يرى بعض المختصين ان التمويل للمنظمات غير الحكومية الشريان الحيوي لاستمرارها وديمومتها، فكلما أمكن التغلب على مشكلة شحة الموارد المالية وتوفيرها من مصادرها المختلفة، كلما استطاعت هذه المنظمات أن تحقق الدور المنوط بها، ويتم التمويل من اربع مصادر اساسية تتمثل في التمويل العام - تمويل حكومي- والتمويل الذاتي من خلال مساهمات واشتراكات الأعضاء والهبات، إضافة إلى ممارسة الأنشطة المولدة للدخل، والمصدر الثالث هو تمويل البنك الدولي لمنظمات المجتمع المدني أما المصدر التمويلي الرابع فهو التمويل الخارجي ممثلا في معونات نقدية أو عينية، التي تقدمها دول أو منظمات مما ادى الى خوف الحكومة الاسرائيلية من تلك المنظمات وتمويلها الخارجي، وعلى اثر ذلك وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون يفرض قواعد تنظيمية جديدة على المنظمات الإسرائيلية غير الهادفة للربح والتي تتلقى أموالا من حكومات أجنبية في خطوة.

على صعيد متصل اعرب بعض المسؤولين في اسرائيل عن قلقهم بشان مشروع قرار اسرائيلي يشدد القوانين الخاصة بالمنظمات الاهلية المدعومة من الخارج والذي تقول منظمات حقوقية انه يهدف الى منع انتقاد الحكومة، وفي حال اقرار القانون فانه سيتعين على المنظمات الاهلية التي تحصل على نصف تمويلها على الاقل من حكومات اجنبية، الكشف عن المانحين في بياناتها المالية وفي البيانات الرسمية للأجهزة الحكومية، كما يجبر القانون موظفي تلك المنظمات ارتداء شارات خاصة تميزهم عن غيرهم عند المثول امام لجان برلمانية، كما يحدث حاليا مع جماعات الضغط التي تعمل بأجر.

بينما صرح بعض المنتقدين ازاء ذلك القانون على انه يستهدف المنظمات المؤيدة للفلسطينيين، في حين كانت ردود الافعال على ذلك القانون منها من ايد ذلك مثل السلطات الروسية اعدت لائحة تضمنت حوالى مئة منظمة غير حكومية توصف بأنها "عميلة للخارج"، وتنطبق هذه التسمية المشينة خصوصا على اولئك الذين يهتمون بحقوق الانسان.

وتعتبر الهند من المؤيدين لهذا القانون حيث أقامت أكبر وكالة لمكافحة الجريمة في الهند دعوى قضائية ضد واحدة من أشهر منتقدي رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتهمة تلقي أموال من الخارج وسط مخاوف من أن جمعيات خيرية أجنبية تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

بالإضافة الى ان موريتانيا كانت مؤيدة حيث اتهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز منظمات للدفاع عن حقوق الانسان بإشاعة "الكراهية والانقسام" بين المجموعتين العربية والزنجية الافريقية في موريتانيا وذلك في مؤتمر صحافي.

على العكس من ذلك موقف الصين لذلك القانون بأن لها وجهة نظر اخرى حيث طمأن وزير الأمن العام الصيني المنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في البلاد بأن حكومته تدعم نشاطاتها وسط مخاوف من أن يعيق مشروع قانون لتنظيم عمل هذه المؤسسات وثار حوله جدل كبير تطور المجتمع المدني، وتضغط الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية الأجنبية على الحكومة الصينية لإعادة النظر في اقتراح القانون الذي تقول إنه سيقيد إلى حد كبير نشاطات المنظمات غير الحكومية والشركات والجامعات، ويرى الباحثون ان المنظمات الاهلية في الدول تعمل على تسهيل وتقوية التعاون والتنسيق بين حكومات البلدان على مختلف المستويات.

ويرى بعض الباحثين بدءً من المستوى العالمي حتى المستوى المحلي، وتظهر هذه الخبرة المنافع التي يمكن للمنظمات الاهلية إضافتها إلى جهود التنمية، بما في ذلك إعطاء صوت لأصحاب المصالح المباشرة (وبخاصة السكان الفقراء والمهمشين) للتعبير عن آرائهم والمساعدة على ضمان وضع آرائهم في الاعتبار عند اتخاذ قرارات بشأن السياسات والبرامج، تعزيز شفافية القطاع العام ومساءلته إلى جانب الإسهام في الجهود الرامية إلى تهيئة بيئة مواتية لتحسين نظام الإدارة العامة، تشجيع بناء توافق عام في الآراء وملكية البلد المعني والتزامه بالإصلاحات على الصعيد المحلي، وتخفيض أعداد الفقراء على الصعيد الوطني، واستراتيجيات التنمية، وذلك من خلال بناء أسس مشتركة للتفاهم وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، طرح أفكارٍ وحلولٍ مبتكرةٍ، فضلا عن المناهج التشاركية، لحل المشكلات المحلية، دعم برامج التنمية ووضعها بحيث تناسب المستفيدين منها من خلال تقديم المعرفة للأشخاص المتواجدون في نفس بلاد تلك المنظمة.

