افتقاد الموظف إلى الذكاء الشعوري، سوف يجعل منه موظفا خاملا، حياديا، لا يتفاعل في الصميم، ولا يزج بنفسه في العلاقات العملية الوظيفية مع الآخرين، خوفا من النتائج مسبقا، كونه لا يمتلك الذكاء الشعوري، ولا يستطيع أن يمد الجسور مع الآخرين، ولا يؤثر فيهم ولا يتأثر بهم...
تسعى المنظمات ذات الانتاجيات العالية إلى تطوير موظفيها، بما يجعل كل موظف على درجة كبيرة من الإتقان والمهارة، حتى تكون إنتاجيته أفضل وأكثر جودة، ومن البديهيات المتّفق عليها، أن الإنتاج المعنوي من افكار وابتكارات يحتاج إلى نوع من الذكاء الشعوري الذي يحول الانتاج من معنوي الى مادي وبذلك يدفع بالموظف إلى أمام في تفكيره واتخاذه لقراراته لاسيما إذا كان يتصدر اتخاذ القرارات الإدارية.
هذا يعني أن مراعاة الذكاء الشعوري قضية فردية، مسؤول عنها الموظف أو العامل، ولكن هذه المسؤولية تقع في جانب منها على المنظمة ايضا، إذ عليها أن تتقاسم المسؤولية مع موظفيها لتطوير قدراتهم المختلفة، ومن بينها الذكاء الشعوري، لاسيما بعد أن ثبت دوره وتأثيره في الأداء والإنتاج، فما هو الذكاء الشعوري.
هنا سوف نورد مجموعة من الآراء لعدد من الباحثين والدارسين في هذا الشأن، حيث يعرَّف الذكاء الشعوري بأنه مجموعة من المهارات التي تُعزى إليها الدقة في تقدير وتصحيح مشاعر الذات واكتشاف الملامح الانفعالية للآخرين واستخدامها من أجل تعزيز الدافعية والإنجاز في حياة الفرد.
وعرّف بأنه قدرة الفرد على تقييم مشاعره وانفعالاته ومشاعر وانفعالات الآخرين والتمييز بينهما واستخدام ذلك في توجيهه لسلوكه وانفعالاته.
كما عرِّف بأنه المطالبة بإقامة علاقات متوازية بين الأفراد على اختلاف سماتهم الشخصية وتكوين شبكة علاقات عنكبوتية بين الأفراد وبما يفضي إلى إمكانية توظيف المشاعر بصورة أكثر كفاءة ويصب هذا في صالح العملية التنظيمية كلها سواء في أبعادها العملياتية الجارية أو في أبعادها التطويرية.
مخرجات القدرة على التنبّؤ
لو حاولنا أن نضع رؤيتنا الخاصة حول هذا المفهوم، فإننا ننظر إلى الذكاء الشعوري على أنه مجموعة من الأفكار والاحتمالات لها القدرة على التنبّؤ بطبيعة العلاقات مع الأفراد، وما ينتج عنها من مخرجات تحفز الدافعية على الانتاج، وصولا إلى درجة مقبولة من النجاح والتفوق.
أما في حال فقدان هذه السمة عند الموظف أو الإداري القيادي، أو ضعف هذا العنصر لديه، فما هي النتائج المتوقعة؟، وهل هناك موظفون يفتقدون للذكاء الشعوري بالفعل؟
هناك البعض الذين قد لا يمتلكون الذكاء الشعوري، كونهم لم يدخلوا في تجارب من هذا النوع، وأن اطلاعهم وخبراتهم ليس بالمستوى الذي يتيح لهم التحلي بالذكاء الشعوري، كما أن خبراتهم المعرفية والعلمية لا تساعدهم على التمتع بالقدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتنبّؤ بما يصدر عنهم من قرارات ونتائج.
