عنوان اللعبة هو التكيف. فأنت تتكيف من خلال وجود شكوك\". فالتعلم الأساسي الذي يقوم على التكيف يعد انفتاحاً وإدراكاً لفكرة أن الآخرين لديهم معرفة أكثر\". فعندما تبدأ بالإصغاء للآخرين، فأنت في مرحلة التعلم. ومن ثم ستحصل على التكيف الذي تحتاجه، التخلي عن الروتين، فعندما تصب...
بقلم: فيليب مونتيرو
التكيف والتفاعل والتوجيه، دروس حياتية واعدة
واجه جان كلود بيفر، الرجل الذي اصطدم بالكثير من التحديات خلال حياته، أكبر عقبة في خضم أحد أكبر نجاحاته. فقد شعر بالتوعك خلال عمله على ساعة TAG Heuer Connected، والتي تعد نقطة تحول في عالم الساعات كونها ثمرة شراكة بين الرفاهية السويسرية وسيليكون فالي. فعقب 45 سنة من تربعه على عرش صناعة الساعات، وعوضاً عن تنحيه عن عباءة القيادة، تبنى شكلاً جديداً منها، متفقين على أن العمر ليس بعائق.
على الرغم من ابتعاد بيفر عن العمل اليومي، لكنه أصر على رد الجميل، ليس فقط من خلال دعمه لخلفائه ومن وقف معه، ولكن أيضاً من خلال مشاركة حماسه للتعلم مع الشباب الأصغر سناً. جلس بيفر معي مؤخراً للحديث عن التحول الذي شهدته حياته وطريقه تكيفه وأسلوب تفكيره.
التكيف
بصفته خبير مخضرم في العلامات التجارية الكبيرة والصغيرة، قضى بيفر بضع سنوات قبل تقاعده بمحاولة الوصول إلى سيليكون فالي. فبطبيعة الحال، تحتم عليه أن يتكيف ويتعلم. قال أثناء حديثه عن خبرته: "تصبح عجوزاً فقط عندما تتوقف عن التعلم". منحه عمله على ساعة فاخرة ذكية شعوراً بأنه متصلاً بالمستقبل، والذي قال عنه ممازحاً أنه يحيي شبابه أكثر من أي عملية تجميل أخرى.
يقول بيفر: "عنوان اللعبة هو التكيف. فأنت تتكيف من خلال وجود شكوك". فالتعلم الأساسي الذي يقوم على التكيف يعد انفتاحاً وإدراكاً لفكرة أن الآخرين لديهم معرفة أكثر". فعندما تبدأ بالإصغاء للآخرين، فأنت في مرحلة التعلم. ومن ثم ستحصل على التكيف الذي تحتاجه".
يمتلك بيفر عقلية مرنة تحيي فيه حب الاستطلاع الذي يؤدي بدوره إلى التكيف. حيث لجأ إلى تقنية جديدة عوضاً عن الاختباء منها. يقول البعض أنه أنقذ صناعة الساعات السويسرية من خلال حفاظه على الحرفية الحقيقة للساعات الميكانيكية، وإيمانه بالطرق التقليدية. ولكن لا يعني ذلك أنه ضد التطور، فقد أدرك أنه لدى سيلكون فالي حلم واحد، وهو دخول قطاع الفخامة. آبل الوحيدة التي نجحت بأن تكون مرجعاً للفخامة. وقد لجأ إلى ذلك الحلم لمساعدته في قطاعه.
قد تأتي القدرة على التأقلم من خارج قطاع الأعمال. فقبل بضع سنوات، ابتكر بيفر مجلس استشاري من الشباب يشاركونه فيه وجهات نظرهم، في سبيل المساعدة على توقع التوجهات التي في الأفق. وأدرك أهمية الاستماع لأصواتهم وتكييف الرسائل المراد إيصالها عن العلامة التجارية بموجب ذلك.
يشعر معظم الناس بالاستياء عند تعرضهم للوعكات، ولكن نظر بيفر لمرضه كمعلم ساعده على التأقلم. وأجبره المرض على تخفيف سرعته عوضاً عن توقفه بشكل مفاجئ: "إذا ما نظرت لحياتي السابقة، أستطيع القول أن مرضي من أفضل الأشياء التي حصلت لي، لأني إن لم أكن مريضاً، كنت سأختفي. كنت سأنسى أن أرد الجميل وكانت حياتي ستتمحور حول شخصي أنا. في حين يجب أن تكون حياتي مهمة بقدر ما أساهم به بمساعدة الآخرين".
