرشاد والدعم النفسي الإجتماعي للأطفال، إضافة الى توفير المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية التي تعمل على إيجاد جو مساعد للنمو السليم والصحي للطفل. فالطفل هو الخاسر الأكبر في النزاعات المسلحة والحروب، فمن المهم لنا التنبه والعمل على التخفيف من لآثار النزاعات والحروب قدر الإمكان عن أطفالنا الذين سيرثون المستقبل.
اضف تعليق