زيادة احتمالات ارتكاب أخطاء كارثية مدمرة من قبل الحواسيب والأنظمة الذكية المسيطرة على محطات الطاقة ونظم الأسلحة والمصانع، وذلك نتيجة تقاطع المعلومات أو القرارات، تلفيق البحوث والحصول على شهادات علمية زائفة، وتدمير تقاليد المؤسسات التربوية والأكاديمية الرصينة، صنع بيئة إعلامية فاسدة مضللة عبر بث رسالة اعلامية ملفقة...

1 تعريف:

الْذَكَاءُ الْاِصْطِنَاعِيُّ بالإنجليزية Artificial intelligence: هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها.

من أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة إلاّ أنَّ هذا المصطلح جدلي نظرًا لعدم توفر تعريف محدد للذكاء.

أو يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه الذكاء الذي تُبديه الآلات والبرامج بما يُحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تُبرمج في الآلة ومن خلاله يُمكن صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك بشري.

2- مفهوم الذكاء:

صفة الذكاء تعد من أهم خصائص العقل البشري، وهو من المواهب الإلهية التي جعلت من الإنسان أكرم المخلوقات، وهو محاسب أمام الله سبحانه وتعالى حول استخدام هذا الذكاء في الخير أو الشر، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وفي تحقيق المنفعة والضرر، ولا يمكن تصور استمرارالحياة البشرية وتطورها في غياب العقل والذكاء.

3- مظاهر الذكاء البشري:

1- في بدايات تطور الحضارة البشرية استخدم الانسان ذكائه في صنع آلات تساعده في الصيد والزراعة والقتال والسكن وغيرها، فسميت هذه الخاصية بـ (الاختراع) وذلك تلبية لحاجات البشر المتزايدة، فالحاجة أم الإختراع.

2- اللغة المنطوقة وتحويل الأصوات إلى لغة مفهومة للتفاهم ونقل الأفكار والمشاعر بين البشر، وهي وسيلة راقية لم تصل إليها الكائنات الحية الأخرى رغم تطوير تلك الكائنات لوسائل بدائية للتواصل.

3- الكتابة والتدوين من خلال تحويل المقاطع الصوتية إلى حروف وكلمات مكتوبة، فمن خلال عشرات الحروف يمكن تكوين آلاف الكلمات، ومن خلال آلاف الكلمات يمكن تكوين ملايين العبارات، وأصبحت لكل لغة قواعد واضحة. وظهرت المدونات والمخطوطات من الكتب والوثائق.

4- الطباعة: في عصر الثورة الصناعية في أواسط القرن الخامس عشر الميلادي صنعت المطبعة التي تحولت فيها الكتابة إلى الطبعة بآلاف النسخ وبدأ عصر الصحافة والكتب المطبوعة والمطبوعات الأخرى.

5- في القرون الأخيرة السادس عشر إلى العشرين تزايدت المخترعات ووظف الإنسان الآلة التي تحاكي السلوك البشري أو تكمله، وأصبحت الأجهزة والآلات وسيلة الحياة الجديدة في التواصل والنقل والانتاج والصناعة والزراعة والتجارة.

6- يمثل اختراع الحاسوب (الكومبيوتر) وانتشار استخدامه في أواخر القرن العشرين حتى يومنا هذا اكبر ثورة في الذكاء البشري من خلال محاكاة الحاسوب للعلمليات العقلية ومنها جمع المعلومات وخزنها ومعالجتها وبثها واستخدامها، وعندما ربطت الحاوسيب في شبكة المعلومات العالمية أصبحت البشرية أمام كمية هائلة من المعلومات وتدفق المعارف وتوظيف الذكاء الاصطناعي في كل مجالات الحياة مثل التعليم والبحث العلمي والحساب والترجمة والنشر وغيرها، ولكن ظلت كل العمليات الحاسوبية تحت سيطرة الإنسان وفي خدمته حتى وقت قريب.

7- آخر ثورات الذكاء ما نشهده اليوم من خلال اختراع اجهزة وبرامج حاسوبية قادرة على اجراء عمليات عقلية وتصرفات سلوكية غير خاضعة لإرادة الإنسان، وبخاصة في التعلم وتجميع المعرفة والفهم ورد الفعل واتخاذ القرارات والسلوك وتقليد البشر، وهي تعد من معجزات الخالق سبحانه تعالى في العقل البشري.

4- أشهر برامج الذكاء الاصطناعي:

1- تطبيقات فئة الدردشة والذكاء الاصطناعي التوليدي للنصوص: يتقدمها تطبيق ChatGPT الذي استخدمه أكثر من 14.6 مليار زيارة،خلال عام 2023 وهو التطبيق التابع لشركة Open AI.

ومن التطبيقات في هذه الفئة أيضاً Character والذي بلغ عدد الزيارات له حوالي أربعة مليارات زيارة خلال العام 2023.

أما تطبيق Bard من غوغل فانضم للقائمة بعدد زيارات بلغ أكثر من 240 مليون زيارة.  

تطبيق Janitor AI فبلغ عدد الزيارات له أكثر من 192 مليون زيارة.

2- تطبيقات معالجة الصور والفيديوهات: احتل في هذه القائمة تطبيق Midjourney الصدارة بعدد زيارات أكثر من 500 مليون زيارة. وتطبيق Capcut أكثر من 203 مليون زيارة، وهو تطبيق متخصص في توليد الفيديو.

3- وكذلك تطبيق Civitai للصور بحوالي 177 مليون زيارة.

4- الكتابة بالذكاء الاصطناعي: جاء تطبيق Quillbot ضمن قائمة أكثر التطبيقات استخداماً في العام الماضي بأكثر من مليار زيارة. وتطبيق NovelAI بحوالي 239 مليون زيارة في 2023 تقريباً.

