قال مسؤول في وزارة الداخلية في نيبال يوم الاثنين إن قتلى الزلزال الذي شهدته البلاد يوم السبت وكان الأسوأ منذ 81 عاما ارتفع الى 3762 قتيلا.
وهذا الرقم يمثل ارتفاعا زاد على 500 شخص بعد ان قال مسؤول بشرطة نيبال في وقت سابق يوم الاثنين إن عدد قتلى الزلزال قفز إلى 3218 شخصا وإن 6538 شخصا أصيبوا.
ويخشى مسؤولون في الحكومة ان يصل العدد الاجمالي للقتلى الى 5000 شخص. وبلغت قوة الزلزال 7.9 درجة مئوية وهو الأسوأ منذ زلزال عام 1934 الذي قتل 8500 شخص.
وقال راميشوور دانغال رئيس هيئة إدارة الكوارث في وزارة الداخلية إن "الحصيلة ارتفعت إلى 3218 قتيلا وهناك أكثر من 6500 جريح". ويضاف إلى هؤلاء حوالي 90 قتيلا سقطوا في الدول المجاورة التي تأثرت بالزلزال المدمر، ولا سيما الصين والهند.
وأعقبت الزلزال هزات ارتدادية عنيفة كما أنه أدى إلى العديد من الانهيارات الثلجية في جبل إيفرست الذي بدأ فيه موسم رياضة تسلق الجبال وحيث قتل 18 شخصا من جراء هذه الانهيارات.
وهذه الحصيلة مرشحة للارتفاع في حين تعاني وكالات الإغاثة الإنسانية الموجودة طواقمها على الأرض من صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة لتقييم الأضرار والاحتياجات التي تنذر بأنها ستكون ضخمة.
وبلغت قوة أكبر هزة 6,7 درجات في منطقة تقع شمال غرب كاتماندو قرب الحدود الصينية، كما ذكر المرصد الجيوفيزيائي الأمريكي.
وذكر المرصد الجيوفيزيائي الأمريكي أن الهزة وقعت على بعد حوالى 80 كلم شمال غرب كاتماندو. واستمرت الهزات بين 30 ثانية ودقيقتين ظهر السبت.
وفي كاتماندو، أمضى عدد كبير من الناس ليلتهم في خارج منازلهم في الشارع أو في خيم على رغم البرد.
وسويت مئات المباني بالأرض وانقطع التيار الكهربائي عن قسم من المدينة. وتسببت الصدمة بانهيار برج درهارا التاريخي، الذي يعد واحدا من نقاط الجذب السياحية البارزة في العاصمة. وانتشلت عشر جثث من بين الركام، كما قال مصور لوكالة فرانس برس.
ولم يبق من الطبقات التسع لهذا البرج الأبيض الذي يعلو منارة من البرونز ويرقى إلى القرن التاسع عشر، سوى أنقاض، كما يتبين من مشاهد بثها التلفزيون.
وقال نينا سريشتا الموظف في أحد مصارف كاتماندو "لم ننم خلال الليل. وكيف كان يمكننا أن ننام؟ تواصل اهتزاز الأرض. سنصلي حتى يتوقف ذلك ونتمكن من العودة إلى منازلنا".
وغصت مستشفيات المدينة بالمصابين الذين يعانون من كسور في أطرافهم ومن الصدمة.
وانقطع التيار الكهربائي. وأدى الزلزال إلى قطع الطرق السريعة في العاصمة وأضرار في مطار كاتماندو الدولي الذي أغلق "لأسباب أمنية".
وأعرب الصليب الأحمر عن قلقه على مصير سكان القرى في المناطق الريفية المعزولة القريبة من مركز الزلزال.
وقال مدير منطقة آسيا المحيط الهادئ للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر جاغان شاباغان "نتوقع خسائر في الأرواح ودمارا كبيرا". وأضاف أن "الطرق تضررت أو سدت بسبب سيول وحلية مما يمنعنا من الاتصال مع الفروع المحلية للصليب الأحمر للحصول على معلومات دقيقة".
وروت اليانور ترينشيرا المنسقة في منظمة كاريتاس استراليا "رأينا مشاهد دمار مروعة من مستشفيات أخليت وبات المرضى يعالجون في الخارج على الأرض وبيوت وأبنية هدمت وطرق أصابتها شقوق عميقة".
وحاولت الينت غالانت طبيبة القلب الأمريكية أن تساعد المصابين. لكنها لم تتمكن من إنقاذ دليل سياحي.
