أن تُعزى حريّة تصرّف جيش الدفاع الإسرائيلي ضدّ إيران إلى حقيقة أنّ طهران تعلّق جميع تحرّكاتها حتّى تاريخ 12 أيار/مايو الذي من المزمع أن يقرّر فيه الرئيس دونالد ترامب مصير الاتّفاق النووي الإيراني. وآخر ما يحتاجه الآن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقائد فيلق

يتوقّع رئيس الوزراء الإسرائيلي تحقيق مآرب سياسيّة نتيجة الكشف عن "سرّ معروف" عن برنامج إيران النووي السابق.

سيقرّر الرّئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع ما إذا كانت الولايات المتّحدة ستبقى في خطّة العمل المشتركة الشّاملة، المعروفة أيضًا بالاتّفاق النووي الإيراني، أم ستنسحب منها.

في 30 نيسان/أبريل، عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ينتظر المهلة النهائيّة لقرار ترامب في 12 أيار/مايو، ثلاثيّته السياسيّة الخاصّة، الموجّهة نحو احتمال التصعيد مع إيران.

أوّلاً، دمّرت مقاتلات إسرائيليّة من طراز أف-15 مخبأ يحتوي على 200 صاروخ إيراني الصّنع في سوريا، ما أسفر ربّما عن مقتل عشرات الإيرانيّين. ثانيًا، وافق الكنيست على اقتراح يتيح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع إعلان الحرب في الظروف القصوى. وثالثًا، أعلن نتنياهو عن حصول عملاء الموساد في إيران على عدد هائل من الوثائق النوويّة الإيرانيّة التي تقدّم تفاصيل إضافيّة عن برنامج إيران النووي السري قبل خطّة العمل المشتركة الشّاملة.

تفيد مزال المعلم بأنّ "السّؤال عن سبب استعجال نتنياهو الآن إلى الدفع قدمًا بقانون يمنحه قوّة هائلة ويضعف في الوقت عينه مجلس وزراء الأمن الدبلوماسي الإسرائيلي في قرار أساسي يتمحور حول إعلان الحرب، لم يخضع لنقاش عام معمّق وجدّي. وبطبيعة الحال، طغت عليه دراما الخطاب الذي ألقاه نتنياهو".

كتب بن كاسبيت أنّ "نتنياهو بدا كعريس في يوم زفافه. وكانت تصرّفاته أشبه بتصرّفات أحد مسؤولي أبل التنفيذيّين أثناء تقديمه أحدث نسخة من الآيفون للعالم، وليس كمن يكشف عن أحلك أسرار برنامج إيران النووي. كان ذلك ظاهريًا يومًا مثمرًا آخر لقادة إسرائيل وقوّاتهم الأمنيّة، لكن في الواقع، كان كلّ من إسرائيل وإيران يواصلان رقصة التانغو المميتة على فوهة البركان الشرق الأوسطي".

كتب عقيفة ايلدار أنّ "إحدى الإجابات المخيفة" التي تبرّر تحرّكات رئيس الوزراء "هي أنّ نتنياهو يتوسّع في الملفّات الإيرانيّة لتحويل الانتباه عن تحقيقات الشرطة التي تورّطه وزوجته".

وربّما أدّى كشف نتنياهو العلني عن الوثائق إلى تقويض عمليّات الموساد المستقبليّة داخل إيران. كتب يوسي بيلين أنّ "هذا الإفشاء، بحسب ما أكّده مسؤول سابق رفيع جدًا في الموساد تحدّث إلى المونيتور شرط عدم الكشف عن هويّته، قد يفرض ثمنًا باهظًا على الوكالة، لأنّ الإيرانيّين سيسعون إلى وضع حدّ للتسريب سريعًا، ولأنّه قد يشكّل خطرًا على العملاء والعمليّات التنفيذيّة".

ويضيف بيلين بقوله إنّ "خطأ نتنياهو تمثّل بإفشائه سرًا معروفًا. يدّعي الإيرانيّون منذ سنوات أنّهم لا يعتزمون تطوير أسلحة نوويّة، وأنّهم كانوا شخصيًا ضحايا الأسلحة غير التقليديّة (في إشارة إلى الحرب الكيميائيّة التي شنّها ضدّهم الرّئيس العراقي صدام حسين في ثمانينيّات القرن الماضي) وأنّ هكذا أسلحة تناقض سراط الإسلام. وهم يؤكّدون أيضًا أنّ الشاه هو من بدأ بتطوير قدرة إيران النوويّة قبل الثورة الإسلاميّة في العام 1979، وهو فعل ذلك بمساعدة أميركيّة بهدف تطوير طاقة نوويّة لأهداف سلميّة. والحقيقة هي أنّ إيران بدأت فعلاً بتطوير أسلحة ذرية، على الأرجح ضدّ صدام بشكل أساسي، وضدّ الجميع في وقت لاحق، وحاولت أن تخدع العالم بأسره".

