في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم اليوم، أصبحت التربية الرقمية حاجة ملحّة لبناء مجتمع واعٍ وقادر على التفاعل مع التحولات الرقمية. وفي هذا الإطار، أجرت شبكة النبأ المعلوماتية استطلاعًا شمل طلابًا وأكاديميين وخبراء في مجال التربية والإعلام الرقمي، بهدف استكشاف مفهوم التربية الرقمية...
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم اليوم، أصبحت التربية الرقمية حاجة ملحّة لبناء مجتمع واعٍ وقادر على التفاعل مع التحولات الرقمية. وفي هذا الإطار، أجرت “شبكة النبأ المعلوماتية” استطلاعًا شمل طلابًا وأكاديميين وخبراء في مجال التربية والإعلام الرقمي، بهدف استكشاف مفهوم التربية الرقمية، ودورها في التعليم، وتأثيرها في تشكيل وعي الفرد والمجتمع. تناول الاستطلاع أهمية هذه التربية في تعزيز الوعي الرقمي، تنمية المهارات التقنية، وحماية المستخدمين من مخاطر العالم الرقمي، مع التركيز على مساهمة الأسرة والمدرسة في تحقيق هذا الهدف.
مفهوم التربية الرقمية ودورها في التعليم
نور حيدر، طالبة في المعهد التقني كربلاء: حسب معرفتي، التربية الرقمية هي عملية تعليمية وتربوية تعتمد على استخدام التقنيات الحديثة، مثل وسائل التكنولوجيا المتطورة، ومنصات التواصل الاجتماعي، والبرامج التعليمية، بهدف تسهيل الوصول إلى المعلومات وتقديمها بطرق مبتكرة. تسهم التربية الرقمية في تعزيز المعرفة لدى المتلقي، وتقليل الجهد المبذول في البحث، وتقريب المسافات، مما يجعل عملية التعليم أكثر كفاءة ومرونة.
تعزيز الوعي والتفاعل الآمن
أوراس ستار الغانمي، طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد: التربية الرقمية تمثل إطاراً تعليمياً يهدف إلى تزويد الأفراد بالمعرفة والمهارات اللازمة للتفاعل بشكل فعال وآمن مع التكنولوجيا الرقمية. في عصرنا الحديث، أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مما يزيد من أهمية فهم كيفية استخدامها بشكل صحيح.
تعني التربية الرقمية تعزيز الوعي حول استخدام الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبرمجيات، وغيرها من الأدوات التكنولوجية. وهي تشمل مواضيع متعددة مثل السلوكيات الآمنة على الإنترنت، حماية الخصوصية، القدرة على تقييم المعلومات، والتواصل الفعّال عبر المنصات الرقمية.
من خلال التربية الرقمية، يتمكن الأفراد من تطوير مهارات التفكير النقدي، مما يساعدهم على التمييز بين المحتوى الجيد وغير الجيد، ويفتح أمامهم آفاقاً جديدة عبر استخدام التكنولوجيا في التعليم والإبداع. في النهاية، تهدف التربية الرقمية إلى تشكيل مستخدمين مسؤولين ومؤثرين في العالم الرقمي، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر قدرة على التعامل مع التحديات والفرص التي توفرها التكنولوجيا.
دور وسائل الإعلام في نشر الوعي حول التربية الرقمية
علي حمزة الجبري، دكتوراه الإعلام الرقمي: تؤدي وسائل الإعلام دورًا محوريًا في نشر الوعي حول كيفية استخدام التربية الرقمية من خلال توفير المعلومات والتوجيهات اللازمة حول استخدام التكنولوجيا الرقمية وتأثيراتها بشكل فعال. تسهم وسائل الإعلام في التثقيف والتوعية من خلال تقديم محتوى تعليمي يوضح مبادئ التربية الرقمية مثل الاستخدام الآمن للإنترنت وحماية الخصوصية والتحقق من مصادر المعلومات. كما تساهم في تسليط الضوء على الأخطاء الشائعة ونشر ثقافة المسؤولية الرقمية. تقوم وسائل الإعلام أيضًا بتوجيه الأسر والمعلمين حول كيفية غرس القيم الأخلاقية في التعامل مع التكنولوجيا وتقديم نماذج إيجابية وعرض قصص وتجارب ناجحة لأفراد ومؤسسات استخدموا التكنولوجيا بشكل مسؤول. يمكن لوسائل الإعلام فتح الحوار والنقاش مع المعلمين والطلاب حول التحديات التي واجهتهم في استخدام التقنيات التكنولوجية، وتنظيم حملات توعية على منصات التواصل الاجتماعي لتحفيز النقاش حول القضايا الرقمية.
