بعد أن صوّت البرلمان البريطاني الثلاثاء 16 يناير/كانون الثاني بغالبية ساحقة ضد الاتفاق بشأن بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، بات أمام ماي أو من يخلفها في منصبها سيناريوهات محدودة للمناورة من أجل التوصل إلى اتفاق لتنظيم خروج بريطانيا من التكتّل الأوروبي...
لم يتبق الكثير من الخيارات أمام رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أو من يخلفها في منصبها للخروج من مأزق بريكست بعد رفض البرلمان لاتفاق ماي مع الاتحاد الأوروبي. فما هي هذه السيناريوهات؟
بعد أن صوّت البرلمان البريطاني الثلاثاء (16 يناير/كانون الثاني) بغالبية ساحقة ضد الاتفاق بشأن بريكست الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، بات أمام ماي أو من يخلفها في منصبها سيناريوهات محدودة للمناورة من أجل التوصل إلى اتفاق لتنظيم خروج بريطانيا من التكتّل الأوروبي الذي انضّمت إليه قبل خمسة عقود.
وحذّر الاتحاد الأوروبي من أن التصويت الذي يغرق بريطانيا في المجهول يفاقم مخاطر خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
رغم أن ماي خاطبت النواب قبيل التصويت قائلة إن الواجب يفرض عليهم تطبيق ما صوت من أجله البريطانيون في استفتاء 2016، إلا أن بريطانيا وقبل نحو شهرين من موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس لا تزال منقسمة بشدة بشأن ما يجب أن يحدث لاحقاً، وسيكون على ماي الآن أن تقرر ما إذا كانت ستطلب تصويتاً جديداً أو التعرّض للإقالة أو تأخير بريكست أو ما إذا كان بريكست سيحصل فعلاً. وإذا ما حصل، فبأي شكل وأي خسائر ومكاسب؟
فيما يلي سيناريوهات ما قد تحدث بعد رفض البرلمان البريطاني اتفاق ماي مع الاتحاد الأوروبي:
السيناريو الأول: انتخابات جديدة
بعد الرفض الكبير من جانب النواب لاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن الثلاثاء مذكرة لحجب الثقة عن حكومة تيريزا ماي المحافظة.
ويرى مراقبون أن مبادرته لا تواجه حظوظاً كبرى في النجاح، لأن حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي وحليفه الحزب الصغير المحافظ في إيرلندا الشمالية، الحزب الوحدوي الديموقراطي، لا يرغبان في أن يحل محلهم حزب العمال في قيادة البلاد.
لكن صحيفة "ديلي ميل" المحافظة المؤيدة لبريكست اعتبرت أن مصير ماي بات "معلقاً بخيط". كما رأى كاتب الافتتاحية في صحيفة "تايمز" ماثيو باريس أنه آن الأوان لكي يتولى البرلمانيون المعارضون ملف بريكست. وكتب: "ليس هناك أي قيادة، لا داخل الحكومة ولا في المعارضة قادرة على مساعدتنا على الخروج من هذا المستنقع".
السيناريو الثاني: إعادة التصويت
يمكن لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التقدم بطلب لتصويت جديد بعد أن تطالب الاتحاد الأوروبي ببعض التنازلات لكن ذلك لا يضمن سوى فرصة ضئيلة للنجاح.
فمن جانبه أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير بالقول: "لا يمكن إعادة التفاوض بشكل أساسي بشأن الصفقة التي توصلت إليها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "لكن إذا اقترحت الحكومة البريطانية شيئاً جديداً فلابد من مناقشته داخل الاتحاد الأوروبي، ومعرفة ما يعنيه ذلك لنا..".
كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشككه في أن الاتحاد الأوروبي سيعيد التفاوض بشأن اتفاق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لخروج بلادها من التكتل. وطلب الرئيس الفرنسي من القادة البريطانيين البحث عن مخرج للأزمة بأنفسهم وتمنى لهم "حظاً سعيداً" في إيجاد طريقة للخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس.