وأكد مسؤول سياحي نيبالي مصرع ثمانية عشر شخصا في إيفرست بعد الانهيار الثلجي الأول الذي تلا زلزال السبت.
ومن بين القتلى الثمانية عشر "متسلقون أجانب"، كما قال مسؤول في المكتب السياحي النيبالي غيانندرا كومار.
وقتل مهندس أمريكي يعمل لشركة غوغل في الولايات المتحدة لدى حصول الانهيار، كما ذكرت عائلته. وقالت شقيقة دان فريدنبورغ أنه قتل على الأرجح لإصابته بضربة في المخ.
وتمكنت مروحيات من الهبوط على قمة إيفرست بعد تحسن الظروف المناخية لإغاثة ضحايا الانهيار، كما ذكرت مراسلة وكالة فرانس برس في المكان.
وذكرت مديرة مكتب فرانس برس في النيبال امو كانامبيلي في رسالة قصيرة أن "الناس ممددون على حمالات فيما تهبط المروحيات".
وأضافت "الرؤية واضحة والثلوج قليلة".
وأعلن صندوق النقد الدولي في بيان أن "فريقا من صندوق النقد الدولي مستعد للتوجه في أقرب الآجال إلى النيبال لمساعدة الحكومة على تقييم الوضع الاقتصادي الكلي وتحديد الاحتياجات المالية".
وتوجه عدد كبير من الفرق المؤلفة من جراحين وأطباء وخبراء معلوماتية ومنسقين أو يستعدون للإنطلاق من الهند وبروكسل واليابان وباريس، كما ذكر لوران سوري المسؤول عن البرامج الطارئة في أطباء بلا حدود.
وتنوي هذه المنظمة أيضا "إرسال مستشفى نقال للاهتمام بالمصابين" خارج كاتماندو، وهو يضم 60 إلى 80 سريرا.
سكان مذعورون يفرون
تكدست الطرق التي تربط المدينة الواقعة في واد جبلي ويعيش فيها مليون شخص بالسكان وقد حمل كثيرون منهم أطفالا رضعا وهم يحاولون ركوب حافلات مزدحمة او ايجاد مكان لهم في الشاحنات والعربات المنطلقة من كاتمندو.
وتشكلت طوابير طويلة في مطار العاصمة النيبالية بحثا عن رحلة جوية تخرجهم من البلاد.
وقال كثيرون إنهم يبيتون في العراء منذ وقوع زلزال يوم السبت اما لانهيار منازلهم او لخوفهم من ان تؤدي التوابع الى تهدمها.
وتجاهد سلطات نيبال للتعامل مع نقص المياه والطعام ومخاوف من انتشار المرض.
ورقد المرضى والمصابون في العراء في كاتمندو بعد ان فشلوا في العثور على أسرة في مستشفيات العاصمة. وأقام الأطباء خيمة في فناء كلية الطب في كاتمندو لاجراء الجراحات فيها.
وقال سفير نيبال لدى الهند ديب كومار اوبادياي "المستشفيات الحكومية والخاصة على السواء لم يعد بها مكان وتعالج المرضى في الخارج.. في العراء." بحسب رويترز.
وفي جبال الهيمالايا تقطعت السبل بمئات المتسلقين في قاعدة التخييم الرئيسية بجبل إيفرست بعد ان قتل انهيار جليدي عقب الزلزال 17 شخصا في أسوأ كارثة منفردة في أعلى قمة جبلية في العالم.
وساعد الطقس المواتي فرق انقاذ بالمناطق الجبلية على استخدام طائرات هليكوبتر لنقل عشرات من متسلقي الجبال في مناطق عالية.
وقالت منظمة الامم المتحدة للطفولة ان نحو مليون طفل نيبالي تضرروا بشدة من الزلزال وحذرت من الامراض التي تنقلها المياه والامراض المعدية.
وفي بلدة بهاكتابور الشهيرة بمعبدها شرقي العاصمة كاتمندو انهارت مبان بنيت منذ الاف السنين وظهرت تشققات في تلك التي لم تسقط بعد.
وتأكد حتى الان مقتل 3218 شخصا في الزلزال الذي بلغت قوته 7.9 درجة وهو الأسوأ منذ زلزال عام 1934 الذي قتل 8500 شخص.
وقالت وكالة انباء الصين الرسمية ان 66 آخرين لقوا حتفهم في منطقة الحدود في الهند بالاضافة الى 20 في التبت.
ومن المتوقع ان يرتفع عدد القتلى مع وصول فرق الانقاذ الى مناطق نائية في دولة نيبال الفقيرة التي يعيش فيها 28 مليون نسمة ومع انتشال مزيد من الجثث من تحت الانقاض.
الايفرست لم يعد يرحب بالمتسلقين
لا يصدق جورج فولشام انه نجا من الانهيار الثلجي الكبير الذي وقع في قمة ايفرست السبت بعد الزلزال الذي ضرب النيبال، وهو يرى في هذه الكارثة ان اعلى قمم العالم "لم تعد ترحب بالمتسلقين".
وكان مراسلو وكالة فرانس برس يهمون السبت باجراء مقابلات مع المتسلقين في مخيم يقع على ارتفاع خمسة الاف و500 متر، حين ارتجت الجبال المحيطة ووقعت انهيارات ثلجية اسفرت عن مقتل 18 شخصا واصابة ستين آخرين بجروح.
ومنذ مطلع الموسم الحالي، وفد الى المنطقة 800 متسلق محاولين الصعود الى الجبال، بعدما لم يستطيعوا تحقيق ذلك العام الماضي حين الغي الموسم اثر مقتل 16 مرشدا محليا في حادث هو الاسوأ من نوعه وقع على ارتفاع 8484 مترا.
وروى بعض الناجين من الانهيار الثلجي الذي وقع السبت ما جرى معهم لمراسلي فرانس برس.
وقال جورج فولشام "لقد ركضت كثيرا وكنت ارى موجة الثلوج وكأنها مبنى من خمسين طابقا ينزل علي".
واضاف هذا المتخصص السنغافوري في علوم الاحياء "صرت عاجزا عن التنفس، وطننت اني افارق الحياة، الى ان انزاح الثلج عني...لا اصدق ان موجة الثلج عبرت من فوقي وخرجت منها سالما".
وكان هذا الرجل البالغ 38 عاما توجه الى مخيم المتسلقين في محاولة ثانية للصعود الى القمم، بعدما الغيت محاولته العام الماضي.
وقال "ادخرت المال على مدى اعوام كي اتسلق الايفرست، لكن يبدو ان الجبال هذه تخبرنا انها لا تريدنا في الوقت الحالي".
وروت الينت غالانت وهي طبيبة اميركية كيف حاولت انقاذ الجرحى بعد الانهيار.
وقالت "ركضت اول الامر الى الخيمة والقيت نفسي الى الارض، وحين توقفت الهزة طلبوا مساعدتي في خيمة الاسعاف، عملت طيلة الليل مع متسلق هندي يعمل طبيبا عسكريا على معالجة الجرحى وتوزيع الادوية".
لكنها عجزت عن انقاذ مرشد نيبالي في الخامسة والعشرين من العمر، ففارق الحياة.
وعلقت على ذلك بالقول "في كلية الطب يعلموننا ان نركز على الاشياء الايجابية التي حققناها، لكن بعد ان هدأت الامور أشعر الآن بالأسى على هذا الشاب الذي مات امامي، وكان يمكن انقاذه".
وكان مقررا ان تهبط مروحيات في المكان السبت لنقل الجرحى، لكن سوء الاحوال الجوية ولاسيما تساقط الثلوج حالت دون ذلك، ولم يبدأ اجلاء المصابين قبل صباح الاحد.
وتأتي هذه الكارثة بعد عام على انهيار ثلجي آخر اودى بحياة 16 دليلا آخر وتسبب في اغلاق غير مسبوق طرق الوصول الى القمة التي تقع على ارتفاع 8848 مترا.
وقال كانشامان تامانغ الطباخ النيالي العامل في شركة "جاغد غلوب" البريطانية المتخصصة بتسلق الجبال "كنت في خيمة الطعام حين وقع الانهيار الثلجي، لقد طارت الخيمة من مكانها، ولكن بعدما شهدت كارثة العام الماضي لم اقلق".
واضاف "لكن الموسم انتهى، والمسالك دمرت، ولا اظن اني ساعود الى هنا العام المقبل".
ويعد تسلق الجبال من مصادر الدخل المهمة جدا في النيبال، البلد الفقير الذي يضم ثمانية من اعلى اربع عشرة قمة في العالم يزيد ارتفاع كل منها عن ثمانية الاف متر.
زلزال النيبال دمر اقتصادا هشا اصلا
ووضع زلزال النيبال المدمر واحدة من افقر دول آسيا امام مهمة صعبة لاعادة البناء بمليارات الدولارت ما من شأنه ان يعيد البلاد سنوات الى الوراء بعدما كانت بدأت تتعافى اقتصاديا من حرب اهلية استمرت عقدا من الزمن.
وتواجه النيبال التي لا تزال تعاني من عدم استقرار سياسي بعد حرب اهلية انتهت العام 2006، مهمة صعبة للتعامل مع حمل ثقيل جديد وقع على عاتقها يتمثل بجهود ضخمة لاعادة البناء. وهو امر يصعب على اقتصادها الهش وحده ان يتحمله.
وفي هذا الصدد يقول راجيف بيسواس، الاقتصادي المسؤول عن آسيا - المحيط الهادئ في شركة "اي اتش اس" للابحاث التجارية، ان "لزلزال النيبال اثارا مدمرة على اقتصاد البلاد وهي اصلا دولة فقيرة جدا لديها امكانيات محدودة لتمويل جهود الاغاثة والبناء من مواردها الخاصة".
وتابع ان "الكلفة الكاملة لاعادة البناء في اطار مشاريع تتضمن معايير السلامة في مناطق تقع على خط الزلازال تتخطى خمسة مليارات دولار، اي حوالى 20 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في النيبال".
ويبلغ معدل دخل الفرد سنويا الف دولار فقط، وفق "اي اتش اس"، وتعيش الكثير من العائلات في الفقر وتعتمد على الزراعة والسياحة للاستمرار.
والزراعة تمثل القطاع الاكبر حيث يعمل فيها اكثر من 70 في المئة من السكان وتشكل 33 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، بحسب موقع المؤشرات الاقتصادية.
والزلزال، الاقوى في النيبال منذ العام 1934 حيث قتل 10700 شخص، دمر البنية التحتية تماما والطرقات والمباني واحدث شللا في الاتصالات.
ووفق توقعات المسؤول في مصرف آسيا للتنمية هون كيم فان 40 في المئة من البلاد تضررت بالزلزال.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي في كاتماندو بيشامبر بياكور لفرانس برس انه "على الصعيد الشخصي، خسر المواطنون منازلهم وممتلكاتهم. وعلى الحكومة ان تقدر خسائر البنية التحتية".
واضاف ان "معدل النمو الاقتصادي في البلاد سيتعرض لضربة قاسية. الزراعة تساهم باكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي ولان الولايات الـ36 تضررت فمن المستبعد ان نحقق توقعاتنا للنمو. الاوقات الصعبة في طريقها الينا".
وبحسب قوله فان اسعار الغذاء ستبدأ بالارتفاع ما سيزيد الضغوط على العائلات المتضررة. واوضح ان "الطلب على الحاجيات الاساسية يزداد لكن هناك موانع".
وارتفع معدل الناتج المحلي الاجمالي 5,48 في المئة العام الماضي، وفق ارقام دائرة الاحصاءات المركزية على موقع المؤشرات الاقتصادية، ما يعني تحسنا كبيرا مقابل 0,16 في المئة سجلها في العام 2002 خلال تمرد الماويين.
وقتل في الحرب الاهلية 16 الف شخص على الاقل. وفعليا بدأت الحكومة عملية النهوض بالبلاد الا ان التوتر السياسي منع صياغة دستور جديد.
وشكلت السياحة ايضا عاملا اساسيا لزيادة النمو، اذ زار النيبال حوالى 800 الف سائح اجنبي في العام 2013، غالبيتهم من هواة التسلق الذين يتوجهون مباشرة الى جبل ايفيرست، في حين اكتفى اخرون بالتعرف على تاريخ كاتماندو الثقافي الثري.
وبين المباني التي دمرت برج دارهرا التاريخي في وسط العاصمة.
وقال وزير المالية النيبالي السابق مادهوكار شومشير رانا بلومبرغ ان "لكاتماندو اهمية مركزية قي اقتصاد البلاد، وقد شُلت فعليا".
وتسبب الزلزال بانهيارات ثلجية في ايفيرست دمرت جزءا من مخيم للمتسلقين وقتلت 18 شخصا على الاقل.
وتوفر الاموال التي يدفعها المتسلقون الى البلاد دخلا جيدا ولكن يبدو ان الوضع لن يبقى على حاله لما تبقى من العام الحالي.
وفي هذا الصدد قال تولسي غوتام رئيس دائرة السياحة "من الممكن ان لا يستمر موسم التسلق العام الحالي، لكن لم يتخذ اي قرار رسمي" حتى الآن.
اضف تعليق