وفي ضوء تلك المعطيات وافقت الحكومة الاسرائيلية على مشروع قانون حول الدعم الخارجي للمنظمات التي تضفي بالاعتراض على الحكومات ومنها خلق الفوضى والشغب في البلدان وعملوا في طرح وموافقة لقانون لتجريم تلك المنظمات، وفي مايلي سنعرض لكم المعطيات والتفاصيل حول الموضوع.

واشنطن قلقة بشان مشروع قانون اسرائيلي

من جانب اعرب السفير الاميركي في اسرائيل الاثنين عن قلقه بشان مشروع قرار اسرائيلي يشدد القوانين الخاصة بالمنظمات الاهلية المدعومة من الخارج والذي تقول منظمات حقوقية انه يهدف الى منع انتقاد الحكومة، وفي حال اقرار القانون فانه سيتعين على المنظمات الاهلية التي تحصل على نصف تمويلها على الاقل من حكومات اجنبية، الكشف عن المانحين في بياناتها المالية وفي البيانات الرسمية للأجهزة الحكومية، كما يجبر القانون موظفي تلك المنظمات ارتداء شارات خاصة تميزهم عن غيرهم عند المثول امام لجان برلمانية، كما يحدث حاليا مع جماعات الضغط التي تعمل باجر، بحسب فرانس برس.

وقال السفير الاميركي دانيال شابيرو في بيان عقب اجتماع مع وزيرة العدل ايليت شاكيد الراعية الرئيسية لمشروع القانون، انه "اثار مخاوف الحكومة الاميركية" بشان القانون، وفي بيان منفصل، قالت السفارة ان مشروع القانون يمكن ان يكون له "تأثير كبير" على المنظمات الاهلية الاسرائيلية، ورفض مقارنة مسؤولين اسرائيليين لهذا القانون بالقانون الاميركي لتسجيل العملاء الاجانب، وجاء في بيان السفير ان "مشروع القانون الاسرائيلي سيستهدف المنظمات الاهلية لمجرد انها ممولة بشكل رئيسي من قبل كيانات حكومية اجنبية. وهذا لا يشبه القانون الاميركي لتسجيل العملاء الاجانب"، واضاف "نتيجة لذلك فان القانون الاميركي لا يحدث التأثير المخيف على نشاطات المنظمات الاهلية الذي نخشاه في مراجعة مسودة القانون الاسرائيلي بشان قانون المنظمات الاهلية الاسرائيلي".

وتتهم شاكيد، عضو حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، المنظمات الاهلية المدعومة من الخارج بانها "تدخل سافر في الشؤون الداخلية الاسرائيلية من قبل حكومات اجنبية"، ولفتت شاكيد الى تحقيق اجرته الامم المتحدة في الحرب في غزة في صيف 2014 خلص الى الاشارة الى ضلوع اسرائيل بارتكاب جرائم حرب، وقالت انه يعتمد على ادلة من منظمات غير حكومية المدعومة من الخارج هي "بيتسليم" و"عدالة" و"كسر الصمت"، وتتلقى العديد من المنظمات غير الحكومية الاسرائيلية اليسارية جزءا من تمويلها من جهات خارجية بينها حكومات اوروبية، اما المنظمات الاهلية اليمينية فتتلقى تمويلها من افراد غالبا من خارج اسرائيل، ولذلك فانها غير خاضعة لاي قيود.

تمويل الحكومات الأجنبية للمنظمات الأهلية

من جانب اخر وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون يفرض قواعد تنظيمية جديدة على المنظمات الإسرائيلية غير الهادفة للربح والتي تتلقى أموالا من حكومات أجنبية في خطوة قال منتقدون إنها تستهدف المنظمات المؤيدة للفلسطينيين، بحسب رويترز.