التربية الرقمية وبناء المواطن المسؤول
سارة سلیڤاني، ناشطة مدنية: تسهم التربية الرقمية في بناء مواطن مسؤول في المجتمع من خلال تعزيز الوعي بكيفية استخدام التكنولوجيا بشكل آمن وفعّال. فهي تُمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات واعية ومدروسة عند التعامل مع المعلومات الرقمية، مما يساعدهم على تقييم المصادر الإلكترونية والتأكد من صحتها. كما تساهم في تنمية مهارات التفكير النقدي، مما يعزز قدرة الفرد على التمييز بين المحتوى المفيد والمضلل.
بالإضافة إلى ذلك، تركز التربية الرقمية على توعية الأفراد بمخاطر الإنترنت، مثل القرصنة وسرقة الهوية، مما يحثهم على تجنب التصرفات السلبية. من خلال هذه المهارات، يصبح الفرد قادرًا على استخدام التكنولوجيا في تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية بشكل إيجابي ومسؤول، مما يعزز دورهم في بناء مجتمع رقمي آمن ومتقدم.
أثر التربية الرقمية في بناء مواطن مسؤول
يلذر عبد العزيز، ماجستير علم النفس التربوي: التربية الرقمية تشير إلى المعايير السلوكية المناسبة والمقبولة المتعلقة بالتكنولوجيا، وهي تهدف إلى توجيه وحماية المستخدمين في العالم الرقمي من خلال تشجيع السلوكيات الإيجابية ومحاربة السلوكيات الضارة، من أجل بناء مواطن واعٍ يقدر نفسه ومجتمعه ووطنه، مع الالتزام بالقيم والعادات والتقاليد التي يمثلها المجتمع الحقيقي بعيدًا عن العالم الرقمي الافتراضي.
في القرن العشرين، قام فرويد بتقسيم النفس البشرية إلى ثلاثة أجزاء: "الأنَا" الذي يمثل الجزء الواقعي، و"الهو" الذي يعكس الاتجاهات الغريزية غير المنسقة، و"الأنَا الأعلى" الذي يؤدي دورًا نقديًا ويعظ الفرد بشكل مستمر. مع تطور العالم الرقمي، قد يواجه الفرد صراعات بين هذه الأجزاء الثلاثة، حيث يسعى "الهو" إلى الحرية والانفتاح دون قيود، بينما يفرض "الأنَا" القيود الواقعية. في هذا السياق، يجب بناء "الأنَا" الواقعي بشكل سليم لتجنب الصراعات الداخلية، خاصة في عصر الرقمنة المستمر والتطور التكنولوجي.
لقد أصبح الإنسان في العصر الرقمي أمام تحديات جديدة مرتبطة بالصراعات الداخلية، حيث يؤثر التقدم التكنولوجي على هوياته وانتماءاته، مما يؤدي إلى تآكل الهوية الوطنية وظهور مشاكل صحية ونفسية، مثل الاكتئاب، القلق، والانتحار. هذا يعكس تأثير العالم الرقمي السلبي على الفرد، حيث يعاني العديد من الأطفال والمراهقين من مشاكل صحية، مثل فرط الحركة، قلة الانتباه، والتوحد، نتيجة لسوء استخدام التكنولوجيا.
