ان تعزيز وتطوير الفرص أمام المرأة لتصبح قيادية في المجتمع يتطلب تكاتف جهود متعددة من المؤسسات الإعلامية والتعليمية والاجتماعية. من خلال إزالة الحواجز الاجتماعية والنمطية، وتوفير بيئة داعمة ومساواة في الفرص، يمكن للمرأة أن تلعب دوراً فاعلاً في قيادة التغيير والمساهمة في تقدم المجتمع...
سارة سلیڤاني
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها المرأة في مختلف المجالات، أصبح من الضروري تسليط الضوء على أهمية تعزيز وتطوير الفرص أمامها لتولي الأدوار القيادية في المجتمع. وقد أجرَت “شبكة النبأ المعلوماتية” استطلاعاً صحفياً موسعاً للوقوف على أبرز العوامل التي يمكن أن تسهم في مساعدة المرأة لتحقيق طموحاتها القيادية. عبر هذا الاستطلاع، استعرضنا آراء مجموعة من الناشطات في مجالات مختلفة، حيث تم التطرق إلى دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية للمرأة، التحديات التي تعيق وصولها إلى المناصب القيادية، بالإضافة إلى الدعم المؤسسي المطلوب لتطوير مهاراتها وتهيئة بيئة مواتية لنجاحها.
دور الإعلام في تعزيز القيادة النسائية
هلهل شيخ علو، مدربة التنمية البشرية: يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم في تعزيز صورة المرأة القيادية من خلال مكافحة الصور النمطية السلبية، وتقديم نماذج إيجابية تبرز دورها الفعّال في التنمية المجتمعية. كما أن الاعتراف من الرجال بمبدأ المساواة بين الجنسين، خاصة في القيادة، يعزز من هذا الدور. أنا كامرأة أيزيدية مررت بتجارب صعبة، وأؤمن بأن لكل امرأة القدرة على تخطي التحديات مهما كانت خلفيتها. يجب أن تتبنى وسائل الإعلام نماذج نسائية متنوعة تسعى لتحقيق أهدافها. هذا ما أعمل عليه اليوم كمدربة لزيادة وعي المرأة، من خلال نقل تجربتي وتعلمي لأربع لغات، وتعليمي للنساء كيفية تحقيق ما يرغبن به في الحياة.
تحديات المرأة في المناصب القيادية
سما محمد شهاب، محررة صحيفة: التحديات التي قد تواجه المرأة في المناصب القيادية تتنوع بين العوامل الشخصية والاجتماعية. على المستوى الشخصي، قد تواجه المرأة صعوبة في التوفيق بين المسؤوليات المهنية والالتزامات الأسرية، مما يؤثر على قدرتها على إظهار مهاراتها القيادية بشكل كامل. كما قد تشعر بعض النساء بعدم الثقة بالنفس أو التخوف من تحمل المسؤوليات الكبرى، مما يعوق تقدمهن في المناصب القيادية. على المستوى الاجتماعي، قد تتعرض المرأة لمواقف تمييزية أو ضغوط اجتماعية نتيجة للقوالب النمطية المرتبطة بدور المرأة في المجتمع، مما يزيد من التحديات التي تواجهها في بيئة العمل. إضافة إلى ذلك، قد تؤثر العوامل الصحية والنفسية مثل التوتر والإرهاق على الأداء القيادي.
التحديات التي تواجه المرأة العراقية في الوصول إلى القيادة
ايمان مهدي، طالبة في جامعة دهوك: أؤمن بأن المرأة العراقية قادرة على تحقيق النجاح في مختلف المجالات، ولكنها تواجه العديد من التحديات عند سعيها لتولي المناصب القيادية.
من أبرز التحديات التي واجهتها:
1. التمييز الجندري: في مجتمعاتنا، غالبًا ما تكون الفرص القيادية أكثر توافراً للرجال، مما يجعل من الصعب على النساء الوصول إلى المناصب العليا. على الرغم من أنني عملت في العديد من المشاريع المحلية والدولية، إلا أنني لاحظت أن المرأة قد تواجه صعوبة في الحصول على الدعم الكافي من حيث التدريب أو الموارد اللازمة لتطوير مهاراتها القيادية.