ووصفت أيليت شاكد وزيرة العدل التي تنتمي لليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية مشروع القانون الذي ترعاه بأنه "مشروع قانون الشفافية". ويلزم المشروع المنظمات غير الحكومية بتقديم تفاصيل عن كل إصداراتها ومراسلاتها الرسمية مع المسؤولين المنتخبين في إسرائيل بشأن التبرعات القادمة من الخارج في حال أن أكثر من نصف التمويل يأتي من حكومات أجنبية. ويقول منتقدون إن التشريع فيه تفرقة لأن الجماعات التي تعارض سياسات الحكومة اليمينية تجاه الفلسطينيين هي بالأساس التي تتلقى أموالا من حكومات أجنبية ومن الاتحاد الأوروبي، ولا يشمل مشروع القانون الأموال الخاصة القادمة من الخارج كالأموال التي يتم التبرع بها لجماعات إسرائيلية تؤيد الاستيطان اليهودي في أراض محتلة يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحظى مشروع القانون بموافقة البرلمان، وتوجد أكثر من 30 ألف منظمة غير حكومية مسجلة في إسرائيل. نصفها تقريبا نشط، وتركز نحو 70 في المئة من هذه الجماعات على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتتلقى أموالا إما من الاتحاد الأوروبي أو من حكومات أوروبية بينها الدنمرك والسويد وبلجيكا والنرويج.

وقالت شاكد إنها مصممة على التضييق على من يأخذون أموالا أجنبية ثم ينتقدون إسرائيل. واتهمت بعض الجمعيات غير الحكومية بأنها "تقوض شرعية وجود إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية"، وقالت شاكد في الاجتماع الحكومي الأسبوعي يوم الأحد إن الجمهور الإسرائيلي "من حقه أن يعرف عندما تنخرط الحكومات الأجنبية في الشؤون الداخلية لبلد آخر"، ومن وجهة نظر الجماعات الحقوقية فإن مشروع القانون هذا خطوة خطيرة تضع إسرائيل في فئة تضم روسيا وتركيا ومصر المجاورة. وهي دول تجد صعوبات في كثير من الأحيان في قبول الانتقادات الداخلية ومنعت بعض هذ المنظمات غير الحكومية.

ووصفت حركة السلام الآن- وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية ترصد وتعارض الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية- على موقعها على تويتر مشروع القانون بأنه "جريمة كراهية ضد الديمقراطية"، وأضافت "لو كانت وزيرة العدل مهتمة بحق بالشفافية فإن عليها أولا وقبل كل شيء أن تسن تشريعا يلزم المنظمات اليمينية بكشف الملايين التي تتلقاها من المانحين غير المعلن عنهم في الخارج ومن ميزانية الدولة."

روسيا تحظر مؤسسة تابعة لسوروس باعتبارها "تهديدا" لأمن الدولة

بالاضافة الى ان جورج سوروس رئيس سوروس فاند منجمنت يحضر المؤتمر السنوي لمعهد الفكر الاقتصادي الجديد في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس يوم 9 ابريل نيسان 2015، حظرت روسيا مؤسسة خيرية مؤيدة للديمقراطية أسسها جورج سوروس المحسن الملياردير قائلة إن المؤسسة تشكل تهديدا لكل من أمن الدولة والدستور الروسي، بحسب رويترز.

وقال مكتب المدعي العام الروسي في بيان صدر إن فرعين من شبكة سوروس الخيرية - مؤسسة المجتمع المفتوح ومؤسسة المجتمع المفتوح للمساعدات المؤسسية - ستوضعان على "قائمة المنع" للمنظمات غير الحكومية الدولية التي تعتبر أنشطتها "غير مرغوبة" من قبل الدولة الروسية، وقال البيان "وجد أن نشاط مؤسسة المجتمع المفتوح ومؤسسة المجتمع المفتوح للمساعدات المؤسسية يشكل تهديدا لأسس النظام الدستوري لروسيا الاتحادية وأمن الدولة"، ولم يقدم البيان تفاصيل لكن سوروس المولود في المجر حث الغرب في وقت سابق هذا العام على زيادة المساعدات لأوكرانيا ووضع خطوات نحو حزمة تمويل قدرها 50 مليار دولار وقال إنه ينبغي النظر إلى أوكرانيا باعتبارها متراسا ضد روسيا التي تزداد عدوانا.