من هنا، فإن التربية الرقمية لا تقتصر على حماية الأفراد من المخاطر التقنية، بل تهدف أيضًا إلى تمكينهم من استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي. يتطلب ذلك تعزيز القيم الاجتماعية والثقافية، وحسن استخدام الأدوات الرقمية من أجل بناء شخصيات قوية، قادرة على مقاومة التأثيرات السلبية للعالم الرقمي.
أهمية التربية الرقمية من منظور علم النفس في بناء مواطن واعٍ ومسؤول:
1. تعزيز الوعي الذاتي: تساعد التربية الرقمية الأفراد على فهم أنفسهم في العالم الرقمي، من خلال تعلم تنظيم سلوكياتهم وضبطها بما يتماشى مع القيم الأخلاقية.
2. تنمية التفكير النقدي: تساهم التربية الرقمية في تعزيز مهارات تحليل المعلومات عبر الإنترنت، مما يساعد الأفراد على التمييز بين الحقيقة والتضليل، ويعزز قدرتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة.
3. تعزيز الذكاء العاطفي والاجتماعي: تركز التربية الرقمية على تطوير مهارات التواصل الفعّال والاحترام في التفاعلات الرقمية، مما يعزز التعاطف والتفاهم بين الأفراد ويقلل من النزاعات الرقمية.
4. تحمل المسؤولية الأخلاقية: تعلم التربية الرقمية الأفراد تحمل المسؤولية عن سلوكياتهم الرقمية، مثل تجنب التنمر الرقمي واحترام حقوق الملكية الفكرية، مما يعزز الوعي الأخلاقي والضمير الاجتماعي.
5. التعامل مع الإدمان الرقمي وضبط الوقت: تساعد التربية الرقمية الأفراد على تجنب الإفراط في استخدام الأجهزة الرقمية وإدراك تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية والجسدية، مما يعزز قدرة الأفراد على إدارة وقتهم بشكل متوازن.
6. تعزيز الإبداع والمشاركة المجتمعية: تحفز التربية الرقمية الأفراد على استخدام التكنولوجيا بشكل مبدع للمساهمة في تطوير المجتمع، مما يعزز شعورهم بالإنجاز والانتماء.
خلاصة: تساهم التربية الرقمية بشكل كبير في بناء مواطن واعٍ ومسؤول، من خلال تعزيز مهارات الوعي الذاتي، التفكير النقدي، المسؤولية الأخلاقية، والذكاء الاجتماعي. كما تساعد في تعزيز قدرة الأفراد على التفاعل بشكل إيجابي مع العالم الرقمي، مما يؤدي إلى بناء مجتمع رقمي مستدام يتسم بالمسؤولية الاجتماعية والوعي الثقافي.
التربية الرقمية والصحة النفسية
آفاق صالح خلف، ماجستير علم النفس التربوي: التربية الرقمية جاءت لتعزز عدالة الفرص بين الأفراد، بغض النظر عن مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية. فهي تتيح للجميع الاستفادة من بيئة تعليمية مفتوحة ومرنة، مما يساعد الأفراد على التعبير عن مهاراتهم بحرية أكبر. من خلال التربية الرقمية، يمكن للأشخاص الاطلاع على إبداعات وتجارب الآخرين، مما يشجعهم على عرض إبداعاتهم الخاصة، ويسهم في كسر القيود النفسية والاجتماعية التي قد تحد من طموحاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد التربية الرقمية على تعزيز الثقة بالنفس، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يعانون من إعاقات نفسية أو جسدية، أو أولئك الذين يخشون الاحتكاك المباشر مع الآخرين خوفاً من التنمر. النجاح في البيئات الرقمية يشجع هؤلاء على تجاوز مخاوفهم وبناء ثقة أكبر بأنفسهم، مما ينعكس إيجابياً على صحتهم النفسية.
من جهة أخرى، تتيح المنصات الرقمية غزارة في المعلومات وسهولة في الوصول إليها، مما يشكل دافعاً قوياً للدراسة والإنجاز والإبداع. هذه البيئة التعليمية الثرية تمنح الأفراد خيارات متنوعة تمكنهم من اختيار التخصصات الدراسية أو الجامعات التي تتناسب مع طموحاتهم، مما يعزز شعورهم بالرضا والسعادة، ويؤدي إلى تحسين صحتهم النفسية بشكل عام.
