القراءة لها قدرة متفردة على تنمية قدرات الانسان الفكرية والمادية معا، لذلك تعد (القراءة من المهارات الأساسية التي تركز عليها النظم الحديثة، كما يرى احد الكتاب، فهي تمكن المتعلمين من الحصول على المعرفة واكتساب المهارات الاخرى، كما تساهم في صنع الفرد وتدعم ثقتهِ بنفسهِ وتساعد على تنمية لغته).
ويقول كاتب آخر ربما كان السبب الرئيسي وراء العزوف عن قراءة الكتب هو عدم شعور الشباب بالحاجة إلى القراءة، وهذا امرٌ مؤسف. ربما لأنهم لا يعرفون قيمة الكتب في حياة الناس وتطور المجتمعات في تاريخ البشرية، فالقراءة هي احدى سمات المُثقف الواعي، ولا يمل المربون من تأكيد ضرورتها لكل الفئات العمرية فهي وحدها تفتح أمام القارئ عوالم لا نهائية من العلم والمعرفة والمتعة وهي مفتاح الثقافة والحضارة والتقدم.
من ناحية اخرى أقيمت في بريطانيا صيدلية فريدة من نوعها في العالم اسمها (صيدلية الثقافة او الصيدلية الثقافية)، وبدلا من أن تبيع هذه الصيدلية الأدوية فأنها توفر روائع الكتب العالمية التي ينصح بها الاطباء المرضى للشفاء من الامراض التي يعانون منها مثل: الوحدة - الانزعاج والتفكير الدائم في المستقبل- وعدم الشعور بالراحة والاطمئنان. وهذه الصيدلية توفر مجموعة من نفائس الكتب التي فيها علاج للقراء مثل رواية الشيخ والبحر لارنست هيمنغواي ورواية تولستوي الحرب والسلام، والى غير ذلك من الكتب. إذ يتردد المرضى على هذه الصيدلية بانتظام مستفيدين من وصفة العلاج لاختيار الكتاب او الكتب التي تمكنهم قراءتها من الشفاء.
القراءة تمرين ذهني
في هذا الاطار قامت الباحثة نتالي فيليبس من جامعة اكسفورد بتجارب علمية لدراسة عمل الدماغ الإنساني خلال عملية القراءة وبرهنت ان القراءة الجادة تحفز العقل وتدفعه للعمل بنشاط وتركيز وتعمل على تطور الذكاء البشري بالاضافة الى فوائدها المعرفية، واثبتت الباحثة ان القراءة لا تقل فائدة عن التمارين الرياضية لان القراءة تمرّن الدماغ بأسره. واتضح خلال التجربة انه عند الانتقال من القراءة السطحية من اجل تمضية وقت الى الاستيعاب النقدي للمعلومات، يجري في الدماغ تغيير حاد في نوع النشاط العصبي وفي الدورة الدموية. وعند القراءة يتدفق الدم الى اجزاء الدماغ المسؤولة عن القدرة على التركيز والاستيعاب المعرفي، في حين ان مشاهدة التلفاز وعملية اللعب الكمبيوتري ليس لهما هذا التأثير، ومن المعروف علمياً ان جسم الانسان يشيخ على نحو اسرع عندما يشيخ الدماغ، لكن القراءة تُجبر الدماغ على العمل المتواصل وبذلك تتأخر الشيخوخة ويبدو الانسان اصغر سناً من عمره الحقيقي ويعيش حياة اطول.
(شبكة النبأ المعلوماتية) طرحت سؤالا عن اهمية القراءة في حياة الفرد والمجتمع، ومدى تأثيرها في تطوير قدرات الانسان كافة، الفردية والجماعية. وكانت هناك آراء متباينة حول هذا الموضوع من اشخاص ينتمون الى شرائح مختلفة، حينما طرحنا عليهم السؤال التالي: كيف تُسهم القراءة في تكوين شخصية مُبدعة ومُفكرة؟.
رحلة إلىٰ عالم آخر
الآنسة (زهراء شاكر بكلوريوس لغة إنكليزية) طرحت رأيها حول هذا الموضوع حيث قالت: إن القراءة تُضيف الكثير للإنسان وهي عبارة عن رحلة تأخذ الشخص إلى عالم آخر، وليس العبرة بكثرة الكتب وانما ربما قصة من كتاب او حدث معين من تجربة مكتوبة تكون سببا في تغيير فرد. فالقراءة تسهم في تنمية شخصية الفرد من خلال قراءة قصص الابطال والمبدعين، وليست القراءة لقلقة لسان وإنما الفهم والاستفادة من قصص الاخرين.
اما السيد (محمد الصافي بكلوريوس علوم حاسبات وعضو في منظمة مجتمع مدني) فقد قال حول هذا الموضوع: ان القراءة تعتمد على نوعية الكتب والافكار التي تتناسب مع توجه الفرد في الحياة، وعادةً ما يختار الناس الكتب التي تتوافق مع توجهاتهم ولكنها في النهاية لا تضيف الشيء الكبير لهم ثقافياً (بحسب رأيه)، اما من يكسر القاعدة ويختار الجديد او المختلف مع توجهاته فسنجد لديه الكثير من الانفتاح على افكار جديدة وهذا الاسلوب من القراءة سوف يضيف له الشيء الكثير.
تُعيد صياغة معلومات القارئ
اما السيدة (نور النجار بكلوريوس علوم حاسبات) فتقول في هذا المجال: من خلال المعلومات الجديدة واسلوب الكاتب وثقافته تخلق لدينا روح جديدة بكل اشكال التعامل الفكري وحنى المادي، ومن خلال نوعية الكتاب سواء كان ثقافياً او دينياً او من اي مجال آخر، شرط أن يجعل الانسان يفكر من جديد ويعيد صياغة معلوماته واسلوب تفكيره، ولذلك أنا أرى أن القراءة بكل اشكالها جميلة وممتعة دائما.
من جهتها طرحت الآنسة مروة (طالبة جامعية قسم تحليلات مرضية) عدة نقاط حول هذا الموضوع إذ تقول:
من خلال القراءة نستطيع أن نعرف مشاكل مجتمعنا وحلولها. ويمكننا الاطلاع على تجارب الماضين والاستفادة منها لان العاقل من يتعظ بغيره. وكذلك تزيد القراءة من وعاء العلم لدى الانسان فهو الوعاء الوحيد الذي يتسع كلما أُضيف اليه. وتزيد من ادب وثقافة المرء من خلال اطلاعه على الكتب الاخلاقية والدينية. واخيراً فأن القراءة تملأ اوقات فراغ الانسان وتجعله في حالة تفكير دائم، وايضاً تجعله يستغل طاقته بما فيه من اصلاح لنفسه وللمجتمع.
وأخيرا استطلعنا رأي (الاعلامي علي الشمري) حول اهمية القراءة ودورها في تطوير الفرد والمجتمع فقال: ان للقراءة اهمية في حياة الفرد والمجتمع، فهي تزود الافراد بالخبرات وتُنمّي مداركهم وتهيئهم لخدمة المجتمع وتدفعهم ليكونوا رواداً في مجتمعهم. وهناك العديد من الدراسات تشير الى اهمية القراءة السليمة نستخلص منها الارشادات الاتية.. أولا: اسأل نفسك لماذا اقرأ؟ وما هي غايتي من القراءة؟ ثانيا: ابدأ بما تحب. ثالثا: ضع خطة للقراءة. رابعا: ابحث اولاً قبل ان تسأل. خامسا: حدد الوقت والمكان المناسبين. سادسا: التدرج مطلوب. سابعا: كُن جاداً. ثامنا: نظم معلوماتك. تاسعا: انقل ما تقرأ لغيرك. عاشرا: كوّن مكتبة متنوعة في بيتك.
وفي الختام فإن القراءة تنمّي ثقافة القارئ وتساعده على ايصال افكاره للآخرين والتعبير الجيد عما يود قوله وتجعله قادراً على فتح مواضيع مفيدة مع الناس، مما يساهم بشكل كبير في نجاح علاقاته مع الاخرين ويحظى باهتمامهم وتقديرهم، وقد دلت البحوث الميدانية ان من يقرأ كثيرا يشارك اكثر من غيره في الفعاليات الثقافية والاجتماعية.
وبطبيعة الحال فإن ثقافة الانسان لا تتوقف على مقدار مايقرأ بل على عدد الكتب الجيدة التي فهمها واستوعبها واستفاد منها في حياته العملية. وكلما قرأ الانسان اكثر اصبح اقل شبها بالآخرين.
اضف تعليق