وقالت مؤسسة المجتمع المفتوح إنها "مستاءة" من القرار الروسي، وقالت في بيان "خلافا لمزاعم المدعي العام الروسي ساعدت مؤسستا المجتمع المفتوح على مدى يزيد عن 25 عاما في تعزيز سيادة القانون في روسيا وحماية حقوق الجميع"، وأضافت "في الماضي جهودنا كانت موضع ترحيب من قبل المسؤولين والمواطنين الروس ونأسف للتغييرات التي دفعت الحكومة إلى رفض دعمنا للمجتمع المدني الروسي وتجاهل تطلعات الشعب الروسي".

بينما قال سوروس في بيان منفصل "واثقون من أن هذه الخطوة انحراف مؤقت لا يمكن قمع تطلعات الشعب الروسي لمستقبل أفضل وستنتصر في النهاية"، وأسس سوروس مؤسسة المجتمع المفتوح في عام 1979 عندما وصل صندوق التحوط الذي يديره إلى نحو 100 مليون دولار وعندما فقزت ثروته الشخصية إلى نحو 25 مليون دولار. وبدأ نشاطه الخيري بمنح دراسية للسود في جنوب أفريقيا إبان نظام التفرقة العنصرية، ويمول سوروس (85 عاما) في الوقت الحالي شبكة من المؤسسات التي تدعم حقوق الإنسان وحرية التعبير والحصول على خدمات الصحة العامة والتعليم في 70 دولة حول العالم.

منظمات غير حكومية لإشاعة "الكراهية والانقسام"

على صعيد متصل اتهم محمد ولد عبد العزيز منظمات للدفاع عن حقوق الانسان بإشاعة "الكراهية والانقسام" بين المجموعتين العربية والزنجية الافريقية في موريتانيا وذلك في مؤتمر صحافي، ولاحظ الرئيس الموريتاني في تصريحات في الذكرى ال55 لاستقلال موريتانيا ان "اثارة هذه المسالة (الضحايا الزنوج الافارقة في الفترة 1989-1991) بعد ان تم التوصل الى حلول مع المعنيين بالأمر، ليس الا طريقة للحث على الكراهية والانقسام بين مواطني هذا البلد"، بحسب فرانس برس.

ونددت منظمات للدفاع عن حقوق الانسان في موريتانيا السبت في بيانات، ب "اعدام 28 ناشطا زنجيا افريقيا في 1990 (بتهمة محاولة تنفيذ انقلاب) في بلدة اينال" (شمال) وفي عهد الرئيس الاسبق معاوية ولد الطايع (1984-2005)، واعتبرت هذه المنظمات ان "يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر يوم الاستقلال الوطني، ينظر اليه كيوم للحداد وليس للاحتفال" في موريتانيا، كما نددت هذه المنظمات بالمصير الذي لقيه لاجئون سابقون من الزنوج الموريتانيين في السنغال وقالت انهم "لاجئون في بلادهم" خصوصا بسبب ظروفهم الاجتماعية الصعبة، وكان تم ترحيل هؤلاء اللاجئين السابقين الى السنغال بعد اعمال عنف طائفية بين البلدين في 1989 ادت الى حركة انتقال سكان بين البلدين.

واكد الرئيس الموريتاني ان اسر الضحايا (العسكريون الذين اعدموا بين 1989 و 1991) "وهم الوحيدون الذين يمكنهم الصفح" تمت دعوتهم الى تقديم اقتراحات "بالتعاون مع جمعياتهم وائمة وعلماء" لتعويض التجاوزات "الخطيرة" و"تم تنفيذ مقترحاتهم حرفيا"، واضاف "بما ان المشكلة تمت تسويتها، فان اي اثارة لهذا المشكلة ليست الا وسيلة للحث على الكراهية والانقسام، اذ ليس بإمكاننا احياء الموتى"، وذكر ولد عبد العزيز بانه نظم في 2009 في بلدة كايدي جنوب البلاد صلاة عن ارواح الضحايا كما تم تقديم تعويضات مادية للمعنيين بالأمر، كما نفى الرئيس الموريتاني وجود رق في موريتانيا، وتم الغاء العبودية رسميا في موريتانيا في 1981 لكن الظاهرة لا تزال موجودة بحسب منظمات غير حكومية.

