شنّ عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة وعضو اللجنة المركزيّة لحركة \"فتح\" عزّام الأحمد هجوماً على إيران في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، متّهماً إيّاها بتمويل الانقسام الفلسطينيّ من خلال دفع الأموال لحركة \"حماس\" في قطاع غزّة. ويأتي هجوم عزّام الأحمد على إيران، في اليوم نفسه...
بقلم أحمد ملحم

رام الله، الضفّة الغربيّة - عادت العلاقة السلبيّة بين السلطة الفلسطينيّة وإيران للتأزّم من جديد، عقب اتّهام القياديّ عزّام الأحمد إيران بتمويل الانقسام الفلسطينيّ، بسبب تبنّي إيران شهداء وجرحى مسيرات العودة في غزّة ماليّاً وعلاجيّا.

شنّ عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة وعضو اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" عزّام الأحمد هجوماً على إيران في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، متّهماً إيّاها بتمويل الانقسام الفلسطينيّ من خلال دفع الأموال لحركة "حماس" في قطاع غزّة. ويأتي هجوم عزّام الأحمد على إيران، في اليوم نفسه (27 تشرين الثاني/نوفمبر)، الذي أعلنت فيه (إيران) في البيان الختاميّ لمؤتمر الوحدة الإسلاميّة الذي استضافته، تبنّيها لعوائل شهداء وجرحى مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزّة، في حين أكّد عضو الهيئة التنسيقيّة لمسيرات العودة حسين منصور في بيان صحافيّ أنّ التبنّي سيكون ماليّاً وعلاجيّاً.

وقال الأحمد في برنامج "ملف اليوم"، الذي يبثّ على تلفزيون فلسطين (رسميّ)، تعقيباً على تبنّي إيران شهداء وجرحى مسيرات العودة في غزّة: "لو كانت إيران صادقة في نواياها، لكانت تبنّت كلّ شهداء الثورة الفلسطينيّة، لكنّها لم تتبن شهيداً واحداً في القدس، بينما تبنّت شهداء غزّة لتضمن استمرار الانقسام، حتّى تستخدمه ورقة للمناورة السياسيّة". وجاءت تصريحات الأحمد بعد فشل جولة المصالحة الأخيرة بين حركتيّ "فتح"و"حماس" في القاهرة برعاية المخابرات المصريّة بـ26 تشرين الثاني/نوفمبر.

ولم يتأخّر الردّ الايرانيّ على الأحمد، إذ استنكر مستشار وزارة الخارجيّة الإيرانيّة حسين شيخ الإسلام في تصريحات لصحيفة "الرسالة" المقرّبة من "حماس" الهجوم على طهران، لافتاً إلى أنّ "قرار التبنّي صدر نتيجة توصية تقدّمت بها لجنة العودة والمقاومة، وهي إحدى لجان مؤتمر الوحدة الإسلاميّة"، مشيراً إلى أنّ "إيران تتبنّى حاليّاً أسر 500 شهيد"، وقال: "نحن نرسل الأموال عبر طرق نطمئنّ إليها ونثق بأنّها ستصل إلى مستحقّيها، لا نفضّل أن نرسلها عبر طرق لن توصلها إليهم"، في إشارة إلى السلطة الفلسطينيّة.

ومن المرجّح أن تستمرّ العلاقة السلبيّة بين السلطة الفلسطينيّة وإيران، إذ قال الناطق باسم حركة "فتح" عاطف أبو سيف لـ"المونيتور": إنّ موقفنا من إيران ينطلق من مرتكزات عدّة، أهمّها "رفضنا التدخّل الخارجيّ في القرار السياسيّ الفلسطينيّ، وهو الأمر الذي تمارسه إيران من خلال دعم حماس".

أضاف: "أيّ دعم خارجيّ يأتي بطريقة جانبيّة، وليس عن طريق السلطة، يسبّب ويعزّز الانقسام ويسهم في تحويل قطاع غزّة إلى كيان مستقلّ".

وعاب عاطف أبو سيف تخصيص إيران المساعدات لقطاع غزّة من دون الضفّة الغربيّة، قائلاً: "هناك شهداء في الضفّة والقدس لم يتمّ دعمهم، وتخصيص الدعم لقطاع غزّة هو جزء من التمييز في النضال، وهذا أمر مرفوض، لأنّ ذلك يعني أنّ جهات خارجيّة تحدّد ما هي جهات النضال الفلسطينيّ وأشكاله".

وأكّد أنّ إيران تحاول إقامة علاقات في الساحة الفلسطينيّة، بعيداً عن القيادة الفلسطينيّة، فهي تشترك مع حماس في أنّهما جزء من الإسلام السياسيّ، وقال: "إنّ المشكلة تكمن في سعي إيران إلى تجاوز العلاقات الرسميّة مع فلسطين".

