q

اظهرت عمليات العنف الطائفي في الهند، تصاعد موجة التشدد الديني والعنصري تجاه المسلمين، وذلك باستهدافهم بالقتل من قبل الهندوس ذريعة انهم يأكلون لحوم البقار ويتاجرون بها، حيث يتربص ناشطون هندوس في الكثير من الولايات الهندية ومنها ولاية راجستان الهندية بتجار الابقار العاملين في المنطقة سعيا لحماية هذه الحيوانات المقدسة لدى اتباع الديانة الهندوسية الذين يمثلون الاكثرية السكانية في الهند، ما ينذر بتوسع دائرة الخلاف مع باقي الطوائف في البلاد.

ويواظب هؤلاء الناشطون كل ليلة تقريبا على مهاجمة تجار الابقار في هذه الولاية الصحراوية في شمال الهند مجازفين بحياتهم في بعض الاحيان دفاعا عن هذا الحيوان الذي يرتدي قدسية خاصة لديهم.

لكن هذا العنف والتربص المتشدد الذي ادى الى جرائم بقتل ثلاثة مسلمين على يد هندوس اشتبهوا بتناولهم لحم البقر أو بالاتجار بهذه الحيوانات، اجج المخاوف من تصاعد العنف على خلفية طائفية في البلاد، وأعادت هذه الوفيات اطلاق الجدال بشأن تصاعد حالات التعصب الديني في الهند منذ وصول القومي الهندوسي ناريندرا مودي الى السلطة العام الماضي، وتخلى عشرات الكتاب عن جائزة ادبية مرموقة تسلموها سابقا للتعبير عن استيائهم ازاء تصاعد موجات العنف التي تستهدف ايضا المفكرين واسفرت عن مقتل احدى الشخصيات الثقافية في البلاد، مما وضع الحكومة الهندية في مواجهة اتهامات بالتقصير في مواجهة الفئات الهندوسية المتشددة ما يزيد من تعنتها، حتى ان بعض الوزراء متهمون بتأجيج هذه الحالة، فيما حث أكبر مسؤول في ولاية تتبع الحزب الحاكم في الهند بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي أقلية المسلمين في البلاد على عدم أكل لحم الأبقار احتراما للمعتقدات الهندوسية وهي الدعوة التي قد تشعل مزيدا من الانقسامات الاجتماعية، كما سلطت جريمة قتل مسلم ترددت شائعات عن ذبحه بقرة على أيدي جمهرة من عامة الهندوس الضوء على برامج متشددة لدى بعض أتباع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الأمر الذي يقوض ما وعد به من التنمية للجميع.

ويقول منتقدون إن قوانين منع ذبح الابقار تمثل تمييزا ضد المسلمين والمسيحيين وفقراء الهندوس الذي يعتمدون على هذه اللحوم الرخيصة كمصدر للبروتين.

وفي الوقت نفسه وفرت هذه الاجراءات المشددة غطاء لجماعات هندوسية تتولى مراقبة تنفيذ حظر ذبح الابقار، وتقوم مثل هذه الجماعات بمهاجمة الشاحنات التي تنقل الماشية وتراقب عمليات التحول من الهندوسية إلى أديان أخرى في القرى والمدن وتحذر الفتيات الهندوسيات من الوقوع في غرام المسلمين. وقد أبدى مودي شجبه لهذه الجماعات.

ورغم سعي حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم وحلفاؤه طويلا لحظر ذبح الأبقار إلا ان الهند بزغت كاحدى أكبر الدول المصدرة للحوم الأبقار بالعالم، ويدير المسلمون هذه التجارة بشكل كبير، حيث إن تجارة الابقار مع بنغلادش المجاورة ذي الاكثرية السكانية من المسلمين تشهد ازدهارا مستمرا، خصوصا بعدما عرفت التركيبة الدينية لسكان الهند تغيرا كبيرا خلال العشرية الأخيرة، كما خلص إليه تعداد للسكان قامت به السلطات الهندية، حيث انخفضت أعداد الهندوس إلى أقل من 80 في المئة بينما سجلت زيادة كبيرة في أعداد المسلمين.