روسيا تصنف مئة منظمة غير حكومية "عميلة للخارج"

من جانب اخر اعدت السلطات الروسية لائحة تضمنت حوالى مئة منظمة غير حكومية توصف بأنها "عميلة للخارج"، وتنطبق هذه التسمية المشينة خصوصا على اولئك الذين يهتمون بحقوق الانسان، لكنها انسحبت هذه المرة ايضا بشكل غير متوقع على حماة للبيئة او مصورين هواة، ويقول معارضو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان القانون الذي أقر في 2012 حول "عملاء الخارج" جزء من مجموعة اوسع من التدابير التي اتخذها الكرملين في السنوات الاخيرة، لتكميم اي شكل من اشكال الاعتراض وتشديد الرقابة على المجتمع الاهلي، والمنظمات غير الحكومية المتخصصة بحقوق الانسان وتاريخ القمع في الاتحاد السوفياتي وروسيا، تحتل مكانا بارزا في اللائحة التي باتت تضم مئة من المنظمات "العميلة للخارج". وكانت هذه الصيغة تستخدم لوصف "اعداء الشعب" أيام حكم ستالين، وفي وقت لاحق لوصف المنشقين في فترة حكم بريجنيف، المتهمين بالعمل لمصلحة الخارج، بحسب فرانس برس.

وقد ادرجت في اللائحة، ميموريال التي اسسها الحائز جائزة نوبل للسلام اندريه ساخاروف، وهي ابرز منظمة تعنى بعمليات القمع الستالينية وتاريخ الانشقاق وحقوق الانسان في روسيا ايام فلاديمير بوتين. وتضمنت اللائحة ايضا هيئة بيرم-36 التي كانت تتولى ادارة متحف اقيم في معسكر قديم للسجناء السياسيين قرب بيرم (الاورال) قبل ان يؤخذ منها العام الماضي، وأدرج في اللائحة ايضا الفرع الروسي لمنظمة ترانسبرنسي انترناشونال غير الحكومية المتخصصة في مكافحة الفساد، وهيئة سريدا لمساعدة الصحافة، ولجنة مكافحة التعذيب وصندوق الدفاع عن حقوق المستهلكين، وكذلك مركز ياسافي مانزارا الاعلامي المخصص للشعوب الاصلية للشمال الروسي الكبير، ويشمل قانون "عملاء الخارج" المنظمات غير الحكومية التي تستفيد من تمويل خارجي وتقوم ب "نشاط سياسي"، وفق هذه الصيغة الغامضة جدا، ودخلت ايضا الى هذه اللائحة السوداء التي تعدها وزارة العدل، هيئتان في سيبيريا، هما نادي سوبيني (حدث) للتصوير في اومسك، وهيئة اصدقاء الغابات في سيبيريا، في كراسنويارسك، وقالت الوزارة على موقعها ان هاتين الهيئتين تسعيان الى "هدف سياسي" يقضي ب"التأثير على اتخاذ القرار في المؤسسات من اجل تعديل سياسة الدولة". بأي طريقة؟ "من خلال التأثير على الرأي العام"، كما قالت الوزارة من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وردا على استيضاح وكالة فرانس برس، المح الجهاز الاعلامي للوزارة الى اتخاذ عقوبة على سبيل الوقاية، موضحا ان المصورين والمدافعين عن الغابات "كانوا ينوون القيام بنشاط سياسي من خلال التأثير على الرأي العام"، وقال المسؤول عن هذه المنظمة غير الحكومية الكسندر روميانتسيف، لوكالة فرانس برس، "نظمنا مهرجانا للصورة والفيديو والنحت، مع جائزة تمنحها القنصلية الاميركية في ايكاترينبورغ"، واضاف "اعتبر هذا المهرجان نشاطا سياسيا، ولن يفيد التصدي لهذا القرار، سأقفل النادي".

ويناضل حماة البيئة في كراسنويارسك الذين تساعدهم مؤسستان اميركيتان، منذ 1999 ضد عمليات القطع غير الشرعية للغابات والتخريب الناجم عن الحرائق في الغابات. وقالت الناشطة آنا لاليتينا لوكالة فرانس برس انها قد تضطر الى اقفال منظمتها. واضافت "لا يتوافر لدينا المال لدفع الغرامات الباهظة". وغالبا ما تضاف هذه العقوبة الى ادراج الاسم في اللائحة.

وفي "سجل المنظمات غير الحكومية العميلة للخارج" الذي يمكن الاطلاع عليه في موقع الوزارة على شبكة الانترنت، تستخدم الصيغ الاتهامية نفسها بصورة مشابهة. وليس مهما من اين يأتي المال، سواء من الولايات المتحدة او الاتحاد الاوروبي او المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، او من مؤسسة نروجية خاصة او من جامعة ميدليسكس البريطانية او من السفارة الفرنسية في موسكو، وحرصا منها على الافلات من صفة "عميل للخارج"، عمدت مجموعة ساخالين للمراقبة البيئية في اقصى الشرق الروسي، في ايلول/سبتمبر الماضي، الى اعادة 142 الف يورو قدمها الممثل الاميركي ليوناردو ديكابريو لمشروع من اجل حماية اسماك السلمون.