التكنولوجيا في خدمة التعليم
كرار علي خليف حسين، مدير مدرسة العميد الابتدائية للبنين: أصبحت التكنولوجيا أداة أساسية في العملية التعليمية الحديثة، خاصة مع التقدم التكنولوجي المتسارع، إذ تتيح فرصًا واسعة لتحسين التعليم وتعزيز التفاعل بين جميع أطراف العملية التعليمية (الطالب، المعلمين، وأولياء الأمور).
ونحن في مدرسة العميد الابتدائية التابعة لمجموعة العميد التعليمية، نعتمد العديد من الوسائل التقنية لتعزيز العملية التعليمية. على سبيل المثال، نستخدم برنامج "المرقاب الآلي"، وهو برنامج خاص يهدف إلى تسهيل التواصل بين أولياء الأمور والإدارة المدرسية أو المالك التعليمي. يتيح البرنامج إرسال التبليغات الإدارية والعلمية، الواجبات، الامتحانات، إعلان النتائج، ورفع الغيابات والإجازات بسهولة. كما يوفر لأولياء الأمور فرصة لمعرفة جميع تفاصيل يوم أبنائهم المدرسي بمجرد الدخول إلى البرنامج، مما يُسهل تبادل المعلومات والواجبات بين الطلاب والمعلمين بشكل سريع وفعال.
وفي خطوة نحو تطوير البيئة التعليمية، سيتم تزويد جميع الصفوف المدرسية بالشاشات الإلكترونية الذكية بداية الفصل الدراسي الثاني. ستكون هذه الشاشات بديلاً عن الشاشات الحالية، حيث يتمكن الأساتذة من تقديم الدروس وعرض الفيديوهات التوضيحية باستخدام برامج مثل "الباوربوينت"، مما يعزز تجربة التعلم بشكل تفاعلي.
كما نسعى لتطوير مهارات الطلاب التقنية من خلال مختبر الحاسوب، الذي يُفعّل فيه تعليم الدروس المتقدمة. يتمكن الطلاب من تعلم برامج مثل "سكراتش" لتطوير مهارات البرمجة والتصميم، بالإضافة إلى تعلم الطباعة العمياء، مما يعزز قدراتهم في استخدام التكنولوجيا، وهي مهارات أساسية لمتطلبات المستقبل.
دور التربية الرقمية في المجتمع
بشرى حسين عبود الحسيني، دكتوراه علم النفس التربوي: يشهد العالم اليوم تطورًا غير مسبوق في مجال الاتصالات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا بارزًا في نشر الثقافة وتنمية العلاقات الاجتماعية. في هذا السياق، تُعرف التربية الرقمية بأنها عملية تعلم ودمج في العلاقات الاجتماعية والثقافية ضمن العالم الرقمي. لذا أصبح من الضروري على الأهل توجيه أبنائهم نحو استخدام آمن وصحيح للتكنولوجيا.
دور الأسرة في التربية الرقمية
تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في بناء وتكوين شخصية الفرد، حيث أكدت العديد من نظريات علم النفس على أهمية السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل في تشكيل شخصيته من خلال علاقته بوالديه. التربية ليست مجرد نقل للمعرفة، بل هي عملية شاملة تهدف إلى تنمية جميع جوانب الفرد: العقلية، الوجدانية، الاجتماعية، والجسدية.
كما أن الأسرة تُعنى بتنشئة أبنائها على القيم الدينية، الأخلاقية، والاجتماعية، لذلك من الضروري أن يكون الأهل على دراية بالتقنيات الرقمية الحديثة وكيفية استخدامها. هذا يساعد الأبناء على التصرف بمسؤولية على الإنترنت، احترام حقوق الآخرين، والمساهمة الإيجابية في المجتمع الرقمي.
التكنولوجيا بين الإيجابيات والسلبيات
أصبحت التكنولوجيا الحديثة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي تحمل جانبين:
1. الإيجابيات:
-تسهيل الوصول إلى المعلومات بسرعة.