في حين عبرت المنظمات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها من قمع الذي يستهدف المسلمين في هذا البلد، وتعد الهند واحدة من أكثر دول آسيا تنوعا من الناحية العرقية وخاصة من المسلمين والبوذيين، حيث ان استمرار الفوضى وتفشي الانتهاكات الحقوقية والإنسانية في بورما بسبب العنف الدينية ستجعل هذه البلاد تحت ديمومة الخطر.

إجبار اثنين من المسلمين على أكل روث البقر

ظهر مقطع فيديو لاثنين من المسلمين يتم إجبارهما على أكل روث البقر بعد أن عثر بعض الهندوس، من متطوعي حماية البقر، معهما على حمولة من لحم البقر، وتقول تقارير إعلامية هندية إن الحادث وقع في ولاية هاريانا، حيث كان الرجلان ينقلان اللحم إلى دلهي، وقال أحد المتطوعين للصحفيين إن الرجلين تم اجبارهما على أكل خليط من روث وبول البقر، مخلوطين بالحليب واللبن المتخثر "لتلقينهما درسا وتطهيرهما".

ونقلت صحيفة هندوستان نيوز إن الشخصين هما مختيار و ريجوان من منقطة ميوات،Image copyrightAP، وقالت الصحيفة إن الرجلين تعرضا للضرب قبل إرغامها على أكل روث البقر، وأضافت الصحيفة إن لقطات الفيديو صورها المتطوعون، وإن الرجلين تم تسليمهما إلى شرطة فريدآباد حيث تم التحفظ عليهما قضائيا، وإن اللحم المضبوط معهما كان لحم بقر، وقالت الصحيفة إن الرجلين تم الإمساك بهما بعد الإبلاغ عن وجود مهربين للحم البقر، وكان الرجلان، بحسب الصحيفة، يحملان 700 كيلوجراما من لحم البقر.

مجموعات هندوسية تتربص لتجار الابقار في الهند

يقول بابولال جانغير أحد قادة فريق "غاو راكشا دال" لحماية الابقار إن "التجار غالبا ما يطلقون النار او يحاولون دهسنا. لقد تلقيت تهديدات بالقتل الا انني لن ارضخ للتهويل"، مضيفا "قلبي يخفق بقوة حبا بأمي البقرة العزيزة"، ومني حزب "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء الهندي بهزيمة كبيرة قبل ايام في ولاية بيهار، وهو ما يعزوه محللون الى رغبته في تقسيم الناخبين على اسس طائفية.

في ايلول/سبتمبر، تعرض افراد عائلة مسلمة لهجوم قرب العاصمة نيودلهي على يد هندوس اشتبهوا فيهم خطأ بحيازتهم لحوم ابقار في منزلهم. وقد جرى ضرب الوالد حتى الموت في حين اصيب ابنه بجروح خطيرة، كما قتل سائق شاحنة في منطقة هيماشال براديش شمال الهند اثر محاولته ادخال ابقار الى أحد المسالخ بطريقة غير قانونية.

ويؤكد جانغير أن فرق حماية الابقار التابعة له باتت تضم 20 الف عضو بينهم مزارعون ومدرسون ومحامون تؤازرهم شبكة من المخبرين المنتشرين على الطرق الرئيسة في ولاية راجاستان، ويرى رئيس منظمة "اول انديا مسلم مجلس المشاورات" المدافعة عن المسلمين أن "رؤية اشخاص عاديين يريدون فرض قوانينهم الخاصة امر مقلق للغاية".

ويشير إلى ان هذه المجموعات المتشددة ترسل رجالا "لا يكفون عن القول +إننا سنحقق العدالة من دون الحاجة لمحكمة+. وأكثر ما يثير الحزن هو الحماية التي يحظى بها هؤلاء على ما يبدو من الشرطة والسياسيين"، ولا يتوانى جانغير وهو صانع اثاث عن المطالبة بـ"عدالة قاسية" في حق تجار الابقار، وفي كثير من الاحيان عن طريق الضرب. ويقول هذا الرجل البالغ 42 عاما خلال تعديله وضع سترته الواقية من الرصاص "كل شخص يأكل لحم البقر يجب أن ينال عقوبة القتل"، وخلال الليلة التي تابع فيها مراسلو وكالة فرانس برس فريقه، ازداد منسوب التوتر في صفوف الناشطين اثر اكتشافهم اعدادا من الابقار داخل شاحنة.