5- تطبيقات معالجة البيانات: من بينها تطبيق Hugging Face بزيارات بلغت نحو أكثر من 316 مليون زيارة.

6- وهناك مهام تنفذها برامج الذكاء الاصطناعي من أهمها:

- المساعدون الافتراضيون وروبوتات الدردشة، فقد أصبح المساعدون الافتراضيون المدعومون بالذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً وأكثر تفاعلية. توفر هذه التطبيقات للمستخدمين مساعدة شخصية، والإجابة على الاستفسارات، وتنفيذ المهام

- التشخيص والرعاية الصحية: تحقق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية خطوات كبيرة، وخاصة في مجال التشخيص. يمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحليل الصور الطبية والتنبؤ بالأمراض والمساعدة في خطط العلاج الشخصية.

- المركبات ذاتية القيادة والنقل 

تبنت صناعة السيارات الذكاء الاصطناعي لتطوير المركبات ذاتية القيادة. تمكّن خوارزميات التعلم الآلي المركبات من إدراك محيطها واتخاذ القرارات والتنقل دون تدخل بشري.

- التحليل المالي والتداول

يتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في القطاع المالي لتحليل البيانات واكتشاف الاحتيال واستراتيجيات الاستثمار. يمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحليل مجموعات كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط واتخاذ قرارات مالية مستنيرة.

ويمكن للمستثمرين والمؤسسات المالية الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل اتجاهات السوق وإدارة المخاطر وتحسين المحافظ الاستثمارية.

5 – التساؤلات المطروحة أمام تطور الذكاء الاصطناعي:

1- هل يمكن أن تستمر تطورات الذكاء الاصطناعي ليكون( الإنسان الآلي) والكومبيوتر بديلاً للبشر في الوظائف والعمل والإنتاج والحروب وغيرها..وما أقصى ما يمكن توقعه في هذا الاتجاه؟

2- هل يمكن أن تجمع الحواسيب الذكية معلومات ومعارف وتتخذ قرارات وتنفذ سلوكيات يعجز العقل البشري عنها؟

3- هل السلوكيات والقرارات الحاسوبية الذكية يمكن أن تعالج الأمراض المستعصية وتحل المشاكل المعقدة؟

4- هل الحاسوب الذكي سوف يجمع معلومات صحيحة ويتخذ قرارات عادلة تحقق الأمن والعدالة والرفاهية أم سوف يكرر الأخطاء البشرية نفسها وربما يزيدها تعقيدا وخطورة؟

5- هل يراعي الحاسوب الذكي في تصرفاته وقراراته مباديء الدين والأخلاق والأعراف والتقاليد الاجتماعية؟

6 التوقعات الاجتماعية والأخلاقية ازاء الذكاء الاصطناعي:

1- التزييف العميق: يمكن من خلال أدوات التزييف التلاعب بالصور والأصوات وتقليد شخصيات ونشر فيديوات زائفة تبدو كأنها حقيقية لأشخاص يتحدثون أو يتصرفون خارج القانون أو الدين أو الأخلاق، ويمكن أن يستخدم التزييف في التسقيط أو تلفيق الاتهامات أو تضليل الرأي العام.

2- زيادة احتمالات ارتكاب أخطاء كارثية مدمرة من قبل الحواسيب والأنظمة الذكية المسيطرة على محطات الطاقة ونظم الأسلحة والمصانع، وذلك نتيجة تقاطع المعلومات أو القرارات.

3- تلفيق البحوث والحصول على شهادات علمية زائفة، وتدمير تقاليد المؤسسات التربوية والأكاديمية الرصينة.

4- صنع بيئة إعلامية فاسدة مضللة عبر بث رسالة اعلامية ملفقة ونشر أخبار وتقارير وأفلام مصطنعة ومفبركة.

5- انتشار البطالة والاستغناء عن ملايين الموظفين واستبدالهم بالكومبيوترات الذكية لإنجاز الوظائف.

6- انتهاك الخصوصية وكشف الأسرار ونشر الفضائح، فبرامج الحاسوب والموبايل تقوم بالتنصت والتصوير والتجسس والتحسس ومن ثم جمع المعلومات عن الشخص وتحديد مكانه ورصد سلوكه وعاداته وارسالها لشركات الإعلانات أو الجهات الأمنية.

7- عدم مراعاة الكرامة والمشاعر الانسانية الدقيقة والظروف الاجتماعية عند التعامل مع برامج الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم والطب مثلا.

8- توفير الوقت وزيادة وقت الفراغ والكسل وعدم الرغبة في العمل والإبداع والإنجاز، ومن ثم انسياق الشباب نحو المخدرات والملذات الرخيصة.

9- تهديم القيم الاجتماعية عبر نشر الإباحية وبرامج المواعدة والمثلية والشذوذ، وتبدو كأنها مقبولة من قبل المجتمع وتشريع بعض الدول قوانين لحماية الانحراف والشذوذ، واعتبارها من حقوق الإنسان.

10- تظهر خوارزميات البحث من خلال محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي ظهورا واسعا ومنتشرا للمشاهير من أصحاب المحتوى الهابط، من خلال ارتفاع عدد عمليات التفاعل والمشاهدات والتعليقات، وقد أصبح عنصر الشهرة اكثر تأثيرا من مكانة الشخص الدينية والاجتماعية والعلمية،وهو ما يسمى(مجتمع التفاهة).

11- امكانيات الاختراق للمواقع الالكترونية وسرقة المعلومات وبراءات الاختراع والأموال من المصارف والشركات.

12- اسقاط القدوة الحسنة في الدين والأخلاق والمجتمع وتقديم المشاهير من الفاسدين والمرتشين على أنهم من الناجحين في جمع الثروات والوصول إلى المناصب والمكاسب.

اضف تعليق