واعتبر احد مسؤولي منظمة ميموريال يان راتشينسكي ان "عميلا للخارج باللغة الروسية يعني جاسوسا، وهدف السلطات هو تجريد المنظمات غير الحكومية من مصداقيتها وتصفية جميع الذين يدافعون عن الفرد حيال الدولة".

وقال مدير مركز ساخاروف في موسكو سيرغي لوكاشيفسكي، "منذ اطلقت علينا صفة +عميل للخارج+ تراجع كثيرا عدد المدارس الثانوية التي تنظم زيارات لمنظمتنا. كنا من قبل نستقبل زيارتين في الاسبوع، اما الان فواحدة او اثنتان شهريا. وتطلب تعليمات رسمية من المؤسسات التعليمية الا تجري اي اتصال بالمنظمات غير الحكومية +العميلة للخارج+".

حملة على الجمعيات الخيرية الأجنبية

على صعيد متصل أقامت أكبر وكالة لمكافحة الجريمة في الهند دعوى قضائية ضد واحدة من أشهر منتقدي رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتهمة تلقي أموال من الخارج وسط مخاوف من أن جمعيات خيرية أجنبية تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وقال مسؤول في مكتب التحقيقات المركزي إن تيستا سيتالفاد تواجه اتهامات بالاحتيال واختلاس أموال وانتهاك قانون تنظيم المساهمات الأجنبية، ولم ترد سيتالفاد على طلب التعليق، بحسب رويترز.

وقال مسؤول بوزارة الداخلية إن تحقيقا أجراه مدققون حكوميون كشف أن منظمة سابرانج تراست غير الحكومية التي ترأسها سيتالفاد حصلت على أموال من مؤسسة فورد ومقرها الولايات المتحدة دون إذن من الحكومة، وقال مسؤول كبير بالوزارة طالبا عدم ذكر اسمه "المنظمة غير الحكومية تغش الحكومة وحتى المانحين"، ومنذ مطلع العام ألغت الحكومة الهندية تسجيل قرابة تسعة آلاف جمعية خيرية لأنها لم تكشف عن تفاصيل التبرعات الواردة إليها من الخارج.

وأدرج اسم مؤسسة فورد -وهي أحد أكبر الصناديق الخيرية في العالم- هذا العام على قائمة للمؤسسات الخاضعة للتدقيق بعد أن ذكرت وزارة الداخلية أنها تحقق في تمويل منظمة سيتالفاد، ولم يرد متحدث باسم مؤسسة فورد على طلبات التعليق، ويرى منتقدون في حملة الحكومة محاولة لإسكات الأصوات المعارضة لسياسات رئيس الوزراء مودي، كانت سيتالفاد قد أقامت دعاوى قضائية تتهم فيها مودي بالفشل في وقف أعمال عنف مناهضة للمسلمين عام 2002 قتل فيها ألف شخص على الأقل في هجمات بينما كان هو يشغل منصب رئيس وزراء ولاية جوجارات، وينفي مودي هذه الاتهامات، وفي قضية منفصلة اتهمت شرطة جوجارات سيتالفاد باختلاس أموال كانت مخصصة لبناء متحف لضحايا العنف في جوجارات لكنها نفت هذه الاتهامات.

تطوير نشاط المنظمات الأجنبية غير الحكومية

من جانب اخر طمأن وزير الأمن العام الصيني المنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في البلاد بأن حكومته تدعم نشاطاتها وسط مخاوف من أن يعيق مشروع قانون لتنظيم عمل هذه المؤسسات وثار حوله جدل كبير تطور المجتمع المدني، وتضغط الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية الأجنبية على الحكومة الصينية لإعادة النظر في اقتراح القانون الذي تقول إنه سيقيد إلى حد كبير نشاطات المنظمات غير الحكومية والشركات والجامعات، وتفرض مسودة القانون التي بدأت مناقشتها في مايو أيار على المنظمات الأجنبية التي لا تسعى للربح أن تجد لنفسها كفيلا رسميا وان تمنح الشرطة مجالا واسعا لتنظيم نشاطاتها وتمويلها، بحسب رويترز.

