يوظف أشخاص الدرجة الأولى آخرين من نفس الدرجة، ويوظف الأشخاص من الدرجة الثانية أشخاصاً من نفس درجتهم. وقد يكون أحياناً قوة إيجابية تحفيزية. لكن في أغلب الأحيان قد يتسبب الشعور بالنقص والدونية إلى الشعور بالتعاسة والاستياء. وفي المقابل يؤدي ذلك إلى رغبة واعية أو غير واعية...
بقلم: مانفريد كيتس دي فريس

يمكن لفريق صغير يضم لاعبين متميزين A الركض حول فريق ضخم للاعبين عاديين B و C. يفضل اللاعبين A العمل سوياً ولا يقبلون بأن يكونوا مجرد أشخاص عاديين B " ستيف جوبز.

يوجد بإحدى الشركات ولنطلق عليها XYZ شاغر لمنصب رئيس مبيعات جديد. بقي في النهاية مرشحين اثنين. بالنظر إلى البرنامج التوسعي للشركة الطموح، كانت غالبية أعضاء اللجنة مقتنعة بـالمرشح ألكس كونه الشخص المناسب للوظيفة. ولكن وعلى عكس التوقعات، اختار نائب الرئيس المرشح الآخر زين، بالرغم من سجله الضعيف.

كما يقول عالم الاجتماع والفكاهي ليو روستن: يوظف أشخاص الدرجة الأولى آخرين من نفس الدرجة، ويوظف الأشخاص من الدرجة الثانية أشخاصاً من نفس درجتهم. بالطبع الأشخاص أكثر تعقيدا من ذلك، ولكن لندعم حجتنا دعونا نقول أن اللاعبين الممتازين A هم أصحاب الأداء العالي في الشركة، و اللاعبين B هم متوسطي الأداء، أما اللاعبين C فهم الأقل أداءً.

يفشل العديد من اللاعبين B على أرض الواقع من توظيف أفضل الأشخاص. فهم يخشون من أن يتفوقوا عليهم أو أن يتم استبدالهم. وكلما قلت ثقتهم بأنفسهم كلما شعروا بتهديد أكبر.

قد يكون اللاعبين B عرضة أيضاً للوقوع بخطر مميت وهو الحسد، فهو سلوك موجود يفسر العديد من الأفعال. وقد يكون أحياناً قوة إيجابية تحفيزية. لكن في أغلب الأحيان قد يتسبب الشعور بالنقص والدونية إلى الشعور بالتعاسة والاستياء. وفي المقابل يؤدي ذلك إلى رغبة واعية أو غير واعية بإيذاء الشخص الذي نحسده، كوسيلة لتصحيح الخطأ.

الشعور الزائف بالأمان

يواجه المديرون الذين يشعرون بعدم الأمان أو يفتقرون إلى تقدير الذات، مشاكل عدة عند اتخاذهم لقرارات التوظيف: هل ينبغي عليهم توظيف شخص أفضل منهم أو أقل كفاءة لكي يظهروا بشكل أفضل ؟ دفاعاً عنهم، قد يفشل اللاعبون B من معرفة A. أو قد يعتقدون (من دون وجود دليل) أن معظم الأشخاص المتقدمين المؤهلين لن يلتزموا بالشركة. لا يساعد أن يصاب بعض اللاعبين A بالأنانية والاحتكاك باللاعبين B بطريقة خاطئة.

بغض النظر عن السبب، فإن المديرين الذين يخطئون الحكم غالباً ما يفلتون من العقاب، بالرغم من الأذى الذي قد يلحقوه بمؤسساتهم. وكما يقول أب الإعلانات، ديفيد أوجيلفي: في حال كنت تقوم دائماً بتعيين أشخاص أقل منك ذكاءً، ستصبح شركتك مقتصرة على الأقزام. وفي المقابل، إذا ما كنت تقوم دائماً بتعييين أشخاص أهم منك، ستصبح شركتك شركة العمالقة.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً في شركة XYZ حتى يتكشف أن زين لم يكن بالمكان المناسب. ونظراً لمعرفته المحدودة بتقنيات البيع، لم يكن قادراً على التعامل مع التحديات التي تفرضها المنافسة. وبالرغم من محاولة نائب الرئيس أن يعزو ضعف أداء المرشح الذي اختاره إلى عوامل خارجية، إلا أن سمعته تأثرت. ومن المفارقات، أنه لو امتلك الشجاعة لتعيين شخص أفضل منه، لكانت وظيفته أكثر أماناً.

في النهاية، ومع تراجع وضع الشركة في السوق، لم يمتلك الرئيس التنفيذي خياراً سوى التدخل وإقالة نائب الرئيس ومساعديه. كانت تدرك من خلال خبرتها أن توظيف الشخص الخطأ هو أضمن طريقة لتدمير الشركة. وجعلت عقب ذلك إدارة المواهب من أولويات الشركة.