-تعزيز التواصل الاجتماعي بين الأفراد والمجتمعات.
-تبادل الخبرات والمعارف.
-تمكين ثقافة المسؤولية الاجتماعية.
2. السلبيات:
-الإدمان على التكنولوجيا، خاصة عند الأطفال.
-تغيرات سلبية في الحالة النفسية والاجتماعية.
-أمراض مثل التوحد وصعوبات النطق.
-ضعف التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
كيفية تعزيز التربية الرقمية
1. التواصل الأسري:
-استخدام أساليب التنشئة المعتمدة على الحوار المفتوح والتواصل الجيد.
-تعزيز القيم الإيجابية لدى الأبناء من خلال التربية الرقمية.
2. التعاون بين الأسرة والمؤسسات:
-تقديم برامج توعية للأهل من قبل المدارس حول كيفية دعم أبنائهم في استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي.
-دمج التربية الرقمية كمكون أساسي في المناهج الدراسية لتعليم الطلاب كيفية استخدام التكنولوجيا بطرق مفيدة وحماية أنفسهم من الأخطار الرقمية.
ختامًا، تُعد التربية الرقمية وسيلة فعّالة في تشكيل وعي الأفراد وتحفيزهم على التصرف بمسؤولية اجتماعية، بشرط أن يتم توجيهها بشكل صحيح وبالتعاون بين الأسرة والمؤسسات التعليمية.
أبرز التحديات في تطبيق التربية الرقمية
محمد علي جواد تقي، رئيس تحرير مجلة الهدى، يذكر:
1- عدم تفاعل الطالب بشكل مباشر مع المدرس لفهم المادة، ومنها مسألة السؤال سيكون الامر محرجاً احياناً.
2- عدم شعور الطالب بانه في جو التعليم بما فيه من انضباط والتزام كما هو الحال داخل الصف.
3- والتحدي الاكبر؛ الكهرباء والانترنت، والتكاليف الاضافية على كاهل بعض العوائل، او الكثير منهم، لاسيما جهاز (يو بي اس) لخزن الطاقة في حال قطع الكهرباء.
دور التربية الرقمية في تشكيل الوعي المجتمعي
سُعاد عبد الكريم جاسم، كاتبة: أرى أن دور التربية الرقمية في التأثير على الأفراد والمجتمع أصبح في المركز الأول، خاصة في ظل عصر السرعة والغزو الإلكتروني. لذلك، تقع المسؤولية على عاتق التربية الرقمية التي لها أهمية كبيرة وتأثير رئيسي في إنشاء جيل مثقف ومتحضر من خلال ترسيخ المبادئ الإنسانية والأصول التربوية والثقافة الصحيحة لدى الأفراد والمجتمع.
التربية الرقمية هي عملية لتدريب وتأهيل الأفراد في المجتمع وتوعيتهم. تهدف إلى نشر نهج يحث على التعاون وتنمية شباب الجيل الحالي والأجيال القادمة من أجل النهوض بالبلاد وإنشاء شعب واعٍ يستطيع حل الأزمات ومواجهة العوائق والصراعات الداخلية والمجتمعية.
التربية الرقمية تساهم في نشر الثقافات وتبادل الخبرات وتنمية المواهب الشبابية وصقلها لتعزيز ثقة الفرد وتحسين حال المجتمع اقتصاديًا.
من المسؤوليات التي تقع على عاتق التربية الرقمية توجيه المحتوى الرقمي ومراقبة ما يتم طرحه للمتلقين من الأفراد والمجتمع.
تأثير الساحة الرقمية أصبح أقوى من تأثير الأمهات والآباء على أبنائهم وبناتهم، خاصة الشباب والمراهقين.
في مقال صحفي سابق، تحدثت عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع، وأشرت إلى أنها أداة قوية قد تكون نافعة أو ضارة حسب طريقة استخدامها. الخيار في النهاية يعود لنا.
يجب استغلال هذه الأدوات في تطوير أنفسنا ومجتمعاتنا ومساعدة أطفالنا على بناء حياة متوازنة بعيدًا عن المخاطر.
الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، ويجب تسليط الضوء على الجوانب الإيجابية وتعزيزها، بينما يجب محاربة الأمور السلبية التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة.
هذه الأمور السلبية تؤثر بشكل مباشر على تربية وسلوكيات أبنائنا وبناتنا، فهم يواكبون آخر الأحداث والترندات ويقلدون المشاهير الذين أخذوا حيزًا واسعًا من العالم الرقمي.
التربية الرقمية تعد أول منبر ومصدر رئيسي لبناء الأفكار وتلقي المعلومات والتعبير عن الآراء بحرية كاملة.
نأمل أن تكون المسؤولية في مكان مناسب لوضع نهج مغاير يسعى لتحفيز الأفراد والمجتمع والنهوض بالأمة.
التكنولوجيا طريق التقدم والرقي
حسين سامي الجعفري، كاتب: كل الأمم ترتقي بثقافة ووعي شعبها، فإذا كان الشعب محبًا للتقدم والسعي نحو الأفضل، تحقق النجاح والرِّفعة للبلد. لنشر الوعي والأهداف السامية بين أفراد المجتمع، يجب العمل على تحقيق التطور عبر استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح وهادف، لا سيما في عصرنا الحالي الذي اجتاحته الثقافات الرقمية وغيّرت الكثير من العادات والتقاليد.
التكنولوجيا هي مفتاح النجاح لكل شغوف وطموح، إذ اختزلت الكثير من العناء ومهّدت الطرق للعديد من المجالات. لذلك، يتوجب على أصحاب التأثير والاختصاص توعية المجتمع باستخدام التكنولوجيا بشكل حضاري وثقافي وأخلاقي، لتسهيل الاحتياجات اليومية ومواكبة العالم الذكي المتقدّم. كما ينبغي العمل على إقصاء كل مظاهر الإسفاف والابتذال الناتجة عن الاستخدام السلبي للتكنولوجيا، واستبدالها بما هو مفيد وهام، خصوصًا أن الانحرافات السلوكية والأخلاقية الناتجة عن ذلك أدّت إلى ظهور ثقافات دخيلة لا تتناسب مع قيمنا العربية الرصينة.
من هنا، يتوجب علينا نشر الوعي التكنولوجي بين أفراد المجتمع، ليصبح ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والرقي والنجاح.
التحديات والفرص في التربية الرقمية
ماجد حميد، مراسل إذاعة الروضة الحسينية المقدسة، يذكر:
1. عدم وعي أولياء الأمور بمخاطر الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي.
2. جلوس الأطفال والمراهقين لفترات طويلة على الإنترنت.
3. تضييع الأطفال والمراهقين الكثير من الساعات والأوقات.
4. التأثير السلبي على دراستهم وواجباتهم البيتية والدراسية.
5. الحاجة إلى إدخال مادة التربية الرقمية لطلاب المدارس.
6. نشر الوعي لدى الطلاب بتجنب سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي.
7. تعزيز إيجابيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما يخدم المصلحة العامة.
دور الأسرة والمدرسة في التربية الرقمية
بيداء كاظم عليوي الطائي، دكتوراه فلسفة في الفنون/ التربية التشكيلية: تبدأ التربية الرقمية من المنزل باعتباره البيئة الأولى لتشكيل سلوكيات الطفل وقيمه، في حين تُكمل المدرسة هذا الدور من خلال برامج منظمة ومناهج تعليمية.
دور الأسرة في المساهمة بتنشئة الأبناء رقميًا يشمل:
1. التوعية المبكرة بأسس استخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي وآمن.
2. المراقبة والتوجيه لاستخدام الإنترنت بشكل إيجابي.
3. غرس القيم الأخلاقية، مثل احترام الخصوصية وتجنب التنمر.
4. تقديم نموذج إيجابي في الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.
5. المشاركة في ورش تدريبية تُعزز فهمهم لدور التكنولوجيا وأمانها.
أما المدرسة، فتُضيف من خلال:
-إدراج التربية الرقمية في المناهج الدراسية.