وتمكن سائق الشاحنة في نهاية المطاف من المغادرة بعدما اظهر وثائق تثبت أن هذه الحيوانات ستنقل الى مصنع للحليب وليس الى المسلخ، ويوضح مانوج جانغير وهو عضو آخر في الفريق أن "نصوصنا الهندوسية تذكر أن كل بقرة يسكنها 330 مليون إله وإلهة".

ونفى حزب رئيس الوزراء الهندي اي مسؤولية له عن اعمال العنف كما أكد عدم وجود اي توجه حكومي لحظر ذبح الابقار على المستوى الوطني، ويقول المتحدث باسم الحزب جي.في.ال. نارسيمها راو لوكالة فرانس برس "لا يمكن التسامح مع أي نوع من اعمال العنف. نحن لا ندعم هذه المجموعات".

وفي كيرالا (جنوب) والمناطق الواقعة شمالي شرقي الهند حيث تقطن اعداد كبيرة من المسيحيين، يعتبر تناول لحوم الابقار قانونيا ورائجا. لكن في راجاستان، يواجه الاشخاص الضالعون في عمليات ذبح الابقار وبيعها وأكلها عقوبة السجن.

إلا أن هذا الوضع دونه مخاطر جمة. ويقول مانيرام بابو (31 عاما) وهو ميكانيكي وعضو في مجموعة مدافعة عن الابقار "انها مسألة حياة او موت بالنسبة لنا: عندما نرى الابقار مكدسة في شاحنات نشعر باضطراب كبير. نحن حساسون للغاية ولا يمكننا ردع انفسنا عن تلقين درس" لتجار الابقار.

قتل مسلم في نزاع على ذبح البقر

أصيب 20 شخصا على الأقل بجراح في اشتباكات مع الشرطة بعدما تفجرت احتجاجات في كشمير الهندية بسبب قتل رجل مسلم على أيدي هندوس يناهضون أكل لحوم البقر، وقعت الاشتباكات في كولجام وأنانتناج في منطقة جامو التي يغلب عليها الهندوس من كشمير بعد هجوم على سائق شاحنة من قبل جمع من الناس ظنوا أنه يقوم بنقل الأبقار، وألقى المحتجون الحجارة على الشرطة التي لم تحدد هوية الذين أصيبوا، وسد المحتجون الطريق البري السريع بين سريناجار وجامو وهو الطريق الوحيد إلى وادي كشمير. بحسب رويترز.

وظلت المدارس والمكاتب مغلقة في الوادي في أعقاب إضراب دعا إليه زعماء الانفصاليين والتجار احتجاجا على قتل الرجل المسلم، وقال سيد جاويد مجتبى جيلاني رئيس شرطة الولاية يوم الثلاثاء مشيرا إلى القيود على حركة المرور والأفراد "فرضنا قيودا في منطقة أنانتناج اليوم كإجراء احتياطي بعد وقوع اشتباكات في أعقاب وفاة سائق الشاحنة زاهد أحمد".

مسؤول بالحزب الحاكم في الهند يحث المسلمين على عدم أكل لحوم الأبقار

جاءت تصريحات مانوهار لال خاطار رئيس وزراء ولاية هاريانا بشمال الهند بعدما قتلت مجموعة من الهندوس رجلا مسلما بسبب شائعات بانه أكل لحما بقريا مما أثار نقاشا حادا بشأن تصاعد التعصب تجاه الاقليات الدينية في الهند. بحسب رويترز.

وقال خاطار في مقابلة مع صحيفة إنديان اكسبريس "في هذا البلد عليهم (المسلمون) التوقف عن أكل لحوم البقر"، وأضاف "يمكنهم أن يظلوا مسلمين حتى بعد التوقف عن تناول لحوم الأبقار. ألا يستطيعون؟ ليس هناك ما ينص على ان المسلمين عليهم أكل لحم الأبقار ولا ما ينص في أي مكان على ان المسيحيين يجب أن يأكلوا لحم الأبقار"، وقال خاطار إن حادث القتل في دادري -بولاية اوتار براديش في شمال البلاد الواقعة على بعد 76 كيلومترا عن العاصمة نيودلهي- كان خطأ لكنه أرجعه إلى "سوء الفهم" بسبب تصريحات "غير مسؤولة" بشأن الأبقار، وأثار حادث القتل ادانة واسعة. وأعاد أكثر من 20 كاتبا جوائزهم خلال الاسبوعين الماضيين قائلين إن النسيج العلماني للهند معرض للهجوم من الهندوس القوميين الذين يؤيدون مودي.

مخاوف من عدم التسامح

استنكر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قتل رجل مسلم بسبب شائعات بأنه أكل لحم بقر وهو أول رد فعل لرئيس الوزراء على حادثة أثارت مخاوف من تنامي ظاهرة عدم التسامح الديني، وترغب حكومة مودي في فرض حظر في عموم البلاد على ذبح البقر وتجارة لحومها التي يمارسها في الأغلب مسلمون.

ومنذ قتل القروي المسلم بعد الاعتداء عليه بالضرب قبل أسبوعين بسبب مزاعم بأنه قد ذبح بقرة أصدر سياسيون من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الذي ينتمي إليه مودي وبينهم وزراء بيانات دافعوا فيها على ما يبدو عن المجموعة الهندوسية التي قتلت الرجل، وفي تصريحات نشرت قال مودي- وهو قومي هندوسي واجه انتقادات لصمته على أحداث عديدة وصفت بأنها معادية للمسلمين- إن ما جرى "محزن" و"غير مرحب به"، وقال مودي لصحيفة أناندابازار باتريكا الناطقة باللغة البنغالية "حزب بهاراتيا جاناتا لم يدعم قط مثل هذه الحوادث. المعارضة تتهم الحزب في كل مرة بانتهاج سياسات طائفية لكن الواقع أنهم هم الغارقون فيها".

وجاءت تعليقات مودي وسط قلق بشأن فشله في كبح قوميين هندوس متشددين. وأعاد أكثر من 20 كاتبا خلال الأسبوع الماضي جوائز احتجاجا على صمت رئيس الوزراء على قتل الرجل المسلم واغتيال شخصية علمانية.

جريمة قتل جماعي لمسلم بتهمة ذبح بقرة

أظهر تعداد سكاني في الهند أن أعداد الهندوس انخفض أقل من 80 في المئة من تعداد السكان للمرة الأولى منذ استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947، وتكهنت وسائل إعلام أن الحكومة السابقة أخرت عمدا نشر البيانات لأنها تظهر زيادة في أعداد المسلمين، وعبر أعضاء من الحزب الهندوسي القومي الحاكم لرئيس وزراء الهند ماهيندرا مودي الذي وصل إلى السلطة العام الماضي عن قلقهم من تنامي عدد المسلمين.

وأظهر التعداد أن عدد الهندوس انخفض إلى 79.8 في المئة من عدد السكان البالغ 1.2 مليار نسمة عام 2011 من 80.5 في المئة منذ عشر سنوات، وارتفع نصيب المسلمين إلى 14.2 في المئة من 13.4 في المئة عام 2001 وكانوا الطائفة الدينية الوحيدة التي تشهد زيادة. وبقي المسيحيون عند نسبة 2.3 في المئة بينما انخفضت أعداد السيخ إلى 7.1 في المئة من 1.9 في المئة. بحسب فرانس برس.

وأثار ساكشي مهاراج، وهو رجل دين هندوسي تحول إلى العمل بالسياسة، ضجة في وقت سابق من العام حين قال أن المرأة الهندوسية عليها أن تنجب أربعة أطفال حتى تضمن الحافظ على دينها، وفي أول تعداد أجري بعد أن قسمت بريطانيا الهند التي كانت تستعمرها إلى دولتي باكستان والهند عام 1947 كان الهندوس يشكلون 84.1 في المئة من السكان، وعلى الرغم من تباطؤ نمو عدد السكان، توقعت الأمم المتحدة أن تصبح الهند أكبر دول العالم سكانا بحلول عام 2022 وأن تتخطى الصين.

اضف تعليق