ولطالما اتّهمت السلطة الفلسطينيّة إيران بتعميق الانقسام من خلال تمويل "حماس" ودعمها، أو تقديم دعم أو تبرّعات إلى الفلسطينيّين من دون التشاور معها، كان أبرزها إعلان السفير الإيرانيّ في لبنان محمّد فتحعلي في 24 شباط/فبراير من عام 2016 تقديم الدعم الماليّ إلى انتفاضة الأقصى التي شهدتها الضفّة الغربيّة بتقديم مساهمة ماليّة إلى كلّ عائلة شهيد في القدس بـ7 آلاف دولار وتقديم 30 ألف دولار إلى كلّ أسرة هدّمت إسرائيل منزلها.

وأشعل هذا الإعلان تراشقاً إعلاميّاً بين الطرفين آنذاك، حيث قال شيخ الإسلام: إنّ إيران ستدخل الأموال عبر طرقها الخاصّة، ليردّ عليه بعد ذلك الناطق باسم الرئاسة الفلسطينيّة نبيل أبو ردينة بالقول: يشكّل هذا تجاوزاً للشرعيّة الفلسطينيّة، وخرقاً لكلّ القوانين بما فيها القانون الدوليّ، وتدخّلاً مرفوضاً في الشؤون الداخليّة الفلسطينيّة والعربيّة.

ولا يمكن النظر إلى العلاقة المتوتّرة بين السلطة الفلسطينيّة وإيران، بمعزل عن علاقة دول الإقليم مع الأطراف الفلسطينيّة، إذ نجد أنّ المملكة العربيّة السعوديّة أغلقت أمام "حماس" أيّ باب لتقارب العلاقات معها بسبب علاقتها مع إيران، في حين تحرص السلطة الفلسطينيّة على بقاء العلاقة جيّدة مع السعوديّة.

الحرص الذي تبديه السلطة على عدم إغضاب السعوديّة في الكثير من القضايا كاغتيال الصحافيّ جمال خاشقجي في القنصليّة السعوديّة بتركيا، وعدم إدانة حرب السعوديّة في اليمن، وإبداء السلطة ثقتها في السعوديّة، كلّ ذلك لا يمكن عدم ربطه بما تتلقّاه من دعم ماليّ من السعوديّة، كان آخره تحويل 60 مليون دولار لموازنة السلطة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر.

من جهته، قال مدير "المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجيّة – مسارات" هاني المصري لـ"المونيتور": على الفلسطينيّين عدم الانحياز لأيّ من محاور الإقليم، لأنّ المطلوب الحصول على تأييد كلّ الدول العربيّة والإقليم لصالح قضيّتنا.

أضاف: "رغم أنّ القيادة الفلسطينيّة تميل للوقوف إلى محور السعوديّة، لكنّها لا تقطع خيط العلاقة مع إيران. وعلى الفلسطينيّين أن يدركوا أنّ إيران ليست عدوّة، وهذا أمر مهمّ ونتقاطع معها، ولكنّها في الوقت نفسها لا تحمل مشروعاً عربيّاً".

ولفت إلى أهميّة تقوية العلاقات الفلسطينيّة مع دول الإقليم بما يخدم القضيّة الفلسطينيّة، ومنها إيران والسعوديّة، من دون أن يمس ذلك باستقلاليّة القرار السياسيّ الفلسطينيّ.

أمّا أستاذ العلاقات الدوليّة في جامعة بيرزيت أحمد جميل عزم، فأشار في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ توتّر العلاقة بين السلطة الفلسطينيّة وحركة "فتح" وإيران أمر غير جديد، لقناعتهما بوجود تيّار يرفض المصالحة داخل "حماس" يتلقّى دعماً إيرانيّاً، وقال: "إنّ العلاقة السلبيّة مع إيران تعود إلى أنّ الدول التي تدعم حماس لديها خطوط مفتوحة مع رئاسة السلطة الفلسطينيّة، لكنّ إيران لا تبذل جهداً لفتح تلك الخطوط".

وأخيراً، يبدو أنّ علاقة السلطة وإيران السلبيّة ستستمرّ في الفترة المقبلة، نظراً لانعدام أيّ مؤشّرات على تحسّنها، خصوصاً في ظلّ تحسّن علاقة إيران مع حركة "حماس" ودعمها، الأمر الذي تعتبره السلطة سبباً أساسيّاً في فشل المصالحة وتمسّك "حماس" بحكم قطاع غزة.

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق