الفساد في العراق آفة حلت على النظام العام فأفسدته ووضعت العاملين والساسة والمصلحين والناس العاديين في دوامة صَعَّبتْ العمل والتعامل معها:
متورطٌ: أي فاسد لا يمكنه الخروج من دائرة الفساد لوجود أتباع ومريدين ومستفيدين وفاسدين ومفسدين لا يسمحون.
موظفٌ: وإن كان نزيها، فمنظومة الفساد تطوقه تضعه بين خيارين أولهما انخراط في نشاطها أو التنحي جانباً عن أفعالها، أي إنه إذا ما سمع أو اطلع فما عليه الا أن يغلق فمه ساكتاً، وإن فعل هذا، فالسكوت علامة رضا وفساد من نوع خاص.
سياسيٌ: يفكر في الانتخاب أو إعادة الانتخاب، غاية ذاتية تسبق المشاعر الوطنية، وعلى وفقها يُنْتخَب، يُمَوّل، يتحالف، يتوافق، يناور، يعد، يتنكر، أفعال تحدث في مكان مظلم من الطريق بغية الوصول الى الغاية الحزبية المغلفة بالرغبات الشخصية الذاتية. والتحرك في الظلام فساد منكر.
مصلحٌ: ولكي يكون فاعلاً يحتاج الى أدوات تأتمر بأمره، نزيهة تتوافق ونهج تفكيره، قادرة أن تخرج من ثوبها الحزبي أو الاداري، تجازف بحاضرها من أجل تنفيذ خطط الاصلاح وطنياً، وهم وان كانوا موجودين بالفعل فيكونون قلة وعلى قلتهم غير القادرة على مواجهة الكثرة فان أغلبهم يتعرضون الى ضغوط تأتي في كثير من الأحيان من الأقرب في العائلة والحزب الذي يكون محشوراً في دائرة القلق، يضغط من خارجها بقصد فرض السكوت أو التنحي جانباً.
متظاهرٌ: يبقى طوال الوقت يتظاهر، يطالب بإيقاف الفساد وتطهير المنظومة السياسية والادارية من الفساد، وعند مراجعته دائرة في اليوم الذي يلي الجمعة التي تظاهر فيها، يُسلمُ كاتب الصادرة عشرة الاف دينار من أجل استلام كتاب رسمي يتعلق بإضافة سني الخدمة الى خدمته الجهادية، والراشي في منظومة الأخلاق المهنية فاسد مثل المرتشي.
كاتبٌ: يكتب بين المقال والمقال مقال عن الفساد واثاره الكارثية على مجتمع عراقي يحلم أن يساهم في بناءه ديمقراطياً قائماً على العدل والمساواة، تعطي له الحكومة فرصة أن يكون على رأس دائرة، أول عمل يقوم به يروج معاملة تقاعد لزوجته خارج الضوابط، والخروج عين الفساد.
عالم دين: يخطب في المصلين يوم الجمعة يحثهم على محاربة الفساد في النفس قبل الغير، عند مراجعته الدائرة، يريد أن تفتح له الأبواب المغلقة والمراجعون خارجها يتكدسون، يطالب الموظف أن يترك أعمال الغير لينجز معاملته، المهم حق له قبل حقوق الآخرين. والتفضيل خارج السياقات نوع من الفساد.
إن الفساد معضلة يطول توصيفها، فيها الذات الخاصة تلعب دوراً لا يرى اللاعب في ملعبها أنها معضلة، لأن المنظومة الأخلاقية للمجتمع قد تصدعت.
أما الحل فيأتي فقط عن طريق المُخلصْ، أي الذات العليا، في العراق بانت بعض مؤشرات ظهورها والشروع في ايجاد حل، يبقَّ نجاحه متوقفاً أولاً وأخيراً على دعم المجتمع الى من يتبوأ هذا الدور والوقوف معه الى آخر المشوار.
اضف تعليق