2. الضغط الاجتماعي والعائلي: المجتمع غالبًا ما يتوقع من المرأة أن تقوم بأدوار تقليدية مثل الاهتمام بالمنزل والأسرة، مما يجعل من الصعب التوازن بين حياتها المهنية وطموحاتها القيادية. في بعض الأحيان، قد تكون هناك ضغوط إضافية لتقديم نتائج مهنية في وقت أقل مقارنة بالرجال.
3. قلة فرص التوجيه والإرشاد: من خلال تجربتي في العمل مع العديد من المنظمات الدولية، لاحظت أن النساء لا يحصلن دائمًا على نفس فرص التوجيه والإرشاد التي يحصل عليها الرجال. وهذا يؤثر بشكل كبير على تطور مهارات القيادة لدى النساء.
4. الموارد المالية: يمكن أن تكون قلة الوصول إلى الموارد المالية من أبرز العوائق أمام النساء اللاتي يرغبن في بدء مشاريعهن الخاصة أو الوصول إلى المناصب القيادية، حيث غالبًا ما يجدن صعوبة في تأمين التمويل اللازم.
5. الصور النمطية: تُعتبر بعض الصناعات والمجالات غير مناسبة للنساء، مما يحد من فرصهن في المناصب القيادية. على سبيل المثال، في مجالات مثل الأعمال التجارية أو الصناعات الثقيلة، تواجه المرأة تحديات أكبر في إثبات قدرتها على القيادة.
رغم هذه التحديات، فقد تمكنت من متابعة شغفي في تقديم المنتجات الصحية الطبيعية، حيث أفتخر بوجود محل لي في سوق زاخو الفلكلوري، وأسعى حاليًا لفتح معمل تحت اسم "زاخو". كما أنني أعمل بجد لتحقيق طموحاتي من خلال التدريب المستمر، وهو ما يساعدني في تخطي هذه العقبات.
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها المرأة، فإن الإيمان بالقدرة الذاتية والعمل الجاد يمكن أن يساعدها في التغلب على هذه التحديات وتولي المناصب القيادية في مختلف المجالات.
دعم النساء نحو القيادة
أسماء كريم، خريجة: يمكن للمؤسسات تشجيع النساء على تولي أدوار قيادية من خلال توفير بيئة داعمة تتيح لهن فرصة تطوير مهاراتهن وخبراتهن. في تجربتي الشخصية، من خلال مشاركتي كقائدة لفرع الجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS) في دهوك، كنت أول امرأة تتولى هذا الدور في العراق، مما مكنني من إبراز مهاراتي وتنميتها في العديد من المجالات مثل الطب والصحة والبيئة، بالإضافة إلى تطوير قدراتي في الإعلام والإلقاء.
لقد قدمت العديد من الفعاليات والنشاطات التي تناولت قضايا بيئية هامة، وقمت بتشكيل فرق تطوعية للعمل على هذه القضايا، مما ساعدني على اكتساب مهارات القيادة والتفاعل مع المجتمع بشكل مباشر. كما أنني تمكنت من التواصل مع علماء ودكاترة من دول أوروبية لتطوير مشاريع تهدف إلى تحسين المجتمع، مما مكنني من تعلم مهارات جديدة والاستفادة من خبرات العلماء العالميين في مجال الكيمياء.
علاوة على ذلك، من خلال مشاركتي في ACS، أنشأت تقارير وبحوث علمية هامة، مما أضاف إلى تميز عملي وأدى إلى تعزيز سمعتي القيادية. لذلك، يمكن للمؤسسات تشجيع النساء على تولي أدوار قيادية من خلال توفير فرص للتعلم، والتفاعل مع الخبرات الدولية، وتنظيم الأنشطة التطوعية التي تساهم في تطوير مهارات القيادة.
وفي الختام، يتضح أن تعزيز وتطوير الفرص أمام المرأة لتصبح قيادية في المجتمع يتطلب تكاتف جهود متعددة من المؤسسات الإعلامية والتعليمية والاجتماعية. من خلال إزالة الحواجز الاجتماعية والنمطية، وتوفير بيئة داعمة ومساواة في الفرص، يمكن للمرأة أن تلعب دوراً فاعلاً في قيادة التغيير والمساهمة في تقدم المجتمع. إن مساعدة المرأة من الوصول إلى المناصب القيادية ليس فقط حقاً لها، بل هو استثمار في مستقبل أفضل وأكثر توازناً للجميع.
اضف تعليق