التفاعل
أعطى بيفر أولوية لرد الجميل ولم يعد يتواجد في المكتب كل يوم. تحدث عن مراحل مختلفة من حياته: تعلم العمل والقيام به، والآن رد الجميل بإعطاء وقته. ويقول: كلما زادت إنجازاتك، زادت الأمور التي يجب أن تساعد فيها بدورك.
نصيحته لقادة الأعمال حول التفاعل واضحة: التخلي عن الروتين، فعندما تصب تركيزك على اجتماع أو أجندة أو نتيجة بعينهأ، يكون من الصعب رؤية الصورة الأكبر. يجب أن نتعلم أن نكون كرماء، وأن نتعلم أننا ننتمي إلى مجتمع ولدينا دور تجاه هذا المجتمع، وهو التواصل مع الآخرين. فبحسب بيفر، التفاعل يخلق التواصل.
هدف القادة هو المساعدة، وتلك هي الطريق التي تطورت بها الثقافة والأدب والمعرفة. فالمعرفة تطورت لأننا تفاعلنا. فتخيل سيناريو يقوم فيه الأشخاص بحجب المعرفة، لن يكون هناك تطور. يظهر بحثي السابق دور الشفافية في تعزيز الابتكار. بالحقيقة اللجوء إلى السرية لحماية المعارف الهامة، يحجب مزايا الابتكار. يتطلب منا خلق قيمة على كافة الأصعدة، المشاركة غير المشروطة في عملية تبادل المعلومات، والتي قد تساهم بدورها في تحفيز الآخرين على إعطاء أفكار جديدة.
التوجيه
كرائد أعمال، يتمتع بيفر بخبرة واسعة في الإشراف والتوجيه. أسلوبه في القيادة كان مصدر إلهام لأشخاص مثل جان فريدريك دويفور، الرئيس التنفيذي في رولكس. لدى بيفر وقتاً أكبر للتركيز على العطاء. فالقياديين الذين يسعون إلى ترك إرث، يأملوا بأن يسهموا في نمو الشركات ومساعدة الموظفين على التألق بعملهم.
حتى قبل أن يترك مهامه كرئيس تنفيذي، فكر بيفر جدياً بأهمية التعليم وكيف أنه قد يحتاج للتغيير. فالعلوم والرياضيات والتكنولوجيا والهندسة جميعها ضرورية في عالم الأعمال، ولكن أيضاً هناك الفنون بأنواعها. بعيداً عن الفنون، كانت نصيحة بيفر لطلاب الماجستير في إنسياد اللذي كانوا على وشك مباشرة حياتهم المهنية: كونوا متحمسين لما تقوموا به، أحيطوا نفسكم بأشخاص أصحاب كفاءة وصبوا تركيزكم على الأخلاق.
بالنسبة لبيفر، يساهم التعلم بزيادة إنسانيتنا، ويؤكد على أهمية الذكاء الاصطناعي برحلة التعلم ولكنه يشدد على أنه لن يكون بديلاً للسمات الإنسانية مثل الغريز والحب والروح، وهي أمور يجب أن نعززها بشخصيتنا. يستطيع المعلمين تشجيع الطلاب على تطوير تلك السمات بدلاً من اكتساب مهارات يمكن أن تقوم بها الآلة بشكل أفضل وأسرع. ويقول "لا يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي تهديد بحد ذاته، بل يجب أن يمثل عوناً لنا".
أعرب بيفر عن قلقه للطلاب الذين أسرتهم التكنولوجيا لدرجة وجدوا معها أنفسهم محدودي الأفق. ويشير بيفر إلى أن أولئك الذين يستخدموا التكنولوجيا بحكمة متمسكين بسماتهم الإنسانية الفريدة، سيكونوا أفضل من الآخرين الذين يعولوا على التكنولوجيا فقط.
بالإضافة إلى فكرة غرس بعض السمات، يأمل بيفر أن يتم تعليم الفنون بكليات إدارة الأعمال في سبيل تنمية إنسانيتنا. أحد نتائج تنمية البديهة والغريزة هي التفكير العملي، أي التفكير بالأفضل. الكمبيوتر ليس مصمماً للقيام بتلك المهمة، بل الأشخاص.
دروس مستقبلية
أعمل عن كثب مع بيفر على دراسة بعض الحالات وفي منتدى الخريجين. أتطلع للحصول على أفكار أكثر منه مع اقترابه من الذكرى السنوية لتقاعده. أخبرني أنه حضر خلال السنة المنصرمة 60 مؤتمراً، لذا يبدو أن نشاطه يكاد يكون على نفس الوتيرة. وقد شحذت خاصية التكيف والتفاعل والإشراف من نشاطه وعملت كقوة للخير. كما العادة، يمارس بيفر القيادة من خلال القدوة ويستمر في تجديد شباب من حوله.
اضف تعليق