-تعزيز الوعي باستخدام الإنترنت بشكل محترف وآمن.
-تنظيم ورش وندوات تُعلم الطلاب أصول التعامل الرقمي السليم.
التكامل بين المنزل والمدرسة هو السبيل لتحقيق تربية رقمية فعالة تُعِدّ الأطفال لمواجهة التحديات الرقمية باقتدار.
ضرورة عصرية وأداة للتقدم
سؤدد جبار، قانونية: تمثل أهمية التربية الرقمية في وقتنا الحاضر بكونها من ضروريات الحياة والتقدم العلمي والعملي على مختلف الأصعدة، حيث أصبحت من أهم أدوات محو الأمية للأجيال، وتسهم في رفع مستوى الوعي الرقمي وترسيخه كسلوك تطبيقي. كما تتيح التربية الرقمية اكتساب معارف جديدة هادفة، وخلق بيئة إلكترونية أكثر أمانًا وسلامة للجميع، بالإضافة إلى تنظيم قواعد السلوك وآداب السلامة في استخدام الإنترنت، ووضع ضوابط تحد من الانفتاح المفرط في مجالات التكنولوجيا.
ولما للتربية الرقمية من أهمية في تطوير مهارات الطلبة، فلا بد من التوعية حول الاستخدام الأمثل، الواعي، المسؤول، والأخلاقي الآمن للتقنيات الرقمية ووسائلها المختلفة. ويتطلب ذلك سن التشريعات والنظم التي تضبط التربية الرقمية في ظل الاستخدام المتزايد للتقنية وتطبيقاتها المتنوعة.
إلى جانب ذلك، تسهم التربية الرقمية في رفع الوعي السليم لاستعمال الإنترنت والتكنولوجيا، مما يحقق توازنًا بين الحفاظ على سلامة أبنائنا ومنحهم الحريات اللازمة لضمان أمانهم في عالم التطورات السريعة والطفرة الإلكترونية في التقنيات الرقمية الحديثة.
ولا يمكن التغافل عن الفائدة الكبيرة التي تحققها التربية الرقمية في الاستخدام السليم للتكنولوجيا، كما ظهر جليًا خلال اجتياح فيروس كورونا للعالم، حين اعتمد الطلبة على التقنية الرقمية بشكل آمن وسليم لإكمال دراستهم.
من كل ما تقدم، يتبين لنا الدور الكبير الذي تلعبه التربية الرقمية في تعزيز وعي الطلبة وتطوير مهاراتهم في الاستخدام الآمن والفعال للتكنولوجيا الحديثة.
الوعي الرقمي الموجه
عزيز ملا هذال، باحث نفسي وتربوي: فيما يتعلق بالوعي، نجد أن غالبية الطلبة يفتقرون إلى الإدراك الكامل لاستخدام الإنترنت بشكل مثمر. حيث يُلاحظ أنهم يفرطون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها، بينما يعانون من قصور في استخدام محركات البحث التي توفر لهم المعلومات والمهارات اللازمة للتطوير الفكري والعلمي. هذا الواقع يعكس ضعفًا في الاستفادة المثلى من الإنترنت لأغراض تعليمية وبحثية. وللتغلب على هذه المشكلة، يمكن الاستعانة بالمنصات الرقمية التي تخضع للسيطرة مثل منصة تعليم، لضمان استخدام الإنترنت في إطار التربية الرقمية الممنهجة، مما يساهم في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة.
ختامًا، يمكن القول إن التربية الرقمية ليست مجرد أداة تعليمية، بل هي وسيلة لتعزيز القيم الاجتماعية والأخلاقية في ظل العالم الرقمي. من خلال التعاون بين الأسرة، المدرسة، ووسائل الإعلام، يمكن بناء جيل رقمي واعٍ قادر على الاستفادة المثلى من التكنولوجيا ومواجهة تحديات العصر الحديث. إن التربية الرقمية تمثل جسرًا نحو مستقبل أكثر تطورًا، إبداعًا، واستدامة.
اضف تعليق