لذلك فإن افتقاد الموظف إلى الذكاء الشعوري، سوف يجعل منه موظفا خاملا، حياديا، لا يتفاعل في الصميم، ولا يزج بنفسه في العلاقات العملية الوظيفية مع الآخرين، خوفا من النتائج مسبقا، كونه لا يمتلك الذكاء الشعوري، ولا يستطيع أن يمد الجسور مع الآخرين، ولا يؤثر فيهم ولا يتأثر بهم، مما يجعل منه موظفا سلبيا لا جدوى منه.
وبهذا فإن افتقاد الموظفين أو العاملين للذكاء الشعوري، سوف يؤثر على الدافعية، وبالتالي على الإنتاجية بشكل عام، ويتسبب بتراجع في عمل المنظمة، وينعكس هذا على المستوى العام، وينتج عنه انتكاسة في الإنتاجية المطلوبة للمنظمة، ومن الممكن القول كلما تزايدت أعداد الموظفين الفاقدين للذكاء الشعوري قلّت الدافعية والإنتاجية المتوقَّعة.
وهذا يعني في خلاصة الأمر نوعا من الفشل الذي يلاحق المنظمة والعاملين فيها، وغالبا تعود مسؤولية الفشل على الرأس الإداري (المدير أو الرئيس، أو القائد)، مثلما تُسجَّل النجاحات التي تحققها المنظمة باسمه، لذلك فإن الفشل والنجاح يعودان للمدير الأعلى، وهذا هو الذي يجعله حريصا على استقطاب عاملين أو موظفين يمتلكون الذكاء الشعوري، وعندهم القدرة والدافعية اللازمة لتحقيق الإنتاجية الأفضل.
خطوات لتنمية الذكاء الشعوري
من الأهمية بمكان أن يحرص المدير على جذب وجلب موظفين يتحلون بالذكاء الشعوري، كذلك لابد على كل موظف أن يتقن الذكاء الشعوري حتى يكون من الموظفين المرغوب فيهم، وهذا يطرح التساؤل التالي، كيف يستطيع الموظف أن يكتسب القدرة على الذكاء الشعوري؟
الإجابة عن هذا التساؤل تضم النقاط التالية:
- أن يتحلى الموظف بروحية الاقتحام وحب الاطلاع.
- أن لا يتلكّأ ولا يتردد في طلب المعرفة والسعي الجاد نحو منابعها.
- أن يختبر نفسه عمليا من خلال الدخول في تجارب عملية لا يتقنها جيدا حتى يتعلّمها باعتبارها من التجارب الجديدة التي يخوضها.
- أن يركز في نفس الوقت على العلاقات الشعورية مع الموظفين الآخرين.
- أن يختبر حدسهُ وقدراته على التنبؤ من خلال علاقاته مع الموظفين الآخرين.
- أن يخرج بحصيلة فكرية عملية تؤهله ليكون موظفا متحليّا بالمعرفة وبالذكاء الشعوري الرصين.
وكما لاحظنا في أعلاه، هناك مسؤولية كبيرة على الموظف، وجهوده الذاتية في تطوير نفسه للوصول الى الذكاء الشعوري، فهذا النوع من الذكاء هو عبارة عن خليط مركَّب من علاقات ونشاطات الإنسان وخبراته، ومعارفه التي اكتسبها عبر المطالعات أو التعلّم والتثقيف، وسوف يكون حاصل الجمع بين نشاطاته ومعارفه هو امتلاكه للذكاء الشعوري.
وفي هذه الحالة سوف نكون أمام موظف سعى واجتهد، ولم يدّخر جهدا، فسعى وواصل سعيه، في مجال اكتساب الخبرات العملية والعلمية، بالإضافة إلى المهارات الشعورية، ليحصل بالنتيجة على خاصية تمنحه القدرة على التنبّؤ والحدس السليم بما سينتج عن الآخرين، وفي حال كان هذا الموظف متصدّرا للعمل الإداري، فإن نسبة نجاحه سوف تكون عالية، والسبب الجوهري الأول هو سعيه الجاد نحو تحصيل المعرفة والخبرة في ميدان الذكاء الشعوري واستخدامه بالشكل الأنسب.
اضف تعليق