بدأ الوعي العام لشعوبنا يستيقظ حينما تم حدر الناس والبلاد إلى حافة الخطر مما دفعنا ويدفعنا وبتفاعل اضطراري مع الكتابة والمناقشة والجدل البناء حول صورة المستقبل الذي نوده ونأمله لإعادة تنظيم المنطقة وتحويلها إلى دول أخلاقية وعادلة لكي تجلب الأنظمة لشعوبها الخير والأخلاق والثقافة والحرية...
الأزمات التي ضربت وتضرب وتحيط بمنطقتنا من حروب وأوضاع سياسية متهرئة وحكومات متقلبة واقتصاد متهاوي ومجالات إنسانية مقرفة وأوضاع اجتماعية منحطة ومطبات اخلاقية ووجدانية وتناقضات دولية لوثت جميع مجالات الإعلام بإشكاله وأنواعه الكلاسيكية والالكترونية، كلها ترجمت ولا زالت تتترجم عن أسوء التوقعات والكوارث والمخاوف وعززت الاعتقاد بأن اليأس هو الأمر الصادق والنابض في قلوب الشعوب التي جزعت من كل أمل قد تحققه لها الانظمة الخرقاء الفاقدة للإحساس بالأصل الوطني والحس والذوق الشعبي السليم، لدرجة أنها صنعت وأوجدت لها واقعًا مغايرا استولت بموجبه على جميع الحصص من خيرات وإمكانيات وموارد البلاد.
كل منا يرى الواقع غير المتطابق وغير المتوافق مع الصورة التي تظهرها وسائل الإعلام الرسمية ومجاميع الوسائل الإعلامية المدعية الاستقلال والمؤسسات الرسمية للتحريض والدعاية والقنوات المركزية ووسائل الإعلام التي تديرها الدولة لتحاول جميعا إن تزيح عبر تزييفها وتسطيرها للواقع الحياتي المرير، ولتقدم لنا الإخفاقات في شكل انتصارات كما وتشكل الشخصيات الخرقاء وغير المناسبة بصور المميزين، وتقدم الأكاذيب والعجز في القيادة والخفة والخيانة والانهيار والعمالة والانحطاط السياسي على أنها بطولات.
يا سادتي نحن لن نسامح أنفسنا إن لم نعترف بأننا محاطين بالخداع والغباء الكلي والسخرية والتجارة في الضمير والروح والدين والقلم، فنحن كمجتمع لا نرى طرقاً للخروج من المأزق ونشعر بالضغط المتزايد لوقوعنا بين مفكات براثن آلة قمعية غالباً ما تكون موجهة ضد الحقيقة، قد فقدت النخبة الحاكمة ملاحظاتها وقيمتها ومكانتها بين الناس مع تجاهلها لحقوقهم بتغيير الواقع المتردي والبنيات العوجاء دستوريا وتشريعيا ووجدانة المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية.
النخبة الحاكمة تعيش كما لو كانت في واقع بلاد مختلفة، وبسببها فقدت القيادات الحكومية المفترضة كفاءتها وقدرتها على رؤية الحقيقة واصابتها عدمية الذوق وعفونة التصرف فأضحت البلاد صم وعمي ومجمدة الأثر والتأثر، وفي هكذا أوضاع يكون انتظار النتائج والتغيير اللا منتظر ما هو إلا موتا أفضل.
فيا سادتي هل يجب أن يستمر هذا؟ لا فطبعا لا يجب، لكن ما الذي يمكن للمجتمع فعله لإنقاذ المنطقة والمحافظة عليها من يستطيع مقاومة آلة منظمة ومتماسكة ومتحججة بوجه الجميع بعذر مكافحة الإرهاب والأكاذيب والتزوير لتشويه عقلانية الوعي العام. لربما لا حل لنا سوى تنظيم وتعبئة المجتمع لدفعه لرؤية مستقبل مختلف إنسانيا وأخلاقيا، ونحن هنا لا ننقد لمجرد النقد من دون إدراك أن مشروعًا تغيريا وجديدًا يمكنه أن يمنح الحياة والتحول للمنطقة، ويجب أن يقوم المشروع على أساس الفكرة الكبرى للخلاص والتخليص من البؤس والفقر والعذاب وإعادة تنظيم البلاد وعدم التلصيق والتثبيت بتمني الإصلاحات البسيطة من منظور الأنظمة السياسية القائمة.
لذا لابد من تمكين سند وتنظيم تفاعل الناس على صيغ وأنماط مختلفة من الأفعال بأتخاذهم الحرية في قول الحقيقة عبر شبكات التواصل الاجتماعية وفي المواقع الشخصية والمدونات وعلى صفحاتهم وان لا يقيدون أنفسهم في حدود ضيقة مقتصرين على عدد معين من المشتركين والزائرين العرضيين وتمثيل هدفهم في توحيد وتنسيق افكارهم إيديولوجياً لإنشاء وتوزيع المحتوى التشخيصي والتعليمي، كما يجب إن يكون النضال ليس من أجل الشهرة والتشهير والمضايقات وليس من أجل تسييل المدونات، إنما من أجل الأوطان لأنه بدونها كل شيء آخر يكون بلا معنى.
بدأ الوعي العام لشعوبنا يستيقظ حينما تم حدر الناس والبلاد إلى حافة الخطر مما دفعنا ويدفعنا وبتفاعل اضطراري مع الكتابة والمناقشة والجدل البناء حول صورة المستقبل الذي نوده ونأمله لإعادة تنظيم المنطقة وتحويلها إلى دول أخلاقية وعادلة لكي تجلب الأنظمة لشعوبها الخير والأخلاق والثقافة والحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والمستقبل الطموح والمرهف.
ذلك لربما يتحقق إن أصبحت المبادئ مشتركة ومطبقة على الجميع، والعدالة فوق القانون، والسلطة الشعبية فوق الملكية النخبوية، وهذه مفاهيم مقبولة لدى معظم الناس وليست مجرد افتراضات قديمة وهي رسائل صادرة من منصة العدالة الشعبية لرفع راية إعادة تنظيم المنطقة على أسس جديدة وبلورة دساتير جديدة وأنظمة إنسانية للعلاقات بين الحركات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحركات الخير والشر والتيارات المؤيدة والمعارضة.
اعلموا دوما، ولأجل هزيمة الحق هناك شرط واحد وضروري، هو أن يكون الناس الطيبين الصادقين عاطلين ومغيبين ومعزولين ومهمشين، لذا فإن حلم تحطيم يأسنا من أنظمتنا السياسية الخرقاء يجب ألا يتلاشى في النفوس والأرواح المعذبة قهرا وجبنا وصمتا تحت رماد الظلم والخوف والقسوة واليأس والمصالح الشخصية وروتين السياسات الفاسدة والمفسدة.
اضف تعليق