في حين يغزو الداء الخبيث العالم ويحل بلاؤه عليهم، مخلفا مجتمعات منهارة اقتصاديا ومعنويا، وحيث إن هذه البلوى شملت دول العالم الواحدة تلو الأخرى، فبالطبع كان للعراق النصيب الأوفر منها، فهو إن لم ينل شيئا من تطورهم ورقي خدماتهم يكون السباق بنيل شرف حمل أمراضهم ونقلها إلى ما تبقى من أبناء شعبه الذين لم يصبهم الموت الأحمر بعد.
فحسب ما تناول الدكتور (صائب الشحادات) الأخصائي في معالجة الأورام السرطانية في محاضرته "بان العراق يحتل اليوم مرتبة متقدمة بين دول العالم في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية مشيرا إلى ظهور أورام جديدة وغريبة لم تكن موجودة من قبل.
كما اشر سجل السرطان نسبة 75%من مجموع الوفيات في محافظة البصرة جنوب العراق، بينما أكدت إحصائيات مستشفى الأورام والطب النووي في محافظة نينوى إن عدد مرضى السرطان والوفيات بهذا المرض بلغت خلال عامي (2003-2004) نحو 4711 حالة.
وتؤكد التقارير الطبية ومصادر عالمية وجود أكثر من 140الف عراقي حاليا مصابين بأمراض السرطان وأورام خبيثة ,يموت منهم سنويا نحو 7500مريض، وتؤكد التقارير إن مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد تستقبل(12000)حالة سنويا تقريبا ويوقع زيادة هذا العدد إلى (25000) حالة وهذا الرقم لم يبلغه أي بلد في العالم سوى اليابان بعد جريمة إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية .
أسباب تقف وراء انتشار السرطان
ومازال السؤال المهم هو ما سبب زيادة انتشار هذا المرض وما العوامل المساعدة في انتشاره؟
إن السرطان) هو مجموعة من الأمراض التي تتميز خلاياها بالعدائية وهو النمو والانقسام الخلوي غير المحدود)، وقدرة هذه الخلايا المنقسمة على غزو الأنسجة المجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية نطلق عليها اسم (النقلية)، في الأغلب يعزى تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية إلى حدوث تغييرات في المادة الجينية المورثة. وقد يكون سبب هذه التغيرات عوامل مسرطنة مثل التدخين، أو الأشعة أو مواد كيميائية أو أمراض مُعدية (كالإصابة بالفيروسات). وهناك أيضا عوامل مشجعة لحدوث السرطان مثل حدوث خطأ عشوائي أو طفرة في نسخة الحمض النوويDNA عند انقسام الخلية، أو بسبب توريث هذا الخطأ أو الطفرة من الخلية الأم.
إن للبيئة دور مهم وأساسي في نقل الأمراض السرطانية وكما هو معروف فان العراق تعرض للكثير من الانتكاسات والحروب التي أدت بطريقة مباشرة وغير مباشرة إلى تلوث بيئته، حيث أكدت تقارير عالمية أجريت بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية إن البيئة في العراق ملوثة بدرجة كبيرة مما أدى إلى ظهور العديد من أمراض السرطان. وأوضحت إن البيئة في العراق عانت بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثين الماضية من استخدام الأشعة والكيماويات في الحروب وفي الصناعة دون اعتبار للبيئة وكشف مسح جوي أنجزه فريق الكشف عن الآثار المشعة للمخلفات العسكرية واثآر الحروب على العراق وجود أكثر من 143 موقعا ملوثا باليورانيوم..
كما حذر (د.كلاوس تويفر) وهو المدير التنفيذي لبرنامج الصحة العالمية من إن الصحة العامة للعراقيين في خطر ناجم عن قذائف محتوية على اليورانيوم المنضب وكما جاء في تقريره (إن كمية غير معروفة من ذخائر اليورانيوم المنضب استخدمت في الحرب الأخيرة على العراق ,ما يشكل تهديدا لمصادر المياه ,فضلا عن انتشار الغبار المشع. وقد رفضت القوات الأمريكية تنظيف العراق من مخلفات السلاح، ولم تسمح لخبراء برنامج البيئة دخول العراق أصلا).
إشعاع بعض أجهزة الفحص (السونار و المفراس)
وللمزيد من المعلومات حول أسباب انتشار السرطان التقت (شبكة النبأ المعلوماتية) مع الدكتور (علي جميل حسن) أخصائي جلدية في مستشفى الطب العدلي وقد وضح عدة أمور من خلال إجابته عن الأسئلة التالية:
س- هل للـ x-ray و اشعة السونار والمفراس وغيرها اثر في نشر الأمراض السرطانية أو تحفيزها؟.
-نعم وبشكل خطير ليس فقط على المرضى وإنما على العاملين في ذلك المجال والأحياء السكنية المجاورة لها، كما إن في الولايات المتحدة الأمريكية دراسات تؤكد بأن التعرض للسونار بفترات متقاربة يسبب الأمراض السرطانية، مما أدى الى منع النساء الحوامل في الولايات المتحدة الأمريكية من اﻷخذ بفترات متقاربة والاكتفاء بالفحص لبداية الحمل ونهايته فقط .
س - هل للأشعة في العراق اهتمام خاص، من حيث أماكن تواجدها، وهل يؤثر انتشار شبكات الإشعاع الغير مؤين كشبكات الاتصالات والـwi-fi على أسطح المنازل خطرا على ساكنيها؟.
- لا يوجد اهتمام ...لأنه لا يوجد في الأساس تخطيط بيئي وتخطيط مدني صحيح في العراق، لذا تشاهد أماكن تواجدها في المناطق السكانية ولا يتواجد فيها شروطا للبناء من حيث التغليف بالرصاص بالإضافة إلى كثرة الاستعمال وعدد المراجعين وعلى سبيل المثال فأن الطبيب في فرنسا يستقبل يوميا (اثنين وعشرين) مراجعا أما غير ذلك فلا يمكن/ وذلك للوقاية من الإصابة بالأمراض السرطانية .. في حين إن مستشفى السيد الشهيد الصدر في العراق يستقبل يوميا (مائتين وخمسين) مراجعا وقد يتعدى العدد أكثر من ذلك!! .
س- هل الدراسات في العراق مواكبة للتطور في البلدان الأخرى بخصوص اكتشاف علاج لمرض السرطان أو التعامل معها؟.
-للأسف كلا، فالدراسات في العراق فاشلة وخجولة ومتواضعة جدا وتحت المتواضعة وقد تكون معدومة، بالنسبة للعراق فأن مثل تلك الدراسات تعتبر هدرا للمال باعتبارها قد تنتهي إلى الفشل بعد السنوات الطويلة في ذلك، أما بالنسبة للدول المتطورة فتعتبر مثل تلك الدراسات أساسا للعلاجات وعلى سبيل المثال فأن أمريكا تستنفذ (ثمانية عشر) مليار دولار على البحوث الطبية فقط .
س- ما الأفضل في العراق.. الدراسات الطبية بين الاعوام ( 2003 - 1960) أم بين ( 2015 - 2003)؟ .
-الدراسات الطبية بين ( 2003 - 1960 )، هي الأفضل في ذلك، وذلك عائد إلى قلة النفوس العراقية بين تلك اﻷعوام بالإضافة إلى أن حكام البلد كانوا من الطبقة المثقفة .
س- هل الإصابة بالأمراض السرطانية أدت إلى إصابة ذوي المصاب بنوبة قلبية أو حالة عصبية أو ما شابه ذلك .. وهل شوهدت مثل هذه الحالات، وما الحل؟.
-نعم، تتواجد مثل هذه الحالات وهذا عائد إلى قلة الإيمان من الناحية الدينية، أما من الناحية النفسية فيطلق على مثل هذه الحالات ( بالصدمة) أو (النهي العصبي) والتي تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب مما يسبب ضربة (هاجرة) أو (غير طبيعية) مسببة توقفا للقلب.. والحل في تلافي مثل هذه الحالات، التوعية الدينية بالدرجة الأولى ومن المفروض أن يعطى الخبر تدريجيا لذوي المصاب فالدول المتطورة تتواجد فيها (وحدة نفسية) والتي تبدأ بتوعية ذوي المصاب تدريجيا على مثل هذه اﻷمراض .
س- إذا أردنا تغيير الواقع من أين نبدأ؟.
-إذا أردنا ذلك بالفعل نبدأ من الأطفال؛ من المدارس؛ وعمل نظام متكامل للبلد يعتمد على الكفاءات؛ ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب؛ والابتعاد عن وضع مزوري الشهادات في المناصب العليا؛ فما يشهده الواقع اليوم كلنا مشاركون فيه فالرسول "ص" قال من رأى منكم منكراً فليغيره بيده.....؛ فالرسول لم يستثنِ احدا فيما قال...
إذاً فهذه الأسباب مجتمعة أدت إلى تلوث البيئة بطريقة أو بأخرى وانتشار الإهمال أدى إلى استفحال هذا المرض بصورة خرجت عن السيطرة ..وعند معرفة الأسباب وتوخي الحذر نستطيع تقليل انتشاره أو الحفاظ على أنفسنا قدر الإمكان من الإصابة، ولتقليل التعرض للعوامل المسببة له نتبع الآتي:
-اخذ الحذر من أشعة السونار والx-ray ولبس الثياب الواقية وأخذها بفترات منتظمة وبعيده نوعا ما لتجنب التأثير التراكمي لهذه الإشعاعات في خلايا الجسم.
-نشر الوعي البيئي فيما يخص البنايات الحديثة وتغليف غرفة الأشعة بالرصاص لعزلها عن بقية الغرف وحصر الإشعاعات فيها دون النفوذ إلى الخارج.
-مراجعة الطبيب فورا عند ملاحظة ورم غير طبيعي بالجسم أو الشعور بحالة غير طبيعيه ,وتشجيع الفحص المبكر وتنفيذ الإجراءات التي تتخذها دوائر الصحة.
-الابتعاد عن المشروبات والأطعمة مجهولة المصدر للوقاية من سرطان المعدة، وهجر التبغ بأنواعه بما في ذلك السجائر و النركيلة التي باتت منتشرة بشكل واسع لتجنب سرطان الرئة واللثة والدم .
-تجنب الزراعة في المناطق الملوثة أو تناول الطعام المزروع فيها، أو السكن قريبا من المفاعلات النووية و المعامل التي تستعمل المواد السامة والمشعة .
-الالتزام بالباج الكاشف والذي يكون مرافقا لكل بدلة عمل لتسجيل كمية الإشعاع الواصلة للجسم، وارتداء الدروع الواقية للعاملين في مجال الإشعاع.
- تجنب اللعب قرب معسكرات الجيش وأماكن التفجيرات أو الأسلحة القديمة ومخلفات الحروب وغيرها.
-نشر الوعي بين الناس لتجنيبهم المواد الخطرة والتي تعرضهم للإصابة بالأمراض السرطانية أو العقم أو التشوهات الخلقية للأطفال حديثي الولادة.
-الغذاء الصحي هو العقار الأنسب للمصابين بالأمراض السرطانية كالعسل والقرنبيط، الخس، الشوفان، بعض الفاكهة والخضر بشكل عام.
اضف تعليق