تحقيق التوازن

يدرك العديد من اللاعبين A في الوقت نفسه، أهمية توظيف والعمل مع أشخاص آخرين من نفس المستوى. في الواقع يدفعهم الاهتمام بمسيرتهم المهنية إلى تطوير مسارات أخرى. فهم يدركون أن المؤسسات التي تعج بأشخاص موهوبين ستمنحهم مجالًا للنمو.

بالطبع لا تستطيع الشركات أن تضم لاعبين A فقط. وطبقاً للإحصاءات يشكل اللاعبين B غالبية القوى العاملة في معظم الشركات. لنكون أوضح، لا يشعر معظم اللاعبين B بانعدام الأمان ويتخذون قرارات رهيبة عندما يتعلق الأمر بالتوظيف. علاوة على ذلك، فإن وجود العديد من اللاعبين A الطموحين يخلق ثقافة تنظيمية داروينية. من الناحية المثالية، يجب أن يوجد توازن بين الاثنين.

من الضروري أن ندرك أنه لا يوجد لاعبون A أو B أو C من دون وجود سياق. يكمن التحدي الذي يواجه جميع الشركات في خلق سياق يخرج فيه الأشخاص أفضل ما لديهم. فمع وجود فرص للتعلم يستطيع الأشخاص القيام بتحول ملحوظ. قد يتم تصنيف بعض الأشخاص ببساطة على أنهم لاعبين B كونهم يبحثون عن الاهتمام بشكل أقل من A، أو كونهم يخفون تفضيلاتهم للحصول على حياة متوازنة أكثر. ومن ثم بعض اللاعبين B و C يعملون في المهنة أو الشركة الخطأ. وقد تظهر موهبتهم في حال عملوا بمهنة أو شركة أخرى.

القتال كإجراء

يبقى السؤال كيف تتفادى الشركات الوقوع بدوامة بطيئة، بالنظر إلى كون نسبة كبيرة من المديرين سيكونوا لاعبين B، والعديد منهم غير مستعدين لتوظيف أشخاصاً أفضل. المخاطرة كبيرة، فبمجرد وجود العديد من الأشخاص العاديين في بيئة العمل، سيتدهور مناخها. ومع تراجع الكفاءة والإنتاجية، يشعر الأشخاص المتميزين بالتهميش لذا ينصرفون. بحلول الوقت ستتراجع الربحية أيضاً وسيقرع جرس الإنذار، وفي الغالب بعد فوات الأوان.

قد يكمن الابتعاد عن مصيدة الرتابة من خلال إعطاء اهتمام أكبر بالعمليات الديناميكية للتوظيف. في حال قمنا بتشبيه التوظيف بالمواعدة – يوجد العديد من القواسم المشتركة بين الاثنتين فكلاهما ينطوي على اتخاذ قرارات معقدة وخاطئة. فعند التوظيف أو المواعدة، يجب أن نتمكن من الاعتراف بوجود التحيزات اللاواعية. فاختيار المرشحين بناءً على الغريزة ليس بالأمر الكافي. ويجب وجود أكثر من ذلك لتتمكن من تحديد وتوظيف الأشخاص المناسبين.

نورد توصيات أخرى:

إجراء حوارات منظمة حول التحيزات اللاواعية والخطوات التي تساهم في التقليل من آثارها السلبية.

الحرص على وجود تنوع في اللجنة المسؤولة، من حيث العمر والجنس والعرق والخبرة والتعليم. فهذه الطريقة فعالة للتخفيف من التحيزات وتفادي الآراء الجماعية على أن يكون لأعضائها صوت حقيقي.

استخدم معايير محددة للوظيفة تحدد بوضوح المهارات والقدرات والخبرات المطلوبة لهذا المنصب.

يجب أن يكون بروتوكول التوظيف الموحد مكملاً للمقابلات غير المنظمة نوعاً ما، وأن يشمل على تقييم لثقافة المرشح ومدى ملاءمتها مع الشركة.

من الأفضل تأخير عملية التوظيف، على أن يتم اختيار مرشح أقل كفاءة، سيتطلب منه وقتاً طويلاً للوصول للمستوى المطلوب أو تدمير نفسه. ففي ظل غياب إجماع حول المرشح، من الأفضل مواصلة عملية البحث.

قال لي إياكوكا، أحد التنفيذيين السابقين في مجال تصنيع السيارات: "أوظف أشخاص أذكى مني ومن ثم أبعد نفسي عن طريقهم". يجب على مسؤولي التوظيف تبني هذا الأسلوب. قد يكون تخطى الشعور بالحسد وعدم الأمان أمراً ليس بالسهل، ولكنه يبقى الشيء الذكي الوحيد الذي يجب القيام به.

* مانفريد كيتس دي فريس، أستاذ متميز في تطوير مهارات القيادة والتغيير التنظيمي
https://knowledge-arabia.insead.edu

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق