يواجه رئيس الحكومة المكلّف محمّد توفيق علّاوي ضغوطاً كبيرة، على المستويين الشعبيّ والسياسيّ، وهو ما يطرح تساؤلات عدّة حول إمكان استمراره في المهمّة التي أوكلت إليه. يواجه تحديا كبيرا في الحصول على ثقة المحتجين، بالإضافة إلى ضغوط مستمرة من القوى السياسية التقليدية في البلاد للالتزام بشروطهم...
بقلم: مصطفى سعدون
يواجه رئيس الحكومة المكلّف محمّد توفيق علّاوي ضغوطاً كبيرة، على المستويين الشعبيّ والسياسيّ، وهو ما يطرح تساؤلات عدّة حول إمكان استمراره في المهمّة التي أوكلت إليه.
أمام رئيس الوزراء العراقي المكلف حديثا محمد توفيق علاوي مهمة صعبة في سعيه لتشكيل حكومة جديدة. إنه يواجه تحديا كبيرا في الحصول على ثقة المحتجين، بالإضافة إلى ضغوط مستمرة من القوى السياسية التقليدية في البلاد للالتزام بشروطهم.
لمّح المرجع الشيعيّ الأعلى في العراق علي السيستاني خلال خطبة الجمعة التي ألقاها وكيله أحمد الصافي في 7 شباط/فبراير الحاليّ، إلى عدم رضاه على تكليف محمّد توفيق علّاوي بتشكيل الحكومة الانتقاليّة في العراق، وقال: "إنّ الحكومة الجديدة يجب أن تكون جديرة بثقة الشعب وقادرة على تهدئة الأوضاع واستعادة هيبة الدولة"، وهذا الموقف يأتي في وقت يواجه علّاوي رفضاً شعبيّاً كبيراً.
وقبل خطاب المرجعيّة بيوم واحد، هدّد علّاوي بعدم استمراره في المهمّة التي كلّف بها إذا ما استمرّت الاعتداءات على المحتجّين، ويأتي ذلك تزامناً مع اعتداءات حدثت في محافظة النجف قامت بها مجموعة القبعّات الزرق التابعة إلى زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر الذي يعتبر العمود الفقريّ لصفقة وصول علّاوي إلى هذه المهمّة.
قال كبير الباحثين في المركز الإقليميّ في الجامعة الأميركيّة في السليمانيّة رحمن الجبّوري لـ"المونيتور": "إنّ المهمّة أمام علّاوي صعبة جدّاً، فعمليّة تشكيل حكومة مستقلّة وسط هذا الضغط الهائل من الشارع ومن الأحزاب السياسيّة التي تدعمه في العلن وتضغط عليه في السرّ، ستكون شبه مستحيلة".
وأضاف: "هناك حرب إقليميّة مستعرة داخل العراق بين الغرب الذي يريد تفتيت هيمنة إيران على العراق وإيران التي تريد ابتلاع كلّ العراق، لذا لا أعتقد أنّه سينجح في تجاوز منح الثقة، وإن صفّ مع القوى التقليديّة، سيجد نفسه في مواجهة الشارع من دون غطاء".
يعتبر علّاوي رئيس الحكومة العراقيّة الذي يرفضه الشارع قبل أن يتمّ تكليفه برئاسة الحكومة، عندما رفعت صوره في ساحة التحرير الشهيرة وسط بغداد وساحات الاحتجاج الأخرى في محافظات الوسط والجنوب، وهذا ما لم يحدث سابقاً مع أسلافه.
هتف المحتجّون ووضعوا علامة الـ(x) على صوره في الساحات منذ أكثر من شهرين، ويؤشّر ذلك إلى رفض كبير يواجهه علّاوي على المستوى الشعبيّ، وهذا تحدٍّ لم يواجهه أيّ مسؤول في الدولة العراقيّة سابقاً.
قال نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد شرق غرب ومقرّه بروكسل كاوه حسن خلال مقابلة مع "المونيتور": "إنّ علّاوي سيكون في مأزق كبير، وفي حال قرّر الحصول على دعم من كلّ الكتل الكبيرة، فإنّ هذا معناه أنّه سيخضع إلى شروطها، وبالتالي نعود إلى المحاصصة التي تعتبر المشكلة الأساسيّة في النظام السياسيّ الحاليّ".
وأضاف: "احتمال عدم تمكّنه من تشكيل الحكومة موجود جدّاً، فوضعه مهدّد، خصوصاً وأنّ الاعتداءات على المحتجّين ما زالت مستمرّة".
لم يسلم علّاوي من تهديد الكتل السياسيّة بعدم التصويت على كابينته الحكوميّة، ففي 5 شباط/فبراير الحاليّ، هدّد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعّمه نوري المالكي ويمتلك 25 مقعداً في مجلس النوّاب بعدم التصويت على منح الثقة لعلّاوي، "في حال جاء بكابينة حكوميّة مفروضة عليه من قبل الأحزاب السياسيّة"، وفقاً لبيان صحافيّ صادر عن النائب في الائتلاف علي البعيجي.
يواجه علّاوي ضغوطاً كبيرة من قبل الكتل السياسيّة، وفقاً لكفاح محمّد، وهو مستشار زعيم الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ مسعود بارزاني، الذي قال في تغريدة له على حسابه على "تويتر" في 4 شباط/فبراير الحاليّ: "تأكّدوا، إذا ما اعتذر علّاوي عن تكليفه بتشكيل الحكومة، فإنّ السبب لن يكون المتظاهرين، بل ضغوط الأحزاب على حصصها في الوزارات والمناصب".
قال رئيس المجلس الإستشاريّ العراقيّ فرهاد علاء الدين خلال مقابلة مع "المونيتور": "أمام علّاوي مفاوضات شاقّة وصعبة مع القوى السياسيّة، حيث إنّها تريد استحقاقاتها الانتخابيّة وتمثيل مكوّناتها، وهذا قد يتعارض مع ما طرحه في برنامجه الحكوميّ".
وأضاف: "ما يشاع حول اعتذاره عن التكليف غير صحيح وليس وارداً في الوقت الحاليّ كون القوى الأساسيّة داعمة له إلى حدّ اللحظة، ولكنّه قال إنّه سوف يعتذر عن التكليف في حالة فرض الإرادات".
إنّ تكليف علّاوي جاء مخالفاً للمواصفات التي وضعها المحتجّون في العراق، خصوصاً في ما يتعلّق بعدم تسلّمه أيّ منصب سابق، وألّا يكون من حملة جنسيّة غير الجنسيّة العراقية، وألّا يكون منتمياً إلى أيّ حزب، وهذه كلّها لا تنطبق على علّاوي الذي كان وزيراً للاتّصالات في حكومتي نوري المالكي بين عامي 2006 و2014، كما أنّه يحمل جنسيّة غير الجنسيّة العراقيّة.
وضع علّاوي ما زال مهدّداً، وقد لا يكمل المهمّة التي كلّف بها، ومن الممكن أن تتبرّأ الكتل السياسيّة منه في أيّ لحظة، فهو لم يأت بترشيح من الكتلة البرلمانيّة الأكبر، ولم يأت بدعم من الشارع، ومجيئه يشبه مجيء سلفه عادل عبد المهدي الذي وصل بصفقة بين تحالفي الفتح بزعامة هادي العامري وسائرون الذي يقوده نوري المالكي.
ويرى مستشار المركز العراقيّ للدراسات الاستراتيجيّة يحيى الكبيسي خلال مقابلة مع "المونيتور": "ما زالت غير واضحة طبيعة الكتلة التي تدعم علّاوي حتّى اللحظة، فباستثناء موقف تحالف سائرون المعلن والصريح (54 نائباً)، ليس هناك إعلان صريح من كتلة الفتح أنّها تدعمه بكامل مكوّناتها (48 نائباً)، وهذا يعني عمليّاً أنّ لا أحد يعرف على وجه الدقّة ما حجم الكتلة الداعمة له عدديّاً".
وبدوره، قال أستاذ الأمن الوطنيّ في جامعة النهرين في العراق حسين علّاوي لـ"المونيتور": "إنّ رفض أغلب الشعب العراقيّ والمحتجّين الشباب تكليف محمّد توفيق علّاوي سيجعل القوى السياسيّة غير متمسّكة بتكليفه لتشكيل الحكومة".
على الأغلب، لن ينجح علّاوي في تشكيل حكومته، وفي حال شكّلها، فإنّها ستكون حكومة ناقصة أو مرفوضة من قبل الشارع والمرجع الشيعيّ الأعلى السيستاني. فكلّ المؤشّرات المتوافرة تشير إلى أنّه سيخسر طرف ما، القوى السياسيّة أو الشارع، وفي الحالتين، فإنّه سيكون في مواجهة قد يعتذر على إثرها.
اضف تعليق