وقال جو شينغ كون وزير الأمن العام في بيان على موقع وزارته الإلكتروني إن "الحكومة الصينية تقدر إلى حد كبير الدور الإيجابي الذي تلعبه المنظمات الأجنبية غير الحكومية"، وأضاف خلال اجتماع مع وزارة الخارجية ووزارة الشؤون المدنية وعدد من المنظمات الدولية غير الحكومية يوم السبت "إن الصين ترحب بالمنظمات الأجنبية غير الحكومية وتدعم قيامها بالخدمات الودية وتعاونها، وشدد جو على أن اقتراح القانون الجديد ضروري "لحماية حقوق المنظمات الأجنبية غير الحكومية في الصين ومصالحها المشروعة، وقال الخبراء الصينيون القانونيون إنه بموجب القانون الجديد فان المنظمات الأجنبية غير الحكومية غير محددة بتعريف واضح ويمكن أن ينطبق التعريف على بروفسور أمريكي ينوي إلقاء محاضرة في جامعة صينية أو مؤسسات تجارية أجنبية أو فرق أجنبية فنية.

روسيا تعتبر منظمة اهلية امريكية غير مرغوب بها

على صعيد متصل اعلنت النيابة العامة الروسية في بيان ان المنظمة الاميركية "ناشيونال انداومنت فور ديموكراسي" (نيد) التي تقول ان هدفها هو تشجيع الديموقراطية في العالم اصبحت اول منظمة غير حكومية تعتبرها السلطات "غير مرغوب فيها" في روسيا بموجب قانون جديد مثير للجدل، ويفترض ان يعرض قرار النيابة على وزارة العدل الروسية التي ستفعل حظر نشاطات المنظمة غير الحكومية على الاراضي الروسية، بحسب فرانس برس.

وقالت النيابة في البيان انها "استنتجت بعدما اخذت في الاعتبار الهدف الشامل لنشاطات المنظمة، انها (المنظمة) تشكل تهديدا لاسس النظام الدستوري في روسيا ودفاعها وامنها"، وتتهم النيابة المنظمة بتمويل منظمات غير حكومية في روسيا شاركت في "الاحتجاج على نتائج الحملات الانتخابية، وتنظيم تحركات سياسية بهدف التأثير على اتخاذ القرار من قبل السلطات وتشويه صورة الخدمة االعسكرية في صفوف القوات المسلحة الروسية"، واضاف البيان ان "المنظمة قدمت بهذا الهدف في 2013-2014 الى المنظمات غير الحكومية الروسية حوالى 5,2 ملايين دولار"، ناشيونال انداومنت فور ديموكراسي" (نيد) مدرجة منذ تموز/يوليو على لائحة تضم 12 منظمة اجنبية طلب اعضاء مجلس اتحاد روسيا حظرها مع منظمات اخرى اميركية واوكرانية وبولندية.

منظمة المانية غير حكومية تغادر المغرب 

من جانب اخر غادرت أندريا نويس، مسؤولة مكتب المؤسسة الألمانية "فريدريش ناومان" في المغرب الناشطة في مجال الدفاع عن السياسات الليبرالية والحريات، البلاد عائدة الى المانيا، بعدما أبلغتها السلطات بانها "شخص غير مرغوب به"، بحسب ما ذكر ناشط مغربي، بحسب فرانس برس.

وكتب المؤرخ والناشط المغربي المعطي منجب على صفحته على موقع فيسبوك "أنا جد حزين بسبب طرد صديقتي اندريا نويس، مديرة مؤسسة فريدريش ناومان بالمغرب، وقد غادرت اليوم صحبة زوجها صديقي +جان ماري+، أنا متأسف لهما لأنهما يحبان المغرب كثيرا"، وأضاف "تم إخبار أندريا منذ أسابيع انها شخص غير مرغوب فيه بالمغرب وكان ذلك بعد زيارتها التضامنية لي، وانا مضرب عن الطعام، بسبب منعي من السفر".

ونفذ المعطي منجب الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان (55 عاما) اضرابا عن الطعام في تشرين الاول/اكتوبر لمدة ثلاثة اسابيع بسبب منعه من السفر. وشمل المنع في حينه ثلاثة صحافيين آخرين عملوا معه في مشاريع تتعلق بالدفاع عن حرية الصحافة، واوضح في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان أندريا زارته خلال إضرابه عن الطعام، "تضامنا، وهذا ما ازعج السلطات التي أخبرتها عقب الزيارة أنها +شخص غير مرغوب فيه+"، وقال ان اضطرارها مع زوجها "لمغادرة المغرب في حالة استعجالية أحزنهما كثيرا"، مضيفا ان "أندريا تتكلم اللغة العربية بطلاقة، وكانت في طور تعلم اللغة المغربية المحكية، كما أن زوجها ولد في المغرب وعاش فيه فترة طويلة"، ونقل عنها قولها ان السفير المغربي في برلين ابلغ الادارة المركزية لمؤسسة "فريدريش ناومان" ان نويس "تتدخل في السياسة المغربية" و"تلتقي نشطاء وصحافيين، وبالتالي هي شخص غير مرغوب فيه"، ولم يكن في الامكان الحصول على تفاصيل للخبر من مصادر اخرى، وتدعو مؤسسة "فريدربش ناومان" الى تعزيز حرية الفرد والليبرالية من خلال التعليم المدني والحوارات السياسية الدولية، ولها مكاتب في دول عدة تعمل على تنظيم انشطة للترويج لهذه الافكار. وتنشط في المغرب منذ سنة 1969، وتوجد شراكة بين مؤسسة "فريدريش ناومان" و"مركز ابن رشد للدراسات والتواصل" الذي كان يترأسه المعطي منجب، وسبق لوزارة الداخلية المغربية أن منعت نشاطا كان سينظمه الطرفان بداية 2015 في احد فنادق الرباط حول حرية الصحافة في المنطقة المغاربية، ما اضطر الجانبان الى نقله الى مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في العاصمة ليتم على مستوى ضيق، وتعرضت أندريا نويس على الاثر لهجوم وانتقادات من طرف بعض المواقع الإلكترونية المقربة من مراكز القرار، ومنعت السلطات المغربية منذ صيف 2014 عشرات الأنشطة وطلبات تأسيس الجمعيات. ويشكو العديد من الناشطين والصحافيين والمنظمات غير الحكومية من تضييق على الحريات داخل البلاد.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
الغالبية العظمى من المنظمات الباحثة عن تمويل أجنبي هي منظمات لايعنيها الصالح العام
هي منظمات أنشئت لأغراض محددة الكسب المادي أهمها اضافة الى الشهرة والإنطلاق للأمام
ومن يدفع المال لتلك المنظمات يشترط عليها بعض الشروط السيئة مثل انتقاد وتشويه النظام
بعض المحامين الذين كانوا يقفون عند سلم المحاكم لإلتقاط قضية بعد دخولهم هذا المجال أصبحوا نجوما في مجتمع الأثرياء وفي الإعلام
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه...واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات...مركز ثقافة الألفية الثالثة2019-01-23
الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
لماذا يتم حجب بعض التعليقات
في هذه الشبكة الرائعة بين الشبكات
تعدد الآراء هو عنوان ثراء الحريات2019-01-26
الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال.
المغرب
جاء في المقال " بينما صرح بعض المنتقدين ازاء القوانين الخاصة بالمنظمات الاهلية المدعومة من الخارج القانون ، ان ردود الافعال على تلك القوانين، منها من ايد ذلك مثل السلطات الروسية اعدت لائحة تضمنت حوالى مئة منظمة غير حكومية توصف بأنها "عميلة للخارج"، وتنطبق هذه التسمية المشينة خصوصا على اولئك الذين يهتمون بحقوق الانسان"
بينما الحقيقة ان جل هذه المنظمات الغير الحكومية توصف بأنها "عميلة للخارج" لمن يمولها ،سواءا عن قصد او غير قصد،اما من يمولها فهو يذرك جيدا ماذا و لماذا يمول هذه المنظمات الغير الحكومية،و من الطبيعي سيمررها في شكل الاهتمام بحقوق الانسان، فهل مثلا المنظمات الغير الحكومية الفلسطينية ستكون محتاجة الى هذا التمويل اكثر ما هي محتاجة الى السيادة عن وطنها؟ و هل من يمول هذه المنظمات ،بحجة الاهتمام بحقوق الانسان،يحترم اصلا حقوق مواطنيه الشرعيين ؟كل ما في الامر يمكن القول ان هذه العمليات لها خلفيات متعددة، قد تكون ترييع العقليات العربية و المتأسلمة عموما،حتى تنشغل عن قضاياه الوطنية،و قد تكون ترييع العقليات الصهيونية حتى تتنازل عن قواعد الديمقراطية ،على الاقل خارج اوطانها، حيث يستفرد المستبد السياسي المتأسلم بكرامة شعبه،كما ان جل مصادر التمويل لها علاقة بالزعماء العربان و المتأسلمين ،كما لها علاقة بالاستخبارات الصهيونية ، الاول يحارب ديمقراطية الثانيب و الثاني يحارب دين و ملة الاول,,,,2023-04-07