يسود أيضًا شعور بأنّ الصراع بين إيران وإسرائيل، الذي كان بالفعل يغلي ببطء، على وشك الاحتدام. كتب كاسبيت، "يمكن أيضًا أن تُعزى حريّة تصرّف جيش الدفاع الإسرائيلي ضدّ إيران إلى حقيقة أنّ طهران تعلّق جميع تحرّكاتها حتّى تاريخ 12 أيار/مايو الذي من المزمع أن يقرّر فيه الرئيس دونالد ترامب مصير الاتّفاق النووي الإيراني. وآخر ما يحتاجه الآن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني هو حرب كبيرة في الشرق الأوسط ضدّ إسرائيل. ولهذا السبب تسمح إسرائيل لنفسها بشدّ الحبل ورفع العتبة بشكل شبه يومي".

وفي إيران، كتب سعيد الجعفري أنّ "مجموعة الوعود التي نكثت بها الولايات المتّحدة، وهجمات إسرائيل على سوريا والضربات الصّاروخيّة الأميركيّة-الفرنسيّة-البريطانيّة المشتركة ساهمت كلّها في ظهور آراء سلبيّة للغاية في صفوف النخب السّياسيّة الإيرانيّة حول فرص عقد أيّ نوع من المفاوضات مع الغرب بشأن برنامج البلاد الصاروخي. ومع أنّ وجهة النظر هذه يتشاطرها المتشدّدون أكثر من غيرهم، يبدو أنّ المعتدلين وحتّى الإصلاحيّين مقتنعون بأنّ أيّ مفاوضات مماثلة لن تكون إلا ذريعة لإيهان قدرات إيران وتمهيد الطريق أمام إضعاف طهران أكثر في المستقبل. ومن شأن هذا الشعور أن يزداد كثيرًا في حال انسحب ترامب من الاتّفاق النووي في 12 أيار/مايو".

وكتب كاسبيت أنّه "مع استعداد جيش الدفاع الإسرائيلي الآن لردّ إيراني على الهجمات الإسرائيليّة الأخيرة المزعومة في سوريا (والتي يعتقد أنّها أودت بحياة عشرات الجنود الإيرانيّين)، ستضطرّ إسرائيل لأن تقرّر كيف ستستجيب بالتّحديد. يعتبر التقييم الاستخباراتي أنّ إيران ستحاول الردّ بأسلوب عمليّات شبيه بالذي اعتمدته إسرائيل يرتّب كلفة مماثلة لكلفة هذا الأخير. بعبارات أخرى، ستهاجم هدفًا عسكريًا إسرائيليًّا وتحاول إيقاع ضحايا من الجيش النظامي. في هذه الحالة، هل ستحتوي إسرائيل الردّ الإيراني وتستجيب بطريقة متّزنة ومدروسة حتّى لا يزداد الوضع تدهورًا؟ يعتمد كلّ ذلك على ظروف الهجوم. هل يجب أن تردّ إسرائيل ضدّ أهداف إيرانيّة في سوريا، أم يجب أن تهاجم إيران نفسها؟ يبقى ذلك موضع نقاش هامّ وهو لم يُحسَم بعد".

ويضيف كاسبيت بقوله إنّ "مقالات سابقة في المونيتور كشفت أنّ بعض أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي يؤيّدون نقل هذه الحرب ضدّ إيران مباشرة إلى أراضي إيران نفسها، بعد السّماح لها بأن تغلي على نار منخفضة لفترة طويلة. بمعنى آخر، إذا انفجر شيء في إسرائيل، يجب أن ينفجر شيء في طهران أيضًا. والهدف من ذلك الحرص على عدم السماح لإيران بالاختباء خلف وكلائها المختلفين في المنطقة، سواء أكان حزب الله، أم الرئيس السوري بشار الأسد أم الميليشيات الشّيعيّة".

يبرز اتّجاه آخر جدير بالمراقبة، وهو نتيجة الانتخابات النيابيّة اللّبنانيّة التي تجري في وقت نشر هذا العمود. يفيد جو ماكرون بأنّ "حزب الله أعلن عن مرشّحين له في مختلف الدوائر للمرّة الأولى من أجل زيادة حظوظ حزب الله وتوسيع نطاق وجوده في البرلمان. ولا شكّ في أنّ التحالف الشيعيّ (حزب الله وأمل) يحضّر خطّة طوارئ من خلال ترشيح أشخاص متشدّدين في حال تجدّد المواجهة السياسيّة مع الحريري. يعتبر حزب الله الانتخابات فرصة ليبيّن أنّ شرعيّته في لبنان ليست قسريّة. وبالتالي، لا يكمن التحدّي في تحقيق انتصار حاسم فحسب، بل في تسجيل إقبال جيّد على صناديق الاقتراع في المناطق ذات الأكثريّة الشيعيّة التي تشهد امتعاضاً متزايداً بسبب الوضع الاقتصاديّ والاجتماعي. وقد وضع الأمين العامّ السيّد حسن نصرالله محاربة الفساد على رأس حملته الانتخابيّة للمرّة الأولى، ممهّداً الطريق لمرحلة جديدة من أجل توسيع دور حزب الله في الحكم".

http://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق