لم يكمل العاشرة من عمره، يقود السيارة بنفسه في الشارع العام، لا يمكنك رؤيته لقصر قامته، ما تراه منه يدا صغيرة، ورأسا يرفعه بجهد واضح ليرى طريقه، وشاربا لم ينبت عد، يتسابق مع السيارات الأخرى كأنه في ملعب سباق وليس في شارع عام، وإن وصل الى أهله سالما فتلك معجزة حيث يُكتب له عمر جديد، وإن تعرض لحادث فهذا لسوء حظ السائق الآخر، فهنا تخرج العائلة الكريمة مطالبة بدفع الغرامة (والفصل) وتصليح السيارة الحديثة، هذا إن لم يتم التجاوز على السائق.
كثيرا ما نشاهد هذه الحالات في الشارع العام، أطفال يقودون السيارات من دون أي متابعة أو رقيب، الأب لم يمنع ولده يوماً عن سياقة السيارة، فهو يشعر بالفخر عندما يرى مفتاح السيارة في كف ولده، وقد وعدوه في حال نجاحه ستكون (السايبة) هدية نجاحه، والأم لا تعطي فرحتها لأحد فقد سهل عليها المشوار ولم تعد بحاجة الى (التكسي) وإن ولدها أصبح رجلاً .
غافلين عن أخطار هذا العمر من السياقة وماذا بعدها، بحكم ان المراهقة والصبيانية قد تجعل منه سائقا متهورا، او يخطف بين الشوارع بسرعة غير محسوبة، وقد انتشرت ظاهرة السياقة في العراق وكثرت السيارات، مما جعلت الشوارع تزدحم ويرتفع عدد الحوادث بسبب التهور والسرعة، وذهب العشرات من الشباب والمراهقين كضحايا لحالات التصادم، بعضهم يفقدون الوعي وقد يتعرضون الى إعاقة، نتيجة قيادة السيارة التي قيل فيها أن (السياقة فن وذوق واخلاق)، وهذه المشاهدات أصبحت مألوفة ومعتادة في الشارع العراقي.
وبين من يعارض سياقة الأطفال وبين من يعتبرها حرية شخصية، قامت "شبكة النبأ المعلوماتية" باستطلاع الآراء المختلفة حول هذه الظاهرة التي كثرت في الآونة الأخيرة.
على الآباء أن يفكروا بسلامة أولادهم
سيارات فارهة وأطفال مترفين لا يتحملون مسؤولية أنفسهم، هكذا بدأ المسن الكبير حديثه وهو صاحب سيارة (اجرة) بدأ كلامه بصوت مضمخ بنبرة الخوف والحرص يطلب من الآباء ان يفكروا قبل ان يعطوا مفتاح السيارة لأولادهم، فربما يكون هذه آخر ساعة للطفل معهم، فقبل أيام حصل حادث سير مروع وسببه كان طفل.
من ناحية أخرى قال الشاب (يوسف): ما المانع ان اسوق سيارتي ان كنت اعرف قوانين الشارع واشارات المرور، واحترم الآخرين في الطريق، ولدي اجازة سوق ومعي سنوية السيارة؟؟.
السيدة (منى) قالت: معظم الشباب يقودون السيارة وكأنهم في مضمار سباق مع عدم المراعاة بأن المنطقة سكنية ومن المؤكد أن هناك أطفالا يتجولون في شوارعها او يستخدمونها في لعب كرة القدم، الأمر هنا خطير جداً ولا نعلم كيف يمكن لوالد أن يُضحي بابنه إن كان لا يهتم بسيارته الحديثة؟.
ويعلق (حمزة) وهو يعمل في مرآب للسيارات، في أحيان كثيرة يأتي الاولاد الصغار ويتركون سياراتهم في المرآب، فلا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر، والخامسة عشر، اغلبهم مراهقون ويأتون هنا بعد الساعة الواحدة ليلا، فضلا عن عدم احترامهم للعاملين هنا رغم كبر سنهم، وهذا الأمر يُزعجني جدا واحيانا اتجنب ان اتحمل مسؤولية وقوف السيارة او بقائها في المرآب ليلة. واضاف في بعض الاحيان الأب هو من يرسل ابنه ليخرج السيارة من المرآب، وان رفضت يتذمر ويتلفظ بكلمات غير لائقة، ويردعني قائلا هذا ليس من شأنك ان تمنع ولدي من سياقة السيارة؟.
الرجل القانوني اسعد الركابي يقول: ما نراه اليوم من فوضى وضوضاء في الشارع العام من سماع الأغاني (والتزمير) من دون مراعاة ان كان هناك رجلا نائما او طفلا مريضا، و (التشحيط أو البطنشة) في الأزقة، والانطلاق بسرعة في الطريق، وزرع الفزع بين المارة.
تقع المسؤولية على عاتق الجميع من الاسرة الى شرطة المرور، والمجتمع، كل من موقعه، لكن الأولوية في تحمل المسؤولية تعود على الاسرة لدورها في بناء شخصية الطفل، فمنهم من يعتقد ان المال والسيارات تجعل منه رجلا صلبا، من دون الالتفات الى ان هذه الامور قد تكون سببا في ضياعه وانفلاته، ومن الاصح أن يتدرب المراهق على السياقة مع ذوي الخبرة، حتى يعرف ان القانون يمنع من هم دون سن (18) من السياقة حفاظا على سلامتهم وسلامة المجتمع.
وأشار (الركابي) في حال تعرض الشاب المراهق الى حادث او موقف يفقد السيطرة على نفسه فيفزع ويصفر لونه وقد يفعل أمرا خاطئا فقط ليخلص نفسه من الموت، وقد يفقد التحكم بإيقاف سرعة سيارته عند مواجهة الخطر القادم، فيؤدي ذلك الى أن يفلت زمام الامور من يده، ويسقط جريحا هذا ان لم يكن ميتا.
من ضمن قوانين المرور العراقي أن يكون قد اكمل السادسة عشرة من عمره بالنسبة لسائق الدراجة النارية؛ والعشرين بالنسبة لسائق سيارة الحمل والسيارة العامة؛ والثامنة عشرة فيما يخص سواق المركبات الاخرى.
آداب قيادة السيارة
- على الشاب أن لا يسرع بقيادة سيارته في الشوارع العامة أو الفرعية، ويجب أن ينتبه جيدا لمن حوله، قد يكون من يقود السيارة خلفه سريعا ويعرض حياته للأذى لذلك عليك الانتباه جيدا.
- ابعد هاتفك عند السياقة ولا تتصل وانت في الطريق لسلامتك.
- إذا ضايقك أحد من السائقين في الشارع فلا تعامله بالإساءة والسب، ويكفي ان تغير مسار طريقك، او تمهل حتى يبتعد عن طريقك، وهذا يساعدك في التخلص من الشر .
- إذا رأيت أحدا يقف في منتصف الطريق راغبا في العبور، قف قليلا حتى يعبر وخاصة ان كانوا العبور من النساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، احتراما لهم.
- لا تتحدث مع المارين او مع سائق سيارة أخرى في وسط الشارع، و تترك خلفك السيارات الأخرى تنتظر وقد يكون بينهم شيخ كبير او طفل رضيع.
- لا توقف سيارتك على جنب الطريق بطريقة تسئ إلى الآخرين، او تمنعهم من الخروج.
- إن كنت تعمل كسائق أجرة يرجى منك ان تكون ذا سعة في الخلق، لكي يرتاح معك الراكب ويطلب منك ان تكون معه.
وفي كتاب الله وردت هذه الآية: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا))، وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال: (اعزل الأذى عن طريق المسلمين).
إحصائية لحوادث السير في الدول العربية
عربياً، تتصدر مصر اللائحة أعداد الوفيات، إذ وصل عدد القتلى جراء حوادث السير إلى 10,466 في العام 2013، تتبعها الجزائر 9,337، والسودان في المرتبة الثالثة، مع عدد وفيات وصل إلى 9,221. يشار إلى أن عدد القتلى بسبب حوادث السير في العالم العربي بلغ 73000 باستثناء سوريا وجزر القمر وفلسطين، التي لم تشملها الدراسة.
والعراق (20.2، 5789 وفاة)، وهذا الرقم يشكّل 5.85% من مجموع وفيات حوادث السير في العالم.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، في بيان له تلقته شبكة "سكاي برس"، ان "زيادة طفيفة في حوادث المرور المسجلة في عام 2015 بالمقارنة مع عام 2014 بلغت 0.24%" موضحا ان "عدد الوفيات بين الذكور من جراء الحوادث المرورية بلغ نحو ألفي وفاة اي ما نسبته 77% فيما كان عدد الوفيات بين الاناث اكثر من 570 وفاة وبنسبة 23% من المجموع الكلي للوفيات".
وأشار الى ان "هذه النسبة تعد منخفضة بنسبة 9% بالمقارنة مع عام 2014 فقد وصل عدد الوفيات في ذلك العام الى نحو 2800 حالة وفاة لافتا الى أن "عدد الجرحى والمصابين بلغ نحو 9500 إصابة مرتفعا عن عام 2014 بنسبة 2.5%"..
اضف تعليق