مشكلة الصناعة الثقافية اليوم انها تعتمد على صناعة رقمية، وفتح ابواب الدول العربية ومنها العراق لهذه الصناعة دون طرح البديل المناسب والموضوعي، جعل شبابيك عقول الشباب تتلقف هذه ثقافة هذه الصناعة سلبا وايجابا، لكونها لا تمتلك أي بديل رادع أخلاقيا وعرفيا في مجتمع مثل العراق...
منذ إطلاق نموذج الحرب الناعمة من قبل الأمريكي جوزيف ناي، والأحاديث تدور في الندوات الفكرية عن أساليب مواجهة الغزو الثقافي، دون ان تطلق هذه الحوارات الفكرية مبادرات نوعية عن نماذج مبدعة للمواجهة والمحاكاة بالضد لتحصين الثقافة الذاتية للإنسان العراقي، في ندوة نظمها منتدى همم للحوار المعرفي تحدث الدكتور كامل القيم، أستاذ الصحافة في كلية الآداب/ جامعة بابل عن نموذج الحرب الناعمة وابعاده في العصر الحديث وفقا للاستخدام الأميركي والإسرائيلي، وتوقف عند شرح الأفكار، وتجاوز الأدوات المستخدمة والافتراضات المطلوبة للرد المقابل، والسؤال كيف يمكن للعراق دولة وشعبا الرد على نموذج الحرب الافتراضية وفقا لأدوات الحرب الناعمة؟؟
لابد هنا من التفريق بين أدوات خشنة، للحرب العسكرية، بوصفها الاستراتيجي الوسيلة الأخيرة امام القائد السياسي لإنفاذ قراراته على الغير عندما تعجز الوسائل الأخرى، ومنها وسائل الحصار الاقتصادي، لكن فرضيات توسيع الفجوة المعرفية بين الامس البعيد والغد القريب، ما يجعل العرب على حافات الجهل المعرفي، والاكتفاء باستخدام قشور التقنيات، وعلى سبيل المثال في محاضرة الدكتور القيم كان اغلب المشاركين يلتقطون الصور بكاميرات الموبايل، وهي تقنيات تتطور يوميا، فيما يجري الحديث عن أدوات الغزو الثقافي!
وهناك راي اخر، بان امتلاك ما متوفر من هذه التقانة لا يعني الرضوخ للغزو الثقافي المصاحب لها، والاكتفاء بحدود الاستفادة منها في الحياة اليومية، وهو راي فيه الكثير من الازدواجية الفكرية، لان المعرفة لا مقدسات فيها، ومن يريد ركوب قطار المعرفة عليه التعامل مع كامل دورتها الفكرية والتطبيقية، والا سيكون هناك فجوات ما بين حالة الرفض للأخر وبين اليات التعامل مع مخرجاته العلمية التي تعزز أدوات الغزو الثقافي للامة العربية والإسلامية على حد سواء.
مشكلة الصناعة الثقافية اليوم انها تعتمد على صناعة رقمية، وفتح ابواب الدول العربية ومنها العراق لهذه الصناعة دون طرح البديل المناسب والموضوعي، جعل شبابيك عقول الشباب تتلقف هذه ثقافة هذه الصناعة سلبا وايجابا، لكونها لا تمتلك أي بديل رادع أخلاقيا وعرفيا في مجتمع مثل العراق تعلو فيه موجه مفاسد المحاصصة، فكيف يمكن ان تطرح على هذا الجيل ثقافة التحصين الفكري وهو يفتقد للهوية الوطنية، ويكتفي بالهوية الفرعية التي قفزت الى أولوية يقاتل من اجلها، هكذا تحولت الطائفية السياسية الى حواضن مجتمعية تمول الإرهاب الفكري من مفاسد المحاصصة، مرة باسم داعش وأخرى باسم مختلف، لكن كلا الاتجاهين يصب في منفعة واحدة انها نتائج مطلوبة ومرغوبة للغزو الثقافي الإسرائيلي – الصهيوني، فكل تفجير إرهابي في العراق ، كل صفقة فساد سياسي ، تزيد من أرباح العدو وتعمق الشرخ الثقافي المعرفي في تعريف الهوية الوطنية للمواطن العراقي.
هناك من يطرح أفكارا عن انشاء مراكز بحثية تعالج الافساد الثقافي والتصدي لأدوات غزوات الحرب الناعمة، ولا اعتقد بان أي مركز دراسات مهما كانت النيات مخلصة في بلورة أدوات معرفية متجددة للمواجهة بقادر على ردم الفجوة كونها فجوة مجتمعية بنيوية وليست مستوردة من الخارج، والحلول تبقى وطنية عابرة للطائفية السياسية، ومعززة لهوية وطنية معترف بها من قبل الجميع، هل نستطيع ذلك؟؟ …. اشك ان القوى السياسية المتصدية للانتخابات المقبلة قادرة على إيجاد القاعدة المجتمعية المفترضة للمواجهة الا تحت مسميات طائفية وهو عين النجاح لمشروع الغزو الناعم ولله في خلقه شؤون!.
اضف تعليق