وقال ماكرون: "ربما نجري تحسينات على مسألة أو اثنتين، ولكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث حقاً لأننا بذلنا ما في وسعنا فيما يمكن أن نفعله بشأن الاتفاق".
السيناريو الثالث: رفض بريكست
يمكن لبريطانيا أن تقطع مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي ببساطة، لكن ذلك ليس وارداً في قناعة البريطانيين الذين صوتوا لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي بعد أن وافق 17.4 مليون بريطاني أي 51.9 في المئة من المشاركين في الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 23 حزيران/ يونيو 2016.
السيناريو الرابع: إعادة التصويت على بريكست
يعد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من أبرز الداعين لإجراء استفتاء ثانٍ بشأن خروج بريطانيا من عدمه. لكن في مواجهة الدعوات لإجراء هذا الاستفتاء الآخر لحل المأزق، قالت ماي إن هذا من شأنه أن يشكل خيانة لنتيجة استفتاء 2016 ويقوض ثقة الناس بالسياسة.
وأثارت هذه القضية مواجهة علنية غير عادية في وقت سابق بين ماي ورئيس الوزراء الأسبق توني بلير، أحد الداعمين الرئيسيين لاستمرار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. فقد اتهمت رئيسة الوزراء بلير بإهانة الناخبين ومحاولة تقويض حكومتها من خلال بعد أن قام بلقاء مسؤولين أوروبيين في بروكسل.
بدوره، اتهمها بلير بأنها "غير مسؤولة"، لكن المطالبين باستفتاء آخر قالوا إن تصريحات ماي تظهر أن الفكرة تؤخذ على محمل الجد. فقد قالت مارغريت بيكيت، النائبة عن حزب العمال المعارض الرئيسي والمؤيدة للاستفتاء: "سيكون التصويت العام الجديد مختلفاً عن استفتاء عام 2016 لأننا نعرف الآن المزيد حول معنى بريكست.
ويدعم عشرات النواب من جميع الأحزاب استفتاء ثانياً، وهناك تقارير تفيد بأن المسؤولين يدرسون إمكان منح الرأي العام فرصة للتصويت.
السيناريو الخامس: النموذج النرويجي
يمكن لبريطانيا أن تعتمد النموذج النرويجي في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، أي أن تبقي على التزامها بدفع المستحقات المالية وتطبق الكثير من الاتفاقات الأوروبية لكنها غير معنية بالتصويت.
وفي هذا السياق سبق لوزيرة العمل والمعاشات البريطانية آمبر رود أن قالت إنه إذا رفض نواب البرلمان اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإنه يمكن إعداد ما يسمى بـ "نموذج النرويج المعدل". ويعني هذا النموذج البقاء في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي. والنرويج ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، لكنها ترتبط بشكل وثيق مع التكتل من خلال عضويتها في المنطقة الاقتصادية الأوروبية.
السيناريو السادس: عدم التوصل إلى اتفاق
إذا لم تتوصل تيريزا ماي التوصل إلى اتفاق داخلي بشأن اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي حتى 29 آذار/ مارس المقبل، فإن ذلك سيعني وقف تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بين ليلة وضحاها، ما يهدد بحدوث عواقب فوضوية بالنسبة للاقتصاد والكثير من قطاعات الحياة الأخرى.
وفي هذا السياق حذر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير من عواقب الخروج البريطاني غير المنظم من الاتحاد الأوروبي قائلاً: "سيخسر الجميع في أوروبا.. وخاصة البريطانيين، في حالة خروجهم بشكل غير منظم من الاتحاد الأوروبي".
وتوقع الوزير الألماني العضو بالحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل بأن يؤدي مثل هذا الخروج لعواقب وخيمة سواء بالنسبة لمستوى الرخاء أو فرص العمل في بريطانيا، "(...) لكن هذا الخروج لن يمر بلا أثر على الاتحاد الأوروبي أيضاً".
اضف تعليق