اثارت الوثائق المسربة والتي عرفت بأوراق بنما ضجة كبيرة على مستوى العالم لحجم الملفات الكبيرة التي تم كشفها من قبل "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين" بالتعاون مع 108 صحيفة ووسيلة إعلام دولية، لتحليل اكثر من 11 مليون وثيقة تتعلق بفضائح لبعض رؤساء العالم ورجال اعمال ونجوم الرياضة.
وسائل الاعلام العربية التي وعلى ما يبدو انها اجبرت على تغطية الحدث لكنها حاولت "لي رقبة" تلك الوثائق وابعاد الشبهات التي كشفت عن حجم الفساد لدى الانظمة العربية الحاكمة وخاصة في دول الخليج، إذ كشفت عن قيام بعض الحكام باخفاء ثرواتهم فيما يعرف بالملاذات الضريبية مثل رئيس دولة الامارات خليفة بن زايد آل نهيان والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وامير قطر السابق.
الصحف السعودية والاماراتية والقطرية لم تتناول الموضوع في مقالات الرأي اما القضايا التي تم تناولها خبرياً فركزت على أسرة الرئيس الصيني شين جين بينغ وغيره من القادة الصينيين، وبوتين وحاشيته والدول الأوروبية.
ووصل الامر ببعض الكتاب الى القول بعدم مشروعية كشف هذه الوثائق إذ يقول الكاتب سلطان فيصل الرمثي في صحيفة الامارات اليوم "ظهرت بالأمس ما يسمى (وثائق بنما)، التي تتحدث هي الأخرى عن أسرار تتعلق بشركات وهمية، وكما جرت العادة تداولت المواقع الإعلامية على الإنترنت عناوين مثيرة، مثل تسريبات جديدة، والجهة المصدّرة لهذه الوثائق تدعي بأنها تفضح السلوكيات الخاطئة، حجم الوثائق بالملايين يجعلنا نتساءل: هل نشر هذه الوثائق ممارسة أخلاقية جديرة بالاحترام؟، ألسنا نحن كأفراد من يحارب ويرفض جرائم الابتزاز الإلكتروني التي تهدد بنشر خصوصيات الناس؟، كما تطرق الكاتب في مقاله عن وجود مؤامرة لاثارة الفوضى في منطقة الشرق الاوسط ويضيف "إن كانت تلك الجماعات تهتم لأمر الناس في الشرق الأوسط فلماذا لا تنشر التراكيب الكيماوية للأدوية الجديدة، لتتمكن مصانع الأدوية في المنطقة من صناعتها وبيعها بأسعار زهيدة للمرضى المعوزين؟، حقيقة الأمر كله لا تتعدى إثارة للرأي العام، بهدف نشر الفوضى، وشغل عقول الناس بالتفاهات".
الصحف اللبنانية استثمرت الحادثة للتذكير بالوضع المتأزم في البلاد إذ قال الصحفي نبيل بو منصف في مقال له بصحيفة النهار "أن السذج وحدهم يتوقعون من اللبنانيين أن يحتفلوا بانكشاف (أوراق بناما) فيما تذبل وتحرق (أوراق بيروت) يوما بيوم وساعة بساعة أمام فضيحة تلو الأخرى كأن الامر من (ريتم) روتيني تقليدي لا ينفصل عما يدأب اللبنانيون على سماعه ومعاينته كل يوم ولا يحدث أي تغيير" ويضيف ليتحدث عن غياب العدالة في لبنان "ولا ترانا ايضا في حاجة في معاينة أسباب البرودة اللبنانية امام حدث صحافي وسياسي عالمي بهذا الحجم ما دام اللبنانيون مفطورين على (تقاليد) غالبا ما تدفن معها العدالة ويجري التآمر عليها وعلى الحقوق فترى الموقوف في جرائم موصوفة حرا بعد ساعات من توقيفه".
وتحدثت الكاتبة سباين سايس في صحيفة النهار ايضا في مقالها عن اجندة سياسية تقف خلف هذه التسريبات الكبيرة فبحسب رأيها "أيا تكن الجهة التي تقف وراء تسريب وثائق بناما، فهي فعلت ذلك في إطار أجندة سياسية واضحة المعالم، تضرب في استهدافاتها أكثر من عصفور بحجر واحد".
وفي جريدة السفير استغرب الكاتب منير الخطيب عن حجم الفساد الذي تم كشفه في دول الخليج وبحسب رأيه فان الأرقام الواردة باسم الملك السعودي وغيرة قليلة جدا بالمقارنة مع حجم فسادهم متسائلاً "هل يُعقل أن تكون مساهمة الملك سلمان نحو ستة وعشرين مليون دولار فقط، أو بضعة ملايين لأمير قطر السابق، أو إدارة يخت لوزير خارجيته قيمته ثلاثمئة مليون دولار؟، هذه أرقام مخجلة، ولا تليق بصغار اللصوص، فكيف إذا كانوا برتبة رئيس أو أمير أو ملك؟".
وركزت الصحف المصرية على قضية فساد عائلة الرئيس الاسبق حسني مبارك فقد اعتبر وائل السمري في صحيفة اليوم السابع ان ما كشف عن فساد علاء مبارك امر غير جديد متسائلا: "هل ما تم الكشف عنه من وثائق تؤكد إخفاء علاء مبارك لأمواله فى شركات "أوف شور"جديد؟ وهل جهات التحقيق فى مصر لا تعلم شيئا عن هذه الأموال؟ وهل سبق سؤاله عنها أم لا؟".
اما صحیفة القدس العربي فلم تبتعد كثيرا عن الخطاب الخليجي الذي ركز عن شخصيات روسية وصينية ورياضية كما تحدثت عن عالمية الوثائق وحجمها الكبير مؤكدة ان " العملية الضخمة التي كشفتها صحيفة (زودويتشه زايتونغ) وشارك في التحقيق فيها 370 صحافياً استقصائياً من أنحاء العالم تعتبر الأكبر في التاريخ وهي إنجاز هائل للصحافة في دورها بكشف الفساد ومواجهته، وهي ستدفع كبار الأغنياء وطغاة العالم الكبار والفاسدين والمجرمين للتفكير كثيراً في مصاعب الهروب بأموالهم المنهوبة وإمكان كشفهم ومحاسبتهم".
اضف تعليق